نوتــة
لم يكن التاريخ في السينما، وإنما كان التاريخ في الشعر وحده، وفي الحوادث التي رويتْ، وفي الروايات التي كتبتْ بحبر ودموع ودماء مؤلفيها، وغير ذلك من تفاصيل الفنون جميعها، لست هنا لأعدد، لكنَّني أردتْ الإشارة فقط، السينما ومن شبابها الأول، استلمت التاريخ من الشعر ومن الرواية، وباتت تسعى في إظهاره متحركاً حياً، مرئياً..
قرأنا عن سيدي عمر المختار، تشربنا قصصه وتعلمنا منها ليس حب الأوطان، بل عشقها، لسبب أن مدرسة العشق الصوفية هي التي أسست في واقع الحال، لهذه البطولات، كان سيدي عمر المختار، متأملاً ومتصوفاً محباً، وكان بطلاً، ما كان لنا بلا سينما أن نستمتع بحقيقة سيدي عمر المختار بشكل مرئي مباشر، السينما تصنع التاريخ، من خلال أنها تعزَّز حركته، قصة الجهاد في ليبيا لم تكن عند المختار وحده، لكنه كان أيقونة جهاد تستطيع أن تكون عينة لتأويل حراك الجهاد في ليبيا بأسره، وعلى العموم نحمد الله أنه تحوَّل إلى فيلم، ثمة كثيرون غير راضين، وقالوا ما قالوا عنه، لن ألومهم فثمة مشكل في صياغة التاريخ في أفكارهم المريضة في خلقتها وعوجها في اتجاه غوط الباطل.
سنتساءل أيضاً، ما الذي فعلته الموسيقى طيلة حياتها المديدة عبر أحقاب التاريخ هذه؟.
الموسيقى في )السينما( غلفت التاريخ بجدار سميك مضفية له نوع من الهيبة حين دخلت على مفاصل الفيلم التاريخي بالتحديد، نحن نستطيع الدخول مباشرة عبر نافذة الشاشة إلى الأحداث، لكنَّنا لن نتعشق، أو ننصهر مع فواصلها ولا في مفاصلها، بلا موسقى تصويرية، هنا عندي نموذج من فيلم يحكي عن حقبة رومانية قديمة Gladiator المحارب أو المجالد، فيلم أنموذج في سياقات الموسيقى التصويرية بالنسبة ليَّ، كثر هم القادة الرومانيون الذين ترعرعوا وولدوا في ليبيا أيضاً، ليس أقلهم حضوة بل لعله أكبرهم «ماركو أوريليو»، «ماركوس أوريليوس»، الذي يعد الشخصية المحورية العميقة لخلفية الأحداث السينمائية، في فيلم ساحر جداً، سواءُ في البناء الدرامي، أو في الأداء أو في بنية الفعل الدرامي كذلك، وفي الموسيقى التي أدعوكم لسماعها هنا، موسيقى فيلم الـ)Gladiator(، بقيادة المايسترو «هانز زيمير».