تتعرض جُل الأراضي في ليبيا إلى خطر داهم ألا وهو الجفاف، والتصحر؛ حيث تتفاوت حدة هذه الظاهرة الجديدة، من منطقة إلى أخرى .. وتتعدد أسبابها بين الطبيعية وأخرى بفعل فاعل، كم من محمياتٍ طبيعية، وغاباتٍ قُطعتْ أشجارها، وجرفتْ أراضيها، وكذلك لا ننسى الرعي الجائر، وزحف الأسمنت، وبناء المدن العشوائية والتوسع العمراني على حساب الطبيعة والجمال كل ذلك تسبَّب في قلة سقوط الأمطار، والتلوث الذي نشهد آثاره الكارثية خلال بعض الشهور من زحفٍ للرمال، وغيرها من عوامل أسهمتْ في التغيير المناخي..
من خلال هذا التحقيق المتنوع عبر لقاءات في بعض المناطق والبلديات نستعرض في هذا الملف جوانب مهمة في هذه الإطار ..
كمال خلف الله : الشرطة الزراعية قصر الأخيار :
بلدية قصر الأخيار من البلديات التي بها محمية طبيعية من شأنها الحد من ظاهرة التصحر بالنسبة للموارد الطبيعية مثل المحمية والمنطقة الجبلية والمصائف؛ كذلك من مصيف «بسيس»، ومصيف «الكراك»، ومصيف «الوردة الحمراء»، ومصيف «أولاد حسين»، ومصيف «العواشير» وغيرها..
ما أهم المخالفات التي يتم ضبطها في المحمية ؟
المخالفات التي يتم ضبطها مثل : قص أشجار السرول والبناء لستغلاله في الأمور الشخصية فقط، وهذا يعد مخالفًا، وكذلك قطع الأشجار لكي لجعله فحمًا لغرض البيع..
من المتوقع حدوث بعض الحوادث التي تسببت في تلف الاشجار ؟، هل يتم غرس أشجار بدل الفاقد ؟
نعم يوجد إتلاف في بعض الأشجار نتيجة التقدم في العمر، ونتيجة الحرق في فترة الصيف نعم يتم غرس أشجار غيرها.. آخر حملة تشجير لشجر نوع «سرول» كانت في 2018 في منطقة «النقازة»، ومحمية «قصر الأخيار»، وكانت بحضور وزير الداخلية سابقًا، و جهاز الشرطة الزراعية، ورئيس فرع الشرطة الزراعية، ووكيل الزراعة والثروة الحيوانية طرابلس..
رمضان أغالي الشرطة الزراعية غات ..
كيف تتعاملون للحد من الحرائق ؟
بعد ورود بلاغ من المواطنين بخصوص نشوب حريق يتم ابلاغ الهيئة السلامة الوطنية التي بدورها وعلى الفور تتحرك الشرطة الزراعية فإن كان الحريق في المزرعة يتم حصر الأضرار، ثم معرفة سبب الحريق سواء أكان التماس كهربائي، أو بفعل فاعل، ويتم فتح محضر وإحالة إلى النيابة..
سامي الحراري : المدير التنفيذى لمنظمة «سدر» التطوعية..
بحكم اهتمام منظمتكم بالبيئة، ما هي أكثر المناطق المهدَّدة بالتصحر، وأسبابه ؟
ليبيا بشكل عام مهدَّدة بالتصحر، بل إنها الآن فى تعاني تصحر حقيقي بسبب قلة الغطاء النباتي، وأكثر المناطق المهدّدة بالتصحر : من غدامس إلى رأس جدير خط رمال يزحف من تونس والجزائر باتجاه المدن الحدودية الليبية، وكذلك من غدامس إلى الجنوب الشرقى إلى مناطق الجنوب، المنطقة الجنوبية إلى الكفرة متصحرة بالكامل نظرًا لقلة الغطاء النباتي، المنطقة الغربية أيضًا تعاني تصحرًا من المناطق الممتدة من الجبل وباطن الجبل حتى الساحل والمنطقة الوسطى وخاصة مناطق الحزام الأخضر الساحلى الذى جرف أو قطعت اغلب غاباته وأشجاره وحولت إلى مقسمات بناء وشاليهات على الشواطئ، أو للفحم فى الساحل خاصة المحميات العامة غابات صرمان جوددائم الماية تاجوراء القويعة، وادى الربيع النقازة زليتن مصراته محمية الشعافيين، وغابات جبل نفوسة بالكامل..سرت البريقة الجفرة حتى اجدابيا الى بنغازى بالحالة نفسها لا يوجد اى غطاء نباتى ومناطق صحراوية..
* الجبل الأخضر قريبًا سينتهى الغطاء النباتى بسبب المسح النهائى للغابات وتفحيم الاشجار
أسباب تصحر هذه المناطق
* الجفاف وقلة الأمطار
* التعدى الجائر على الغابات بالمسح أو القطع الجائر لتفحيم الأشجار
* الرعى الجائر
* الزحف العمرانى العشوائى
كيف تعمل المنظمة للحد من هذه الظاهرة الفتاكة للبيئة الطبيعية ؟
*دورها توعوي تثقيفى للرفع من ثقافة المجتمع حتى يدرك الجميع خطورة الوضع فى السنوات القادمة
* عرض تجارب الزراعة طوال العام من خلال الصفحة لتعليم كل من يرغب فى زراعة أي نوع من الأشجار وتحديد المواقع التى يجب أن تشجر
ما الخطوات الواجب اتباعها لتوحيد الجهود لخلق بيئة صحية مناسبة ؟
حاليًا الواقع يقول : من الصعب توحيد الجهود فى ظل غياب دور الحكومة، و وزارة الزراعة، ومفوضية المجتمع المدنى وغياب دور الجمعيات، والمنظمات، وغياب دور الإعلام ومؤسسات التعليم؛ فالمجتمع بأغلبه يحتاج لتأهيل ودورات و ورش عمل وتكتيف دور الإعلام لرفع مستوى الوعى الذي ينذر من خطر التصحر وتنسيق الجهود بين الحكومات وتفعيل دور وزارة الزراعة والجمعيات والمنظمات العاملة فى حملات التشجير..
محمد اصداع / مدير مكتب الخدمات الزراعية كاباو :
بلدية كاباو تواجه موجةً من الجفاف الذي بدوره يجلب التصحر لو تعطينا فكرة عن هذه الأزمة ؟
بلدية كاباو تقع جنوب غرب طرابلس، وتبعد عن الساحل مسافة تقدر حوالي 250 كيلو مترًا، وهذا يجعلها تقع ضمن المناطق الشبه الصحرواي حيث لا يتجاوز معدل سقوط الأمطار عليها من 60/30 ملم في السنة خاصة في السنوات السبع الأخيرة ..
ما أبرز التأثيرات البيئية لهذه الظواهر على البلدية ؟
هذا يؤثرُ على نمو الغطاء النباتي خاصة الأشجار المثمرة المتمثلة في أشجار «الزيتون، والنخيل، والتين» وغيرها من النباتات مما أدى إلى موت أغلب الأشجار المثمرة وانخفاض إعداد الثروة الحيوانية 40 % عن السنوات السابقة ويترتب على هذا إنتشار أمراض النباتات ومنها مرض «العنكبوت الأحمر» الذي أدى إلى هلاك أغلب أشجار التين والنخيل والعنب بالبلدية وهذه التاثيرات البيئية أدت إلى عزوف أغلب مواطني البلدية على ممارسة مهنة الزراعة، وتربية الحيوانات والهجرة إلى المدن الكبيرة ..
حسب خبرتكم ما هي الحلول في هذا المجال ؟
الحلول حسب خبرة المهندسين والفنيين بقطاع الزراعة بالبلدية يجب العمل على زراعة أشجار الغابات، والمراعي المسبَّبة لسقوط الأمطار وتوفيرها من قبل وزارة الزراعة وأيضاً العمل على إنشاء بعض السدود بالمنطقة لتجميع كميات الأمطار أثناء موسم سقوطها .. والعمل على إيجاد مصادر للمياه ومنها ربط البلدية بخط النهر الصناعي بالمنطقة كذلك العمل بكل جدية، وإحترافية للقضاء على أزمة مرض «العنكبوت الأحمر» الذي تسبَّب في إنهيار قطاع الزراعة بالبلدية وهذا يتطلب دعم الوزارة لقطاع الزراعة بالبلديات بالامكانات المتاحة ..
م.حسين الكنيني : المدير التنفيذي لجمعية «أصدقاء الشجرة» فرع العربان، ناشط ومهتم بالبيئة والغطاء النباتي:
هل بلدية العربان من تلك المناطق المهدَّدة بالتصحر ؟
العربان بلدية حديثة الإنشاء مترامية الأطراف ذات طبيعة جبلية تعتمد اعتمادًا كليًا على الرعي والزراعات البعلية وتعاني من نقص المياه الجوفية، ونقص سقوط الأمطار زاد من تدهور الأراضي الزراعية وانحسار الغطاء النباتي المتمثل في النباتات الطبية، والعطرية من سفوح الجبال والأودية
ومن أهم مظاهر التصحر في البلدية تراجع نبات الحلفاء الذي تشتهر به المنطقة من الجبل الغربي إلى ترهونة وبني وليد وانتشار النباتات الصحراوية مثل «الرمث والسدر» وغيرهما.
أهم الأسباب التي تساعد في التصحر هي الاستغلال الخاطئي للأراضي الزراعية من قبل مشاريع الاستيطان في نهاية القرن الماضي حيث تمت إزالة الطبقة الخصبة ونبات الحلفاء وبعض النباتات الأخرى من سفوح الجبال وغرس أشجار الغابات التي لم تقاوم الجفاف والرعي الجائر والاحتطاب، حيث أصبحت أراضي فقيرة انجرفت وزحفت عليها الرمال مع تناقص أعداد النباتات البرية التي تثبت التربة وتمنعها من عوامل التعرية كـ)الرياح والسيول( في فترات هطول الأمطار…
كيف يمكن مواجهة هذه الظاهرة الفتاكة للبيئة والإنسان ؟
التوعية بمخاطر التصحر على الإنسان والبيئة من خلال الندوات والبرامج بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ايجاد البدائل المناسبة للحطب، والفحم وتفعيل قوانين حماية الغابات والنباتات بصفة عامة التوجه المكثف لزيادة الغطاء النباتي بالأشجار المقاومة للجفاف ودعم المزارعين والمربين للحفاظ على النباتات الصحراوية والبرية والطبية وسن القوانين أو تفعيلها إنَّ وجدت..
جمعية الصنوبر شحات
سؤال حول أهم أسباب التصحر، وسبل حلها ؟
أهم الأسباب في الوقت الراهن تتمثل في غياب القانون حتى وإن كان البرلمان قد أصدر قانونًا لمعاقبة مرتكبي هذه الجرائم ولكن ّ لازال حبرًا على ورق .. أما عن السبب الرئيس ليس التفحيم إنما الزحف العمراني فقد لوحظ انتشار المباني العشوائية بشكل كبير وللأسف يتم استبدال الأصناف المحلية في المنتزهات والاستراحات بأصناف دخيله قد تطغى على الأصناف المحلية وقد تكون ضارة، التفحيم أيضًا سببٌ من أسباب التصحر لا يستهان به ولكن كما قلتُ لك الزحف العمراني اخطر بكثير..
دور الجمعية للحد من هذه الظاهرة ؟
وبما إن الجمعية لا تملك أي صفه قانونية لردع المخربين فهي تحارب التصحر من خلال نشر الوعي، وزراعة الأشجار ومشاركة السكان المحليين في الحفاظ على الغطاء النباتي..
ا.م / محمد علي بوغزيل مدير إدارة التنمية الزراعية بلدية جردس العبيد وعضو لجنة دراسة ظاهرة التصحر بالجبل الأخضر..
هل بلدية جردس العبيد من البلديات التي تواجه تغيرت بيئية ومنها التصحر ؟
بلدية جردس والمناطق المحيطة بها وخاصة الجنوبية والغربية والشرقية من المناطق التي تعاني من ظاهرة التصحر، أو زحف الصحراء، وهذه الظاهرة تؤثر سلبًا في كافة عناصر المناخ مما يعود سلبًا على البيئة عمومًا بمكوناتها النباتيه والحيوانية وظاهرة التصحر ناتجة عن عدة عوامل طبيعية التغير العام لعناصر المناخ عالميًا وما يتبعها من تغيرات بيئية، وعوامل صناعية تتمثل في سوء الاستخدام من قبل الإنسان للموارد الطبيعية و سوء التعامل مع البيئة بمختلف مكوناتها .. بالإضافة إلى زيادة انبعاث الكربون نتيجة استخدام المشتقات البترولية في الطاقة . أيضًا التوسع الحضري على حساب الغابات، والأراضي الزراعية .. وغيرها الكثير من العوامل التي سببها الإنسان وكانت ضد الطبيعة والبيئة بمختلف مكوناتها.
الأضرار التي تسببها ظاهرة التصحر .
* التغير السلبي في مكونات وعناصرالمناخ .
* التغير السلبي في المكونات البيئة الزراعية والحيوانية، فقد الغطاء النبات، وانجراف التربة الزراعية وفساد المناطق الرعوية..
* التغير الديموغرافي هجرة السكان العاملين في مجال الزراعة والرعي إلى مناطق أكثر حيوية.
* تدني التنوع الحيوي في المناطق المصابة بظاهرة التصحر مما يؤدي إلى تغير وتدمير البيئة .
* تؤثر ظاهرة التصحر سلبًا على المياه بشقيها السطحي والجوفي، حيث تزيد معدلات الجريان السطحي مما يسبب ضياع المياه السطحية خلال فصل الشتاء، كما تزداد معدلات التبخر وهذا بدوره يؤثر سلبًا على معدلات الرشح وشحن المخزون الجوفي للمياه.
* بالإضافة إلى الكثير من المؤثرات السلبية الأخرى ذات العلاقة بالصناعة والسياحة ..
لمنع الاحتطاب والفحم وتخريب البيئة والغابات والمرارعي فقد صد ر -قانون رقم )15( لسنة 2003 م في شأن حماية وتحسين البيئة الذي لم ينفذ، أو يفعل وعلى ما اعتقد لم تصدر لائحته التنفيذية – هدف هذا القانون إلى تحقيق الرقابة على البيئة بقصد حمايتها وتحسينها، باعتبارها المحيط الذي يعيش فيه الإنسان وجميع الكائنات الحيَّة بما في ذلك )الماء، والتربة، والغذاء( من التلوث، مع ايجاد الطرق المناسبة لقياس التلوث والعمل على صيانة التوازن البيئي للوسط الطبيعي، والوقاية من التلوث والإضرار المختلفة الناتجة عنها ومحاربتها؛ وقد اشار الفصل الثامن منه بمواده رقم )53 و54( إلى الغطاء النباتي باقتضاب .
مصطفى شهبون : رئيس جهاز الحرس البلدي صبراتة :
الاختصاص الأصيل خارج المخططات هذا من اختصاص الشرطة الزراعية في الماضي، وقبل إنشاء جهاز الشرطة الزراعية الذي انشىء حديثاً كان من اختصاص الحرس البلدي خارج المخططات وداخلها فيما يتعلق بالأشجار والمباني أو غيرها من المخالفات وبعد إنشاء الشرطة الزرعية أصبح من اختصاص الحرس البلدي للمحافظة على الأشجار داخل المخططات ويتم مخالفة مَنْ يعبث بها، أو قطعها وخارج المخططات يتبع الشرطة الزراعية
د. طارق بنوير : مدير مكتب الزراعة والثروة الحيوانية صبراتة:
ليبيا تواجه موجة جفاف وتصحر لعدة أسباب، ما أهم أسبابها في البلدية؟
عدة عوامل منها الطبيعية مثل تغيير المناخ ارتفاع درجة الحرارة ونقص الأمطار تؤدي بالطبع إلى موت الأشجار بالإضافة إلى انتشار الأمراض التي تصيب الأشجار في الغابات التي تحتل رقعة كبيرة من الأراضي الشاسعة منها المطل على البحر ومنها في المناطق البعيدة ويصعب مقاومة تلك الأمراض وتكلف مبالغ طائلة لمعالجتها وحقيقةً لا يوجد دعم من وزارة الزراعة أو أي جهات أخرى مختصة ونقف عاجزين وننظر لها دون تحريك ساكن .. وكذلك يوجد عوامل بشرية وهي التعديات على الغابات والمحميات من عمليات الزحف عليها وقطع أشجارها و اضرام النيران فيها أدى الى خرابها مع عدم وجود رادع من الجهات المختصة .
هل هناك حلول وخطوات فعالة لمواجهة هذا الخطر ..؟
لا يمكن للغابات في مدينة صبراتة أن تستعيد عافيتها التي كانت عليها في السنوات السابقة إلا بتوفير الامكانات اللازمة وتتمثل في توفير المياه لري وسقي الأشجار وتعويض الفاقد منها جراء الجفاف والأمراض ..
وضع حدٍ للتعديات المستمرة على المناطق والغابات وذلك باتخاذ الإجراءات الرادعة ضد المخالفين لقطع الأشجار وحماية الغابات والمحميات تفعيل دور الجهات الضبطية والرقابية توفر الحماية بتوفير السياج الحامي لتلك الغابات مع ضرورة دعم قطاع الزراعة صبراتة بالمعدات اللازمة لإطفاء الحرائق ومعدات مراقبة لحماية الغابات وحرس الغابات المتمثل في السيارات نظرًا لاتساع الرقعة الجغرافية والدعم المادي مع حملات التشجير وتعويض الفاقد من الأشجار .
حتى كتابة هذا التحقيق وبسبب ارتفاع درجة الحرارة بلدية تراغن تكافح حرائق الغابات وهناك 3حالات حروق وبسيارة إسعاف واحدة وصلت من سبها فقط تم السيطرة على بعض الحريق جزئيًا ولكن سحبًا من الدخان الكثيف تغطي على المنطقة.
استمرار الحرائق في مدينة تراغن ونشوب حريق في حظائر الأغنام والدواجن بإحدى المزارع غرب المدينة مما أسفر عن حرق 1500 فسيلة نخل مثمرة، ونفوق أكثر من 320 رأس غنم وماعز وقرابة 48 من الدواجن.