وجعل السوق الليبي يستوعب جميع المهن اليدوية المدربة على أسس علمية وتقنية حديثة كمهنة التصميم المعماري والخياطة والحاسب الألي والتبريد والتكييف وكهرباء المنازل والصيد البحري وعلوم البحار ونجارة الخشب ولحام الحديد وغيرها من التخصصات التي تتيح لشباب فرصة الحصول على عمل يحقق له حاجاته البشرية وتحسن من مستوى معيشته وتساهم في النمو الاقتصادي والنهضة العمرانية الحديثة للبلاد.
ومع تطبيق العديد من استراتيجيات التعلم في المعاهد الفنية المتوسطة إلا إنها تعاني من تردي مستوى التعليم والتدريب ويشتكي العديد من الشباب الخرجين من ضعف تعلمهم في تخصصهم الذي رغبوا في معرفة سر المهنة ولهفتهم في إتقان الشغل بما يحقق لهم مكان في السوق المحلي ومن تم الاستقرار المادي المنشود.
وتتعدد أسباب تردى مخرجات التعليم والتدريب إلى عدم تولى الحكومة اهتمام كبير بالتعليم التقني والفني فلم يتم رصد الأموال اللازمة لسير التعليم والتدريب في المعاهد الفنية المتوسطة وكذلك عدم الاستقرار الإداري في وزارة التعليم التقني والفني والاختيار الخاطئ لبعض معلمي التفتيش والتوجيه وعدم الفصل في الخصومات والمشاكل الشخصية التي تحدث في جميع الإدارات والأقسام والتخصصات ومؤخرا بات التعليم التقني والفني يعاني التخبط والانحدار في الأهداف السامية لوجد نقابة للعاملين وبسبب تزايد المشاكل الشخصية وتفاقمها أصبح حاليا توجد نقابتين تدعيان انتسابهما لوزارة التعليم التقني والفني وبات كل وزارة تعمل باتجاه مختلف عن الأخرى لتزيد بذلك الهوة بين المعلمين والمدربين وبين سبل تحقيق مطالبهم التي هي في الأساس كان يجب أن توفرها الوزارة للمعاهد الفنية المتوسطة والتي من أهمها ضرورة توفير الكتاب لكل تخصص بحسب المعايير المتفق عليها عالميا وإحضار مواد الخام التي تساعد الطالب على التطبيق العملي في مجال تخصصه وتمكنه من إتقانه لمهنة يطلبها السوق الليبي بأيدي عاملة وطنية متعلمة ومدربة .
لنتطور لابد من
سبل لشراكة مستدامة بين التعليم
الخاص والعام
إضافة إلى توفر الصيانة الدورية للمباني والورش والآلات وهنا نشير إلى بداية الإعلان عن تأسيس مراكز التدريب والتكوين وقد وفرت الدولة عدت ورش في عدة تخصصات لتعلم مهنة مثل قسم نجارة الخشب واللحام والبناء والتشييد لكن أغلبها متوقف بسبب انعدام مواد الخام أو قدم الآلات وعدم مواكبتها لتطور التقني .
كما نشير أيضا إلى قدم المناهج التي تعلم الطلاب دروس في عدة مهن لكنها غير موجودة في السوق الليبي وكذلك إنتاجها بطيء بينما الآلات حاليا حديثة ومتطورة وتزيد من سرعة الإنتاج بل وإتقانه.
كما يوجد في رحم التعليم التقني والفني الفساد الإداري الذي تعرض له قبل وبعد ثورة فبراير كالتعينات العشوائية والمحاباة والواسطة ونتج عن ذلك زيادة في إعداد المعلمين والموظفين الإداريين وخاصة في المعاهد المتوسطة فبعضها يشهد أعداد المعلمين أكثر من الطلاب وقد حاول المسؤولين سابقاً إصلاح هذه المشكلة التي عرقلت التعليم والتدريب وقامت سابقاً بتشكيل لجنة لإخراج الزوائد خارج الملاك الوظيفي ولأنه لم يتم معالجة الفساد الإداري قامت بعض المكاتب المعاهد الفنية المتوسطة بإخراج بعض المعلمين الكفي وذو الخبرة والبقاء على المعارف والمقربين وذوي المصالح المادية أو الاجتماعية ومع عدم الاستقرار البلاد والتوتر الأمني فتح باب التعينات بالواسطة أو الخوف دون مراعاة الكفاءة والتدريب على كيفية التعليم ودون تطبيق مبدأ تحويل المعلم الخبير كموجه مقيم يشرف على تعليم وتدريب المعلم الجديد في المهنة ونتج عن ترسخ أفة الفساد الإداري والمالي تدهور في سير العملية التربوية والتعليمية والتدريبية ورغم محاولات الإصلاح التي قام بها المسؤولين في وزارة التعليم الفني والتقني إلا إن وحل الفساد يجهض كل مبادرة لتحسين وتطوير عملية التعليم والتدريب حتى بعد فتح معاهد خاصة تتبع وزارة التعليم التقني والفني.
الأمل في حدوث ثورة تعليم
وتدريب في جميع المستويات
ويبقى الأمل في حدوث ثورة في مجال التعليم والتدريب في جميع المستويات وقد ظهرت مبادرات الإصلاح في الجهود التي يبدلها معالي وزير التعليم التقني والفني أ. يخلف سعيد السيفاو، لتحسين رواتب العاملين في المعاهد التقنية والفنية ودعمه للأفكار الريادية ومقابلته للعديد من مدراء المكاتب والبلديات والزيارات الميدانية و حضوره عدة ورشة العمل منها سبل الشراكة المستدامة بين التعليم الخاص والعام ، مؤكداً في حديثه على ضرورة العمل على بناء كوادر مهنية شابة قادرة على الاعتماد على نفسها ، معتبراً أنه الهدف السامي والرئيسي لبناء مجتمعاتنا اقتصادياً وتنموياً ، منوهاً إلى العمل لإيجاد حلول جذرية للخروج بشبابنا من نفق البطالة إلى سوق العمل.
بعض آلات التدريب قديمة ولاتواكب العصر
وخلاصة القول أن التعليم التقني والفني يحتاج إلى دعم الحكومة له “ماديا” بالدرجة الأولى تم ثورة يطال فيها تغير المناهج القديمة وتوفير الآلات الحديثة في الورش وصيانة الفصول والورش والبنى التحتية والتركيز على دورات التنمية البشرية لجميع العاملين من مدراء ومعلمين ومدربين واختيار المخلصين الأوفياء لعملهم وذو الكفاءات لوظائف قيادية بعيداً عن التحيز والواسطة والمعارف ليسير التعليم التقني والفني لهدفه المنشود نهضة الاقتصاد الليبي المستدام.