أعرف أن التقاعد هو حكم بانتهاء الدور في حياة العمل.. الكثير من الناس يخافون هذا المصير.. والبعض منهم يلجأ إلى المحاكم لتعديل عمره لعله يحظى بسنتين من العمل.. البعض الآخر يلوذ بالتمديد لعدة أعوام.. لكنهم في نهاية الأمر يحالون إلى التقاعد وتستغني الدولة عن خدماتهم..
أعرف كثيرا ممن تقاعدوا أصابهم الانهيار النفسي والصحي .. بعضهم انتقل إلى جوار الرحمن جراء ذلك.. فمنهم من أصيب بهشاشة العظام لطول بقائه في البيت.. ومنهم من تناقص عنده الكالسيوم بسبب عدم ممارسة رياضة المشي.. ومنهم من يتردد على العيادات والمصحات .. وتردت حالته الصحية لتراكم أمراض الشيخوخة ..
وأعرف القليل ممن أخلصوا في مهنتهم فنسيهم قطاعهم وأصبحوا مهملين..
بلادنا تستنزف الموظف والمعلم والشرطي إلى آخر رمق في حياتهم وعندما يتقاعد تنسى ما قدموه من أعمال جليلة خدمة للدولة.. وتغفل عن الاستفادة من خبراتهم في دعم الأجيال القادمة.. وتنسى أيضا أن تؤسس لهم بيوت الخبرة والمنتديات والأندية التي تجمعهم في مكان يقضون فيه أوقاتهم وينسون فيه أنهم مهمشون..
المتقاعدون لا غنى عن خبرتهم ومشورتهم .. فهم المؤسسون وهم من وضع أساس إدارة الدولة.. وهم أصحاب التجارب الكبيرة وقت الأزمات وهم رجال المواقف العصيبة..