رأي

الحقيقة ترتدي حذاءها !

هاشم شليق

ملعقةٌ‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬للدلالة‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬حيتان‭ ‬في‭ ‬الماء‭ .. ‬فها‭ ‬هو‭ ‬ثقل‭ ‬اقتصاد‭ ‬صانعي‭ ‬المحتوى‭ ‬يقدر‭ ‬عالميًا‭ ‬بنحو‭ ‬250‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ .. ‬ويصنع‭ ‬أولئك‭ ‬النَّاس‭ ‬العاديون‭ ‬فقاعات‭ ‬جذابة‭ ‬قابلة‭ ‬للهضم‭..‬وقد‭ ‬أصبح‭ ‬التنسيق‭ ‬الحكومي‭ ‬مع‭ ‬منشئي‭ ‬المحتوى‭ ‬المحليين‭ ‬أكثر‭ ‬شيوعًا‭ ‬مع‭ ‬إدراك‭ ‬السلطات‭ ‬لتأثير‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية‭ ‬الشعبية‭ ‬على‭ ‬الثقافة‭ ‬الوطنية‭..‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬إستقطاب‭ ‬الشرائح‭ ‬الأصغر‭ ‬سنًا‭ ‬الذين‭ ‬يستهلكون‭ ‬تفضيلاتهم‭ ‬الرقمية‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الأخبار‭ ‬التقليدية‭..‬وفي‭ ‬إتجاه‭ ‬التريند‭ ‬الذي‭ ‬يستوعب‭ ‬شخصيتهم‭ ‬المعاصرة‭ ‬مع‭ ‬التشذيب‭ ‬الدبلوماسي‭..‬إذن‭ ‬يشكل‭ ‬المؤثرون‭ ‬مجتمعاتٍ‭ ‬إلكترونية‭ ‬متفاعلة‭ ‬مع‭ ‬محتواهم‭..‬ويعمل‭ ‬المدونون‭ ‬على‭ ‬سد‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬التقليدية،‭ ‬وتطبيقات‭ ‬التواصل‭ ‬الإجتماعي‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬نفوذ‭ ‬الدولة‭ ‬الإلكتروني‭ ‬وطبعًا‭ ‬كسب‭ ‬القاعدة‭ ‬الشعبية‭ ‬العريضة‭..‬وكمثال‭ ‬استضافة‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬لقرابة‭ ‬100‭ ‬صانع‭ ‬محتوى‭ ‬أمريكي‭ ‬باعتبارهم‭ ‬الاختراق‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬وتوعيته‭..‬كما‭ ‬أن‭ ‬شركة‭ )‬تالنت‭( ‬تعمل‭ ‬مع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬230‭ ‬شخصية‭ ‬بارزة‭ ‬في‭ ‬الشبكة‭ ‬العنكبوتية‭ ‬بهدف‭ ‬صناعة‭ ‬تسويق‭ ‬مؤثرة‭..‬وهناك‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬تقام‭ ‬أحداث‭ ‬فيدكون‭ ‬وتويتشكون‭ ‬للمتميزين‭..‬كما‭ ‬هي‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬فعاليات‭ ‬أسبوع‭ ‬الإعلام‭ ‬الإجتماعي‭.‬‭.‬وتقدم‭ ‬كندا‭ ‬منح‭ ‬حكومية‭ ‬للمبدعين‭ ‬الرقميين‭..‬بينما‭ ‬تتبنى‭ ‬ألمانيا‭ ‬سياسات‭ ‬صديقة‭ ‬للرقمنة‭..‬ولدى‭ ‬البرازيل‭ ‬جمهور‭ ‬ضخم‭ ‬لمحتوى‭ ‬الفيديو‭ ‬القصير‭..‬أما‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬فتعزز‭ ‬مضمون‭ ‬المحتوى‭ ‬والريادة‭ ‬في‭ ‬اتجاهاته‭..‬كذلك‭ ‬تعتمد‭ ‬اليابان‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬البث‭ ‬المباشر‭ ‬القوية‭..‬ويساعد‭ ‬مبدعو‭ ‬نمط‭ ‬الحياة‭ ‬الحكومة‭ ‬الأسترالية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عديد‭ ‬المراكز‭ ‬الرقمية‭ ‬الترويجية‭..‬ومع‭ ‬إعلان‭ ‬‮«‬إيلون‭ ‬ماسك‮»‬‭ ‬رسميًا‭ ‬عن‭ ‬إطلاق‭ ‬Grok 3‭ ‬كأقوى‭ ‬ذكاء‭ ‬اصطناعي؛‭ ‬حيث‭ ‬يقدم‭ ‬قدرات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬الإستدلال‭ ‬وحل‭ ‬المشكلات‭ ‬المعقدة‭ ‬ويتمتع‭ ‬بسرعة‭ ‬استجابة‭ ‬عالية‭..‬فإن‭ ‬مستقبل‭ ‬البلدان‭ ‬في‭ ‬الإستفادة‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬بناء‭ ‬المحتوى‭ ‬يتوقف‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬تجهيز‭ ‬العناصر‭ ‬الوطنية‭ ‬التقنية‭ ‬فأفضل‭ ‬طريقة‭ ‬للتنبؤ‭ ‬بالمستقبل‭ ‬هي‭ ‬اختراعه‭..‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬فرنسا‭ ‬مؤخرا‭ ‬بإنشاء‭ ‬ذكاء‭ ‬بلغتها‭..‬لكن‭ ‬يستوجب‭ ‬الإنتباه‭ ‬بسبب‭ ‬قدوم‭ ‬مستخدمين‭ ‬للبرامج‭ ‬الآلية‭ ‬لتفعيل‭ ‬حسابات‭ ‬وهمية‭ ‬تنشر‭ ‬محتوى‭ ‬منتظم‭ ‬بشكل‭ ‬مبرمج‭ ‬يحاكي‭ ‬البشر‭..‬وغالبا‭ ‬ما‭ ‬تنشر‭ ‬معلومات‭ ‬مضللة‭ ‬وتتلاعب‭ ‬بالرأي‭ ‬العام‭..‬أي‭ ‬قرصنة‭ ‬إلكترونية‭ ‬وهاكرز‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬أكثر‭ ‬خطورة‭..‬وربما‭ ‬نشهد‭ ‬كذلك‭ ‬مفهوم‭ ‬مرتزقة‭ ‬إنترنت‭ ‬يشاركون‭ ‬في‭ ‬حملات‭ ‬التشهير‭ ‬والترويح‭ ‬على‭ ‬الجمر‭..‬

علينا‭ ‬أن‭ ‬نعي‭ ‬أن‭ ‬صناعة‭ ‬المحتوى‭ ‬في‭ ‬الغد‭ ‬القريب‭ ‬ستكون‭ ‬مثل‭ ‬موجة‭ ‬تسونامي‭ ‬فإما‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬ركوبها‭ ‬أو‭ ‬الغرق‭..‬وربما‭ ‬يكون‭ ‬تسليط‭ ‬الفلاش‭ ‬على‭ ‬صانع‭ ‬المحتوى‭ ‬الأجنبي‭ ‬بعد‭ ‬دعوته‭ ‬بلا‭ ‬جدوى‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬الشخص‭ ‬سوف‭ ‬يطفيء‭ ‬النور‭ ‬سريعًا‭ ‬وينام‭ ‬في‭ ‬بلاده‭..‬أما‭ ‬ابن‭ ‬البلد‭ ‬فهو‭ ‬متوفر‭ ‬من‭ ‬الفجر‭ ‬إلى‭ ‬شروق‭ ‬شمس‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭..‬

إذن‭ ‬علينا‭ ‬اللحاق‭ ‬بالركب‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬ينطبق‭ ‬علينا‭ ‬اقتباس‭ ‬يقول‭ ‬يمكن‭ ‬لكذبة‭ ‬تقدم‭ ‬على‭ ‬طبق‭ ‬لذيذ‭ ‬أن‭ ‬تسافر‭ ‬نصف‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬وتجند‭ ‬الذباب‭ ‬الإلكتروني‭ ‬المغرر‭ ‬به‭ ‬بينما‭ ‬الحقيقة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬ترتدي‭ ‬حذاءها‭..‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى