ثقافة

الخروج‭ ‬عن‭ ‬السائد

‭ ‬سميرة‭ ‬البوزيدي

حين‭ ‬فكرتُ‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬ملف‭ ‬عن‭ ‬المشهد‭ ‬الشعري‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬تحديدًا‭ ‬عن‭ ‬‮«‬شعراء‭ ‬قصيدة‭ ‬النثر‮»‬،‭ ‬وجدتُ‭ ‬أنَّ‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬‮«‬الجيل‭ ‬الألفيني‮»‬‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أكثر‭ ‬جدوى،‭ ‬كون‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬مظلوم‭ ‬نقديًا‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انتشاره‭ ‬الواسع‭ ‬على‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬أيضًا‭ ‬هناك‭ ‬ميزات‭ ‬أخرى‭ ‬لهذا‭ ‬الجيل‭ ‬الذي‭ ‬يستحق‭ ‬أن‭ ‬يأخذ‭ ‬مكانه‭ ‬لعوامل‭ ‬عديدة،‮ ‬أهمها‭ ‬مواصلة‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬الشعر‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬أصبح‭ ‬فيه‭ ‬العالم‭ ‬يتنكر‭ ‬لوجدانه‭. ‬

اإخترتُ‭ ‬عنوان‭ ‬الملف‭ ‬‭)‬أصوات‭ ‬شجاعة‭(‬،‭ ‬لأنهم‭ ‬فعلاً‭ ‬شجعان‭ ‬في‭ ‬ضرب‭ ‬السائد،‭ ‬وشيوع‭ ‬روح‭ ‬المغامرة‭ ‬والتجريب؛‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬محدودًا،‭ ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬أفاد‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬أنه‭ ‬تربى‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عوالم‭ ‬التقنية‭ ‬الحديثة‭ ‬وما‭ ‬تتيحه‭ ‬من‭ ‬وفرة‭ ‬المعلومة،‭ ‬وسهولة‭ ‬الإطلاع‭ ‬على‭ ‬التجارب‭ ‬الإبداعية‭ ‬والأفكار‭ ‬والرؤى‭ ‬العديدة‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬‮«‬العربي،‭ ‬والعالمي‮»‬،‭ ‬هو‭ ‬جيل‭ ‬ذكي‭ .. ‬لكنه‭ ‬مظلوم‭ ‬من‭ ‬قلة‭ ‬النقد‭ ‬وقلة‭ ‬الحيلة‭ ‬بوجوده‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بالشعر،‭ ‬لهذا‭ ‬يكافح‭ ‬الشاعر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬طباعة‭ ‬كتاب‭ ‬وهو‭ ‬أقلّ‭ ‬الحقوق،‭ ‬أيضًا‭ ‬هو‭ ‬جيل‭ ‬خلخلته‭ ‬الحروب‭ ‬المتواصلة،‭ ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬ببلادنا،‭ ‬لنرى‭ ‬قصائده‭ ‬موسومة‭ ‬بسمة‭ ‬الحرب‭ ‬تعلو‭ ‬منه‭ ‬أدخنة‭ ‬كثيفة‭ ‬من‭ ‬الحزن‭ ‬والأسَى،‭ ‬وبالتالي‭ ‬أنتجت‭ ‬نصًا‭ ‬غاضبًا‭ ‬وصريحًا‭.‬

الأسماءُ‭ ‬الشعرية‭ ‬المختارة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬اتصافاً‭ ‬بالتميز‭ ‬والانفتاح‭ ‬النَّصي‭ ‬على‭ ‬التجريب‭ ‬والكتابة‭ ‬الحرة،‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬السائد،‭ ‬والمألوف‭.‬

ختامًا‭ ..‬‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أهم‭ ‬جيل‭ ‬شعري‭ ‬ليبي،‭ ‬اجتمع‭ ‬في‭ ‬طياته‭ ‬الوعي،‭ ‬والشغف‭ ‬الحقيقي،‭ ‬جيلٌ‭ ‬حرّ‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬التقليدية‭ ‬البائسة‭ ‬التي‭ ‬طالما‭ ‬صبغتْ‭ ‬تجارب‭ ‬الأجيال‭ ‬السابقة؛‭ ‬عدا‭ ‬بعض‭ ‬الأصوات‭ ‬الشعرية‭ ‬التي‭ ‬استطاعتْ‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تجربة‭ ‬حقيقية‭ ‬فعلاً‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى