الرئيسيةلقاءمتابعات

الدولة الليبية آمام مشكلة خطيرة إذا لم يتم تداركها

صرَّح نائب مدير مستشفى علي الرويعي للأمراض النفسية والعقلية الدكتور سعيد المشاي أن الدولة الليبية أمام مشكلة خطيرة إذا لم يتم تداركها ومعالجتها من قبل الحكومة والجهات المعنية بالخصوص. 

مشيرًا إلى خطورة التعامل مع اضطرابات مع بعد الصدمة والتي ظهرت بشكل مفجع وكبير بين فئات الشباب خلال السنوات العشر الأخيرة نتيجة للحروب التي شهدتها البلاد على مدار تلك الأعوام وما ترتب عليها من تبعيات نفسية واجتماعية دفع ثمنها الشباب.

الدولة الليــــــــــــــــــــبية أمام مشكلة خطيرة إذا لم يتم تداركها 

 نا ئب مدير مستشفى علي الرويعي للأمراض النفسية 

 كلنا بحاجة إلى 

رعاية نفسية لازالة ما علق في أذهاننا من صور للحرب والأشلاء والجثث

وأكد المشاي لصحيفة (فبراير) أن التعامل مع مثل هذه الأمراض يعد مسؤولية مجتمعية لا تقع فقط على عاتق الطبيب النفسي وانما يتحمل مسؤوليتها كل من يتصدرون المشهد السياسي وأيضا المسؤولين بوزارة الصحة ولا يمكن اغفال دور ومسؤولية الأهل الذين تغافلوا أو شاركوا بطريقة أو بأخرى في تفاقم هذه المشكلة من خلال تهاونهم مع ابنهم الذي ظهرت عليه أعراض اضطرابات ما بعد الصدمة حتى أصبح يشكل خطرًا على المجتمع ككل.

وشدَّد نائب مدير مستشفى علي الرويعي للأمراض النفسية والعقلية على ضرورة وضع خطط سريعة وعاجلة لمواجهة اضطرابات ما بعد الصدمة حتى لا تحدث أمور لا يحمد عقباها نتيجة للتهاون واللامبالاة، لافتًا إلى أن مستشفى الأمراض النفسية ببنغازي لا يكفي لمواجهة هذا المرض خاصة انه يغطي كافة المنطقة الشرقية؛ وإن تزايد اعداد المرضى في السنوات الأخيرة اثقل كاهل المستشفى الأمر الذي استدعى ضرورة وجود حلول بديلة؛ وهي فتح مراكز ومستشفيات للأمراض النفسية بعدة مناطق ومدن في المنطقة الشرقية لتخفيف العبء على مستشفى علي الرويعي؛ وأيضا يكون هناك كشفٌ مبكرٌ للحالات المشتبهة بها في اضطرابات ما بعد الصدمة.

وأوضح المشاي أن مشكلة اضطرابات ما بعد الصدمة لا تظهر خلال أيام أو أسابيع من بعد التعرض لها؛ وإنما قد يتطلب الأمرُ شهور أو حتى سنوات لتظهر أمراض نفسية مختلفة على الشخص الذي تعرض للصدمة وإن اهمال هذه الأعراض هو ما نعاني منه حاليًا من ارتكاب جرائم قتل بدم بارد من قبل المريض وجميعنا علم بحادثة قتل المواطن «سالم العبدلي» أمام مستشفى الجلاء من قبل شخص تظهر عليه أعراض التعاطي وعدم الاتزان النفسي حتى يُقدم على قتل شخص أمام زوجته وأبنائه دون رحمة أو شفقة ولم استغرب من الحادثة عندما تناولت وسائل التواصل الاجتماعي خبر الجريمة مؤكدين أن الجاني كان مقاتلاً شرساً؛ ولكن لم يستوقف أي مسؤول هذه العبارة والتي هي مؤشر خطير جدًا أن الشباب الذين عاشوا وشاركوا في الحروب التي دارت رحاها بين الأحياء والمناطق بمدينة بنغازي؛ وما شاهدوه من وقائع دامية فلا يمكن لأي شخص سوى أن يخوض هذه التجربة المؤلمة دون أن تؤثر في نفسيته وعقله مشاهد الأشلاء المتناثرة والجثث المتفحمة؛ وأيضا التنكيل بالأحياء والأموات كل هذه الوقائع والتفاصيل الدامية لا يمكن أن تختفي دون اثر واضح على شهود العيان والحروب.

وفيما يتعلق بمركز (الإرادة) لعلاج الإدمان أكد المشاي أن المركز في الوقت الحالي لا يعمل حيث توقف العمل بالمركز منذ سنوات طويلة وإعادة تشغيله يتطلب جهود كبيرة فمن يوفر الحماية الأمنية للطبيب المعالج؛ الذي يتعامل مع شخص مدمن فاقدًا للإدراك والوعي وغير مدرك لما يفعله أو يقدم عليه من تصرفات أو أفعال فهو يشكل خطرًا على نفسه؛ وأيضا الطاقم المعالج له نحن بحاجة إلى تكاتف الجهود والوقوف على حقيقة الأمر وأننا أمام مشكلة خطيرة تزايد حالات المتعاطين للمخدرات ما هو إلا نتاج صدمات نفسية بدليل أن معظم الذين ارتكبوا جرائم قتل في الآونة الأخيرة كانوا تحت تأثير التعاطي؛ وأيضا البعض منهم شارك في حروب؛ ونحن ندرك تمامًا أن الطالب الجامعي الذي لم يعتاد يومًا على حمل السلاح ولا مواجهة الحروب في لحظة فرضتها الظروف وجد نفسه داخل ساحات القتل وبين الجثث والأشلاء؛ وما إن انتهت الحرب وللهروب من حالات الاكتئاب التي اصابته بدأ في التعاطي وادمان المخدرات بأنواعها كافة حتى وصل إلى مرحلة الاجرام.

الكثير من الحالات التي أشرفتُ على علاجها نفسيًا هم شباب تعرضوا لاضطرابات ما بعد الصدمة نتج عنه تعاطيهم للمخدرات، وارتكاب الجرائم دون ادراك.

ما أود قوله هو أننا بحاجة إلى توعية المجتمع بخطورة اضطرابات ما بعد الصدمة؛ وأن جرائم القتل التي نسمع عنها أو نشاهدها بين الحين والآخر ما هي إلا نتاج هذه الاضطرابات التي ولدت حالة من الاكتئاب والأمراض النفسية الأخرى وهو واقع لدولة شهدت في السنوات العشر الماضية حربًا ضروسًا لم يسلم منها أحدٌ كلنا بحاجة إلى رعاية صحية، ونفسية لإزالة ما علق في أذهاننا ونفوسنا من مخلفات الحرب وصور الأشلاء والجثث 

المسؤولية لا تقع على عاتق الطبيب النفسي فقط بل السياسين أيضاً

نسعى نحن كأطباء نفسيين إلى إيجاد حلول سريعة وعاجلة للتقليل من حجم اضطرابات ما بعد الصدمة وقد تم عقد اجتماع مع مسؤولين في وزارة الصحة بخصوص انشاء مراكز رعاية صحية أولية في كل منطقة وحي وهو ما نحن بحاجة إليه الكشف المبكر من خلال وجود طبيب عام يمكنه من الكشف على المرضى النفسيين في بداية المرض ولن يكون هناك داع لأن يذهب المريض إلى مستشفى الامراض النفسية بل من خلال تعامله مع الطبيب العام الذي يوفر له العلاج المناسب خاصة إذا كان المرض في بدايته؛ وهذا ما نحن نسعى إليه جاهدين توفير الطبيب العام الذي بدوره يقوم بالكشف المبكر على الأشخاص الذين يعانون اضطرابات نفسية أو ما تعرف باضطرابات ما بعد الصدمة وإذا تمكن الطبيب من الكشف المبكر فإننا نضمن عدم دخول المريض في حالات نفسية اكثر تعقيدًا، وخطورة وما قد ينتج عنه من جرائم قتل نتيجة اهمالنا للكشف المبكر فحالات الاكتئاب التي تصاحب عادة اضطرابات ما بعد الصدمة يمكن للطبيب العام أن يعالجها في مركز الرعاية الأولية دون الحاجة إلى تدخل أطباء نفسيين واختصاصيين في الامراض النفسية والعقلية كل ما ينقصنا الوعي الصحي بالأمراض النفسانية وكيفية معالجتها والتعامل معها .

خلاصة القول .. وعبر  صحيفة (فبراير) أوجه رسالة جد مهمة لكل مسؤول في هذه الدولة بضرورة التعامل الجدي والواقعي باضطرابات ما بعد الصدمة والتي كانت نتائجها مخيفة ومفجعة للدولة من خلال تزايد اعداد المتعاطيين للمخدرات؛ وأيضا انتشار الجريمة وطرق ارتكابها بصورة تكشف لنا عن خطورة الأمر وتستدعي منا وقفة جادة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وإلا فقد يحدث ما لا تحمد عقباه فقد تعود في المجتمع على مشاهد القتل وأعداد الضحايا وهنا تصبح الجرائم أمرًا اعتياديًا.

واختتمت بمدينة بنغازي فعاليات ورشة العمل التي أشرفت عليها منظمة الرعاية الصحية الأولية، بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية حول (التغطية الإعلامية لمواضيع الصحة النفسية، واستخدام المواد المسببة للإدمان).

قدم الورشة نائب مدير عام مستشفى علي الرويعي دكتور سعيد المشاي، ودكتورة خديجة التواتي، كما شارك بالورشة والتي أقيمت بفندق النوران خلال اليومين (2526) من شهر أكتوبر الماضي، عددٌ من الإعلاميين بالمؤسسات والهيئات الحكومية من مختلف مناطق ومدن ليبيا.

أكد الإعلاميون المشاركون أن مسؤولية نشر الوعي بمواضيع الصحة النفسية وتثقيف الجمهور الليبي بالمرض النفسي، وكيفية التعامل معه، تقع على الأطباء النفسيين بمراكز العلاج النفسي بالدرجة الأولى، وأيضا على وسائل الإعلام بمختلف تخصصاتها.

وفي السياق ذاته قال المشاي: بالنسبة لورش العمل عن نفسي، وعن الدكتورة خديجة التواتي، نحن كأطباء نفسيين ومتعاونين مع منظمة الصحة العالمية، ونقوم بالتدريبات بدورنا متعاونين بإقامة الورش التدريبية مع الأطباء والممرضين والصحفيين، ويكون لدينا العلم المسبق بهذه الورش والهدف منها كيف تتعامل الصحافة مع الأخبار التي لها علاقة بالصحة النفسية، كحالات الإدمان وتعاطي المخدرات، أو أي شيء يخص المخدرات بصفة عامة، وحالات الانتحار والمشكلات النفسية التي تصدر عن النَّاس كـ(الاكتئاب والضغوطات النفسية والتوتر والقلق)، وواجبنا نحن كأطباء نفسيين أن ننَّبه زميلنا الصحفي، بأن يعمل على جمع الخبر وما هي الأشياء السلبية في حالة نقل الخبر، لأن نقل الخبر قد يؤثر سلبًا أو إيجابًا على المتلقي.

وعن التخطيطات للورش القادمة ذكر بأنه سيتم استهداف بعض القضايا كالصحة النفسية، التي تجمع في مضامينها عدة موضوعات وليس موضوعًا واحدًا، وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية لاستهداف قضية معينة من القضايا التي تشكل خطورة على المجتمع الليبي وشبابه، مثل المخدرات وتناولها واستهدافها، وما هي تأثيرها على الرأي العام الليبي؛ واستهداف أهل الاختصاص.

أما بالنسبة للجهات التي تعمل حاليًا على الموضوعات التي لها علاقة بالصحة النفسية فهما الجهة الرسمية لرعاية الصحية الأولية، ومؤسسة رسمية باسم منظمة الصحة العالمية، وكانت البداية كيف نجعل الطبيب العام وهو طبيب الأسرة الموجود في المستشفى العام، أن يتمكن من تشخيص المريض الذي أمامه يعاني من حالة نفسية، لأن الطبيب العام لو لم يمارس الطب النفسي قد تمر عليه حالة يعتبرها عضوية وهي نفسية، فكانت هذه أول خطوة يتم فيها تدريب أطباء عامين، وفي الوقت نفسه تم تهيئة الأطباء النفسيين المشرفين عليهم، وكانت النتيجة ممتازة.

ويضيف أصبحنا الآن نرى أطباء لم يكن لديهم أي خلفية عن الطب النفسي، والآن لديهم القدرة على التشخيص والعلاج، وبذلك خف العبء على المستشفيات الكبيرة، وعلى النَّاس الذين يأتون من مناطق بعيدة وذلك لصرف علاج لهم.

كما ذكر بأن عدد الأطباء النفسيين في المنطقة الشرقية لا يتجاوز (30) طبيبًا، وبذلك سيكون هناك تزايد في حالات المرضى، معتبرًا أن هذا العدد قليلٌ جدًا، وذلك مؤشر بنقص في عدد الأطباء، نتيجة العزوف عن تخصص الطب النفسي .. وفي السياق ذاته أضاف، هناك مشكلة تواجهنا وهي عدم استلام المرضى للدواء، وفي بعض الأحيان يتم إرسال الدواء إلى منزل المريض، والتكلفة تكون على حساب المستشفى، لكن تكون المعاملة سيئة من أهل المريض، وبذلك أصبح المستشفى متكدسًا بالمرضى وليس لدية القدرة الاستيعابية؛ وعن تجاوب وزارة الصحة في توفير ما يمكن توفيره للمستشفى، قال: يعد دعم الوزارة ضعيفًا جدًا، والقصور عادة ما يكون في الأدوية والمعدات الطبية، موضحًا بأنه لا يوجد أي طبيب نفسي يعالج الإدمان .. مضيفًا بالنسبة للمصحة من حيث اعداد الأطباء لفتح مركز للإدمان يقول: لا يوجد أي مشكلة في عدد الأطباء، باعتبار قبيل 2011 كان العدد أقل، إنما المشكلة توجد في أن المصحة لا تغطي حتى نصف ليبيا، وبهذا يعد عدد الأطباء كاف لتشغيل مصحة الإرادة، ولكن من الضروري أن يكون هناك عدة مراكز وليس مركزًا واحدًا لمعالجة الإدمان.

اضطرابات ما بعد الصدمة ناقوس خطر يهدد أمن واستقرار الوطن ،،

نحن بحاجة إلى توعية المجتمع بخطورة اضطرابات ما بعد الصدمة  

معظم مرتكبي جرائم القتل كانوا تحت تأثير التعاطي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى