إنَّ السحر والشعوذة ظاهرة غير أخلاقية سيئة يجب محاربتها وبقوة، ولكن المشرع الليبي لم يضع عقوبة رادعة ومناسبة للهذه الظاهرة، بل جاءت عقوبات غير دقيقة في نصوص عامة ومتفرقة غير كافية في مجملها لردع السحرة.
إلا أن هناك عدة نصوص متفرقة في قانون العقوبات والقوانين المكملة له تنص على عقوبة بسيطة لهذه الجريمة البشعة؛ فالمادة ) 461( عقوبات تتعلق بالنصب حيث تنص على أنه :
)كل من حصل على نفع غير مشروع لنفسه، أو للغير إضرارا بآخرين باستعمال طرق احتيالية، أو بالتصرف في مال ثابت، أو منقول ليس ملكًا له ولا له حق التصرف فيه، أو باتخاذ اسم كاذب، أو اتخاذ صفة غير صحيحة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تتجاوز 50 دينارًا( ..
كما نصت المادة )475( على أنه : )كلُ مَنْ تسولَ في محل عام، أو مفتوح للجمهور بطريقة منفردة، أو مزرية أو باختلاق مرض أو عاهة أو باستعمال الشعوذة يعاقب بالحبس لمدة لا تزيد عن ستة أشهر(.
وتنص المادة )355( على أنه : )يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة كل من ضلل الغير بانتحال شخصية أخرى لتحقيق منفعة لنفسه أو للغير أو لإلحاق ضرر بآخرين أو انتحل لنفسه أو لغيره اسما مزورا أو صفة كاذبة أو انتحل صفة تترتب عليها آثار قانونية(.
وتنص المادة )463( على أنه: )كل من انتهز فرصة احتياج شخص لم يبلغ 21 سنة، أو ضعفه أو هوى في نفسه أو عدم خبرته أو استغل ضعفًا أو مرضًا في عقل شخص أو عيبًا في نفسه وحمله على إجراء عمل قانوني من شأنه الإضرار بمصالحه بغية الحصول على نفع غير مشروع لنفسه أو للغير يعاقب بالحبس الذي لا يقل عن 3 أشهر( .
وينص القانون رقم )20( لسنة 2016 على أنه : )يعاقب بالإعدام حدا كل مسلم مكلف ارتد عن الإسلام بقول أو فعل .. وتسقط العقوبة بتوبة الجاني( .. وكذلك قانون المشردين نص على عقوبة بسيطة لمن يمارس أعمال الشعوذة.
وعلى كل حال النص الأكثر استعمالاً، وتطبيقيًا هو النص) 461( عقوبات .. لمن يستعمل طرقًا احتيالية لتحقيق منفعة له والإضرار.
أخيرًا .. لم يتطرق القانون الليبي إلى عقوبة محددة وخاصة للسحرة والمشعوذين بخلاف عدد من الدول العربية التي حددت عقوبة مغلظة للساحر، وهي الإعدام ومَنْ يتردد على السحرة عقوبته السجن ..
هذا وقد اقر مجلس النَّواب قانونًا خاصًا بتحريم السحر و الكهانة ووضع عقوبات حدية و لازال هذا القانون لم يُفعل حيث يحتوي على 17 مادة أفردت المادة الأولى تعريفات لبعض المصطلحات المستحدثة مثل السحر الذي عرفته بالعمل المخالف للشريعة ويقصد به التأثير في البدن والقلب والعقل باستخدام التمائم والطلاسم وغيرها.
كما عرَّف )الكهانة( بأنها ادّعاء علم الغيب ومحاولة التبصّر بما تكنّه الضمائر بأية وسيلة كانت وتدخل فيه العرافة والتنجيم، ثم عرّف )الشعوذة( بأنها استعمال الحيلة أو خفّة اليد في أفعال عجيبة يظنّها من يراها حقيقة وهي ليست كذلك لمحاولة استغلال الناس. وعرّف )الطلسم( بأنه أسماء وجمل وحروف يكتبها السحرة وتكون مجهولة المعنى.
واعتبر القانون في مادته الثانية أن أعمال السحر والشعوذة والكهانة وما في حكمها أفعال مجرّمة معاقب عليها، ولم يكتفِ المشرّع بذلك بل وسّع نطاق الأفعال المجرّمة حيث أضفى وصف التجريم على أفعال ادّعاء القدرة على السحر وتعلّم السحر وتعليمه وطلب القيام بالسّحر وكذلك دعم السحرة والمشعوذين وجلبهم والتستّر عليهم، وأيًضا الترويج ونشر أعمال السحر والشعوذة واستيراد أدواته وحيازتها والتحريض على الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.
ورغم عدم وضوح الجريمة التي تحدّث عنها هذا القانون كونها ليست فعلاً أو سلوكًا ماديًا محدّدًا، إلا أن القانون تشدّد في العقوبات لتصل إلى حدّ الإعدام في حالات عدة، فقد نصّت المادة )5( على عقوبة القتل للساحر إن تضمّن سحره كفراً أو ترتّب عليه قتل نفس مع إمكانية أن يحكم القاضي بالقتل أوالسجن المؤبد أوالسجن لمدة لا تقلّ عن خمسة عشر عامًا في غير ما ذكر في هذه المادة.
بعدها انتقل القانون لمعاقبة الكاهن بالسجن مدة لا تقلّ عن عشر سنوات وغرامة مالية لا تقلّ عن خمسين ألف دينار والمشعوذ بالسجن مدة لا تقلّ عن ثلاث سنوات وبغرامة مالية لا تقلّ عن خمسة عشر ألف دينار.
كما وردت عقوبة السجن بمدد مختلفة وبالغرامة المالية في المواد 9/10/11/12 لجرائم تعلّم السحر وطلب أعمال السحر ودعم السحرة وجلبهم والترويج لهم واستيراد الأدوات الخاصة بالسحر.
ومن أوجه الانتقادات الموجهة لهذا القانون
انه أناط بهيئة خاصة تنشئها وزارة العدل بالتنسيق مع الهيئة العامة للأوقاف مهمة اعتبار الفعل من أعمال السحر والشعوذة والكهانة،
و لازال حتى هذا الوقت لم يفعل ولم ينشر في الجريدة الرسمية..