رأي

الشارع الطرابلسي يعيد الأمل

رأفت بالخير

عاد الشارع الطرابلسي ليثبت أنه صاحب المبادرة، وأنه أساس الشرعية، في غياب الأليات الديمقراطية لتغيير السلطات الحالية، بعد تظافر عوامل كسر حجز الخوف والمطالبة بإسقاط الحكومة، في أجمل الصور الديمقراطية التي غابت لسنوات، بطريقة سلمية وفي ميدان الشهداء الذي أُعلن فيه عن بداية النهاية لأنظمة وحكومات أخرى.

ما حدث قبل أيام من قتال شوارع في العاصمة الليبية، ليس له أي مبرر، سياسي أو قانون أو أخلاقي،ولا يمكن القبول به من أي طرف، فهذه المعارك أدت إلى مقتل أكثر من خمسين مدنيا وفق بيان المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، وهي مؤسسة مجتمع مدني، وأدت إلى إحداث خسائر مادية في الكثير من الأملاك الخاصة من بيوت وسيارات ومحال تجارية.

الوضع في ليبيا عامة، وفي طرابلس خاصة، يتطلب الكثير من التنازل من أبناء هذا الوطن لصالح وطنهم، بعد عقد ونصف من الصراع على السلطة بين كل الأطراف، أدى إلى حالة انقسام سياسي وشرخ اجتماعي، وحالة سيولة للوضع الأمني، وتراجع اقتصادي.

أسماء كثيرة، عليها أن تأخذ خطوات للخلف، وتبتعد عن تصدر المشهد السياسي والعسكري، لأنها أثبت عدم جدارتها على مر السنوات الماضية، ووجود اتهامات لها بالفساد وانتهاك حقوق الإنسان، واحتمال أن تلاحقها العدالة الوطنية والعدالة الدولية أيضا.

هذا، ويجب أن تكون هذه المظاهرات بداية، للقطيعة مع الأجسام السياسية الحالية، من جاءت بالانتخاب أو بالاختيار أو من قذفتهم على شواطئنا أمواج الأقدار، لأن ليبيا لن تقف بعد ذهاب رئيس برلمان أو رئيس حكومة أو قائد جيش!

صيحة الشارع الطرابلسي، يجب أن تكون عبرة، لكل من أمن العقاب، وطن أن ليبيا ليس بها مواطنين، سينتفضون على كل من يأكل حقوقهم، ولا يؤدي أمانته، ويسرف في تعذيبهم وقتلهم، ويصادر حقهم في التعبير.

وبعد أن قالت طرابلس كلمتها، يتوجب على كل البلاد أن تنتفض في وجه كل هذه الأجسام السياسية التي كبّلت البلاد، وأدخلتنا في حلقة مفرغة من الانسداد السياسي، والصراع على نهب المال العام، وحالة شرذمة عسكرية وأمنية، ليكون تضامن كل أبناء الوطن في وجه هذه الجماعات المصلحية ومن سار في ركبها، لينهض الوطن من كبوته، ويزيل عنه هذه الغُمة، عبر انتخابات وطنية، وترجع دماء الديمقراطية لتجري في ميادين بلادنا.

وهنا أيضا، يجب أن يعترف المجتمع الدولي، بمطالب الليبيين، الذين سئموا المراحل الانتقالية، وأصبحوا يتطلعون إلى مرحلة استقرار دائمة، عبر الاستفتاء على دستور دائم للبلاد، تجرى على اساسه انتخابات عامة، وتعيش هذه البلاد ككل البلدان.

ورغم أن هذه المظاهرات، رحبت بها أجهزة أمنية وعسكرية، وهذا أمر لا تجد له نظير في المجتمعات الأخرى، يتوجب على الجميع أن يقر بأهمية دعم حق التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي، من طرف كان لأنه يشكل جزءا أساسيا من أي نظام ديمقراطي!

وأقول لكل من عبر عن رأيه، أن العمل السياسي هو عمل تراكمي، ويتطلب الكثير من الصبر والجهد، مع عدم الوقوع فى فخ التناقضات، والدخول فى المكاسب الضيقة ما يذهب كل امال الناس في التغيير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى