الرئيسية

‮ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ .. ‬في‭ ‬زمن‭ ‬تطور‭ ‬الوسائل‭ !!‬

وداد‭ ‬الجعفري

لازام‭ ‬علينا‭ ‬أنَّ‭ ‬نواكب‭ ‬كإعلاميين‭  ‬المتغيرات‭ ‬المتسارعة‭ ‬التي‭ ‬تطرأ‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الإعلامية‭ ‬والتعلّم‭ ‬منها‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬تُسهل‭ ‬العمل‭ ‬الإعلامي‭ ‬بإحترافية،‭ ‬وتتبع‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أسوة‭ ‬بدول‭ ‬العالم‭.‬

ومن‭ ‬صالح‭ ‬الإعلاميين‭ ‬أنَّ‭ ‬يكون‭ ‬لهم‭ ‬أدوات‭ ‬يتسلحون‭ ‬بها،‭ ‬لمواجهة‭ ‬التطور‭ ‬المذهل‭  ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬الحيوي‭ ‬،‭ ‬ولعل‭ ‬من‭ ‬أهمها‭ ‬‮«‬الصحف‭ ‬الإلكترونية‮»‬‭ ‬مرد‭ ‬ذلك‭ ‬لتسارع‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬واتجاه‭ ‬القراء‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬الوقت‭ ‬الكافي‭ ‬لقراءة‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ .‬

كل‭ ‬ذلك‭ ‬وغيره‭ ‬كان‭ ‬موضوع‭ ‬الملف‭.‬

‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬تبدو‭ ‬الحاجة‭ ‬ملحّة‭ ‬إلى‭ ‬رؤية‭ ‬واقعية‭ ‬جديدة‭ ‬لدور‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭. ‬فالمسألة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مجرد‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬الورقي‭ ‬والرقمي،‭ ‬بل‭ ‬تتعلق‭ ‬بكيفية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬جوهر‭ ‬العمل‭ ‬الصحفي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬التحقق‭ ‬والدقة‭ ‬والاستقصاء،‭ ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الوسيط‭ ‬المستخدم‭. ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬الحل‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬نماذج‭ ‬أعمال‭ ‬جديدة،‭ ‬وتبني‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬الذكي،‭ ‬وتوظيف‭ ‬الصحيفة‭ ‬الورقية‭ ‬كمنتج‭ ‬نوعي‭ ‬لا‭ ‬كمنصة‭ ‬يومية‭ ‬عاجلة،‭ ‬بحيث‭ ‬تصبح‭ ‬مرجعًا‭ ‬وتحليلاً‭ ‬ومعرفة‭ ‬معمقة،‭ ‬فيما‭ ‬يظل‭ ‬الفضاء‭ ‬الرقمي‭ ‬مساحة‭ ‬الخبر‭ ‬العاجل‭ ‬والتفاعل‭ ‬السريع،‭ ‬وهكذا،‭ ‬فإن‭ ‬مستقبل‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬لن‭ ‬يحدده‭ ‬فقط‭ ‬التطور‭ ‬التقني،‭ ‬بل‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تعريف‭ ‬وظيفتها‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬تتغير‭ ‬فيه‭ ‬الوسائل،‭ ‬وتبقى‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬المعلومة‭ ‬الموثوقة‭ ‬ثابتة‭.‬

وقالتْ‭ ‬أ‭. ‬نجاح‭ ‬محمد‭ ‬رئيس‭  ‬تحرير‭  ‬مجلة‭ ‬‮«‬الليبية‮»‬

الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬مدرسة‭ ‬لأي‭ ‬عمل‭ ‬صحفي‭ ‬مهني‭ ‬الورق‭ ‬لا‭ ‬يُجامل‭ ‬حين‭ ‬يُنشر‭ ‬الخبر‭ ‬مطبوعًا،‭ ‬يصبح‭ ‬مسؤولية‭ ‬أخلاقية‭ ‬وتاريخية‭. ‬لا‭ ‬زرّ‭ ‬حذف،‭ ‬ولا‭ ‬تعديل‭ ‬لاحق،‭ ‬ولا‭ ‬هروب‭ ‬إلى‭ ‬أسفل‭ ‬الشاشة‭. ‬لهذا‭ ‬نشأت‭ ‬على‭ ‬الورق‭ ‬أقدس‭ ‬قواعد‭ ‬الصحافة‭: ‬التحقق،‭ ‬التوازن،‭ ‬تعدد‭ ‬المصادر،‭ ‬وبناء‭ ‬السياق‭. ‬هنا‭ ‬فقط‭ ‬يتعلّم‭ ‬الصحفي‭ ‬كيف‭ ‬يكتب‭ ‬لأنه‭ ‬يعرف،‭ ‬لا‭ ‬لأنه‭ ‬سبق‭ ‬غيره‭ ‬بثوانٍ‭.‬

تشبه‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬معرفة‭ ‬السباحة‭. ‬لا‭ ‬يمكنك‭ ‬دخول‭ ‬البحر‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تُتقن‭ ‬أصول‭ ‬الطفو‭ ‬والتنفس‭ ‬والنجاة‭. ‬كذلك‭ ‬الصحافة‭: ‬لا‭ ‬يمكنك‭ ‬القفز‭ ‬إلى‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تمتلك‭ ‬أساس‭ ‬الصياغة،‭ ‬وبناء‭ ‬الخبر،‭ ‬والتمييز‭ ‬بين‭ ‬الرأي‭ ‬والمعلومة‭. ‬من‭ ‬لم‭ ‬يتدرّب‭ ‬على‭ ‬الورق،‭ ‬يظل‭ ‬معلقًا‭ ‬فوق‭ ‬السطح،‭ ‬تجرفه‭ ‬الأمواج‭ ‬مع‭ ‬أول‭ ‬عاصفة‭ ‬خوارزمية‭.‬

ليستْ‭ ‬مصادفة‭ ‬أنّ‭ ‬أعظم‭ ‬التحقيقات‭ ‬الاستقصائية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬خرجتْ‭ ‬من‭ ‬غرف‭ ‬تحرير‭ ‬ورقية‭. ‬The New York Times‭ ‬لم‭ ‬تبنِ‭ ‬سمعتها‭ ‬على‭ ‬سرعة‭ ‬النشر،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬الصبر‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الحقيقة‭. ‬وThe Guardian‭ ‬ظلّت‭ ‬تُدرّس‭ ‬نموذج‭ ‬الصحافة‭ ‬المسؤولة،‭ ‬بينما‭ ‬جعلت‭ ‬Le Monde‭ ‬من‭ ‬الورق‭ ‬مساحة‭ ‬للفهم‭ ‬لا‭ ‬للاستهلاك‭. ‬أما‭ ‬Financial Times،‭ ‬فقد‭ ‬ربطت‭ ‬النسخة‭ ‬الورقية‭ ‬بالثقة،‭ ‬والتحليل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يُقرأ‭ ‬على‭ ‬عجل‭. ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬National Geographic،‭ ‬تحوّل‭ ‬الورق‭ ‬إلى‭ ‬وعاء‭ ‬للمعرفة‭ ‬الإنسانية‭ ‬والعلمية،‭ ‬وذاكرة‭ ‬بصرية‭ ‬للعالم‭.‬

الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬ليست‭ ‬ضد‭ ‬الرقمي،‭ ‬بل‭ ‬أعمق‭ ‬منه‭. ‬الرقمي‭ ‬يُحدّثك‭ ‬عمّا‭ ‬يحدث‭ ‬الآن،‭ ‬أما‭ ‬الورقي‭ ‬فيُفسّر‭ ‬لك‭ ‬لماذا‭ ‬حدث،‭ ‬وماذا‭ ‬يعني،‭ ‬وإلى‭ ‬أين‭ ‬يقود‭. ‬الأول‭ ‬يلهث‭ ‬خلف‭ ‬اللحظة،‭ ‬والثاني‭ ‬يُنقّب‭ ‬في‭ ‬المعنى‭. ‬لهذا،‭ ‬فإن‭ ‬أخطر‭ ‬ما‭ ‬يواجه‭ ‬الصحافة‭ ‬اليوم‭ ‬ليس‭ ‬انحسار‭ ‬الورق،‭ ‬بل‭ ‬فقدان‭ ‬المعايير‭ ‬التي‭ ‬صاغها‭ ‬الورق‭.‬

ثمّة‭ ‬بعدٌ‭ ‬آخر‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬أهمية‭: ‬التوثيق‭. ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬أرشيف‭ ‬الدول‭ ‬والمجتمعات‭. ‬منها‭ ‬يعود‭ ‬الباحثون،‭ ‬ومنها‭ ‬تُكتب‭ ‬الذاكرة‭ ‬الوطنية‭. ‬ما‭ ‬يُنشر‭ ‬على‭ ‬المنصات‭ ‬قد‭ ‬يُمحى،‭ ‬يُحرّف،‭ ‬أو‭ ‬يضيع‭ ‬في‭ ‬زحام‭ ‬المحتوى،‭ ‬أما‭ ‬ما‭ ‬يُطبع‭ ‬فيبقى‭ ‬شاهدًا،‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬أخطاء‭ ‬أصحابه‭.‬

إن‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬ليس‭ ‬دفاعًا‭ ‬عن‭ ‬الماضي،‭ ‬بل‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬المهنة‭. ‬هي‭ ‬القاعدة‭ ‬التي‭ ‬يُبنى‭ ‬عليها‭ ‬كل‭ ‬تطور،‭ ‬والمرجع‭ ‬الذي‭ ‬يعيد‭ ‬الصحافة‭ ‬إلى‭ ‬معناها‭ ‬الأول‭: ‬خدمة‭ ‬الحقيقة‭ ‬لا‭ ‬خوارزميات‭ ‬الانتشار‭. ‬قد‭ ‬تتغير‭ ‬الوسائط،‭ ‬وقد‭ ‬يتقلص‭ ‬عدد‭ ‬النسخ،‭ ‬لكن‭ ‬ستظل‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬هي‭ ‬البوصلة‮…‬‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬بوصلة،‭ ‬لا‭ ‬طريق‭ ‬مهما‭ ‬بلغت‭ ‬سرعة‭ ‬السفينة

وحول‭ ‬السؤال‭ ‬نفسه‭ ‬اجابت‭ ‬حميدة‭ ‬القمودي‭ ‬مدير‭ ‬تحرير‭ ‬صحيفة‭ ‬فبراير‭ ‬بالقول‭ : ‬إن‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬سيقضي‭ ‬على‭ ‬الورقي‭ ‬هو‭ ‬قول‭ ‬متسرع‭  ‬لان‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬التجارب‭ ‬لا‭ ‬يولد‭ ‬من‭ ‬فراغ‭ ‬بل‭ ‬يبنى‭ ‬على‭ ‬القديم‭ ‬ويطوره‭ ‬لا‭ ‬يلعبه‭ ‬فلا‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قديم‭ ‬ولا‭ ‬تطور‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬جذور‭ ‬

وفي‭ ‬رأيي‭ ‬أن‭ ‬الصحافة‭ ‬الرقمية‭ ‬لا‭ ‬تلغي‭ ‬الورقية‭ ‬بل‭ ‬تكملها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬مستقبل‭ ‬الصحافة‭ ‬سواء‭ ‬ورقي‭ ‬أم‭ ‬رقمي‭ ‬لا‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬المفاضلة‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬دمجهما‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬مزايا‭ ‬كليهما‭ ‬

الورقي‭ ‬مطالب‭ ‬بتطوير‭ ‬الشكل‭ ‬والمحتوى‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬الجودة‭ ‬والعمق‭ ‬بينما‭ ‬الرقمي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬امتداداً‭ ‬للورقي‭ ‬ونافذة‭ ‬أكبر‭ ‬وأقرب‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬جمهور‭ ‬متنوع،‭ ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكار‭ ‬ان‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬تواجه‭ ‬اليوم‭ ‬تحديات‭ ‬وصعوبات‭  ‬ومنافسة‭ ‬شرسة‭ ‬مع‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية‭ ‬التي‭ ‬تمتاز‭ ‬بالسرعة‭ ‬والتحديث‭ ‬المستمر‭ ‬والتفاعل‭ ‬الفوري‭ ‬مع‭  ‬الجمهور،‭ ‬ولكن‭ ‬يظل‭ ‬لكل‭ ‬منهما‭ ‬مزاياها‭ ‬التي‭ ‬تتفوق‭ ‬بها‭ ‬عن‭ ‬الأخرى‭ ‬فكما‭ ‬أن‭ ‬الرقمية‭ ‬مناسبة‭ ‬للأخبار‭ ‬العاجلة‭ ‬والتغطيات‭ ‬اللحظية‭ ‬أو‭ ‬متابعة‭ ‬التطورات‭ ‬المتلاحقة‭ ‬تظل‭ ‬الورقية‭ ‬مصدرًا‭ ‬للتوثيق‭ ‬ورمزًا‭ ‬للمصداقية‭ ‬والرصانة‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬كثرت‭ ‬فيه‭ ‬الأخبار‭ ‬الزائفة‭ ‬والمحتويات‭ ‬المضللة‭.‬

أ‭. ‬محمد‭ ‬الصريط‭ ‬

قال‭ ‬التحديات‭ ‬التى‭ ‬تواجه‭ ‬الصحافة‭ ‬فانا‭ ‬ضد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬عوائق،‭ ‬أو‭ ‬تحديات‭ ‬تواجه‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬فالتطور‭ ‬اصبح‭ ‬يمشي‭ ‬جميع‭ ‬مخلوقات‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬فكل‭ ‬شيء‭ ‬فى‭ ‬الدنيا‭ ‬يتم‭ ‬تغيره‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬وهذا‭ ‬امر‭ ‬طبيعي‭ ‬جدا‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬يواكب‭ ‬صناع‭ ‬الصحافة‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬بنسبة‭ ‬100‭%‬0تقلص‭ ‬وتتجه‭ ‬بحكم‭ ‬الزمن‭ ‬فى‭ ‬الصحافه‭ ‬الورقية‭ ‬إلى‭ ‬صحافة‭ ‬الموبايل‭ ‬وصحافة‭ ‬النوافذ‭ ‬الألكترونية‭ ‬وبالتالى‭ ‬نفس‭ ‬المجموعة‭ ‬الإعلانية‭ ‬وهى‭ ‬نفس‭ ‬الطريقة‭ ‬الصحفية‭ ‬الذي‭ ‬يشتغل‭ ‬فى‭ ‬الصحافه‭ ‬الألكترونية‭ ‬أو‭ ‬صحافة‭ ‬الموبايل‭ ‬وارى‭ ‬ذلك‭ ‬تطور‭ ‬زمنى‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نواكبه‭ ‬وهو‭ ‬عباره‭ ‬عن‭ ‬تطور‭ ‬زمنى‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نواكبه‭ ‬كصناع‭ ‬لهذه‭ ‬المهنه‭ ‬ومن‭ ‬سيتاثر‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يقف‭ ‬تمام‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬من‭ ‬رؤساء‭ ‬أو‭ ‬صحفين‭ ‬الذين‭ ‬يبقون‭ ‬جامدين‭ ‬ومن‭ ‬يطور‭  ‬من‭ ‬نفسه‭ ‬سيواكب‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬هذا‭  ‬التقدم‭ ‬ومن‭ ‬يجلس‭ ‬خلف‭ ‬العربه‭ ‬سيبقى‭ ‬جامد‭ ‬وخشبي‭ ‬ويندثر‭ ‬وينتهى‭ ‬مع‭ ‬فى‭ ‬أقرب‭ ‬وقت‭ ‬لأن‭ ‬الزمن‭ ‬لن‭ ‬يرحمه‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬المهنة‭ ‬وفى‭ ‬هذا‭ ‬التطور

د‭. ‬عادل‭ ‬المزوغي

الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬اليوم‭ ‬تواجه‭ ‬معركة‭ ‬وجود‭ ‬حقيقية‭ .. ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ .. ‬الثورة‭ ‬الرقمية‭ ‬احدثت‭ ‬زلزال‭ ‬في‭ ‬طرق‭ ‬استهلاك‭ ‬المعلومات‭.. ‬هذا‭  ‬وضع‭ ‬الحبر‭ ‬والورق‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬الشاشات‭ ‬والبيانات‭ ‬اللحظية‭.. ‬وهذا‭ ‬شكل‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬أمام‭ ‬صمود‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ .. ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬الأزمة‭ ‬على‭ ‬‮«‬عزوف‭ ‬القراء‮»‬‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬منظومة‭ ‬متكاملة‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭..  ‬منها‭ ‬عامل‭ ‬السرعة‭ ‬والوقت‭  ‬فالوقت‭ ‬الذي‭ ‬تحتاج‭ ‬فيه‭ ‬الصحيفة‭ ‬الورقية‭ ‬24‭ ‬ساعة‭ ‬للصدور‭.. ‬تنشر‭ ‬المواقع‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الخبر‭ ‬في‭ ‬ثوانٍ‭ .. ‬وهذا‭ ‬جعل‭ ‬الصحيفة‭ ‬الورقية‭ ‬تبدو‭ ‬كأنها‭ ‬‮«‬أرشيف‭ ‬للأمس‮»‬‭ ‬وليس‭ ‬مصدراً‭ ‬للخبر‭.. ‬العامل‭ ‬الاخر‭ ‬النايف‭ ‬التشغيلية‭ ‬الباهظة‭.. ‬حيث‭  ‬ارتفعت‭ ‬أسعار‭ ‬الورق،‭ ‬الحبر‭ .. ‬وخدمات‭ ‬الطباعة‭ ‬بشكل‭ ‬جنوني‭ .. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تكاليف‭ ‬التوزيع‭ ‬والخدمات‭ ‬اللوجستية‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬الربحية‭ ‬أمرا‭ ‬شبه‭ ‬مستحيل‭ .. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المحرك‭ ‬الرئيس‭ ‬للصحافة‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬الإعلان‭ ..‬حالياً‭ .. ‬وصل‭ ‬الى‭ ‬مراحل‭ ‬متدهورة‭ ‬فالشركات‭   ‬تفضل‭ ‬الإعلان‭ ‬عبر‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬‮«‬Facebook‮»‬‭ ‬وغيرها‭ .. ‬لضمان‭ ‬وصول‭ ‬أدق‭ ‬وتكلفة‭ ‬أقل‭ ‬بدل‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ .  ‬مما‭ ‬حرم‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬من‭ ‬موردها‭ ‬المالي‭ ‬الأساسي‭.. ‬كما‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬عاملًا‭ ‬وهو‭ ‬تغير‭ ‬نمط‭ ‬القراءة‭  .. ‬فالجيل‭ ‬الجديد‭ ‬يفضل‭ ‬‮«‬المحتوى‭ ‬السريع‮»‬‭ ‬‮«‬الكبسولة‭ ‬الإخبارية‮»‬‭ ‬المدعوم‭ ‬بالفيديو‭ ‬والصور‭ ‬التفاعلية‭ .. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬توفره‭ ‬الصفحات‭ ‬الورقية‭.. ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬الصحف‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أدخلت‭ ‬تقنية‭ ‬الواقع‭ ‬المعزز‭ .. ‬لدعم‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬وتعزيز‭ ‬قراءتها‭ ‬لكنها‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭.. ‬صحيح‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬خططًا‭ ‬لإنقاذ‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬فيما‭ ‬اتصور‭ ‬مجرد‭ ‬حرث‭ ‬في‭ ‬البحر‭..‬

على‭ ‬صحافة‭ ‬الورق‭ ‬الاستسلام‭ ‬لتسارع‭ ‬التقنية‭ ‬واتجاه‭ ‬القراء‭ ‬إلى‭  ‬التقنية‭.. ‬

​ورغم‭ ‬هذه‭  ‬القتامة‭.. ‬هناك‭ ‬محاولات‭ ‬دولية‭ ‬وعربية‭ ‬لإنقاذ‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إنقاذه‭ ‬عبر‭ ‬استراتيجيات‭ ‬ذكية‭.. ‬منها‭ ‬التحول‭ ‬من‭ ‬الخبر‭ ‬الى‭ ‬التحليل‭ ..  ‬بما‭ ‬أن‭ ‬الخبر‭ ‬صار‭ ‬متاحاً‭ ‬للجميع‭ ..‬تراهن‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬الناجحة‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬‮«‬صحافة‭ ‬العمق‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬التحقيقات‭ ‬الاستقصائية‭.. ‬المقالات‭ ‬التحليلية‭ ..‬والتقارير‭ ‬المطولة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يجدها‭ ‬القارئ‭ ‬في‭ ‬‮«‬تويتر‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬فيسبوك‮»‬‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬محاولات‭ ‬لدمج‭ ‬المؤسسة‭ ‬الورقية‭ ‬مع‭ ‬منصة‭ ‬رقمية‭ ‬قوية‭ ..‬حيث‭ ‬يمول‭ ‬الموقع‭ ‬الإلكتروني‭ ‬بقاء‭ ‬النسخة‭ ‬الورقية‭ ‬كواجهة‭ ‬توثيقية‭ ‬فقط‭.‬‭. ‬أو‭ ‬مرجع‭ ‬تاريخي‭ ‬ونخبوي‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬المحاولات‭ ‬لدعم‭ ‬صحافة‭ ‬الورق‭ ‬تقديم‭ ‬محتوى‭ ‬حصري‭ ‬ومميز‭ ‬جداً‭ ‬لا‭ ‬يقرأه‭ ‬إلا‭ ‬المشترك‭.. ‬نظام‭ ‬صحافة‭ ‬الاشتراكات‭.. ‬مما‭ ‬يخلق‭ ‬قيمة‭ ‬مضافة‭ ‬للورق‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬لليبيا‭ ‬فالتحديات‭ ‬مضاعفة،‭ ‬فالوضع‭ ‬يأخذ‭ ‬طابعاً‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيداً‭ ‬بسبب‭ ‬الظروف‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭.. ‬فالانقسام‭ ‬السياسي‭ ‬والمؤسساتي‭ ‬جعل‭ ‬توزيع‭ ‬الصحف‭ ‬بين‭ ‬المدن‭ ‬الليبية‭ ‬‮«‬شرقاً‭ ‬وغرباً‭ ‬وجنوباً‮»‬‭ ‬أمراً‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الصعوبة‭ ‬والمخاطرة‭ .. ‬كما‭ ‬المطابع‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬عانت‭ ‬ولاتزال‭ ‬من‭ ‬الإهمال‭ ‬أو‭ ‬نقص‭ ‬قطع‭ ‬الغيار‭ ‬ومواد‭ ‬التشغيل‭ ‬المستوردة‭ ‬بالعملة‭ ‬الصعبة‭.. ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬لتوقف‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الصحف‭.. ‬وبسبب‭ ‬سرعة‭ ‬الأحداث‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭.. ‬لجأ‭ ‬المواطن‭ ‬الليبي‭ ‬لصفحات‭ ‬‮«‬الفيسبوك‮»‬‭ ‬الإخبارية‭ ‬كبديل‭ ‬أساسي،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬يشوبها‭ ‬من‭ ‬أخبار‭ ‬زائفة‭..‬باحثاً‭ ‬عن‭ ‬السرعة‭ ‬التي‭ ‬افتقدها‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬متأخرة‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تصل‭ ‬أصلاً‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الدعم‭ ‬الحكومي‭ ‬الموجه‭ ‬للصحافة‭ ‬المطبوعة‭ ‬تراجع‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬مع‭ ‬غياب‭ ‬سوق‭ ‬إعلاني‭ ‬ليبي‭ ‬منظم‭ ‬يدعم‭ ‬الاستمرارية‭ .. ‬جعل‭ ‬الصحفي‭ ‬الليبي‭ ‬يفضل‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬القنوات‭ ‬الفضائية،‭ ‬أو‭ ‬المواقع‭ ‬الإخبارية‭.. ‬أو‭ ‬يتجه‭ ‬إلى‭ ‬مجالات‭ ‬عمل‭ ‬أخرى‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬مهنة‭ ‬المتاعب‭ .  ‬كما‭ ‬أنّ‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬باتت‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الإصدارات‭ ‬الحكومية‭ ‬المحدودة،‭ ‬أو‭ ‬المجلات‭ ‬المتخصصة‭ .. ‬بينما‭ ‬اختفت‭ ‬‮«‬صحافة‭ ‬الرصيف‮»‬‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تميز‭ ‬الشوارع‭ ‬الليبية‭ ‬في‭ ‬فترات‭ ‬سابقة‭.‬

​الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬هل‭ ‬ستموت؟‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭  ‬لن‭ ‬تختفي‭ ‬تماماً،‭ ‬لكنها‭ ‬ستتحول‭ ‬من‭ ‬‮«‬وسيلة‭ ‬جماهيرية‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬منتج‭ ‬نخبوي‮»‬‭ ‬يشبه‭ ‬اقتناء‭ ‬الكتب‭ ‬الفاخرة‭ ‬أو‭ ‬الأسطوانات‭ ‬الموسيقية‭ ‬القديمة‭..  ‬البقاء‭ ‬سيكون‭ ‬لمن‭ ‬يستطيع‭ ‬تقديم‭ ‬‮«‬المعنى‮»‬‭ ‬خلف‭ ‬الخبر،‭ ‬وليس‭ ‬الخبر‭ ‬نفسه‭.. ‬وصحافة‭ ‬التقنية‭ ‬الحديثة‭..  ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬ستلغي‭ ‬صحافة‭ ‬الورق‭ ‬للأسف‭.‬

وكان‭ ‬لنا‭ ‬لقاء‭ ‬مع‭ ‬أ‭. ‬محمد‭ ‬الخمسي‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬طباعة‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية

ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬مواد‭ ‬التشغيل‭ ‬مثل‭ : ‬الورق،‭ ‬والأحبار،‭ ‬ولوحات‭ ‬الزنك،‭ ‬والمواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬الخاصة‭ ‬بها‭. ‬

قلة‭ ‬الكميات‭ ‬المطبوعة‭ ‬نتيجة‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬مراكز‭ ‬توزيع‭ ‬وأغلبها‭ ‬قامت‭ ‬بتغيير‭ ‬نشاطها‭. ‬

‮«‬السوشيل‭ ‬ميديا‮»‬‭ ‬سببت‭ ‬عزوف‭ ‬المتلقي‭ ‬عن‭ ‬الصحف‭ ‬المقروءة‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬كانت‭ ‬هنالك‭ ‬اشتراكات‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الشركات‭ ‬النفطية‭ ‬وأغلب‭ ‬الجهات‭ ‬العامة‭ ‬ولكن‭ ‬حالياً‭ ‬ورغم‭ ‬مخاطبتنا‭ ‬لهذه‭ ‬الجهات‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬ولكن‭ ‬للاسف‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬تجاوب‭ ‬اغلب‭ ‬الجهات‭ ‬الموردة‭ ‬لمواد‭ ‬التشغيل‭ ‬اصبحة‭ ‬متخوفة‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬لعدم‭ ‬انتظام‭ ‬التدفقات‭ ‬المالية‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬المالية

وأضاف‭ ‬الخميسي‭: ‬عملية‭ ‬توزيع‭ ‬الصحف‭ ‬داخل‭ ‬ليبيا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وسائل‭ ‬نقل‭ ‬لكي‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬التوزيع‭ ‬وحالياً‭ ‬غير‭ ‬متوفرة‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى