تناولت الندوة العديد من المحاور والمداخلات والفقرات التي أثراها الأدباء والدكاترة والمختصين في هذا المجال بدأ برنامجها العام بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، تلاها النشيد الوطني، ووقفت صمت وحداد على أرواح ضحايا الفيضانات بدرنة، ثم تلتها كلمة لمدير المشروع الوطني الدكتور النعمي العالم «عن دور الاعلام في تشكيل الوعي السياسي للشباب الليبي»
منذ أن عرفت المجتمعات الإنسانية الاستقرار والثبات، وبدأت مراحل الحياة المدنية، كانت في حاجة إلى تشابك المصالح والخدمات الاجتماعية، حيث بدأت علاقات العمل تأخذ مسارها في تكوين المجتمعات..
أطلقت المجتمعات العربية والليبية على العاملين في مجال تقديم الخدمة داخل المنازل مسميات عديدة منها «خدم المنازل وعمال منازل، والمدبرات والشغالات والمربيات».
هذه الظاهرة ليست بالجديدة فقد عرف عن أسر الليبيين خاصة «ميسوري» الحال منهم توظيف العمالة من الجنسيات الليبية والعربية والأفريقية والآسيوية .
وعمل القانون الليبي، على تهذيب لفظ «الخدم» إلى «مدبرات»، كما حدّد شروط التوظيف، حيث نصت المادة (85) من قانون العمل رقم 12 لسنة 2010، أن:»البيت يخدمه أهله، ولا يجوز الإذن بممارسة تقديم الخدمة المنزلية للأسرة إلا للضرورة القصوى وفي الحالات التالية.
1-عجز الأب أو الأم عن القيام بالرعاية المطلوبة نتيجة المرض أو كبر السن دون وجود من يقوم برعايتهما من أفراد الأسرة.
2-إذا كان بالأسرة طفل به إعاقة جسدية أو تخلف عقلي أو عجزت الأم عن تربيته، 3–إذا كان عدد أفراد الأسرة لا يقل عن سبعة أفراد، 4–إذا كانت الأم عاملة وغير قادرة على رعاية أسرتها، ويثبت توفر الحالات المشار إليها في البنود السابقة بناء على بحث اجتماعي وصحي» .
القانون حدّد أيضاً في نص المادة (86) أعمال الخدمة المنزلية، والتي شملت أعمال الطعام والشراب وتقديمه، والأعمال المنزلية العادية التي تلزم لإعداد المسكن وتنظيفه، والأعمال المنزلية العادية التي تلزم لإعداد المسكن وتنظيفه، والأعمال الشخصية للمعاقين وكبار السن والمرضى والأطفال، وأعمال البوابين والسائقين والغسالين» .
قانون العمل الليبي وبحسب نصوصه ضمن حقوق عامل الخدمة المنزلية، واشترط،»أن يكون تقديم الخدمة المنزلية بموجب عقد عمل مبرم بين طرفي العلاقة يعتمد من الجهة المختصة يحدد واجبات وحقوق العامل بصورة صريحة وشروط وظروف العمل لأخرى وتوفير الإقامة والواجبات الغذائية إذا كان أداء الخدمة لكل الوقت» .
كما راعت نصوص القانون الجانب الإنساني في المعاملة ونصت المادة رقم (93) أنه» يجب على صاحب العمل أن يعامل عامل الخدمة المنزلية معاملة تتفق والمعاملة الإنسانية حيث لا تجوز إهانته أو إذلاله سواء كان ذلك بالقول أو الفعل، ولا يجوز لصاحب العمل أن يشغل عامل الخدمة المنزلية في الأعمال الشاقة أو الخطرة وبطريقة مخالفة لما هو محدد بالعقد المبرم بين الطرفين» .
وألزم القانون، صاحب العمل بالمساواة بين من يعملون لديه في الخدمة المنزلية والفئات الأخرى من العمال وتسري عليهم جميع النصوص الواردة بهذا القانون وبوجه خاص فيما يتعلق بحق الانضمام إلى نقابات العمال المختصة، والتمتع بالحماية في مجال الضمان الاجتماعي والحد الأدنى لسن العمل والراحة الأسبوعية أو الإجازة وحماية الأمومة والحد الأدنى لمقابل العمل .
وتتلخص علاقة وزارة العمل بمدبرات المنازل في قبول طلبات المواطنين في رغبتهم في استجلاب عاملة أو عامل داخل المنزل، حيث يطالبه مكتب العمل بإحضار مصوغات معينة فرضها قانون العمل الليبي في هذا الخصوص، ومن بينها أن يكون عدد أفراد الأسرة كبير وأن الأب والأم يعملان أو أن أحد الأفراد مقعد..
وبعد التحقق من مطابقة المتقدم لشروط استجلاب مدبر أو مدبرة يتحصل على موافقة، وتقوم مصلحة الجوازات والجنسية بإبراقها إلى سفارة الدولة المحدد منها استجلاب المدبر أو المدبرة للحصول على موافقة بالدخول إلى الأراضي الليبية، وبعد وصولها نطلب من المواطن إبرام عقد عمل وإتمام إجراءات الإقامة للمدبرة مع مصلحة الجوازات والجنسية..
وخلال عامي 2018 و2019، شهدت مكاتب العمل التابعة للوزارة ضعفاً في الإقبال على استجلاب العمالة عن طريقها، إلا أن مكاتب الاستجلاب الخاصة لا تمت بأي صلة لوزارة العمل ولا سلطة للوزارة عليها..
وكانت وزارة العمل في حكومة آنذاك، قد أوضحت أن الوزارة لم تمنح أي تراخيص للمكاتب الخاصة باستجلاب العمالة، كما أن هذه المكاتب لا تملك أذونات ممارسة لمثل هذا العمل.. حيث أن معظم مكاتب الاستجلاب الخاصة تتحجج بأن لديها الأذن باعتبارها مكاتب خدمات عامة، وأن من بين الخدمات التي تقدمها «تجارة أو استجلاب عمالة»، ولكن قانونياً لم يمنح هذا الاختصاص لأي جهة..
ومعلوم أن الكثير من العاملات الموجودات في ليبيا، موجودات عن طريق الهجرة غير الشرعية، وهذا ما دفع بعدد من الدول إلى منع دخول مواطنيها إلى ليبيا، مثل أثيوبيا ومصر والفيلبين وبنغلاديش..
وتم حينها فتح ما يعرف بباب التعاقد من الداخل واتخاذ الإجراءات القانونية، والمهم أن يكون لدى العامل جواز سفر سليم وساري المفعول، وذلك نظراً لظروف الاحتياج في سوق العمل..
وبلغت إحصائية عدد العاملات المسجلات في وزارة العمل، في ذلك الوقت، لا يتعدى 5000 عاملة منازل من جنسيات عربية وأفريقية مختلفة، إلا أن العدد أكبر من ذلك بكثير، وذلك لتهرب بعض من المواطنين من المسؤولية القانونية في حال عدم دفع مستحقات العامل أو العاملة..
مصلحة الجوازات والجنسية وشؤون الأجانب فرع بنغازي، أوضحت حينها، إن المصلحة توقفت منذ العام 2018 عن استقبال إجراءات «مدبرات المنازل» لانتقال الاختصاص إلى لجنة تنظيم العمالة الوافدة..
وأكدت أن عمل مكاتب الاستجلاب الخاصة غير مشروع، ولا يتم التعامل معها، بناءً على موافقة تصدر من مكتب العمل في مدينة بنغازي بخصوص أن المواطن يستحق أن يستدعي مدبرة منازل وفقاً للشروط التي نص عليها قانون العمل الليبي» .
وكانت المصلحة تقوم بأخذ موافقة مكتب العمل ومعها إثبات هوية المدبرة ويتم البحث عنها في المنظومة الخاصة المربوطة بجميع السفارات والقنصليات الليبية في دول العالم ومخاطبتهم، وأن الموافقة تسلم إلي المصلحة عن طريق مندوب من مكتب العمل .
ودور مصلحة الجوازات هو إحالة الموافقة بناءً على عرضها على المدير العام بالمصلحة، وهي ركيزة الدخول، يشرف على منظومة تأشيرات الدخول للعمالة مجمع، والإشراف العام عليها من مهام مدير المصلحة وموزعة على جميع فروع المصلحة داخل الدولة الليبية.
وبعد الموافقة على منح التأشيرة من قبل السفارة وبعد أخذها دورتها الأمنية، نأخذ رقم الكود الخاص بالتأشيرة نطبعه موجها إلى السفارة الليبية في الدولة المرغوب في استقدام عاملة أو مدبرة منها تتضمن اسم الجهة أو الداعي نوع التأشيرة عمل أو غيرها، ونعطيه للمواطن الراغب في استقدام العاملة أو المدبرة، وعليها رسوم سيادية بسيطة..
وبعد دخول المدبرة إلى الأراضي الليبية، يجب ربطها بإقامة وفقاً لقانون الجوازات في كل دول العالم، كما أن مدة التأشيرة الممنوحة 90 يوماً يتم خلالها إتمام إجراءات الإقامة وإجراء كشف طبي «شهادة صحية» ومراعاة خلوها من الأمراض، وتمنح إقامة عمل مدتها سنة..
وتعتبر وظيفة خدم المنازل من الوظائف الشائعة في العالم منذ القدم، ففي العصور القديمة كان العبيد والجواري، الذي يعتبروا مملوكين لرب العمل دون أدنى حقوق، الا ان تطور المجتمعات الإنسانية، وتقنين علاقات العمل، وتحريم العبودية، الغى الاتجار في البشر وامتلاكهم وحرمه، وصارت تلك الوظائف كغيرها من الوظائف لها قوانين ولوائح، تنظم الحقوق والواجبات بين العامل ورب العمل..
إلا أن الهجرة غير الشرعية، وحالات الاحتياج المادي، تجعل من بعض أولئك العاملين في خدمة المنازل يتنازلون، او يقبلون بظروف عمل لا تضمن حقوقهم ولا تراعي ادميتهم..