الكائن المهووس بالركض.. لنجاح مصدق
اثناء جلوسي على كرسي الانتظار في احدى المصحات الخاصة بالعاصمة طرابلس وانا انتظر كالبقية الاذن بالدخول اذا ما حان دوري لفتت انتباهي سيدة كان يبدو على وجهها العجلة والتوثر بعد ان تحدثت الى الممرضة وجدت مكانا لها بالقرب مني كانت تجري مجموعةاتصالات متلاحقة وتفتح حقيبتها اثناء المحادثة اكثر من مرة تمسك بابنتها وهي تتحدث تحاول لملمة شعرها المنكوش بكفيها تنهض لتحدث الممرضة اكثر من مرة وهي تاكد لها بانها قد جاءت منذ الصباح باكرا قبل حضور الطبيب فلماذا تاخر دورها ؟
عندما جلست للمرة الرابعة بقربي التفتت تجاهي وانفاسها تكاد تنقطع لتقول :الحيي جري فجري وانهالت بقصصها عليّ ومهمامها التي لم تكن مجبرة لتخبرني بها و عن ركضها من قبل الفجر للصلاة لتوضيب البيت لتجهيز الافطار واخراج اللحم من درج الثلاجة كعادة اغلب السيدات الليبيات لتحضير الغذاء لملاحقة زمن دوامها واخذ الاذن بالخروج لزيارة الطبيب الى مرورها على بيت اهلها لتضع طفليها هناك قبل حلول الثامنة والنصف انقطع استرسالها مع سماع نداء الممرضة لها غادرتني تاركة مكانها الذي لا اعتقد انه استطاع ان يحدد ثقلها او يحبس داخله حرارة جسمها من سرعة حركتها وركضها رغم الجلوس المفترض عندما ذهبت استغرقت في التفكير في هذا الكائن المهووس بالركض لملاحقة الزمن ربما لمسابقة المهام للظفر بلحظات اكبر للراحة نهاية النهار او للدخول في متوالية الروتين المتكرر لملاحقة لاشي ءجديد سوى التكرر مع استنزاف كل هذه الطاقة وهذا الركض
نحن كائنات مستنزفة بالكاد نستثمر جزءا لايذكر من طاقاتنا لاحياء العالم او مساندة الطبيعة او التفكير في وجود بدائل افضل من االوقود الاحفوري لتحريك عجلة الحياة بمافيها وزاد انغماسي في الفكرة ان الانسان رغم كل سعيه ولاهاته يعد كائنا بطئا جدا اذا ما قورن بونيسه على هذا الكوكب اذ ان متوسط سرعة الجامايكي يوسين بولت والذي يعد اسرع انسان في التاريخ يعادل37.6كم في الساعة اذا ما قورن بالفهد الذي يركض بسرعة 112كم في الساعةوقدرت اقصى سرعة للانسان ب40.35فقط في الساعة هذا اقصى مايمكن ان يصل اليه الانسان في حياته من سرعة في الساعة الواحدة ورغم هذا لا يمكنه استخدام هذه الطاقة الا في نطاق ضيق ولا يتعدى الدوران في انجاز مهام يومية تصيبه بالملل والكسل واحيانا تدفعه للجلوس يوما كاملا بلا حراك كمكافأة له عن كل هذا الركض نهاية الاسبوع والذي لن تستفيد منه البشرية جديدا.
بالرغم من ان جسم الإنسان مورد فعال لإنتاج الطاقة وحصدها، بشتى أنواعهافعلى عكس وسائل حصد الطاقة الأخرى، تولّد أجسامنا الطاقة وتنشرها في البيئة المحيطة طوال الوقت. فمثلاً يولد جسم الإنسان قدرة بمعدل 81 واط أثناء النوم، و 116 واط أثناء الجلوس وأكثر من ذلك بقليل 128 واط خلال المحادثات أو تناول الطعام أو حتى الوقوف باسترخاء. ويولد قدرة أكبر من ذلك أثناء قيامه بنشاطات بدنية شاقة. إذ إن أحدنا مثلاً يولد قدرة بمعـدل 350 واط عند المشي بسرعـة متوسطة وأكثر من 580 واط أثناء السباحة. وقد يصل معدل القدرة التي ينتجها الفرد إلى أكثر من 1600 واط خلال ممارسة النشاطات البدنية العنيفة
تخيلت لو انه_ونحن نمشي وناكل ونتنفس ونعمل وننظف ونقود سياراتنا كل يوم _لون ان هناك مصرفا لتحصيل الطاقة المندفعة من اجسامنا على مدى اليوم نزوره مساءا او نتواصل معه باي ثقنية حديثة يمكن ان يوظفها العالم المنغمس بالتفكير والتحدي والمواكبة ليحصد طاقتنا ويمنحنا مقابلها كهرباء وانترنت وبنزين و عطور لو انه موجود لربما لم تغب الكهرباء يوما عن بيوتنا ولما خلصت بطاريات هواتفنا ولا احتجنا الى شواحن لربما كان لركض السيدة جدوى اكبر وفائدة اعمق من كل هذا الهووس المحموم بالركض اللا مفيد.