
أيام قليلة تفصلنا عن عيد الفطر المبارك بعد انقضاء شهر رمضان وما حمله من روحانيات وطاعات هذه المناسبة الدينية العظيمة التي تضفي على تفاصيل حياتنا سنويا جملة من الفرح والبهجة والسرور وهو ما يجعل من العيد أهم المناسبات الدينية والاجتماعية في ليبيا، حيث يحتفل به الليبيون بعادات وتقاليد متوارثة تعكس قيم التآخي والمحبة والتكافل الاجتماعي. ويحرص الجميع على الالتزام بطقوس العيد التي تبدأ من الأيام الأخيرة من شهر رمضان، حيث يطغى على الأجواء الفرح والود بين أفراد المجتمع.
ففى ليبيا تبدأ التحضيرات لعيد الفطر قبل أيام من حلوله، فتبدأ المرأة الليبية بممارسة طقوسها الخاصة لاستقبال هذه الأيام المباركة بتنظيف وتزيين المنزل حيث تحرص العائلات على تنظيف منازلها وتعطيرها بالبخور والوشق والعود والمباخر الجميلة وتجهيز غرف الاستقبال للضيوف.وشراء الملابس الجديدة والتى تُعد من أساسيات العيد، حيث يشتري الأطفال والكبار ملابس العيد احتفاءً بهذه المناسبة السعيدة.
ناهيك عن إعداد الحلويات التقليدية حيث تقوم النساء بتحضير المقروض، الكعك، الغريبة، والقرينات، وهي حلويات تُقدم للضيوف مع القهوة والشاي خلال أيام العيد.«على الرغم من دخول العديد من الأصناف الجديدة» حيث تحرص الليبيات على تهيئة منازلهن بشراء النواقص، وتغيير بعض المفروشات والنظافة العامة. وليلة العيد يضعن اللمسات الأخيرة ليصبح البيت جاهزا للاستقبال. وفي الماضي القريب كانت النساء يتجمعن في أحد بيوت الجارات لإعداد الحلويات، ويحمل الأطفال سفر الحلويات إلي المخابز العامة في جو من البهجة، ولا أنسي هذه المتعة لأني عشتها فى طفولتى رفقة أطفال الحى وهم متجهون لكوشه عمى الشاوش ولكن هذه العادة أصبحت من الماضي.. وكانت الأمهات تعمل علي تزيين كفوف بناتهن بالحناء الحمراء الجميلة .أما الرجال، فمهمة البعض تنظيف المساجد والساحات وتفريشها لساعات المتأخرة من ليلة العيد لاستقبال يوم العيد الذى يبدأ بالتكبير من مكبرات المساجد، صوت التكبير له وقع طيب مهيب في نفوسنا، ولعل هذه التجهيزات تكون سببا فى ازدحم السوق الليبي في الأيام الأخيرة من رمضان، حيث يشتري الناس المكسرات، التمور، والهدايا الخاصة بالعيد، خاصة التى توزع على الأطفال يوم العيد.
ومن الاشياء المهمة التي يحرص عليها الليبيون في نهاية رمضان، حيث يتم توزيع الزكاة على الفقراء قبل صلاة العيد لضمان استفادتهم منها في الوقت المناسب.
وفي ليلة العيد، تعم الفرحة البيوت الليبية، حيث يجتمع أفراد العائلة لتجهيز ملابس العيد وترتيب المنزل.
تزداد التكبيرات في المساجد، مما يضفي إحساسًا مميزًا بقدوم العيد.
وتستمر بعض العائلات في تحضير الطعام، بينما يحرص البعض على التواصل مع الأقارب والأصدقاء لتهنئتهم بالعيد.وفى هذه الليله بالذات لا يعرف النوم طريقا للبيوت الليبية
ومع شروق شمس العيد، يستيقظ الليبيون مبكرًا للالتقاء في المساجد و الساحات العامة والمفتوحة لاجل صلاه العيد وهم يرتدون الزي الليبي باختلاف انواعها وتصافحون ويلتقطون الصور التذكاريه لهذا اليوم المبارك وهم يرددون والابتسامه تعلو وجوههم بعبارات اسميها وراثيه ثورتناها من الاجداد مثل «من العايدين الفائزين» و «عيادي وسنين دائمة» و «عقبال داير» حيث يجتمع الرجال والأطفال والكبار في جو من الفرح والتكبير.
بعد الصلاة، يتبادل الناس التهاني والدعوات الطيبة، مثل:
”عيدك مبارك””كل عام وأنت بخير”
”تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام”
في كرنفال تراثي دلالة على التمسك بتفاصيل العيد على الطريقة الليبية كما عرفناها وعرفها آباؤنا و اجدادنا وهو ما يترجم علاقه الليبيين ومدى تمسكهم بالعادات والتقاليد ولعل اهمها لبس الزبون الجميل الذي من شدة جملة تهافت على ارتداءه رجال الدول الاخرى
ومن العادات المتوارثة بعد صلاة العيد يقوم الكثير من الليبيين بزيارة المقابر للدعاء للأموات وقراءة الفاتحة، وهي عادة متأصلة تعكس الوفاء والتقدير للأجداد والأقارب المتوفين.
ويُعتبر العيد مناسبة للتواصل وصلة الرحم، حيث تقوم العائلات بزيارة الأقارب والجيران والأصدقاء لتبادل التهاني.
واهم ما يميز المجتمع الليبي والحمد لله هو الاجتماع العائلي المبهج اول الايام العيد في بيت الجد للإفطار والغداء حيث يحرص الليبيون على التجمع في منزل الجد أو كبير العائلة، حيث يتم تقديم الحلويات التقليدية والمشروبات مثل القهوة العربية والشاي الأخضر بالنعناع.
و يزور الشباب كبار السن في العائلة لإظهار الاحترام والتقدير، كما يتبادلون العيديات والهدايا مع الأطفال الذين يرتدون الثياب الجديدة وكفوف البنات تتزين بالحناء الحمراء الجميلة التي تضيف جمالا من نوع خاص عليهن توحي بعادات ليبية قديمة .حيث ينتظر الأطفال العيد بفارغ الصبر للحصول على العيدية، وهي مبالغ مالية بسيطة يمنحها لهم الأهل والأقارب فالمصلون يحملون مبالغ لإعطائها لكل من يقابلهم. فبعد الصلاة تطوف أسراب الأطفال بلباسهم الجديد وكامل زينتهم للبيوت وأخذ العيدية. وهنا تتنوع العيدية بين نقدية وعينية؛ ألعاب، سكاكر. في غدامس توزع قلية وهي قمح وسمسم وكتان محمص وسكاكر ملونة
وتختلف أكلات العيد بين المدن الليبية، لكن معظم العائلات تبدأ يوم العيد باعداد العصيدة والرُب او الزبدة والعسل اما الغذاء فى المنطقة الغربية فمن عادات اهل طرابلس خاصه سوق الجمعه وتاجوراء وما حولهما يكون وجبه فاصوليا باللحم الوطنى وفي المدينه القديمه ومحيطها فلازال محتفظين بفطور على الحوت «السمك»، والبعض يفطر علي 7 زبيبات. وتكون المائدة مجهزة بكل أصناف الحلويات التقليدية: البقلاوة والمقروض والغريبة الدبلة والكعك والفطيرة بالعسل والقهوة والشاي والمشروبات علي مدار اليوم والغداء على فاصوليا بالكوكلة والمبطن والكفته الطرابلسيه بالبصلة. وعادة الفطيرة كانت تجهز في الساعات الأخيرة من ليلة العيد.
وفى بعض المناطق الاخرى يكون الغذاء كسكسي باللحم او بازين في بعض المناطق،.أما المناطق الجبلية فغدائهم، فتات أو بازين، ويفطرون علي الخبز المخمر خبزة التنور. أما المناطق الصحراوية؛ فغداء أهالي الطوارق الملوخية، أما أهالي أوباري فطبقهم مرق لحم الضأن وخبر التنور. أهالي القطرون في أقصي الجنوب يفطرون علي التمر المطحون بالارابا، وهي مستخلص من الحنظل المر. أهالي المناطق الشرقية يفطروا علي العصيدة بالرب مباشرة عقب عودتهم عقب الصلاة.
والحمد الله فى ليبيا يُعتبر العيد فرصة لتعزيز قيم التضامن والتكافل، حيث تقوم الجمعيات الخيرية بتوزيع الملابس والمواد الغذائية على الفقراء.
يحرص بعض الليبيين على إعداد وجبات العيد وتوزيعها على الجيران أو العائلات المحتاجة، مما يعكس روح التعاون والمحبة.
ويظل عيد الفطر في ليبيا مناسبة مليئة بالفرح والمحبة، حيث يتمسك الليبيون بتقاليدهم الأصيلة، سواء في الزيارات العائلية، صلاة العيد، تحضير الأطعمة التقليدية، أو تقديم العيديات للأطفال. وعلى الرغم من تطور الحياة، تبقى الروح الاجتماعية والأجواء الاحتفالية من أجمل ما يميز العيد في ليبيا، حيث يجتمع الناس على الفرح والتآخي في هذه المناسبة المباركة .