زووم

المافيا .. و الحق العام

منى الساحلي

‮ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬فصل‭ ‬الصيف‭ ‬وبدء‭ ‬موسم‭ ‬الاصطياف‭ ‬تبدأ‭ ‬رحلة‭ ‬المواطن‭ ‬الليبي‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مكان‭ ‬مناسب‭ ‬لقضاء‭ ‬عطلته‭ ‬الصيفية‭ ‬داخل‭ ‬حدود‭ ‬وطنه‭ ‬وحسب‭ ‬امكاناته‭ ‬وعلى‭ ‬امتداد‭ ‬الساحل‭ ‬الليبي‭ ‬من‭ ‬زوارة‭ ‬الى‭ ‬صبراتة‭ ‬وطرابلس‭ ‬والخمس‭ ‬وزليتن‭ ‬ومصراته‭ ‬الى‭ ‬ماشاء‭ ‬الله‭ ‬المنطقة‭ ‬الشرقية‭ ‬بطبيعتها‭ ‬الخلابة‭ ‬من‭ ‬طبرق‭ ‬الى‭ ‬راس‭ ‬الهلال‭ ‬الى‭ ‬بحر‭ ‬راس‭ ‬التين‭ ‬شرق‭ ‬مدينة‭ ‬درنة‭ ‬وسوسه‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الكهوف‭ ‬البحرية‭ ‬الخلابة‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬شواطئ‭ ‬الجبل‭ ‬الأخضر‭ ‬،‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الخيرات‭ ‬والثروات‭ ‬في‭ ‬الشواطئ‭ ‬الليبية‭ ‬التي‭ ‬بطول‭ ‬563‭ ‬كيلو‭ ‬متر‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تستغل‭ ‬بالشكل‭ ‬الصحيح‭ ‬تبدأ‭ ‬مراسم‭ ‬انطلاق‭ ‬السباق‭ ‬الماراثوني‭ ‬لجني‭ ‬الأموال‭ ‬السريع‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الخيرات‭ ‬الربانية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬ملك‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬اصحاب‭ ‬الحضوة‭ ‬وعلى‭ ‬حساب‭ ‬خزينة‭ ‬الدولة‭ ‬وجيب‭ ‬المواطن‭ ‬الليبي‭ ‬الغلبان‭ ‬فمع‭ ‬بداية‭ ‬فصل‭ ‬الاصطياف‭ ‬وتحديداً‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬شهر‭ ‬أبريل‭ ‬يبدأ‭ ‬عمل‭ ‬اصحاب‭ ‬نظرية‭ ‬الربح‭ ‬السريع‭ ‬بتجهيز‭ ‬المصائف‭ ‬والخيام‭ ‬والعرائش‭ ‬والمظلات‭ ‬التي‭ ‬ماهي‭ ‬إلا‭ ‬حزمة‭ ‬من‭ ‬الجريد‭ ‬اليابس‮ ‬‭ ‬مرفق‭ ‬بأربع‭ ‬كراسي‭ ‬وطاولة‭ ‬بلاستيكية‭ ‬تتراوح‭ ‬اسعارها‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬الى‭ ‬80‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬الايام‭ ‬العاديه‭ ‬اما‭ ‬عن‭ ‬الخميس‭ ‬والجمعة‭ ‬فلا‭ ‬تسأل‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الراتب‭ ‬في‭ ‬الجيب‭ ‬،‭ ‬اما‭ ‬عن‭ ‬الشاليهات‭ ‬والاستراحات‭ ‬فتبداء‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬الى2800‭ ‬والاغرب‭ ‬سعر‭ ‬الكوخ‭ ‬فى‭ ‬احد‭ ‬المصائف‭ ‬القريبة‭ ‬بي‭ ‬700‭ ‬دينار‭ ‬لليوم‭ ‬الواحد‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬رسوم‭ ‬الدخول‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الاماكن‭ ‬الى‭ ‬50‭ ‬دينار‭ ‬واكثر‭ ‬للفرد‭ ‬الواحد‭ !!!‬

‮ ‬نعم‭ ‬إنها‭ ‬أرقام‭ ‬مخيفة‭ ‬ومخجلة‭ ‬وهذا‭ ‬كله‭ ‬يأتي‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬يقوم‭ ‬تجار‭ ‬الموسم‭ ‬برسم‭ ‬حدود‭ ‬مكانهم‭ ‬على‭ ‬الشاطئ‭ ‬وتسميته‭ ‬بالأسم‭ ‬الذي‭ ‬يحلو‭ ‬له‭ !! ‬والمضحك‭ ‬المؤسف‭ ‬هو‭ ‬إنشائهم‮ ‬‭ ‬كذلك‭ ‬لمواقف‭ ‬سيارات‭ ‬المواطنين‭ ‬الداخلة‭ ‬الى‭ ‬المصيف‭ ‬وبرسوم‭ ‬يحددها‮ ‬‭ ‬المستغل‭ ‬ولن‭ ‬اقول‭ ‬التجار‭ ‬وهو‭ ‬استغلال‭ ‬صريح‭ ‬وغير‭ ‬مشروع‭ ‬مقابل‭ ‬خدمة‭ ‬وهمية‭ ‬وكأن‭ ‬الشاطئ‭ ‬ورثة‭ ‬الخاص‭ ‬ضارب‭ ‬بعرض‭ ‬الحائط‭ ‬قوانين‭ ‬ونظم‭ ‬الحق‭ ‬العام‭ ‬فلا‭ ‬يحق‭ ‬لأحد‭ ‬الانتفاع‭ ‬ولو‭ ‬بمساحة‭ ‬شبر‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أراضي‭ ‬الدولة‭ ‬ومنع‭ ‬مواطنيها‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الانتفاع‭ ‬المجاني‭ ‬بها‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الزحف‭ ‬الجديد‭ ‬وهو‭ ‬زحف‭ ‬الشاليهات‭ ‬والمنتجعات‭ ‬البحرية‮ ‬‭ ‬الفخمة‮ ‬‭ ‬والاستراحات‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬فاقت‭ ‬اسعارها‭ ‬أعظم‭ ‬الدول‭ ‬السياحية‭ ‬العالمية‭ ‬

ولهذا‭ ‬وكلما‭ ‬اقترب‭ ‬الصيف‭ ‬اقترنت‭ ‬معه‮ ‬‭ ‬مخاوف‭ ‬المواطن‭ ‬الليبي‭ ‬ككل‭ ‬عام‭ ‬بزيادة‭ ‬الأسعار‭ ‬و‭ ‬تضخيمها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مستغلين‭ ‬الشواطئ‭ ‬المستفيدين‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الحظوة‭ ‬طبعاً‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬محدودين‭ ‬الدخل‭ ‬يحرمون‭ ‬هم‭ ‬وأولادهم‭ ‬من‭ ‬حقهم‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬الاستمتاع‭ ‬بثروات‭ ‬وجمال‭ ‬بلادهم‭ ‬وحق‭ ‬ملكيتهم‭ ‬العامه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الشواطئ‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬الى‭ ‬مزادات‭ ‬وملكية‭ ‬خاصة‭ ‬ولم‭ ‬يتركوا‭ ‬حتى‭ ‬متر‭ ‬يفترشه‭ ‬المواطن‭ ‬الغلبان‭ ‬بقطعة‭ ‬حصير‭ ‬على‭ ‬الرمل

إن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬شواطئنا‭ ‬من‭ ‬تحولها‭ ‬الى‭ ‬ملكية‭ ‬خاصة‭ ‬بات‭ ‬امر‭ ‬معيب‭ ‬ومخجل‭ ‬في‭ ‬حقنا‭ ‬وحق‭ ‬سلطاتنا‭ ‬الرقابية‭ ‬و‭ ‬المركزية‭ ‬والمحلية‭ ‬عند‭ ‬ما‭ ‬تحولت‭ ‬هذه‭ ‬السواحل‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬مصائف‭ ‬داخل‭ ‬أسوار‭ ‬و‭ ‬استراحات‭ ‬وشاليهات‭ ‬وأكواخ‭ ‬يملكها‭ ‬أفراد‭ ‬معلمون‭ ‬طبعاً‭ ‬يأجرونها‭ ‬بأرقام‭ ‬فلكية‭ ‬ومخيفه‭ ‬تفتقرها‭ ‬حتى‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬وهدا‭ ‬كله‭ ‬حتماً‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬تفعيل‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تضبط‭ ‬وتلجم‭ ‬كباح‭ ‬تغولها‭ ‬

فهذه‭ ‬المساحات‭ ‬الشاسعة‭ ‬التي‭ ‬تمتد‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الشاطئ‭ ‬الليبي‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تستغل‭ ‬بالشكل‭ ‬الأمثل‭ ‬والمناسب‭ ‬لتلبية‭ ‬حاجة‭ ‬المواطنين‭ ‬للترفيه‭ ‬في‭ ‬موسم‭ ‬الصيف‮ ‬‭ ‬والذي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬تفعيل‭ ‬وتنشيط‭ ‬السياحة‭ ‬الداخلية‭ ‬وخاصة‭ ‬الموسمية‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬رافد‭ ‬من‭ ‬روافد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‮ ‬‭ ‬وبالتالي‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬انعكاس‭ ‬إيجابي‭ ‬على‭ ‬خزينة‭ ‬الدولة‭ ‬لو‭ ‬سلمت‭ ‬زمام‭ ‬الامور‭ ‬الى‭ ‬الوكالات‭ ‬السياحية‭ ‬التابعة‭ ‬لوزارة‭ ‬السياحة‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الوكالات‭ ‬لها‭ ‬التزام‭ ‬مباشر‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيسمح‭ ‬بالضرورة‭ ‬بانطلاق‭ ‬اليد‭ ‬الرقابيه‭ ‬على‭ ‬المصائف‭ ‬والمنتجعات‭ ‬السياحية‭ ‬والشاليهات‭ ‬والاستراحات‭ ‬وتحويل‭ ‬المستغل‭ ‬البلطجي‭ ‬الى‭ ‬مستثمر‭ ‬تحت‭ ‬طائلة‭ ‬القوانين‭ ‬العامة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى