الطلاقُ أبغض الحلال وانفراط لعقد الزوجية وتناثر مكونات الأسرة، فطلاق الزوجين بداية التيه للأبناء ومصيرهم في هذه الحياة دون مظّلة تحميهم طريق الضياع وأكثر الفترات العصيبة في مسيرة الطلاق هو التي تكون فيها القضية منظورة أمام المحاكم؛ فالزوج أخلى مسؤوليته عن أسرته التي انفرط عقدها .. والزوجةُ عادت إلى بيت الأهل ليس كما خرجتْ منه بل محملة بعبء الأبناء لتكون وإياهم عبئاً على أهلها .. فماذا لو كانتْ تلك الزوجة غير عاملة، ولا دخل مادي لها؟!.
فكثيرٌ من الآباء وأثناء تداول قضية الطلاق أمام المحاكم لا يلون أبناءهم أدنى اهتمام فلا يقومون بالصرف على احتياجاتهم من مأكل وملبس، وتعليم، وعلاج.. ولا يتابعون أحوالهم وأوضاعهم .
والمطلقةُ في نظر المجتمع نذير سوء فلا شفقة، ولا رحمة، ولا عطف على المطلقات والجميع لسان حاله أنها هي المذنبة، والمقصرة وهي التي هدمت جدران بيتها .. وهنا تتضح العنصرية والتمييز اللذين يمارسهما المجتمع على المطلقات، وذلك عكس ما يحدث مع الأرامل إذ يتولى المجتمع الازمة وأبناءها بالدعم والرعاية والعطف وهذا أمر راسخ في الوعي الجمعي للمجتمع وأسهمت الدولة كمؤسسات فيه .
ورغم أن المجتمع من خلال صندوق التضامن الاجتماعي جعل للمطلقة إعانة شهرية تعينها على تصاريف الحياة ومعيشة أبنائها إلا أنه لم يأخذ فترة نظر قضية الطلاق أمام القضاء بعين الاعتبار، وهذه الفترة قد تقصر وقد تطول، وتتجاوز أحياناً وحتى الأربع سنوات دون النطق بالحكم النهائي .. فما بالك بزوجة لا دخل مادي لها وأبناء لهم احتياجات يومية وزوجها الذي يريد طلاقها أخلى مسؤولية.. ناهيك عن مصاريف المحاماة فأين المجتمع والدولة بمؤسساتها من كل هذا؟ أليس هذا ظلم يقع على المطلقة زيادة على الظلم الواقع عليها من طليقها والمجتمع!!.
والمطلقة حتى بعد حصولها على حكم الطلاق، وفي مسيرة تجميع شتات نفسها، لأجل العبء المحملة به من أبناء تخلى عنهم والدهم تعاني الأمرين من الأسرة والمجتمع بفرضهم قيود تجعل منها إنسانة ناقصة الأهلية.