إجتماعي

المطلقة في نظر المجتمع

فايزة العجيلي

الطلاقُ‭ ‬أبغض‭ ‬الحلال‭ ‬وانفراط‭ ‬لعقد‭ ‬الزوجية‭ ‬وتناثر‭  ‬مكونات‭ ‬الأسرة،‭ ‬فطلاق‭ ‬الزوجين‭ ‬بداية‭ ‬التيه‭ ‬للأبناء‭ ‬ومصيرهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬دون‭ ‬مظّلة‭ ‬تحميهم‭ ‬طريق‭  ‬الضياع‭ ‬وأكثر‭ ‬الفترات‭ ‬العصيبة‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬الطلاق‭ ‬هو‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬فيها‭ ‬القضية‭ ‬منظورة‭ ‬أمام‭ ‬المحاكم؛‭ ‬فالزوج‭ ‬أخلى‭ ‬مسؤوليته‭ ‬عن‭ ‬أسرته‭ ‬التي‭ ‬انفرط‭ ‬عقدها‭ .. ‬والزوجةُ‭ ‬عادت‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬الأهل‭ ‬ليس‭ ‬كما‭ ‬خرجتْ‭ ‬منه‭ ‬بل‭ ‬محملة‭ ‬بعبء‭ ‬الأبناء‭ ‬لتكون‭ ‬وإياهم‭ ‬عبئاً‭ ‬على‭ ‬أهلها‭ .. ‬فماذا‭ ‬لو‭ ‬كانتْ‭ ‬تلك‭ ‬الزوجة‭ ‬غير‭ ‬عاملة،‭ ‬ولا‭ ‬دخل‭ ‬مادي‭ ‬لها؟‭!‬‭.‬

فكثيرٌ‭ ‬من‭ ‬الآباء‭ ‬وأثناء‭ ‬تداول‭ ‬قضية‭ ‬الطلاق‭ ‬أمام‭ ‬المحاكم‭ ‬لا‭ ‬يلون‭ ‬أبناءهم‭ ‬أدنى‭ ‬اهتمام‭ ‬فلا‭ ‬يقومون‭ ‬بالصرف‭ ‬على‭ ‬احتياجاتهم‭ ‬من‭ ‬مأكل‭ ‬وملبس،‭ ‬وتعليم،‭ ‬وعلاج‭.. ‬ولا‭ ‬يتابعون‭ ‬أحوالهم‭ ‬وأوضاعهم‭ .‬

والمطلقةُ‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬المجتمع‭ ‬نذير‭ ‬سوء‭ ‬فلا‭ ‬شفقة،‭ ‬ولا‭ ‬رحمة،‭ ‬ولا‭ ‬عطف‭ ‬على‭  ‬المطلقات‭ ‬والجميع‭ ‬لسان‭ ‬حاله‭ ‬أنها‭ ‬هي‭ ‬المذنبة،‭ ‬والمقصرة‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬هدمت‭ ‬جدران‭ ‬بيتها‭ .. ‬وهنا‭ ‬تتضح‭ ‬العنصرية‭ ‬والتمييز‭ ‬اللذين‭ ‬يمارسهما‭ ‬المجتمع‭ ‬على‭ ‬المطلقات،‭ ‬وذلك‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬مع‭ ‬الأرامل‭ ‬إذ‭ ‬يتولى‭ ‬المجتمع‭ ‬الازمة‭ ‬وأبناءها‭ ‬بالدعم‭ ‬والرعاية‭ ‬والعطف‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬راسخ‭ ‬في‭ ‬الوعي‭ ‬الجمعي‭ ‬للمجتمع‭ ‬وأسهمت‭ ‬الدولة‭ ‬كمؤسسات‭ ‬فيه‭ .‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صندوق‭ ‬التضامن‭ ‬الاجتماعي‭ ‬جعل‭ ‬للمطلقة‭ ‬إعانة‭ ‬شهرية‭ ‬تعينها‭ ‬على‭ ‬تصاريف‭ ‬الحياة‭ ‬ومعيشة‭ ‬أبنائها‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يأخذ‭ ‬فترة‭ ‬نظر‭ ‬قضية‭ ‬الطلاق‭ ‬أمام‭ ‬القضاء‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار،‭ ‬وهذه‭ ‬الفترة‭ ‬قد‭ ‬تقصر‭ ‬وقد‭ ‬تطول،‭ ‬وتتجاوز‭ ‬أحياناً‭ ‬وحتى‭ ‬الأربع‭ ‬سنوات‭ ‬دون‭ ‬النطق‭ ‬بالحكم‭ ‬النهائي‭ .. ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بزوجة‭ ‬لا‭ ‬دخل‭ ‬مادي‭ ‬لها‭ ‬وأبناء‭ ‬لهم‭ ‬احتياجات‭ ‬يومية‭ ‬وزوجها‭ ‬الذي‭ ‬يريد‭ ‬طلاقها‭ ‬أخلى‭ ‬مسؤولية‭.. ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬مصاريف‭ ‬المحاماة‭ ‬فأين‭ ‬المجتمع‭ ‬والدولة‭ ‬بمؤسساتها‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذا؟‭ ‬أليس‭ ‬هذا‭ ‬ظلم‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬المطلقة‭ ‬زيادة‭  ‬على‭  ‬الظلم‭ ‬الواقع‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬طليقها‭ ‬والمجتمع‭!!.‬

والمطلقة‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬حصولها‭ ‬على‭ ‬حكم‭ ‬الطلاق،‭ ‬وفي‭ ‬مسيرة‭ ‬تجميع‭ ‬شتات‭ ‬نفسها،‭ ‬لأجل‭ ‬العبء‭ ‬المحملة‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬تخلى‭ ‬عنهم‭ ‬والدهم‭ ‬تعاني‭ ‬الأمرين‭ ‬من‭ ‬الأسرة‭  ‬والمجتمع‭  ‬بفرضهم‭  ‬قيود‭ ‬تجعل‭ ‬منها‭ ‬إنسانة‭ ‬ناقصة‭ ‬الأهلية‭. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى