رأي

الهادي الرويمي.. مثال الترفّع عن الصغائر

أمين مازن

عندما اتخذ بعض الأعضاء الإشكال المتعلق بتشكيل اللجان و تضارب الرأي بين الإبقاء عليها كما شُكِّلَت في أول دورة أو الذهاب إلى تشكيلها من جديد فاتخذ منها بعض الأعضاء الذين لم تأت نتائج الإنتخابات المتعلقة بهيئة المكتب ولجان المجلس منسجمة مع رغباتهم مناسبة لإحراج الرئاسة و إظهارها بمظهر قد يمس ما كانت بحاجة إليه من الهدوء للإنصراف نحو ما هو أكثر أهمية لسيرة المجلس مما لم يعجز رئيس المجلس عن التصدي له، فإذا بالشيخ الرويمي ينأى بموقفه عن مثل هذه الوجهة غير الجدية فجاءت تدخلاته في اتجاه توحيد الكلمة و الإنصراف إلى ما يفيد الصالح العام بدل الإنجرار إلى تصفية الحسابات و وضع العصي في الدواليب الأمر الذي كان له أطيب الأثر في توحيد الجهود و إشاعة روح التعاون تلك التي تمت في وقت لاحق بانتقال الشيخ الهادي من السلطة التشريعية للولاية إلى التنفيذية فيها ألا و هي نظارة العدل التي هي وزارة الولاية إلى أن أمكن انتقاله إلى المحكمة العليا كما ألمحنا منذ قليل، و حسب المتابع أن يتوقف أمام السؤال الذي تقدم به الرجل حول إقدام سلطات الولاية على حضر توريد الدقيق في تلك الأيام و ما كان ينذر به من تمكن بعض التجار المتنفذين من قدرة على تطويع سياسة الإستيراد لصالح تجارتهم وفقاً لما يؤدي إليه تناقص المخزون من امكانية رفع الأسعار طبقاً لقاعدة الإختلال بين العرض و الطلب، الأمر الذي يتضح منه أن الرجل العائد من الدراسة الأزهرية و المشغول ربما بفكرة الدخول إلى كوادر السلطة لم يولِّ مصلحة الشعب الأدبار، و إنما ظل مثالاً للعنصر الحريص على أداء أمانته من دون أي افتتان بطموحه، بل أكثر من ذلك لم يتخل عن زملائه الذين أزعجهم ما أقدمت عليه يومئذ صحيفة الأخبار ،المُشَكَّك في صدق مهنيتها، من تشكيك في جدوى المجالس التشريعية باعتبارها واحدة من المصالح المُثقِلَة لكاهل الميزانية بمصاريفها و المعرقِلة لوحدة البلاد بوجودها، و قد أُشيع يومئذ أن الكتابة مُوعَز بها و ليست مجرد وجهة نظر لكاتب من الكُتَّاب قد لا تكون له المقدرة الكافية أو الموضوعية المطمئنة أو الإستقلالية السياسية، فكان تناول الشيخ الرويمي بياناً سياسياً بكل ما في كلمة بيان من المعاني و يكفي أن نقرأ له هذه الكلمات و هو يوجه خطابه إلى الحكومة  جامعاً بين الرد و التصحيح و التحريض: «نحن نرحب بحرية الصحافة و نود ألّا تكون للصحافة وحدها بل نريد أكثر من ذلك، نريد حرية الرأي و الفكر و الأحزاب و الإجتماعات و جميع الحريات، إننا هنا ندافع عن الحريات و نرحب بحرية الصحافة و لكن هناك فرق بين حرية الصحافة و بين الإعتداء و الحرية نظمها القانون و نص عليها و حث على احترامها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى