الاولىتقارير

الهجرة غير الشرعية وانعكاسها على الأمن القومي الليبي

الهجره‭ ‬غير‭ ‬الشرعية،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بـ«الهجرة‭ ‬السرية‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬الرسمية،‭ ‬ولها‭ ‬عده‭ ‬مسميات‭ ‬اخرى‭ ‬تختلف‭ ‬من‭ ‬بلد‭ ‬الى‭ ‬آخر‭ ‬وهي‭ ‬حركة‭ ‬نزوح‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬فقيرة‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬ذات‭ ‬فرص‭ ‬لحياة‭ ‬افضل‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬كريمة‭ ‬وتمر‭ ‬هذه‭ ‬الحركه‭ ‬بعدة‭ ‬مراحل‭ ‬منها‭ ‬دول‭ ‬العبور‭ ‬وبنظره‭ ‬عن‭ ‬حجم‭ ‬هذه‭ ‬الظاهره‭ ‬فان‭ ‬الاحصائيات‭ ‬بشأن‭ ‬الهجره‭ ‬غير‭ ‬الشرعيه‭ ‬متضاربه،‭ ‬فمنظمة‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬تقدر‭ ‬نسبتها‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬10‭ ‬الى‭ ‬15‭ % ‬من‭ ‬حجم‭ ‬المهاجرين‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬البالغ‭ ‬عددهم‭ ‬حسب‭ ‬تلك‭ ‬الاحصائيات‭ ‬الصادره‭ ‬عن‭ ‬الامم‭ ‬المتحده‭ ‬بالفترة‭ ‬الاخيره‭ ‬بنحو‭ ‬180‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬وتفيد‭ ‬منظمة‭ ‬الهجره‭ ‬الدولية‭ ‬بان‭ ‬عدد‭ ‬المهاجرين‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭ ‬في‭ ‬اوروبا‭ ‬فقط‭ ‬بلغ‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬عليه‭ ‬مليون‭ ‬ونصف‭ ‬المليون‭ ‬شخص‭ ‬كما‭ ‬تقدر‭ ‬الامم‭ ‬المتحدة‭ ‬عدد‭ ‬المهاجرين‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬الاخيره‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بحوالي‭ ‬155‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬اما‭ ‬عن‭ ‬الاحصائيات‭ ‬العربيه‭ ‬فانها‭ ‬تشير‭ ‬الى‭ ‬زياده‭ ‬عدد‭ ‬المهاجرين‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬الى‭ ‬الدول‭ ‬الاجنبية‭ ‬بنسبة‭ ‬تزيد‭ ‬عليه‭ ‬300‭ %.‬

اما‭ ‬عن‭ ‬ليبيا‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يصفها‭ ‬البعض‭ ‬بانها‭ ‬بلد‭ ‬عبور‭ ‬فقط‭ ‬وممر‭ ‬لطالب‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬القارة‭ ‬الاوروبية‭ ‬وغيرها‭ ‬ولكن‭ ‬واقع‭ ‬الامر‭ ‬يفيد‭ ‬بغير‭ ‬ذلك‭ ‬فاعداد‭ ‬الاشخاص‭ ‬المقيمين‭ ‬بالدوله‭ ‬الليبية‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬بلغت‭ ‬أرقام‭ ‬خطيره‭ ‬جدًا‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬دول‭ ‬سواء‭ ‬الافريقيه‭ ‬او‭ ‬الآسيوية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضيه‭.. ‬وبشكل‭ ‬غريب‭ ‬تزيد‭ ‬اعداد‭ ‬هؤلاء‭ ‬المهاجرين‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬عن‭ ‬سابقه‭ ‬فمثلا‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬بلغ‭ ‬704‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬وصل‭ ‬الى‭ ‬ليبيا‭ ‬وهذا‭ ‬رقم‭ ‬مرعب‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬واحد‭.‬

ومن‭ ‬هنا‭ ‬يصل‭ ‬بنا‭ ‬الحديث‭ ‬الى‭ ‬حال‭ ‬الدوله‭ ‬الليبية‭ ‬ووضع‭ ‬مؤسساتها‭ ‬الذي‭ ‬وصل‭ ‬الى‭ ‬حالة‭ ‬انهيار‭ ‬وفساد‭ ‬وعبث‭ ‬محلي‭ ‬ودولي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يوصف‭ ‬وهذا‭ ‬الواقع‭ ‬المحزن‭ ‬قد‭ ‬جعل‭ ‬ليبيا‭ ‬محط‭ ‬أنظار‭ ‬وخطط‭ ‬عديدة‭ ‬لبداية‭ ‬مشروع‭ ‬التوطين‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬العرقيات‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬بدأ‭ ‬فعلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رصد‭ ‬تحركات‭ ‬منظمات‭ ‬وأشخاص‭ ‬اجانب‭ ‬موجودين‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬تمهيد‭ ‬الطريق‭ ‬لبداية‭ ‬مشروع‭ ‬التوطين‭ ‬للمهاجرين‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭.. ‬والذي‭ ‬يرفضه‭ ‬الشارع‭ ‬الليبي‭ ‬بشكل‭ ‬قطعي‭ ‬ولن‭ ‬يقبل‭ ‬به‭.‬

‭… ‬في‭ ‬بداية‭ ‬عن‭ ‬الحديث‭ ‬حول‭ ‬مشروع‭ ‬التوطين‭ ‬وجب‭ ‬ايضاح‭ ‬مفهوم‭ ‬التوطين‭ ‬الحقيقي‭ ‬والذي‭ ‬ينص‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬انه‭  ‬نقل‭ ‬طوعي‭ ‬و‭ ‬امن‭ ‬ومنظم‭ ‬للاشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يحتاجون‭ ‬الى‭ ‬الحمايه‭ ‬الدوليه‭ ‬من‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تسجيلهم‭ ‬فيه‭ ‬الى‭ ‬بلد‭ ‬اخر‭ ‬قد‭ ‬وافق‭ ‬على‭ ‬قبولهم‭ ‬لاجئين‭.. ‬وبالوقوف‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬التعريف‭ ‬الدولي‭ ‬للتوطين‭ ‬يتضح‭ ‬خطوره‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬على‭ ‬الامن‭ ‬القومي‭ ‬الليبي‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬حيث‭ ‬وجود‭ ‬هؤلاء‭ ‬الملايين‭ ‬على‭ ‬الاراضي‭ ‬الليبيه‭ ‬سوف‭ ‬يتبعه‭ ‬رعايه‭ ‬دوليه‭ ‬لهم‭ ‬وربما‭ ‬يتطور‭ ‬الى‭ ‬وجود‭ ‬عسكري‭ ‬دولي‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬ارضنا‭ ‬بحجه‭  ‬حمايه‭ ‬هؤلاء‭ ‬اللاجئين‭.‬

اما‭ ‬الجانب‭ ‬الاخر‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬الخطوره‭ ‬عن‭ ‬سابقه‭ ‬فهو‭ ‬الامن‭ ‬الديموغرافي‭… ‬فالجغرافيا‭ ‬البشريه‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬بكامل‭ ‬تراكيبها‭ ‬ستكون‭ ‬في‭ ‬خطر‭ ‬داهم‭ ‬بسبب‭ ‬اعداد‭ ‬هؤلاء‭ ‬المهاجرين‭ ‬الكبيره‭ ‬مقارنه‭ ‬بسكان‭ ‬ليبيا‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭  ‬بضعه‭ ‬ملايين‭ ‬موزعين‭ ‬على‭ ‬رقعة‭ ‬جغرافية‭ ‬كبيره‭ ‬سوف‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ضياع‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬وميراثها‭ ‬الثقافي‭ ‬والانساني‭ ‬وتراثنا‭ ‬المجيد،‭ ‬سوف‭ ‬تختلط‭ ‬تلك‭ ‬المفاهيم‭ ‬وتضيع‭ ‬عراقه‭ ‬واصاله‭ ‬شعبنا‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬الجموع‭ ‬القادمة‭ ‬إلينا‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬دول‭.‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬متصل‭ ‬وجود‭ ‬تلك‭ ‬الاعداد‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬شرعي‭ ‬له‭ ‬تبعات‭ ‬اخرى‭ ‬كبيره‭ ‬فمثلا‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬الليبي‭ ‬متأثر‭ ‬جدا‭ ‬نتيجه‭ ‬تباين‭ ‬اسعار‭  ‬العماله‭ ‬الوافده‭ ‬بالشكل‭ ‬القانوني‭ ‬والملزم‭ ‬لهم‭ ‬بدفع‭ ‬رسوم‭ ‬للدوله‭ ‬الليبيه‭ ‬وبين‭ ‬غير‭ ‬الشرعي‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يدفع‭ ‬شيء‭ ‬لخزينه‭ ‬الدوله‭ ‬وبالتالي‭ ‬هناك‭ ‬فجوه‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الجوده‭ ‬والإنجاز‭..‬وصعوبه‭ ‬المتابعه‭ ‬وتحديد‭ ‬القدرات‭ ‬لهم‭ ‬كذلك‭ ‬ارقام‭ ‬كبيره‭ ‬ممن‭ ‬وصلوا‭ ‬الى‭ ‬ليبيا‭ ‬لديهم‭ ‬سوابق‭ ‬اجراميه‭ ‬في‭ ‬بلدانهم‭ ‬واصبحت‭ ‬ليبيا‭ ‬ملاذًا‭ ‬امن‭ ‬لهم‭ ‬وبيئه‭ ‬خصبه‭ ‬لممارسه‭ ‬الجريمه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬نعانيه‭ ‬من‭ ‬تشرذم‭  ‬وليس‭ ‬الجريمه‭ ‬فقط‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬معهم‭ ‬بل‭ ‬هم‭ ‬محملين‭ ‬بامراض‭ ‬خطيره‭ ‬جدا‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬ذات‭ ‬عدوى‭ ‬شديده‭ ‬وقد‭ ‬وفقنا‭ ‬مئات‭ ‬منهم‭ ‬يحملون‭ ‬امراضا‭ ‬غايه‭ ‬بالخطوره‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الاستنزاف‭ ‬في‭ ‬الكهرباء‭ ‬والمياه‭ ‬والوقود‭ ‬دون‭ ‬اي‭ ‬ضرائب‭ ‬عليهم‭ ‬وبعد‭ ‬هذا‭ ‬العرض‭ ‬لحال‭ ‬المهاجرين‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬قد‭ ‬يتضح‭ ‬بان‭ ‬الامر‭ ‬مدبر‭ ‬وهناك‭ ‬دول‭ ‬تسعى‭ ‬الى‭ ‬تحويل‭ ‬ليبيا‭ ‬الى‭ ‬موطن‭ ‬دائم‭ ‬لهؤلاء‭ ‬المهاجرين‭ ‬وتحقيق‭ ‬اهداف‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬الى‭ ‬تقسيم‭ ‬ليبيا‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬المرعب‭ ‬فاننا‭ ‬نأمل‭ ‬ونسعى‭ ‬لاطلاق‭ ‬حمله‭ ‬وطنية‭ ‬شامله‭ ‬على‭ ‬كافه‭ ‬الصعد‭ ‬الاعلاميه‭ ‬والسياسيه‭ ‬والامنيه‭ ‬ومحاوله‭ ‬تجاوز‭ ‬الخلافات‭ ‬السياسيه‭ ‬والعسكريه‭ ‬وطرح‭ ‬امكانيه‭ ‬التقارب‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬القوى‭ ‬الفاعله‭ ‬الليبيه‭ ‬لمكافحه‭ ‬وايقاف‭ ‬هذه‭ ‬السيول‭ ‬البشريه‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقف‭.. ‬لان‭ ‬ملف‭ ‬الهجره‭ ‬غير‭ ‬الشرعيه‭ ‬اصبح‭ ‬من‭ ‬اقوى‭ ‬الملفات‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬ينهي‭ ‬وجود‭ ‬الدولة‭ ‬الليبية‭ ‬بشكلها‭ ‬العام‭ ‬وينهي‭ ‬معه‭ ‬مساعي‭ ‬بناء‭ ‬مؤسسات‭ ‬ومكون‭ ‬دولة‭ ‬ليبيا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى