رأي

الوزير زمان.. والوزير الآن..!! قلم: الناجي الحربي

في زمن مضى .. عندما كنت في سن الفتوة .. كنت من المترددين على مكتبة القنصلية الامريكية الواقعة خلف فندق قصر البيضاء في وسط المدينة .. كانت الحكومة آنذاك تقيم في البيضاء وتمارس أعمالها بكل هدوء .. كان عمي عبدالله سائقًا لوزير التخطيط .. والده وجدي لأبي أشقاء.. كان مغرمًا بلعب الاسكمبيل .. فعندما ينتهي الدوام  وبعد وجبة غدائه يتجه نحو قهوة عبدالمولى لممارسة هوايته المفضلة .. رغم صلة القرابة  إلاّ أنه لا يجرؤ أي أحد من العائلة ليتوسط لنا عند الوزير .. كان محافظًا على سيارة الدولة التي يقل فيها الوزير من بيته إلى المكتب وبالعكس .. وفي أحيان أخرى يوصله ويعود به كلما دعت الحاجة في حدود العمل  ..  كان يقوم بمسحها وتفقدها كل يوم .. كما كان مهتمًا بهندامه .. بعد انتهاء الدوام يودعها في مستودع الوزارة  ولا يجوز استعمالها في غير أوقات العمل الرسمي .. فيما نرى الوزير يمشي على رجليه بعد الدوام الرسمي  يحمل قفة مصنوعة من السعف للتبضع من دكاكين سوق المتقاعدين كأي مواطن عادي .. كنت عندما أخرج من مكتبة السفارة الأمريكية وأتوجه إلى بيتي في الكاوة المصنوع من الصفيح لا بد لي من المرور أمام بيت وزير التخطيط .. كان باب المنزل  مواربًا  وبلا حرسات أو خدم .. كنت استرق النظر إلى داخله فأراه يجلس على مقعد خشبي يقرأ الجرائد ويتصفح المجلات .. وعندما يشاهدني يبتسم في وجهي ويأمرني بالدخول لباحة منزله ويمنحني قطعة بشماط من طبق وضع على طاولته  .. تذكرت هذا الموقف عندما شاهدت  قبل يومين وكيل لوزارة ما  من وزارت حكومتنا  في سيارة فاخرة أمامه فريق من الدرجات النارية وخلفه كتيبة  مدججة  بأسلحة متوسطة .. وسط صخب المنبهات المزعجة  .. !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى