رأي

الوطن فوق الإصرار والإعتذار

أمين مازن

تناقلت‭ ‬الفضائيات‭ ‬الوازنة‭ ‬أنباء‭ ‬الاجتماعات‭ ‬التي‭ ‬دأبت‭ ‬على‭ ‬عقدها‭ ‬والقرارات‭ ‬الصادرة‭ ‬عنها‭ ‬المجالس‭ ‬الثلاثة‭ ‬العتيدة‭ ‬المهيمنة‭ ‬على‭ ‬البلاد‭ ‬ومقدراتها‭ ‬طوال‭ ‬هذه‭ ‬الحقبة‭ ‬التي‭ ‬يستحيل‭ ‬وصفها‭ ‬بلون‭ ‬من‭ ‬الألوان‭ ‬وهي‭ ‬تطال‭ ‬حياة‭ ‬الناس‭ ‬واحتياجاتهم،‭ ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬أمنهم‭ ‬وسيء‭ ‬مصيرهم،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬وهم‭ ‬يرون‭ ‬الأسلحة‭ ‬تملأ‭ ‬عديد‭ ‬الأماكن‭ ‬بدعوى‭ ‬حماية‭ ‬هذا‭ ‬الأمن‭ ‬أحياناً‭ ‬وتعبيراً‭ ‬عن‭ ‬الاحتفال‭ ‬أحياناً‭ ‬أخرى،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬تنافسٍ‭ ‬منقطع‭ ‬النظير‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬المصيرية‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬لحظة‭ ‬حتى‭ ‬تتجدد‭ ‬لحظة‭ ‬أخرى،‭ ‬وما‭ ‬من‭ ‬غاية‭ ‬لها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬صون‭ ‬المكاسب‭ ‬وتجديدها‭ ‬واختراع‭ ‬الأسباب‭ ‬الكفيلة‭ ‬بتفعيلها‭ ‬وتطويرها،‭ ‬وجلب‭ ‬العوائد‭ ‬المنتظرة‭ ‬من‭ ‬ورائها،‭ ‬خاصة‭ ‬وهي‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬بنك‭ ‬ليبيا‭ ‬المركزي‭ ‬والمساس‭ ‬بمحافظه‭ ‬المرابض‭ ‬في‭ ‬مركزه‭ ‬منذ‭ ‬تبوئه‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬الانتفاضة‭ ‬والاعتراف‭ ‬السريع‭ ‬بها‭ ‬دولياً‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬تولية‭ ‬هذا‭ ‬المحافظ‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬الانتقالي‭ ‬وهو‭ ‬يعقد‭ ‬اجتماعاته‭ ‬المبكرة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬البيضاء،‭ ‬إنه‭ ‬الاختيار‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يسلم‭ ‬من‭ ‬همس‭ ‬البعض‭ ‬عندما‭ ‬تبادله‭ ‬بعض‭ ‬الذين‭ ‬بادروا‭ ‬بعقد‭ ‬سريع‭ ‬الاجتماعات‭ ‬في‭ ‬مقهى‭ ‬‮«‬قرفال‮»‬‭ ‬بشارع‭ ‬بن‭ ‬عاشور‭ ‬بطرابلس،‭ ‬والذي‭ ‬أذكر‭ ‬أنني‭ ‬اقترحت‭ ‬عليهم‭ ‬تسميته‭ ‬بملتقى‭ ‬طرابلس‭ ‬الأهلي،‭ ‬عندما‭ ‬تنادى‭ ‬له‭ ‬عدد‭ ‬غير‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬الأسماء‭ ‬المعروفة‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬تُخطهم‭ ‬العين‭ ‬عند‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬تجمع‭ ‬وطني‭ ‬يحمل‭ ‬الهم‭ ‬السياسي‭ ‬بمفهومه‭ ‬الصريح‭ ‬أو‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تأسيسه‭ ‬عبر‭ ‬النقابات‭ ‬والجمعيات‭ ‬ذات‭ ‬المهنة‭ ‬الواحدة‭ ‬أو‭ ‬الهواية‭ ‬الواحدة‭ ‬أو‭ ‬الانطلاق‭ ‬نحو‭ ‬ذلك‭ ‬بواسطة‭ ‬الحوار‭ ‬العلني‭ ‬والتوجه‭ ‬إلى‭ ‬ذوي‭ ‬الشأن‭ ‬حيث‭ ‬يوجدون،‭ ‬إنه‭ ‬الأسلوب‭ ‬الذي‭ ‬تنبّه‭ ‬له‭ ‬مبكراً‭ ‬وثابر‭ ‬على‭ ‬اتباعه‭ ‬بصبر‭ ‬مشروع‭ ‬تحالف‭ ‬القوى‭ ‬الوطنية،‭ ‬وتمكن‭ ‬بواسطة‭ ‬اتقان‭ ‬تنفيذه‭ ‬أن‭ ‬يكسب‭ ‬أغلبية‭ ‬أول‭ ‬انتخابات‭ ‬أُجريت‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يواجه‭ ‬بتلك‭ ‬المناورة‭ ‬التي‭ ‬يستبعد‭ ‬كل‭ ‬ذي‭ ‬ضمير‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬ما‭ ‬اتبع‭ ‬معها‭ ‬من‭ ‬التنافس‭ ‬غير‭ ‬الشريف‭ ‬والذي‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المفيد‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬الخوض‭ ‬فيه‭ ‬الآن‭ ‬باعتباره‭ ‬ضمن‭ ‬ما‭ ‬حفظ‭ ‬التاريخ‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬صلة‭ ‬قوية‭ ‬بما‭ ‬يجري‭ ‬اليوم‭ ‬ليؤازَر‭ ‬أو‭ ‬دون‭ ‬ذلك‭ ‬فيُهدَم،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الاحتكام‭ ‬للقول‭ ‬المعروف‭ ‬بأن‭ ‬كل‭ ‬معرفة‭ ‬قوية‭ ‬للسبب‭ ‬قمينة‭ ‬بأن‭ ‬تبطل‭ ‬العجب‭ ‬فلن‭ ‬نستغرب‭ ‬والحالة‭ ‬هذه‭ ‬ما‭ ‬لاحظناه‭ ‬على‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬الموقف‭ ‬ونقيضه‭ ‬بصدد‭ ‬الموافقة‭ ‬والرفض‭ ‬بشأن‭ ‬منصب‭ ‬محافظ‭ ‬مصرف‭ ‬ليبيا‭ ‬المركزي،‭ ‬فليس‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الخيارات‭ ‬صداقات‭ ‬دائمة‭ ‬ولا‭ ‬عداوات‭ ‬دائمة‭ ‬وإنما‭ ‬فيها‭ ‬بدون‭ ‬شك‭ ‬مصالح‭ ‬دائمة‭ ‬وضغوط‭ -‬إن‭ ‬جاز‭ ‬التعبير‭- ‬دائمة‭ ‬وربما‭ ‬قوية‭ ‬أكثر،‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬المعلومات‭ ‬المتواترة‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬ألمحت‭ ‬ببريطانيا‭ ‬فقد‭ ‬رأيناها‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬تطل‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬نحوٍ‭ ‬واضح،‭ ‬عندما‭ ‬أقدم‭ ‬الرئاسي‭ ‬على‭ ‬خطوته‭ ‬بالتغيير‭ ‬والمقابلة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تخلُ‭ ‬من‭ ‬التحذير‭ ‬لولا‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬عند‭ ‬القرار‭ ‬وإنما‭ ‬أرفقت‭ ‬بالسلاح‭ ‬وإذ‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬منصف‭ ‬أن‭ ‬يُكبر‭ ‬في‭ ‬السيد‭ ‬محمد‭ ‬الشكري‭ ‬إعلانه‭ ‬اعتذاره‭ ‬عن‭ ‬قبول‭ ‬المهمة‭ ‬والذي‭ ‬كرر‭ ‬فيه‭ ‬حذره‭ ‬من‭ ‬تمويل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الليبي‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬في‭ ‬العهد‭ ‬السابق،‭ ‬فلا‭ ‬شك‭ ‬أننا‭ ‬بذات‭ ‬الوعي‭ ‬نؤيد‭ ‬تحذيرات‭ ‬الصديق‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬إصرار‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬إزاحته‭ ‬لأنه‭ ‬بدون‭ ‬شك‭ ‬يعرف‭ ‬صعوبة‭ ‬التراجع‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬المساس‭ ‬بما‭ ‬أدرج‭ ‬في‭ ‬دوائر‭ ‬المال‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬ونصف‭ ‬والوطن‭ ‬فوق‭ ‬الإصرار‭ ‬والإعتذار،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬إليه‭ ‬يؤوب‭ ‬الأخيار‭ ‬والأشرار‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى