يغيب النقد والبحث عن طرق التدريس كأن الطلاب ينحصر دورهم على مداومة الحفظ تكرارا ومرارا طوال العام الدراسي بهدف استرجاع المحتوى أثناء الإمتحانات..أي عدم التفكير خارج الصندوق بل الوقوع بين سندان إعادة ما سبق بحذافيره ومطرقة العزوف عن المتابعة..ولوطأة الحالتين تلجأ اعداد من الطلاب إلى الغش أو تتأزم حالتهم النفسية..مما دعا اليابان إلى اعتبار المشاركة والإضافة داخل الفصل مرجعية لعبور الطالب إلى المرحلة التالية وقد بدأت بالفعل مدارس هناك بإلغاء الإختبارات..وفي أوروبا توجد ثلاثة أنواع من الإمتحانات للتقييم..الإمتحان العادي والكتاب المفتوح والإمتحان المنزلي..من هنا لابد من تجاوز مرحلة كون المعلم يعرف كل شيء والطلاب يجهلون كلّ شيء وهو الذي يفكِّر والطالب لا يفكر والمعلم يتكلّم والطّالب يستمع وهو الذي يختار والطّالب يرضخ..فالتلقين اليوم هو تعليم مضاد لعصر المعلومات التي يوفرها الساتلايت والإنترنت والرقمنة والذكاء الاصطناعي والنقال الذكي الذي يجمع الكاميرا والفيديو والتسجيل والأخبار والطباعة والملفات..مما يجعل الطلاب يسبقون تقنيا طريقة تدريس تعود إلى زمن سيطرة الهاتف الأرضي وآلة الطباعة اليدوية وهوائيات التلفزيون فوق الأسطح..فلا يمكن وضع أساليب التعليم السابقة في دواليب التطور المتسارع..كما أن التلقين يظل مدعاة للملل والرتابة..مما يؤدي إلى تعريض الكثير من المعلومات للإهمال والنسيان ومضيعة الوقت بعد سنوات من الجهد والتمويل..خاصة في ظل ضغوطات الحياة الراهنة التي لا تسعف الذاكرة بل تشتتها..وإلى تسرب الطلاب معنويا من دور العلم ويكون البديل البحث عن مصادر دخل مادي بسبب تهافت الشباب على اقتناء آخر الموديلات والصرعات عوضا عن التعلم الجاد لغياب الحافز..وقد يعتبر حلا تقديم الولايات المتحدة إعانة نقدية للطالب على أن يتم خصمها مستقبلا من راتب وظيفته..إذن المطلوب طرق تدريس معاصرة تتيح للمتعلمين حرية التعلم واكتشاف المعرفة بأنفسهم
عن طريق التجربة..فالتعليم القائم في المدارس يعتمد على شرح الدرس بشكل سردي دون إثارة النقاش داخل القاعة من أجل تنشيط الطلاب..وبدلا من طرح أسئلة عليهم من خارج نطاق الدرس وتقسيم الفصل إلى مجموعات والاستفادة من الوسائل الحديثة..فطريقة التعليم العقيمة تقود الطالب بعد نهاية المرحلة الجامعية إلى إضافة سنوات أخرى في اكتشاف تفاصيل تخصصه ومجاله لأن دراسته السابقة اعتمدت على النظري على حساب العملي..التلقين يتوافق مع الذكاء الاصطناعي الذي يعتمد على إدخال البيانات وتفعيل الخوارزميات وبالتالي يمكنه التعلم وتحسين أدائه مع مرور الوقت فهو يعمل بشكل مستقل..في حين أن الذكاء البشري يحركه التفكير ويعمل ضمن جماعة..وهنا تستخدم دول مثل الهند بالفعل أدوات الذكاء الاصطناعي في جذب الطلاب نحو شحذ العقول..وفي الختام كل شيء يمكن أن ينتظر..لكن كل شيء يبدأ من التعليم..وهناك مثل يقول يمكنك أن تأخذ الخيول إلى الماء لكن لا يمكنك أن تجبرهم على الشرب..أي مع حفظ كرامة الإنسان يمكننا أن نسكب غزيرا المعلومات كيفما اتفق داخل دماغ الطالب لكن بهذه الطريقة لا يمكننا جعله يستوعب ويحلل..التلقين للروبوت والإبداع للبشر..