رأي

انحسار التعليم المضاد

هاشم شليق

يغيب‭ ‬النقد‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬طرق‭ ‬التدريس‭ ‬كأن‭ ‬الطلاب‭ ‬ينحصر‭ ‬دورهم‭ ‬على‭ ‬مداومة‭ ‬الحفظ‭ ‬تكرارا‭ ‬ومرارا‭ ‬طوال‭ ‬العام‭ ‬الدراسي‭ ‬بهدف‭ ‬استرجاع‭ ‬المحتوى‭ ‬أثناء‭ ‬الإمتحانات‭..‬أي‭ ‬عدم‭ ‬التفكير‭ ‬خارج‭ ‬الصندوق‭ ‬بل‭ ‬الوقوع‭ ‬بين‭ ‬سندان‭ ‬إعادة‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬بحذافيره‭ ‬ومطرقة‭ ‬العزوف‭ ‬عن‭ ‬المتابعة‭..‬ولوطأة‭ ‬الحالتين‭ ‬تلجأ‭ ‬اعداد‭ ‬من‭ ‬الطلاب‭ ‬إلى‭ ‬الغش‭ ‬أو‭ ‬تتأزم‭ ‬حالتهم‭ ‬النفسية‭..‬مما‭ ‬دعا‭ ‬اليابان‭ ‬إلى‭ ‬اعتبار‭ ‬المشاركة‭ ‬والإضافة‭ ‬داخل‭ ‬الفصل‭ ‬مرجعية‭ ‬لعبور‭ ‬الطالب‭ ‬إلى‭ ‬المرحلة‭ ‬التالية‭ ‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬بالفعل‭ ‬مدارس‭ ‬هناك‭ ‬بإلغاء‭ ‬الإختبارات‭..‬وفي‭ ‬أوروبا‭ ‬توجد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أنواع‭ ‬من‭ ‬الإمتحانات‭ ‬للتقييم‭..‬الإمتحان‭ ‬العادي‭ ‬والكتاب‭ ‬المفتوح‭ ‬والإمتحان‭ ‬المنزلي‭..‬من‭ ‬هنا‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬مرحلة‭ ‬كون‭ ‬المعلم‭ ‬يعرف‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬والطلاب‭ ‬يجهلون‭ ‬كلّ‭ ‬شيء‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يفكِّر‭ ‬والطالب‭ ‬لا‭ ‬يفكر‭ ‬والمعلم‭ ‬يتكلّم‭ ‬والطّالب‭ ‬يستمع‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يختار‭ ‬والطّالب‭ ‬يرضخ‭..‬فالتلقين‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬تعليم‭ ‬مضاد‭ ‬لعصر‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬يوفرها‭ ‬الساتلايت‭ ‬والإنترنت‭ ‬والرقمنة‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والنقال‭ ‬الذكي‭ ‬الذي‭ ‬يجمع‭ ‬الكاميرا‭ ‬والفيديو‭ ‬والتسجيل‭ ‬والأخبار‭ ‬والطباعة‭ ‬والملفات‭..‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الطلاب‭ ‬يسبقون‭ ‬تقنيا‭ ‬طريقة‭ ‬تدريس‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬سيطرة‭ ‬الهاتف‭ ‬الأرضي‭ ‬وآلة‭ ‬الطباعة‭ ‬اليدوية‭ ‬وهوائيات‭ ‬التلفزيون‭ ‬فوق‭ ‬الأسطح‭..‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬وضع‭ ‬أساليب‭ ‬التعليم‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬دواليب‭ ‬التطور‭ ‬المتسارع‭..‬كما‭ ‬أن‭ ‬التلقين‭ ‬يظل‭ ‬مدعاة‭ ‬للملل‭ ‬والرتابة‭..‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تعريض‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬للإهمال‭ ‬والنسيان‭ ‬ومضيعة‭ ‬الوقت‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬والتمويل‭..‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ضغوطات‭ ‬الحياة‭ ‬الراهنة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تسعف‭ ‬الذاكرة‭ ‬بل‭ ‬تشتتها‭..‬وإلى‭ ‬تسرب‭ ‬الطلاب‭ ‬معنويا‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬العلم‭ ‬ويكون‭ ‬البديل‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬دخل‭ ‬مادي‭ ‬بسبب‭ ‬تهافت‭ ‬الشباب‭ ‬على‭ ‬اقتناء‭ ‬آخر‭ ‬الموديلات‭ ‬والصرعات‭ ‬عوضا‭ ‬عن‭ ‬التعلم‭ ‬الجاد‭ ‬لغياب‭ ‬الحافز‭..‬وقد‭ ‬يعتبر‭ ‬حلا‭ ‬تقديم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إعانة‭ ‬نقدية‭ ‬للطالب‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬خصمها‭ ‬مستقبلا‭ ‬من‭ ‬راتب‭ ‬وظيفته‭..‬إذن‭ ‬المطلوب‭ ‬طرق‭ ‬تدريس‭ ‬معاصرة‭ ‬تتيح‭ ‬للمتعلمين‭ ‬حرية‭ ‬التعلم‭ ‬واكتشاف‭ ‬المعرفة‭ ‬بأنفسهم

عن‭ ‬طريق‭ ‬التجربة‭..‬فالتعليم‭ ‬القائم‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬شرح‭ ‬الدرس‭ ‬بشكل‭ ‬سردي‭ ‬دون‭ ‬إثارة‭ ‬النقاش‭ ‬داخل‭ ‬القاعة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تنشيط‭ ‬الطلاب‭..‬وبدلا‭ ‬من‭ ‬طرح‭ ‬أسئلة‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬الدرس‭ ‬وتقسيم‭ ‬الفصل‭ ‬إلى‭ ‬مجموعات‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬الوسائل‭ ‬الحديثة‭..‬فطريقة‭ ‬التعليم‭ ‬العقيمة‭ ‬تقود‭ ‬الطالب‭ ‬بعد‭ ‬نهاية‭ ‬المرحلة‭ ‬الجامعية‭ ‬إلى‭ ‬إضافة‭ ‬سنوات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬اكتشاف‭ ‬تفاصيل‭ ‬تخصصه‭ ‬ومجاله‭ ‬لأن‭ ‬دراسته‭ ‬السابقة‭ ‬اعتمدت‭ ‬على‭ ‬النظري‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬العملي‭..‬التلقين‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬الذي‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬إدخال‭ ‬البيانات‭ ‬وتفعيل‭ ‬الخوارزميات‭ ‬وبالتالي‭ ‬يمكنه‭ ‬التعلم‭ ‬وتحسين‭ ‬أدائه‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬فهو‭ ‬يعمل‭ ‬بشكل‭ ‬مستقل‭..‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الذكاء‭ ‬البشري‭ ‬يحركه‭ ‬التفكير‭ ‬ويعمل‭ ‬ضمن‭ ‬جماعة‭..‬وهنا‭ ‬تستخدم‭ ‬دول‭ ‬مثل‭ ‬الهند‭ ‬بالفعل‭ ‬أدوات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬جذب‭ ‬الطلاب‭ ‬نحو‭ ‬شحذ‭ ‬العقول‭..‬وفي‭ ‬الختام‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينتظر‭..‬لكن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬التعليم‭..‬وهناك‭ ‬مثل‭ ‬يقول‭ ‬يمكنك‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬الخيول‭ ‬إلى‭ ‬الماء‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يمكنك‭ ‬أن‭ ‬تجبرهم‭ ‬على‭ ‬الشرب‭..‬أي‭ ‬مع‭ ‬حفظ‭ ‬كرامة‭ ‬الإنسان‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نسكب‭ ‬غزيرا‭ ‬المعلومات‭ ‬كيفما‭ ‬اتفق‭ ‬داخل‭ ‬دماغ‭ ‬الطالب‭ ‬لكن‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬جعله‭ ‬يستوعب‭ ‬ويحلل‭..‬التلقين‭ ‬للروبوت‭ ‬والإبداع‭ ‬للبشر‭..‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى