حين امتلأتْ الطرقاتُ والمسالك بالمسامير…
قال صوفي كان يجمع الأقلام المهملة من الطرقات .. الحمد لله وجدتُ بضاعة جديدة…
في اليوم التالي عرض الصوفي بضاعته في السوق فبادر إلى سؤاله فضولي :
من أين تحصل على المسامير الصدئة؟.
قال الصوفي :
من دروب النَّاس، ومن طرقاتهم، ومن تحت أقدامهم.
قال الفضولي :
وتلك الأقلام المستعملة..؟
قال الصوفي:
سقطتْ، أو أهملتْ ورماها النَّاس حين ظنوا أنه لا نفع، و لا روح فيها..
فقال الفضولي :
فبكم تبيعها…؟
فقال الصوفي:
الثمن مكتوب
فقال الفضولي:
لكني لا أرى الثمن
فقال الصوفي :
وكيف لكَ أن تراه والوقت لم يحن
سأل الفضولي وقد ازداد اهتمامًا بالغاز البائع الصوفي الغريب. ..
أريد بعض المسامير، وبعض الأقلام القديمة المستعملة…
قال الصوفي:
خُذْ ما تريد بالسعر الذي تريد
قال الفضولي:
هل تربح من تجارتك هذه؟
قال الصوفي:
الربح كله..
ثم قال مخاطبًا الجميع:
هذه البضاعة لا تنفذ…
والثمن مضاعف…
وأبيع البضاعة مرتين.
نقلت عيون الحاكم قول الصوفي..
فأودع السجن..ثم طلبه الحاكم ذات يوم فمثل أمامه:
هل تبيع بضاعة مرتين بضعف ثمنها..
قال الصوفي: نعم ثمن عاجل، وآخر آجل
قال الحاكم: فيكم تبيعها؟
قال الصوفي:
اعرف بعض الثمن وليس كل الثمن.
فقال الحاكم:
فما الثمن الذي تعرفه؟
قال الصوفي:
ما يدفعه النَّاس
قال الحاكم:
وما الثمن الذي لا تعرفه
قال الصوفي:
الثمن الآجل.
قال الحاكم:
ومَنْ يدفعه؟
قال الصوفي:
قال الذي اشترى بأضعاف السعر.
استمر حوار الألغاز طويلًا .. وخشي الحاكم من زلة، أو خسارة مهينة. فعاد واستوى على كرسيه.ثم قال مخاطبًا الصوفي:
ماذا لو قدتكَ إلى الإفلاس وحرمتك من بضاعتك وجمعتها قبل أن تصل اليها .
قال الصوفي :
وأي فضيلة أحسن من تلك؟
قال الحاكم:
سأصدر الآن كتابًا لجمع كل المسامير الصدئة، والأقلام المهملة.
قال الصوفي:
ترفع الأذى، وتكرم القلم.
فنعم الحاكم.
أما أنا فسأرحل طلبًا لرزق..قوامه رفع الأذى اقبض ثمنه مرتين
ابتسم الحاكم..واختفى الصوفي..زمنًا .. قبل أن يظهر في بلاد قريبة يجمع المسامير الصدئة من الطرقات، والدروب، ويجمع الأقلام المهملة.
وينادي..
البضاعة أغلى من الثمن.
والثمن نصفه عاجل معروف
وآجل غير مكشوف
اربح مرتين.
فهل من شريك..؟؟؟
إبراهيم بيوض