الكثير من الأمور في هذه الحياة قابلة للتغير والتبدل بحسب سيرورة الأحداث والواقع المعاش . وهذا التبدل والتغير في الشكل وليس في المضمون بمعنى تطور ضروري يواكب المستجدات ويجانبها من أجل توفير السبل اللازمة للراحة والإستقرار وتكوين المجتمع النموذجي ولو نسبياً من أجل تأصيل حياة كريمة لسكان البلد .
ولاشك أن هذا التغير والتبدل يطال أموراً مادية وخدمية تنبني على أسس وقوانين قد تنال نصيبها من التعديلات اللازمة وفق نفس المفهوم والسياق .
فكل البلدان تسعى لتوفير الخدمات المضافة من أجل التميز والظهور بالمظهر اللائق أمام البلدان الأخرى .
هذا القول بديهي متعلق بالدولة ومفهوم الدولة بمختلف مكوناتها والتي هي في حقيقتها مجتمع تحكمه نظم ومفاهيم أخلاقية تشكل هويته عبر تاريخ ثقافي ورقع جغرافية .
والتغير والتبدل بإعتباره تطوراً ضروري جداً وماس فالمجتمعات الحية هي التي تتحرك وتتخذ من مناخاتها الأدبية والثقافية والسياسية مجالا للحراك ودافعا للتشكل .
وكما قلت فالتغير ضروري ولكنه لايعني التغيير ولايجب أن يكون نقيضا لحاله الأول وخصوصا فيما يتعلق بالمفاهيم الراسخة التي تعتبر قواعد بنبني عليها المجتمع وتشكل هويته ويستمد منها مادة للحياة .
غير أن الناظر لما يحدث عندنا لايرى ذلك .
فالمفاهيم لم تعد هي المتعارف عليها والتغير أعتمد التغيير أساسأ لحركته والطبيعي لم يعد طبيعيا وتهافتت الكثير من المثل والأخلاق التي أرى أنها أسس ينبني عليها الشكل الخدمي للدولة بماديته . أعتقد أن حالة من العبث والمجانية تتحرك في الساحة العامة وتشكل حشودها باتجاه إشقاط ماتبقى من التاريخ وتشويه الجغرافيا بفكر عشوائي غير منهجي .
أقيس على كل ذلك بتدني مستويات الخدمة في جميع قطاعات البلد . ويمكن إعتبار كل مايحدث ضرورة لتشكل نمط جديد لفكر مجتمعي آخر تسكنه روح التجدد والتغيير لكنه يسقط كل الأعراف والمثل والأخلاق المتعارف على ضرورتها للوقوف منتصبي القامة أمام العالم .
فعندما يخطيء (مثلا) موظفا ما في عمله إنما هو أخطأ . ويؤكد على ذلك بإعترافه فضلا عن إعتذاره وفق مسطرة السلوك القانونية التي تنظم الحركة داخل البلد ولكن عندنا يستشري هذا الخطأ حتى لاتكاد تجد موظفا يعرف عمله ويعترف بخطأه ويصل الى مستوى الدولة في لامبالاة غير مبررة ولاتحكمها مسطرة ولاهم يحزنون ففي هذه الحالة يتغير الشاذ عن القاعدة ليصير محوراً والطبيعي شاذأً والشاذ لايقاس عليه
أرى أن هناك فوضى غير بريئة تحكم هذا السلوك العام .
والا لبودر لزجرها من قبل المسؤلين كل حسب إختصاصه ومسؤليته . لكنه العبث لاغير من يدير دفة هذي البلاد .. أخلاقيا وإداريا .
لا أرجو الا أن أكون مخطئاً .