رأي

بين التغير والتغيير

معمر الزايدي

الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬قابلة‭ ‬للتغير‭ ‬والتبدل‭ ‬بحسب‭ ‬سيرورة‭ ‬الأحداث‭ ‬والواقع‭ ‬المعاش‭ . ‬وهذا‭ ‬التبدل‭ ‬والتغير‭ ‬في‭ ‬الشكل‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬المضمون‭ ‬بمعنى‭ ‬تطور‭ ‬ضروري‭ ‬يواكب‭ ‬المستجدات‭ ‬ويجانبها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توفير‭ ‬السبل‭ ‬اللازمة‭ ‬للراحة‭ ‬والإستقرار‭ ‬وتكوين‭ ‬المجتمع‭ ‬النموذجي‭ ‬ولو‭ ‬نسبياً‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تأصيل‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬لسكان‭ ‬البلد‭ .‬

ولاشك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التغير‭ ‬والتبدل‭ ‬يطال‭ ‬أموراً‭ ‬مادية‭ ‬وخدمية‭ ‬تنبني‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬وقوانين‭ ‬قد‭ ‬تنال‭ ‬نصيبها‭ ‬من‭ ‬التعديلات‭ ‬اللازمة‭ ‬وفق‭ ‬نفس‭ ‬المفهوم‭ ‬والسياق‭ .‬

فكل‭ ‬البلدان‭ ‬تسعى‭ ‬لتوفير‭ ‬الخدمات‭ ‬المضافة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التميز‭ ‬والظهور‭ ‬بالمظهر‭ ‬اللائق‭ ‬أمام‭ ‬البلدان‭ ‬الأخرى‭ . ‬

هذا‭ ‬القول‭ ‬بديهي‭ ‬متعلق‭ ‬بالدولة‭ ‬ومفهوم‭ ‬الدولة‭ ‬بمختلف‭ ‬مكوناتها‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬حقيقتها‭ ‬مجتمع‭ ‬تحكمه‭ ‬نظم‭ ‬ومفاهيم‭ ‬أخلاقية‭ ‬تشكل‭ ‬هويته‭ ‬عبر‭ ‬تاريخ‭ ‬ثقافي‭ ‬ورقع‭ ‬جغرافية‭ . ‬

والتغير‭ ‬والتبدل‭ ‬بإعتباره‭ ‬تطوراً‭ ‬ضروري‭ ‬جداً‭ ‬وماس‭ ‬فالمجتمعات‭ ‬الحية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تتحرك‭ ‬وتتخذ‭ ‬من‭ ‬مناخاتها‭ ‬الأدبية‭ ‬والثقافية‭ ‬والسياسية‭ ‬مجالا‭ ‬للحراك‭ ‬ودافعا‭ ‬للتشكل‭ .‬

وكما‭ ‬قلت‭ ‬فالتغير‭ ‬ضروري‭ ‬ولكنه‭ ‬لايعني‭ ‬التغيير‭ ‬ولايجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬نقيضا‭ ‬لحاله‭ ‬الأول‭ ‬وخصوصا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمفاهيم‭ ‬الراسخة‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬قواعد‭ ‬بنبني‭ ‬عليها‭ ‬المجتمع‭ ‬وتشكل‭ ‬هويته‭ ‬ويستمد‭ ‬منها‭ ‬مادة‭ ‬للحياة‭ . ‬

غير‭ ‬أن‭ ‬الناظر‭ ‬لما‭ ‬يحدث‭ ‬عندنا‭ ‬لايرى‭ ‬ذلك‭ . ‬

فالمفاهيم‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬هي‭ ‬المتعارف‭ ‬عليها‭ ‬والتغير‭ ‬أعتمد‭ ‬التغيير‭ ‬أساسأ‭ ‬لحركته‭ ‬والطبيعي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬طبيعيا‭ ‬وتهافتت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المثل‭ ‬والأخلاق‭ ‬التي‭ ‬أرى‭ ‬أنها‭ ‬أسس‭ ‬ينبني‭ ‬عليها‭ ‬الشكل‭ ‬الخدمي‭ ‬للدولة‭ ‬بماديته‭ . ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬العبث‭ ‬والمجانية‭ ‬تتحرك‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬العامة‭ ‬وتشكل‭ ‬حشودها‭ ‬باتجاه‭ ‬إشقاط‭ ‬ماتبقى‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬وتشويه‭ ‬الجغرافيا‭ ‬بفكر‭ ‬عشوائي‭ ‬غير‭ ‬منهجي‭ .‬

أقيس‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬بتدني‭ ‬مستويات‭ ‬الخدمة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬قطاعات‭ ‬البلد‭ . ‬ويمكن‭ ‬إعتبار‭ ‬كل‭ ‬مايحدث‭ ‬ضرورة‭ ‬لتشكل‭ ‬نمط‭ ‬جديد‭ ‬لفكر‭ ‬مجتمعي‭ ‬آخر‭ ‬تسكنه‭ ‬روح‭ ‬التجدد‭ ‬والتغيير‭ ‬لكنه‭ ‬يسقط‭ ‬كل‭ ‬الأعراف‭ ‬والمثل‭ ‬والأخلاق‭ ‬المتعارف‭ ‬على‭ ‬ضرورتها‭ ‬للوقوف‭ ‬منتصبي‭ ‬القامة‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭ .‬

فعندما‭ ‬يخطيء‭ (‬مثلا‭) ‬موظفا‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬أخطأ‭ . ‬ويؤكد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬بإعترافه‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬إعتذاره‭ ‬وفق‭ ‬مسطرة‭ ‬السلوك‭ ‬القانونية‭ ‬التي‭ ‬تنظم‭ ‬الحركة‭ ‬داخل‭ ‬البلد‭ ‬ولكن‭ ‬عندنا‭ ‬يستشري‭ ‬هذا‭ ‬الخطأ‭ ‬حتى‭ ‬لاتكاد‭ ‬تجد‭ ‬موظفا‭ ‬يعرف‭ ‬عمله‭ ‬ويعترف‭ ‬بخطأه‭ ‬ويصل‭ ‬الى‭ ‬مستوى‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬لامبالاة‭ ‬غير‭ ‬مبررة‭ ‬ولاتحكمها‭ ‬مسطرة‭ ‬ولاهم‭ ‬يحزنون‭ ‬ففي‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬يتغير‭ ‬الشاذ‭ ‬عن‭ ‬القاعدة‭ ‬ليصير‭ ‬محوراً‭ ‬والطبيعي‭ ‬شاذأً‭ ‬والشاذ‭ ‬لايقاس‭ ‬عليه‭ ‬

أرى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬فوضى‭ ‬غير‭ ‬بريئة‭ ‬تحكم‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬العام‭ .‬

والا‭ ‬لبودر‭ ‬لزجرها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المسؤلين‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬إختصاصه‭ ‬ومسؤليته‭ . ‬لكنه‭ ‬العبث‭ ‬لاغير‭ ‬من‭ ‬يدير‭ ‬دفة‭ ‬هذي‭ ‬البلاد‭ .. ‬أخلاقيا‭ ‬وإداريا‭ .‬

لا‭ ‬أرجو‭ ‬الا‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬مخطئاً‭ .‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى