إجتماعي

بين الهجرة والتوطين..

فايزة العجيلي

‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬مهنة‭ ‬خدم‭ ‬المنازل‭ ‬مهنة‭ ‬جديدة،‭ ‬فهي‭ ‬عرفت‭ ‬منذ‭ ‬العصور‭ ‬القديمة‭ ‬تحت‭ ‬مسميات‭ )‬العبيد،‭ ‬والجواري‭(‬،‭ ‬إلا‭ ‬أنّ‭ ‬تحريم‭ ‬الاتجار‭ ‬في‭ ‬البشر‭ ‬ومنع‭ ‬استعبادهم،‭ ‬جعل‭ ‬الحاجة‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬تحت‭ ‬مسميات‭ ‬جديدة،‭ ‬كـ«مدبرة‭ ‬المنزل‭ ‬وعاملات‭ ‬التنظيف،‭ ‬والشغالات‮»‬،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭..‬

ما‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬المهن،‭ ‬هو‭ ‬احتياج‭ ‬الأسرة‭ ‬لمن‭ ‬يقوم‭ ‬بأعمال‭ ‬داخل‭ ‬البيت‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬القيام‭ ‬بها،‭ ‬بسبب‭ ‬مرض،‭ ‬أو‭ ‬انشغال،‭ ‬أو‭ ‬عجز‭..‬

ومن‭ ‬المعروف‭ ‬أنّ‭ ‬ظاهرة‭ ‬‮«‬عاملات‭ ‬المنازل‮»‬‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬الليبي‭ ‬ليستْ‭ ‬بالجديدة،‭ ‬رغم‭ ‬عدم‭ ‬انتشارها،‭ ‬فمند‭ ‬كانت‭ ‬بعض‭ ‬الأسر‭ ‬تستعين‭ ‬بعاملات‭ ‬منازل،‭ ‬وقت‭ ‬الحاجة‭ ‬ولفترات‭ ‬محدودة،‭ ‬وكانت‭ ‬يقتصر‭ ‬وجود‭ ‬العاملات‭ ‬على‭ ‬الجنسيات‭ ‬المحلية،‭ ‬والعربية‭..‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬العقدين‭ ‬الأخيرين‭ ‬شهدا‭ ‬ازدياد‭ ‬ظاهرة‭ ‬خدم‭ ‬المنازل،‭ ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬وجودهم‭ ‬ليس‭ ‬للحاجة‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬نوعًا‭ ‬من‭ ‬التفاخر،‭ ‬والتباهي‭ ‬واظهار‭ ‬الثراء،‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬حديثي‭ ‬النعمة،‭ ‬ومجهولي‭ ‬مصادر‭ ‬أموالهم‭..‬

ومع‭ ‬انتشار‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬فقد‭ ‬صاحبها‭ ‬عديد‭ ‬مشكلات،‭ ‬والظواهر‭ ‬السلبية‭ ‬الدخيلة‭ ‬على‭ ‬مجتمعنا،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬جل‭ ‬العاملات‭ ‬من‭ ‬جنسيات‭ ‬أفريقية،‭ ‬وآسيوية،‭ ‬أغلبهن‭ ‬دخلن‭ ‬البلاد‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬مشروعة،‭ ‬وأغلبهن‭ ‬لسن‭ ‬على‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭..‬

فكم‭ ‬من‭ ‬جريمة‭ ‬كانت‭ ‬وراءها‭ ‬تلك‭ ‬العاملات،‭ ‬وكم‭ ‬من‭ ‬تصرفات‭ ‬مشينة‭ ‬قمن‭ ‬بها،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المساحة‭ ‬الكبيرة‭ ‬من‭ ‬حرية‭ ‬الحركة‭ ‬والتصرف‭ ‬داخل‭ ‬البيوت،‭ ‬والاطلاع‭ ‬على‭ ‬أسرارها‭ ‬وخصوصياتها،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬تشريعات‭ ‬منظمة‭ ‬ورادعة‭ ‬لاستخدامهن،‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬قاعدة‭ ‬بيانات‭ ‬لدى‭ ‬السلطات‭ ‬المسؤولة‭ ‬لتلك‭ ‬العاملات‭..‬

فكم‭ ‬من‭ ‬عاملة‭ ‬منزل‭ ‬أصبحت‭ ‬كأنها‭ ‬صاحبة‭ ‬المنزل،‭ ‬وتعمل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شبكات‭ ‬مع‭ ‬بني‭ ‬جنسيتها‭ ‬لبث‭ ‬ثقافتهم‭ ‬الغريبة‭ ‬عن‭ ‬مجتمعنا،‭ ‬ويسعون‭ ‬للاستيطان‭ ‬ببلادنا،‭ ‬بمساعدة‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬والجهات‭ ‬الخارجية،‭ ‬في‭ ‬مخطط‭ ‬اريد‭ ‬له‭ ‬لن‭ ‬يغير‭ ‬الطبيعة‭ ‬الديمغرافية‭ ‬للبلاد‭..‬

من‭ ‬خلال‭ ‬صحيفة‭ )‬فبراير‭( ‬نستطلع‭ ‬آراء‭ ‬بعض‭ ‬المواطنين‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع،‭ ‬التشغيل‭ ‬والتوطين‭.. ‬وكانت‭ ‬الآراء‭ ‬كالتالي‭:-‬

‭- )‬مودة‭.‬ن‭( :‬

‭ ‬استعين‭ ‬أحياناً‭ ‬ببعض‭ ‬العاملات‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬بيتي‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬معينة،‭ ‬ولكن‭ ‬كنتُ‭ ‬دائمًا‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬مراقبتهن،‭ ‬ومتابعتهن‭ ‬باستمرار،‭ ‬فلا‭ ‬ثقة‭ ‬ليّ‭ ‬في‭ ‬غريب‭ ‬خاصة‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬الإسلام،‭ ‬ولم‭ ‬اسمح‭ ‬لهن‭ ‬بمخالطة‭ ‬أفراد‭ ‬أسرتي‭ ‬أبدًا‭..‬

‭- ‬محمد‭ ‬عبدالله‭ :‬

وجود‭ ‬العمالة‭ ‬في‭ ‬المنازل‭ ‬والمزارع‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬قد‭ ‬يحتاجه‭ ‬كثيرون،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬هذه‭ ‬العمالة‭ ‬وشركات‭ ‬الاستخدام،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬النواحي‭ ‬الصحية،‭ ‬والدينية،‭ ‬وطريقة‭ ‬دخولهم‭ ‬للبلاد،‭ ‬وعقود‭ ‬الاستخدام‭ ‬وحقوقهم،‭ ‬وتاريخهم‭ ‬الجنائي،‭ ‬وعلاقاتهم‭ ‬خارج‭ ‬البيوت،‭ ‬وكذلك‭ ‬متابعة‭ ‬مستمرة‭ ‬لشركات‭ ‬الاستخدام،‭ ‬وفرض‭ ‬الضرائب‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬والعمالة‭..‬

‭- )‬نور‭.‬س‭( :‬

منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات،‭ ‬وأنا‭ ‬استعين‭ ‬بعاملات‭ ‬مقيمات‭ ‬في‭ ‬بيتي،‭ ‬نظرًا‭ ‬لطبيعة‭ ‬عملي،‭ ‬ولم‭ ‬ارَ‭ ‬منهن‭ ‬إلا‭ ‬المعاملة‭ ‬الحسنة،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أنّ‭ ‬كل‭ ‬العاملات‭ ‬مثلهن،‭ ‬ويجب‭ ‬على‭ ‬الأسرة‭ ‬متابعتهن‭ ‬واقتصار‭ ‬دورهن‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬المكلفات‭ ‬به‭ ‬داخل‭ ‬المنزل‭..‬

‭- ‬أحمد‭ ‬فتح‭ ‬الله‭:‬

للاسف‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬لا‭ ‬يتصوره‭ ‬عقل‭ ‬ولا‭ ‬منطق،‭ ‬ولن‭ ‬تجد‭ ‬مثله‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬مستواها‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬الوجود‭ ‬الكبير‭ ‬والمخيف‭ ‬للعمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬الجنسيات‭ ‬الافريقية‭ ‬والآسيوية،‭ ‬أمر‭ ‬يدعو‭ ‬للخوف‭ ‬والحذر،‭ ‬فهل‭ ‬جميعهم‭ ‬جاءوا‭ ‬للهجرة‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬كله‭..‬

في‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬كان‭ ‬وجود‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬مقتصرًا‭ ‬على‭ ‬الرجال،‭ ‬وقليل‭ ‬جدًا‭ ‬من‭ ‬النساء،‭ ‬أما‭ ‬الآن‭ ‬فالأمر‭ ‬أصبح‭ ‬أن‭ ‬عائلات‭ ‬من‭ ‬الوافدين‭ ‬تستوطن‭ ‬بلادنا،‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مدنها‭ ‬وأريافها،‭ ‬وهو‭ ‬امر‭ ‬يستلزم‭ ‬من‭ ‬الحكومات‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬الكفيلة‭ ‬لاعادتهم‭ ‬لبلدانهم‭ ‬وقفل‭ ‬الحدود‭ ‬ووضع‭ ‬عقوبات‭ ‬رادعة‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬ادخالهم‭ ‬للبلاد‭ ‬او‭ ‬يقوم‭ ‬بإيوائهم‭ ‬وتشغيلهم‭ ‬دون‭ ‬مستندات‭ ‬واذن‭ ‬من‭ ‬الدولة‭..‬

‭- ‬سالم‭ ‬محمد‭ :‬

ما‭ ‬تم‭ ‬كشفه‭ ‬خلال‭ ‬المؤتمر‭ ‬الصحفي‭ ‬لجهاز‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي،‭ ‬يدعو‭ ‬الحكومات،‭ ‬وجميع‭ ‬أجهزة‭ ‬الدولة‭ ‬للاستيقاظ‭ ‬من‭ ‬سباتهم‭ ‬لأن‭ ‬مستقبل‭ ‬البلاد‭ ‬أصبح‭ ‬مجهولاً،‭ ‬والنتائج‭ ‬ستكون‭ ‬كارثية،‭ ‬يجب‭ ‬طرد‭ ‬كافة‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬التي‭ ‬تتستر‭ ‬بذرائع‭ ‬ومسببات‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بحقيقة‭ ‬عملها‭ ‬وتخطيطها‭ ‬داخل‭ ‬البلاد،‭ ‬ويجب‭ ‬التوجه‭ ‬لحماية‭ ‬وقفل‭ ‬الحدود‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الجهات،‭ ‬فما‭ ‬فائدة‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المسميات‭ ‬التي‭ ‬تتبع‭ ‬وزارتي‭ ‬الداخلية،‭ ‬والدفاع،‭ ‬وغيرهما‭ ‬من‭ ‬الأجهزة‭ ‬التي‭ ‬تتمركز‭ ‬داخل‭ ‬المدن،‭ ‬والحدود‭ ‬مستباحة‭ .. ‬وأيضًا‭ ‬يجب‭ ‬توعية‭ ‬الشعب‭ ‬وتحذيره‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الوافدين‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬القوانين‭ ‬والتشريعات‭..‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى