من ثقب الباب
مباهجُ الفرحِ كثيرة، ومستمرة رغم عوارض الحزن التي تتربص بيومياتنا.
لا يختلف اثنان عاقلان على روعة الفرح بكل تفاصيله، وأحداثه ومناسباته ..وهذا شئ طبيعي، وبديهي إلا أن الغريب هو أننا نتجاهل لحظاته بل نستبدلها احياناً بالحزن الذي هو نقيض الفرح .. الحقيقة تفضي دائماً إلى أننا نحن من يصنع الحزن .. ونحاول جاهدين التعايش معه، وتخليد يومياته .. إننا نتشبت بذكرياته، ونتعامل معه بكل حواسنا وقد خصصنا له كغيرنا لباساً يليق به وهو السواد.
لقد جدَّدنا ذكرياته حتى أصبحت ذكريات ثلاثية، وأربعينية، وسنوية.. في حين لم نمنح الفرح أي تجديد للذكرى.. وحتى وإن وجدتْ فهي مهملة ومحتشمة.
أيام الحزن لدينا تفيض بالمشاعر المؤلمة، وتنساب فيها أحبار أقلامنا بكل ما هو مبكي ومؤلم على أوراقنا الخاصة، أو صفحاتنا، وحوائطنا..ولكننا في المقابل لا نختزل أي لحظة من لحظات الفرح إلا نادراً..
قبل يومين التقيتُ صديقاً يشتغل في إحدى المحاكم الجزئية كان رفقة أحد الأشخاص الذين يسعون لاكمال إجراءات طلاقه من زوجته التي علمتُ منه بأنها لم تتجاوز العشرين سنة.
سألته عن أسباب طلاقه علَّني أجد ما يقنع هذا الشخص على العدول على قراره، وإيقاف إجراءات طلاقه..
إلا أنه كان مصراً، ولم يمنحنا فرصة هذا الفضل.
بادرته بعدها بأن سألته عن تاريخ زواجه، أو اليوم الذي التقى فيه بزوجته قبل أن يتزوجها فلم يستطع تذكر هذه المناسبة التي كانت جميلة، وثمينة أيضاً.
بادرته بسؤال آخر عن يوم طلاقه، وتواريخ إجراءاته هذه، فأجابني برد تفصيلي دون أي ارتباك..
إنها فعلاً قدسية الحزن التي طمستْ وردية الفرح الذي غادر قلوب العديد من البشر.
لم يعد للفرح إلا ظلاله بعد أن حجبت شمسه غمامات سود استولت على حياة اغلب المجتمعات، والأسباب بكل تأكيد كثيرة منها ما هو اقتصادي، واجتماعي، وأيضاً نفسي يتعلق بالظروف المحيطة ببعض الأشخاص.
إلا أنها في النهاية تغيير رهيب في نمط السلوك والمجتمع، وبداية انهيار للأداء الذي يأمله الجميع.
ففي الفرح ترتفع الهمهم وتتعاضد العزائم ونصل جميعاً للطموحات المشتركة.
اما الحزن فهو النهاية منذ البدايات والانكسار قبل التكامل والتميز.
كونوا بخير