الرئيسيةرصدمتابعات

تاكسي توصيل بقيادة نسائية .. لا توجد حماية ومعظم الطلبات مـن المطلقات والأرامل

هناء الجواشي

‭ ‬تُشكلُ‭ ‬أزمةُ‭ ‬المواصلاتِ‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬معضلةً‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬بدائية‭ ‬البُنى‭ ‬التحتية،‭ ‬وغياب‭ ‬وسائل‭ ‬النقل‭ ‬الحديثة‭ ‬كـ‭)‬القطار‭ ‬السريع،‭ ‬ومترو‭ ‬الانفاق،‭ ‬والحافلات‭ ‬العامة‭( ‬خاصة‭ ‬داخل‭ ‬العاصمة‭ ‬طرابلس‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬أكبر‭ ‬تجمع‭ ‬سكاني‭  ‬ومع‭ ‬ازدياد‭ ‬نسبة‭ ‬النساء‭ ‬العاملات‭ ‬أصبح‭ ‬المركوب‭ ‬حاجة‭ ‬ضرورية‭ ‬وماسة‭ ‬ولكن‭ ‬لغلاء‭ ‬سعره‭ ‬في‭ ‬الآوانة‭ ‬الأخيرة‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الضرورة‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬وسيلة‭ ‬تضمن‭ ‬بها‭ ‬المرأة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬مقر‭ ‬عملها،‭ ‬وكذلك‭ ‬حاجتها‭ ‬لتأمين‭ ‬وصول‭ ‬أبنائها‭ ‬إلى‭ ‬مدارسهم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صعبت‭ ‬المهمة‭ ‬على‭ ‬الأهل‭ ‬بسبب‭ ‬الازدحام‭ ‬المروري‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تلك‭ ‬الوسيلة‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬سيارات‭ ‬الأجرة‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬والتى‭ ‬لا‭ ‬يقودها‭ ‬سوى‭ ‬الرجال‭ ‬وذلك‭ ‬لأسباب‭ ‬اجتماعية‭ ‬وأخلاقية‭ ‬لا‭ ‬تتيح‭ ‬لها‭ ‬استئجار‭ ‬تاكسي‭ ‬عامة‭ ‬دون‭ ‬موافقة‭ ‬من‭ ‬ذويها‭ .‬

من‭ ‬هنا‭ ‬جاءتْ‭ ‬الفكرة‭ ‬التي‭ ‬ابتكرتها‭ ‬المرأة‭ ‬بنفسها‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬مشكلة‭ ‬المواصلات،‭ ‬ولتقدم‭ ‬حلولاً‭ ‬تسييرية‭ ‬للنساء‭ ‬عامة‭ ‬بمختلف‭ ‬أعمارهن‭ ‬وشرائحهن،‭ ‬ففي‭ ‬السابق‭ ‬كان‭ ‬الرقم‭ )‬191‭( ‬هو‭ ‬النداء‭ ‬الخاص‭ ‬بسيارات‭ ‬الأجرة‭ ‬التي‭ ‬تأتيك‭ ‬لباب‭ ‬بيتك‭ ‬وتحملكَ‭ ‬للوجهة‭ ‬التي‭ ‬تريد‭. ‬

‭ ‬اليوم‭ ‬تعدّدتْ‭ ‬أرقام،‭ ‬وأسماء‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬تديرها‭ ‬سيدات‭ ‬ليبيات،‭ ‬كما‭ ‬توفرتْ‭ ‬السيارات‭ ‬التي‭ ‬يقدمهن‭ ‬ليبيات‭ ‬أيضاً‭ ‬يقدمن‭ ‬خدمة‭ ‬توصيل‭ ‬الأفراد،‭ ‬والاغراض‭ ‬المتنوعة‭ ‬في‭ ‬سابقة‭ ‬هي‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬الليبي‭ ‬الذي‭ ‬ولجت‭ ‬فيه‭ ‬المرأة‭ ‬مجال‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة،‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬شائعة‭ ‬بين‭ ‬الفئات‭ ‬النسوية‭ ‬مقارنة‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬الآن‭ .‬

تقول‭ )‬س‭ . ‬أ‭ (:‬‭ ‬أنا‭ ‬موظفة‭ ‬كنتُ‭ ‬بحاجة‭ ‬لتحسين‭ ‬دخلي،‭ ‬وأعمل‭ ‬خارج‭  ‬ساعات‭ ‬الدوام‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ )‬توربو‭(‬،‭ ‬وهو‭ ‬برنامجٌ‭ ‬إلكتروني‭ ‬اشتركتُ‭ ‬فيه‭ ‬عبر‭ ‬‮«‬الانترنت‮»‬‭ ‬نظامه‭ ‬يتطلب‭ ‬صورة‭ ‬من‭ ‬إثبات‭ ‬الهوية،‭ ‬أو‭ ‬رخص‭ ‬القيادة،‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬مقرٌ‭ ‬رسمي‭ ‬لإجراء‭ ‬مقابلة،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬شابه،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعجبني‭ ‬فيه‭ ‬أنه‭ ‬مرن،‭ ‬ومريح،‭ ‬ومناسب‭ ‬ليّ،‭ ‬ولأني‭ ‬اعمل‭ ‬بسيارتي‭ ‬الخاصة‭ ‬فطلبوا‭ ‬مني‭ ‬صورة‭ ‬لها،‭ ‬واشترطوا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬صنعها‭ ‬بعد‭ ‬‮٢٠٢٠‬‭ ‬ومواصفاتها‭ ‬جيدة،‭ ‬ونظيفة‭. ‬

‭ ‬وكما‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬التطبيقات‭ ‬هذه‭ ‬موجودة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬الدول،‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬طالبات‭ ‬الجامعة‭ ‬معتمدات‭ ‬عليها‭ ‬بشكل‭ ‬كلي‭ ‬لأن‭ ‬خدماتها‭ ‬سريعة،‭ ‬ومتوفرة،‭ ‬وأسعارها‭ ‬مناسبة‭ . ‬

‭ ‬وتضيف‭ :‬‭ ‬يوجد‭ ‬فريق‭ ‬يتابع‭ ‬مسار‭ ‬الرحلة‭ ‬دون‭ ‬أنّ‭ ‬يتواصلوا‭ ‬مع‭ ‬السائق،‭ ‬وهم‭ ‬مَنْ‭ ‬يحددوا‭ ‬التسعيرة،‭ ‬وفق‭ ‬تقرير‭ ‬الرحلة‭ ‬بالكيلو‭ ‬مترات‭ ‬التي‭ ‬سأقطعها‭ ‬عندها‭ ‬أنا‭ ‬من‭ ‬يقرّر‭ ‬قبول،‭ ‬أو‭ ‬رفض‭ ‬الرحلة‭. ‬

والزبونة‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬مبدئية‭ ‬بالسعر،‭ ‬ولو‭ ‬طلبت‭ ‬مشاوير‭ ‬إضافية‭ ‬سترتفع‭ ‬التكلفة‭ ‬تلقائيًا‭ ‬،وهذه‭ ‬التطبيقات‭ ‬تجري‭ ‬لها‭ ‬تحديثات‭ ‬بين‭ ‬فترة،‭ ‬وفترة‭ ‬لأن‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬عليه‭ ‬يشتكون‭ ‬من‭ ‬إجحاف‭ ‬التسعيرة‭ ‬مقابل‭ ‬جهدهم،‭ ‬خاصة‭ ‬أثناء‭ ‬الزحام‭.‬

ومن‭ ‬مزايا‭ ‬البرنامج‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يتقيد‭ ‬بضرورة‭ ‬العمل‭ ‬يومياً‭ ‬أحيانًا‭ ‬اتوقف‭ ‬أسبوعين،‭ ‬أو‭ ‬أكثر،‭ ‬ثم‭ ‬استأنف‭ ‬حسب‭ ‬ظروفي،‭ ‬وبعض‭ ‬التطبيقات‭ ‬الأخرى‭ ‬مثل‭ )‬‮ ‬ADEX‭( ‬يحدَّد‭ ‬لكَ‭ ‬النطاق‭ ‬الجغرافي‭ ‬الذي‭ ‬تعمل‭ ‬داخله‭ ‬لكن‭ )‬توربو‭( ‬مجاله‭ ‬مفتوحٌ،‭ ‬والخيار‭ ‬للسائق؛‭ ‬فمثلاً‭ ‬تكون‭ ‬فيه‭ ‬رحلة‭ ‬من‭ ‬جنزور‭ ‬إلى‭ ‬تاجوراء‭ ‬إن‭ ‬قبلتها‭ ‬فلا‭ ‬مجال‭ ‬للتحايل‭ ‬في‭ ‬السعر،‭ ‬ولو‭ ‬حصل‭ ‬سيعملون‭ ‬حسابك،‭ ‬ويقفلون‭ ‬التطبيق،‭ ‬وهذا‭ ‬الشئ‭ ‬يكتشفونه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بلاغات‭ ‬الزبائن‭ ‬التي‭ ‬يرسلونها‭ ‬للتطبيق،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬مساويء‭ ‬تسجل‭ ‬ضده‭ ‬أولها‭ ‬الجانب‭ ‬الأمني‭ ‬فهم‭ ‬يشترطون‭ ‬تسليم‭ ‬أوراق‭ ‬ثبوتية‭ ‬للموافقة‭ ‬على‭ ‬الالتحاق‭ ‬بالعمل،‭ ‬ونحن‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬أي‭ ‬جهة‭ ‬تشرف‭ ‬عليه‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬رسمية،‭ ‬أم‭ ‬خاصة‭ ‬؟‭ ‬الموضوع‭ ‬غامض‭ ‬نوعًا‭ ‬ما‭ .. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المدخول‭ ‬أحياناً‭ ‬لا‭ ‬يغطي‭ ‬اتعاب‭ ‬الرحلة؛‭ ‬فمثلاً‭ ‬رحلة‭ ‬بـ‭) ‬100‭( ‬دينار‭ ‬للتطبيق‭ ‬25‭ ‬والباقي‭ ‬ليَّ‭ ‬ارسل‭ ‬نصيبهم‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬كروت‭ ‬تعبئة‭ ‬رصيدها‭ ‬خاصة‭ ‬بشركات‭ ‬التوصيل‭ ‬تُباع‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المحال‭ ‬باسم‭ ‬التطبيق‭.‬

أيضًا‭ ‬السائقة‭ ‬عُرضة‭ ‬للخطر،‭ ‬أو‭ ‬الاستغلال،‭ ‬والاستدراج‭ ‬لاماكن‭ ‬لا‭ ‬تعرفها؛‭ ‬العملية‭ ‬فيها‭ ‬مجازفة‭ ‬لما‭ ‬نتلقى‭ ‬اتصالًا‭ ‬نتوجه‭ ‬للمكان‭ ‬المطلوب‭ ‬ويكون‭ ‬في‭ ‬‮«‬دغاريق‭ ‬عين‭ ‬زارة‮»‬‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬ولما‭ ‬تقترب‭ ‬تقفل‭ ‬الزبونة‭ ‬هاتفها‭ ‬وتلغي‭ ‬الرحلة‭ ‬من‭ ‬عندها،‭ ‬وأحياناً‭ ‬اجد‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬المنطقة،‭ ‬والوصول‭ ‬للطريق‭ ‬الرئيس‭ ‬حتى‭ ‬إشارة‭ ‬الموقع‭ ‬الالكتروني‭ ‬تختفي‭ ‬بسبب‭ ‬التغطية‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأمطار‭ ‬لا‭ ‬نجد‭ ‬من‭ ‬يحمينا،‭ ‬أو‭ ‬يدعمنا‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬أقبل‭ ‬برحلات‭ ‬تكون‭ ‬بعيدة‭ ‬واتقيد‭ ‬بالعمل‭ ‬في‭ ‬ساعات‭ ‬النهار‭  ‬فقط‭. ‬

أما‭ ‬عن‭ ‬سيارتي‭ ‬فأتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬أعطالها‭ ‬بسبب‭ ‬الطرق‭ ‬السيئة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬المطر‭.‬

الخلاصة‭ ..‬‭ ‬إنّ‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬تحتاج‭ ‬لبنية‭ ‬تحتية‭ ‬جيدة،‭ ‬وضمانات‭ ‬للسائق‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬أثناء‭ ‬تعرضها‭ ‬للخطر‭ ‬لأننا‭ ‬نركبوا‭ ‬في‭ ‬بنات‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شكل،‭ ‬وقد‭ ‬حصلتْ‭ ‬معي‭ ‬عديد‭ ‬المواقف‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬أخذتُ‭ ‬زبونة‭ ‬لمكان‭ ‬حدَّدته،‭ ‬ثم‭ ‬طلبتْ‭ ‬مني‭ ‬التوقف‭ ‬في‭  ‬منتصف‭ ‬الرحلة‭ ‬ثم‭ ‬ترجلتْ‭ ‬من‭ ‬سيارتي‭ ‬لتركب‭ ‬سيارة‭ ‬معتمة،‭ ‬وتذهب‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬دفعتْ‭ ‬أجرة‭ ‬الرحلة‭ ‬كاملة‭!! .. ‬بصراحة‭ ‬شعرتُ‭ ‬وقتها،‭ ‬وكأنني‭ ‬أسهمتُ‭ ‬في‭ ‬شىء‭ ‬خاطئ‭ ‬ولربما‭ ‬بغفلة‭ ‬مني‭ ‬لكني‭ ‬مضطرة‭ ‬لتجاوز‭ ‬الموقف‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬إدارة‭ ‬اعود‭ ‬إليها‭ ‬أو‭ ‬مشرفين‭ ‬على‭ ‬التطبيق‭ ‬اتفاهم‭ ‬معهم‭.‬

‭ ‬أما‭ ‬الأخت‭ )…..( ‬وقد‭ ‬تحفظتْ‭ ‬على‭ ‬ذكر‭ ‬اسمها‭ ‬أيضًا‭ ‬فهي‭ ‬سيدة‭ ‬ليبية‭ ‬تُدير‭ ‬شركة‭ )‬الوصال‭( ‬للتوصيل‭ ‬النسائي‭ ‬تحدثتْ‭ ‬عن‭ ‬تجربتها‭ ‬قائلة‭:‬‭ ‬بدايتي‭ ‬مع‭ ‬عالم‭ ‬قيادة‭ ‬السيارات‭ ‬حينما‭ ‬كنتُ‭ ‬طفلة‭ ‬قدتُ‭ ‬سيارة‭ ‬والدي‭ ‬في‭ ‬سن‭ )‬11‭( ‬كنتُ‭ ‬ماهرة‭ ‬بالفطرة،‭ ‬واقود‭ ‬ماركة‭ ‬عادية،‭ ‬وفي‭ ‬2010‭ ‬حاولت‭ ‬دخول‭ ‬سوق‭ ‬العمل؛‭ ‬فبدأتُ‭ ‬بتعليم‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬المنطقة؛‭ ‬ثم‭ ‬اشتريتُ‭ ‬سيارة‭ )‬بيجو‭(‬،‭ ‬وكانت‭ ‬أمنية‭ ‬حياتي‭ ‬تأسيس‭ ‬شركة‭ ‬توصيل‭ ‬كادر‭ ‬نسائي،‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬نساء‭ ‬فقط،‭ ‬وفي‭ ‬2018‭ ‬صارحتُ‭ ‬صاحبة‭ ‬مدرسة‭ ‬تعليم‭ ‬قيادة‭ ‬رغبتي‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬نفسي‭ ‬وفتح‭ ‬مشروعي‭ ‬الخاص،‭ ‬وفي‭ ‬2019‭ ‬عملتُ‭ ‬على‭ ‬توصيل‭ ‬طالبات‭ ‬الجامعة‭ ‬بسيارتي،‭ ‬وفيها‭ ‬كنتُ‭ ‬أُعلم‭ ‬القيادة،‭ ‬وتعاملتُ‭ ‬مع‭ ‬عدة‭ ‬جهات‭ ‬لتوصيل‭ ‬طلبيات،‭ ‬وأغراض‭ ‬مختلفة،‭ ‬وعندما‭ ‬جاء‭ ‬وقت‭ ‬تنفيذ‭ ‬حلمي‭ ‬اشتريتُ‭ ‬سيارة‭ )‬سوناتا‭( ‬13‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬بجمعية‭.‬

سألتُ‭ ‬عن‭ ‬الإجراء‭ ‬الرسمي،‭ ‬قالوا‭ ‬ليَّ‭ ‬قدمي‭ ‬الأوراق‭ ‬لوزارة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬سلبية‭ ‬بعدم‭ ‬مزاولة‭ ‬أي‭ ‬نشاط‭ ‬لكني‭ ‬ظليت‭ ‬أعمل‭ ‬على‭ ‬سيارتي‭ ‬الجمرك‭ ‬من‭ ‬2019‭ ‬لعند‭ ‬2021‭ ‬في‭ ‬توصيل‭ ‬طالبات‭ ‬الجامعة‭ ‬وكم‭ ‬مرة‭ ‬يخالفوني‭ ‬المرور‭ ‬لأني‭ ‬لم‭ ‬أتحصل‭ ‬على‭ ‬الشهادة‭ ‬من‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬وكنتُ‭ ‬محتاجة‭ ‬للعمل؛‭ ‬بعدها‭ ‬تطور‭ ‬وضعي‭ ‬وصار‭ ‬عندي‭ )‬6‭( ‬سيارات‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬عقد‭ ‬الشركة‭ ‬تأسس‭ ‬في‭ ‬2019‭ ‬لكني‭ ‬تحصلتُ‭ ‬على‭ ‬الموافقة‭ ‬في‭ ‬2021‭ ‬بعد‭ ‬اختيار‭ ‬اسم‭ ‬الشركة‭ )‬الوصال‭( ‬صار‭ ‬عندي‭ ‬ملفٌ‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬المواصلات‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬وظفتُ‭ ‬قريباتي،‭ ‬وصديقاتي‭ ‬ثم‭ ‬قبلت‭ ‬بشخصيات‭ ‬غريبة‭ ‬عني،‭ ‬وأجريتُ‭ ‬خصم‭)‬5‭( ‬دينارات‭ ‬للطالبات‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬مثلاً‭ ‬مشوار‭ ‬يكلف‭ )‬‮١٥‬‭( ‬للطالبة‭ ‬يكون‭ ‬بـ‭) ‬10‭(‬،‭ ‬والايراد‭ ‬بنظام‭ ‬الثلث‭ ‬ليّ،‭ ‬والسائقات‭ ‬النصف‭ : ‬

السائقات‭ ‬يسلمن‭ ‬الإيرادات‭ ‬أسبوعيًا،‭ ‬ويأخذن‭ ‬نصيبهم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬الحوادث‭ ‬على‭ ‬الشركة‭ ‬إصلاح‭ ‬المحرك،‭ ‬وعلى‭ ‬السائقة‭ ‬الإطارات‭ ‬الخارجي،‭ ‬ومنهن‭ ‬من‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬إيراد‭ ‬2000‭ ‬دينار‭ ‬شهريًا،‭ ‬ولو‭ ‬عملتْ‭ ‬توكة‭ ‬كاملة‭ ‬من‭ ‬7‭ ‬ونص‭ ‬صباحاً‭ ‬إلى‭ ‬7‭ ‬ونص‭ ‬مساءً،‭ ‬وعادة‭ ‬ما‭ ‬اخصص‭ ‬للفترة‭ ‬الليلة‭ ‬سائقات‭ ‬كبيرات‭ ‬في‭ ‬السن،‭ ‬وعائلات‭ ‬وأحياناً‭ ‬أقوم‭ ‬أنا‭ ‬بتوصيل‭ ‬الزبونات؛‭ ‬فنحن‭ ‬نعمل‭ ‬بروح‭ ‬العائلة‭ ‬الواحدة‭ . ‬

وقد‭ ‬تقدم‭ ‬ليَّ‭ ‬عديد‭ ‬الاخوات‭ ‬الراغبات‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬ظروفهن‭ ‬المعيشية،‭ ‬وأغلب‭ ‬فريق‭ )‬الوصال‭( ‬يعملن‭ ‬بكل‭ ‬جد‭ ‬ومثابرة‭ .‬

‭ ‬ثم‭ ‬قالتْ‭ ‬لدي‭ )‬12‭( ‬سيارة‭ ‬حاليًا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانوا‭ ‬22‭ ‬منها‭ ‬سيارتان‭ ‬لتعليم‭ ‬القيادة،‭ ‬وفيه‭ ‬سيارات‭ ‬جاهزة‭ ‬للبيع‭ ‬شطبتهم‭ ‬في‭ ‬ورشتي‭ ‬فقد‭ ‬افتتحت‭ ‬ورشة‭ ‬منذ‭ ‬عامين‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬المطار‭ ‬كنتُ‭ ‬اشرف‭ ‬عليها‭ ‬أنا‭ ‬وزميلتي‭ ‬ومعنا‭ ‬اسطى‭ ‬مغربي‭ ‬فني‭ ‬سمكرة‭ ‬ممتاز،‭ ‬وفي‭ ‬شركتي‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬اليوم‭ ‬لمناطق‭ ‬طرابلس‭ ‬كافة،‭ ‬وهناك‭ ‬رحلات‭ ‬إلى‭ ‬مصراته،‭ ‬وزوارة‭ ‬نرفعوا‭ ‬في‭ ‬عائلات‭ ‬تطلب‭ ‬توصيلًا‭ ‬جماعيًا،‭ ‬ويكون‭ ‬كلهن‭ ‬نساء،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬أولها‭ ‬السرقة‭ ‬نعم‭ ‬تعرضتُ‭ ‬للسرقة‭ ‬في‭ ‬بداياتي‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬السائقات‭ ‬سامحهن‭ ‬الله،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬السلوكيات‭ ‬المشبوهة‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الزبائن‭ ‬كأنّ‭ ‬تطلب‭ ‬منا‭ ‬زبونة‭ ‬توصيلها‭ ‬لمصراته‭ ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬الرحلة‭ ‬يقف‭ ‬علينا‭ ‬رجل‭ ‬يدفع‭ ‬أجرتها‭ ‬ثم‭ ‬تنطلق‭ ‬معه‭. ‬

بصراحة‭ ‬تحدث‭ ‬أمامنا‭ ‬مواقف‭ ‬كثيرة‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬السيطرة،‭ ‬وأنا‭ ‬بطبعي‭ ‬حازمة‭ ‬وبنت‭ ‬بيتيه‭ ‬اعمل‭ ‬بشرف‭ ‬ولا‭ ‬اخرج‭ ‬عن‭ ‬إطار‭ ‬عاداتنا‭ ‬التي‭ ‬تربينا‭ ‬عليها؛‭ ‬فسيارتي‭ ‬التي‭ ‬تدخلها‭ ‬الفتاة‭ ‬تصبح‭ ‬بمثابة‭ ‬ابنتي‭ ‬أو‭ ‬ضيفتي‭ ‬يعني‭ ‬أخاف‭ ‬عليها،‭ ‬وأحرص‭ ‬على‭ ‬مسؤوليتي‭ ‬تجاهها‭ ‬أعمل‭ ‬بما‭ ‬يرضي‭ ‬الله،‭ ‬واجاهد‭ ‬على‭ ‬اسم‭ ‬وسمعة‭ ‬شركتي‭.‬

‭ ‬ولكنّي‭ ‬وجدتُ‭ ‬فوضى‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬الإدارة،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬لدي‭ ‬3‭ ‬بنات‭ ‬مهمتهن‭ ‬تلقي‭ ‬الطلبات‭ ‬على‭ ‬الهاتف،‭ ‬ومحاسب‭ ‬رجل‭ ‬كبير،‭ ‬و8‭ ‬سائقين‭ ‬شباب‭ ‬لان‭ ‬اغلب‭ ‬الزبونات‭ ‬تريد‭ ‬توصيل‭ ‬أولادهن‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬13‭ ‬سنة‭ ‬وأقل‭ ‬إلى‭ ‬مدارسهم‭ ‬بعدها‭ ‬صرفت‭ ‬السائقين‭ ‬لانهم‭ ‬سراق،‭ ‬وخربوا‭ ‬سياراتي‭ ‬مع‭ ‬الاسف‭ !‬

‭ ‬كانوا‭ ‬متعبين‭ ‬جداً،‭ ‬وبسببهم‭ ‬ألغيت‭ ‬هذه‭ ‬الخدمة‭ ‬وصرت‭ ‬استقبل‭ ‬الطلبات‭ ‬بنفسي‭ ‬إلا‭ ‬لو‭ ‬صار‭ ‬حادث‭ ‬أو‭ ‬ظرف‭ ‬طارئ‭ ‬السائقة‭ ‬اضطرت‭ ‬للخروج‭ ‬وتركت‭ ‬مكاني‭ ‬لسائقة‭ ‬من‭ ‬اللاتي‭ ‬أثق‭ ‬فيهن‭ ‬وللاسف‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬إدارة‭ ‬ناجحة‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭.‬

وتقول‭ ‬ايضاً‭ ‬سبق‭ ‬وأشركتُ‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬انتروسوفت‮»‬‭ ‬ودفعتُ‭ ‬لهم‭ ‬مبلغ‭  ‬‮١٢‬‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬بيانات‭ ‬للابليكيشن‭ ‬الخاص‭ ‬بشركة،‭ ‬لكنهم‭ ‬تهربوا‭ ‬مني‭ ‬وأعطوني‭ ‬واجهات‭ ‬فقط‭ ‬وداتا‭ ‬داخلية‭ ‬ولم‭ ‬أحصل‭ ‬منهم‭ ‬على‭ ‬شيء‭ ‬لعند‭ ‬الآن‭.‬

في‭ ‬نهاية‭ ‬حديثها‭ ‬قالت‭:‬‭ ‬عملي‭ ‬ماشي‭ ‬بالبركة‭ ‬أعتبره‭ ‬حلمًا‭ ‬وأنجزته‭ ‬وكما‭ ‬يقولون‭ ‬صاحب‭ ‬التاكسي‭ ‬لا‭ ‬يفلس‭ ‬ولا‭ ‬يوفر‭ ‬فلوس‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬أركز‭ ‬في‭ ‬عملي‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الإنساني‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬الربح‭ ‬أحب‭ ‬مساعدة‭ ‬النساء‭ ‬كبيرات‭ ‬السن‭ ‬ومن‭ ‬فقدت‭ ‬العائل‭ ‬والمعين،‭ ‬وأقدر‭ ‬ظروفهن‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أوجه‭ ‬به‭ ‬سائقاتي‭ ‬وشعاري‭ ‬أختصره‭ ‬في‭ ‬جملة‭ ‬دائماً‭ ‬أرددها‭ ‬عليهن‭ ‬وهي‭ )‬يوم‭ ‬تطيحوا‭ ‬قدر‭ ‬الزبونة‭ ‬حقها‭ ‬عندي‭ ‬ويوم‭ ‬الزبونة‭ ‬تطيح‭ ‬قدركن‭ ‬حقكن‭ ‬عندي‭ ‬كذلك‭(‬،‭ ‬أهم‭ ‬شىء‭ ‬تعملي‭ ‬باحترام‭ ‬وتراعي‭ ‬ظروف‭ ‬أخواتكن‭ .‬

الأخت‭ ‬أم‭ ‬طه‭ ‬هي‭ ‬إحدى‭ ‬السائقات‭ ‬لدى‭ )‬الوصال‭( ‬قالت‭ ‬في‭ ‬إفادتها‭:‬‭ ‬كنتُ‭ ‬أعمل‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬إدارتها‭ ‬بإشراف‭ ‬امرأة‭ ‬لكن‭ ‬فيها‭ ‬احتكار‭ ‬للجهد‭ ‬والعرق،‭ ‬فرضتْ‭ ‬علينا‭ ‬دوام‭ ‬من‭ ‬‮٨‬‭ ‬إلى‭ ‬‮٨‬‭ ‬ورصيد‭ ‬اتصال‭ ‬الزبونات‭ ‬على‭ ‬حسابنا،‭ ‬وعدتنا‭ ‬بتوفير‭ ‬هواتف‭ )‬بيلة‭( ‬لاستعمالها‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬ولم‭ ‬تفِ‭ ‬بوعدها‭ ‬نعمل‭ ‬معها‭ ‬دون‭ ‬نظام‭ )‬جي‭ ‬بي‭ ‬إس‭(‬،‭ ‬السيارة‭ ‬منها‭ ‬ولكن‭ ‬لو‭ ‬صدمناها‭ ‬مصاريف‭ ‬الصيانة‭ ‬علينا،‭ ‬وكذلك‭ ‬خدمة‭ ‬تغيير‭ ‬الزيت‭ ‬والصيانة‭ ‬الدورية‭ ‬بصراحة‭ ‬كان‭ ‬استنزافًا‭ ‬لا‭ ‬يُطاق‭.‬

لكن‭ ‬في‭ ‬شركة‭ )‬الوصال‭(‬‭ ‬وجدتُ‭ ‬تعاملًا‭ ‬منصفًا،‭ ‬المديرة‭ ‬لا‭ ‬تحسبها‭ ‬بالماديات‭ ‬معنا‭ ‬أعملُ‭ ‬منذ‭ ‬‮٣‬‭ ‬أشهر،‭ ‬وأنا‭ ‬مرتاحة،‭ ‬ودخلي‭ ‬جيد‭ ‬جيدًا،‭ ‬أحياناً‭ ‬يصل‭ ‬إيرادي‭ ‬الأسبوعي‭ ‬إلى‭ ‬‮٣٠٠‬‭ ‬حتى‭ ‬مشاويرنا‭ ‬الخاصة‭ ‬لا‭ ‬تحاسبنا‭ ‬عليها‭ ‬حسيتُ‭ ‬بظرف‭ ‬المرأة‭ ‬الليبية؛‭ ‬فحتى‭ ‬ملصق‭ ‬الشركة‭ ‬لا‭ ‬تجبرنا‭ ‬على‭ ‬وضعه‭ ‬فوق‭ ‬زجاج‭ ‬السيارة‭ ‬منعاً‭ ‬لإحراج‭ ‬بعض‭ ‬الزبونات‭ ‬اللاتي‭ ‬يرفض‭ ‬أزواجهن‭ ‬فكرة‭ ‬قيادة‭ ‬سيارة‭ ‬أجرة‭ ‬نسائية‭.‬

سيدة‭ ‬ليبية‭ ‬أخرى‭ )…( ‬احتفظتْ‭ ‬عدم‭ ‬ذكر‭ ‬اسمها‭ ‬واسم‭ ‬شركتها‭ ‬لأسباب‭ ‬تخصها‭ ‬أفادتنا‭ ‬قائلة‭:‬‭ ‬كي‭ ‬أكون‭ ‬صادقة‭ ‬معكِ‭ ‬شركتي‭ ‬غير‭ ‬حكومية‭ ‬نحن‭ ‬قروبُ‭ ‬نسائي‭ ‬قمنا‭ ‬بفتح‭ ‬مشروع‭ ‬فيما‭ ‬بيننا‭ ‬نحن‭ ‬ربات‭ ‬البيوت‭ ‬من‭ ‬فـئة‭ ‬أرامل،‭ ‬ومطلقات‭ ‬وغيرهن،‭ ‬وقد‭ ‬اقترحتُ‭ ‬على‭ ‬السائقات‭ ‬التحدث‭ ‬عن‭ ‬تجربتهن‭ ‬لكن‭ ‬رفضن‭ ‬خوفًا‭ ‬من‭ ‬تركيز‭ ‬الإعلام‭ ‬على‭ ‬عملهن‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬مصدر‭ ‬رزقهن‭.‬

أنا‭ ‬صاحبة‭ ‬الفكرة‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬الأمور‭ ‬تسير‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬جيد‭ ‬لكن‭ ‬دخل‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬التنافس‭ ‬غير‭ ‬الشريف‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬نسائية‭ ‬أخرى‭ ‬تسلطتْ‭ ‬علينا‭ ‬وفيه‭ ‬سائقات‭ ‬انظمن‭ ‬ليّ،‭ ‬وأكلن‭ ‬عرقي‭ ‬وتعبي‭ ‬بعد‭ ‬شهر،‭ ‬وشهرين‭ ‬وكون‭ ‬علاقات‭ ‬مع‭ ‬الزبونات‭ ‬اللاتي‭ ‬وفرتهن‭ ‬لهن،‭ ‬ثم‭ ‬انفصلن‭ ‬عن‭ ‬مجموعتي‭ ‬وصرن‭ ‬يعملن‭ ‬لحسابهن‭ ‬الخاص‭ ‬بسياراتهن‭ ‬هذه‭ ‬أكبر‭ ‬خيبة‭ ‬شعرتُ‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬مشروعي،‭ ‬لأن‭ ‬تعاملي‭ ‬معهن‭ ‬دون‭ ‬أوراق‭ ‬رسمية‭ ‬وحتى‭ ‬زوجي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬موافقًا‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬باعتبار‭ ‬خدمة‭ ‬الإنترنت‭ ‬فيها‭ ‬مشكلات‭.‬

تضيف‭:‬‭ ‬أنا‭ ‬معتمدة‭ ‬على‭ ‬‮«‬الانترنت‮»‬‭ ‬في‭ ‬شغلي‭ ‬أفيق‭ ‬مبكراً‭ ‬واستمر‭ ‬للثالثة‭ ‬فجراً‭ ‬من‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬يعني‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬‮٢٤‬‭ ‬ساعة‭ ‬وعلى‭ ‬حساب‭ ‬رصيدي‭ ‬ليبيانا،‭ ‬والمدار‭ ‬أجري‭ ‬اتصالاتي‭ ‬للربط‭ ‬بين‭ ‬الزبونات‭ ‬والسائقات‭ ‬يعني‭ ‬مهمتي‭ ‬التنسيق‭ ‬والربط‭ ‬فيما‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬ومن‭ ‬واجبي‭ ‬التعرَّف‭ ‬على‭ ‬السائقات‭ ‬وفحص‭ ‬سياراتهن،‭ ‬وأطلب‭ ‬منهن‭ ‬إثبات‭ ‬الهوية‭ ‬لأجل‭ ‬المصداقية،‭ ‬وضمان‭ ‬مصلحة‭ ‬الزبونة‭ ‬وكل‭ ‬خدماتنا‭ ‬تعامل‭ ‬نسائي‭ ‬فقط،‭ ‬نقوم‭ ‬بتوصيل‭ ‬طلبة‭ ‬دون‭ ‬السن‭ ‬القانونية‭ ‬أولاد‭ ‬وبنات‭ ‬ونساء‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الأعمار‭ ‬بالنسبة‭ ‬للطلاب‭ ‬بنظام‭ ‬الشهرية‭ ‬من‭ ‬‮٢٥٠‬‭ ‬إلى‭ ‬‮٣٥٠‬‭ ‬حسب‭ ‬المنطقة،‭ ‬والتوصيل‭ ‬الفردي‭ ‬اليومي‭ ‬من‭ ‬‮٤٠‬‭ ‬دينارًا،‭ ‬ويزيد‭ ‬أو‭ ‬يقل‭ ‬داخل‭ ‬مدينة‭ ‬طرابلس‭ ‬حسب‭ ‬المسافة،‭ ‬وآلية‭ ‬عملي‭ ‬تتم‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬اشتراكي‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬على‭ ‬الفيس‭ ‬بوك،‭ ‬ونشر‭ ‬إعلاني‭ ‬وتفاصيل‭ ‬الخدمة‭ ‬التي‭ ‬أقدمها،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬للإيراد‭ ‬متفقين‭ ‬كل‭ ‬‮٤‬‭ ‬شهور‭ ‬نأخذ‭ ‬على‭ ‬الزبونة‭ ‬أو‭ ‬الطالبة‭ ‬‮٢٠‬‭ ‬دينارًا،‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬كنتُ‭ ‬أخذ‭ ‬بالنسبة‭ ‬يعني‭ ‬‮٥٠‬‭ ‬دينارًا‭ ‬شهرياً‭ ‬،‭ ‬ومثل‭ ‬هذه‭ ‬الوظيفة‭ ‬لا‭ ‬تعمل‭ ‬بها‭ ‬المرأة‭ ‬إلا‭ ‬بدافع‭ ‬الحاجة،‭ ‬وسوء‭ ‬الأوضاع‭ ‬المالية‭ ‬مع‭ ‬ازدياد‭ ‬غلاء‭ ‬المعيشة‭ ‬لأنها‭ ‬ليست‭ ‬سهلة،‭ ‬وظيفة‭ ‬شاقة‭ ‬وبها‭ ‬مخاطر‭ ‬كثيرة،‭ ‬ووجع‭ ‬راس،‭ ‬وغش‭ ‬وتلاعب،‭ ‬وأكثر‭ ‬الأحيان‭ ‬نتعرض‭ ‬لتنمر‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الزبونات‭ ‬دون‭ ‬تقدير‭ ‬لجهدنا‭ ‬معهن،‭ ‬وحتى‭ ‬السائقات‭ ‬عديمات‭ ‬الأخلاق‭ ‬‮«‬الشامخات‮»‬‭ ‬كما‭ ‬يسمونهن‭ ‬قد‭ ‬أسأن‭ ‬علينا‭ ‬عملنا‭ ‬بسبب‭ ‬سلوكياتهن‭.‬

الأخت‭ ‬خالدة‭ ‬مديرة‭ ‬شركة‭ )‬الخالدة‭( ‬للتوصيل‭ ‬النسائي‭ ‬متحصلة‭ ‬على‭ ‬دبلوم‭ ‬رياضة،‭ ‬وحكم‭ ‬وطني‭ ‬في‭ ‬كرة‭ ‬تنس‭ ‬الطاولة‭ ‬تقول‭ ‬في‭ ‬إفادتها‭:‬‭ ‬راودتني‭ ‬فكرة‭ ‬فتح‭ ‬شركة‭ ‬توصيل‭ ‬بعد‭ ‬متابعتي‭ ‬لصديقة‭ ‬كانت‭ ‬تعمل‭ ‬بشركة‭ )‬البداء‭( ‬للتوصيل‭ ‬النسائي،‭ ‬والأمانات‭ ‬أعجبتُ‭ ‬بنمط‭ ‬العمل‭ ‬وبعد‭ ‬استشارتي‭ ‬لابني‭ – ‬طالب‭ ‬في‭ ‬القانون‭ – ‬شجعني‭ ‬وبدأتُ‭ ‬المشروع‭ ‬بتسجيل‭ ‬الترخيص‭ ‬باسمه‭ ‬باعتباري‭ ‬معلمة،‭ ‬وتفاديًا‭ ‬للازدواجية‭ ‬تحصلتُ‭ ‬على‭ ‬الترخيص‭ ‬من‭ ‬بلدية‭ ‬أبوسليم،‭ ‬واستأجرتُ‭ ‬مقرًا‭ ‬للشركة‭ ‬بعد‭ ‬معاينة‭ ‬الحرس‭ ‬البلدي‭ ‬له،‭ ‬ثم‭ ‬افتتحته‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬اغسطس‮٢٠٢٤‬،‭ ‬وفصلته‭ ‬

‭)‬مكاتب‭ ‬واستراحة‭ ‬السائقات‭( ‬وزودته‭ ‬بمنظومة‭ ‬كاميرات‭ ‬داخلية‭ ‬وخارجة،‭ ‬ومنظومة‭ ‬‮«‬انترنت‮»‬،‭ ‬وأجهزة‭ ‬تصوير‭ ‬وطبعًا‭ ‬مغلفات‭ ‬باسم‭ ‬الشركة‭ ‬وللعلم‭ ‬شركتنا‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬تلتزم‭ ‬بإلصاق‭ ‬المغلف‭ ‬الخاص‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬سياراتها‭ ‬حرصتُ‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العمل‭ ‬متكاملًا‭ ‬تفادياً‭ ‬للمشكلات‭ ‬مع‭ ‬الزبونات،‭ ‬وكذلك‭ ‬للتنظيم‭ ‬ثم‭ ‬قمنا‭ ‬بفتح‭ ‬صفحة‭ ‬على‭ ‬‮«‬الانترنت‮»‬‭ ‬تعريفاً‭ ‬بخدماتنا،‭ ‬وجايتنا‭ ‬طلبات‭ ‬العمل،‭ ‬وكذلك‭ ‬التوصيل‭ ‬من‭ ‬عائلات‭ ‬وفتيات‭ ‬لعدة‭ ‬مناسبات‭ ‬كحفل‭ ‬التخرج،‭ ‬وحمام‭ ‬العرائس،‭ ‬وقمنا‭ ‬بنقلهم‭ ‬وتصويرهم‭ ‬وتوثيق‭ ‬الحدث،‭ ‬ونشره‭ ‬في‭ ‬صفحتنا‭ ‬بموافقتهم‭ ‬طبعًا‭ ‬إشهار‭ ‬لخدماتنا؛‭ ‬ثم‭ ‬نشرنا‭ ‬إعلانًا‭ ‬ممولًا‭ ‬لطلب‭ ‬سائقات‭ ‬بشرط‭ ‬التفرغ‭ ‬والالتزام‭ ‬واستملنا‭ ‬طلبات‭ ‬كثيرة‭ ‬جداً،‭ ‬وقد‭ ‬اخضعتهن‭ ‬لامتحان‭ ‬على‭ ‬القيادة‭ ‬والتعامل‭ ‬لأني‭ ‬صادفتُ‭ ‬سائقات‭ ‬مدخنات،‭ ‬ومنهن‭ ‬تتعاطى‭ ‬تصوري‭ ‬لذلك‭ ‬أُشدّد‭ ‬على‭ ‬اختبار‭ ‬السلوك،‭ ‬ولاحظتُ‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬الطلبات‭ ‬من‭ ‬سيدات‭ ‬أرامل،‭ ‬أو‭ ‬مطلقات‭ ‬كان‭ ‬بودي‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬معنا‭  ‬حتى‭ ‬النساء‭ ‬المتزوجات‭ ‬لكن‭ ‬بسبب‭ ‬رفض‭ ‬أزواجهن‭ ‬للانخراط‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬لأن‭ ‬دوامه‭ ‬يستمر‭ ‬من‭ ‬الصباح‭ ‬لعند‭ ‬المساء،‭ ‬وقد‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬‮١٢‬‭ ‬ليلاً‭.‬

وبالنسبة‭ ‬للسيارات‭ ‬تقول‭ ‬مسترسلة‭ ‬في‭ ‬حديثها‭ : ‬لدى‭ ‬الشركة‭ ‬‮٤‬‭ ‬سيارات،‭ ‬وابني‭ ‬هو‭ ‬مشرف‭ ‬الصيانة،‭ ‬وعدد‭ ‬السائقات‭ ‬‮٤‬‭.‬

نقوم‭ ‬بتوصيل‭ ‬التلاميذ‭ ‬تحت‭ ‬سن‭ ‬‮١٣‬‭ ‬إلى‭ ‬مدارسهم،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬للأجرة‭ ‬تقول‭: ‬نحن‭ ‬نخير‭ ‬السائقة‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬لو‭ ‬تريد‭ ‬راتبًا‭ ‬ثابتًا‭ ‬يكون‭ ‬‮٥٠٠‬‭ ‬دينار‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬‮١٥‬٪‭ ‬من‭ ‬مدخولها‭ ‬للشركة،‭ ‬أو‭ ‬بنظام‭ ‬الثلث‭ ‬والغالبية‭ ‬يفضلن‭ ‬الثلث،‭ ‬في‭ ‬التوصيل‭ ‬الشهري‭ ‬تأخذ‭ ‬حسابها‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬شهر،‭ ‬أما‭ ‬اليومي‭ ‬فتخلص‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬بيومه،‭ ‬ولو‭ ‬الرحلة‭ ‬مثلاً‭ ‬كلفتها‭ ‬‮٤٥‬‭ ‬دينار‭ ‬ًا‭ ‬تأخذ‭ ‬هي‭ ‬‮١٥‬‭ ‬،‭ ‬والباقي‭ ‬للشركة‭ ‬وهكذا‭..‬

وكل‭ ‬شىء‭ ‬تتكفل‭ ‬به‭ ‬هي،‭ ‬لأن‭ ‬السيارة‭ ‬في‭ ‬حوزتها‭ ‬طوال‭ ‬اليوم،‭ ‬وقد‭ ‬ربطتُ‭ ‬السياراتِ‭ ‬بنظام‭ ‬تتبع‭ )‬جي‭ ‬بي‭ ‬اس‭( ‬للاطمئنان‭ ‬على‭ ‬السائقة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تعرضها‭ ‬لشىء،‭ ‬أو‭ ‬توقفت‭ ‬بها‭ ‬السيارة‭.‬

والتسعيرة‭ ‬أنا‭ ‬أحدّدها‭ ‬حسب‭ ‬تقديري‭ ‬للمسافة،‭ ‬فمثلاً‭ ‬من‭ ‬السدرة‭ ‬على‭ ‬شارع‭ ‬الزاوية‭ ‬بـ‮٣٠‬‭ ‬دينارًا،‭ ‬ومن‭ ‬شارع‭ ‬الجمهورية‭ ‬إلى‭ ‬‮٤‬‭ ‬شوارع‭ ‬الكهرباء‭ ‬بــ‮٣٥‬‭ ‬دينارًا‭.‬

لدي‭ ‬سكرتيرة‭ ‬مهندسة‭ ‬سودانية،‭ ‬ومحاسبة‭ ‬سودانية‭ ‬أيضاً‭ ‬متفوقات‭ ‬في‭ ‬عملهن‭ ‬وقد‭ ‬نظمن‭ ‬الشغل‭ ‬على‭ ‬خير‭ ‬ما‭ ‬يرام‭.‬

وأضافت‭ ‬أيضاً‭: ‬تحدث‭ ‬لنا‭ ‬مشكلات‭ ‬كأي‭ ‬مهنة‭ ‬أخرى‭ ‬مرات‭ ‬تحجز‭ ‬الزبونة،‭ ‬وبعدما‭ ‬ترسل‭ ‬موقعها‭ ‬تصل‭ ‬عندها‭ ‬السائقة‭ ‬تلغي‭ ‬طلبها‭ ‬ببساطة‭.‬

وهناك‭ ‬مواقف‭ ‬خطرة‭ ‬واجهتنا‭ ‬كان‭ ‬أشدها‭ ‬أننا‭ ‬نتعامل‭ ‬مع‭ ‬زبون‭ ‬استلمنا‭ ‬منه‭ ‬غرضًا‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬الفروسية‭ ‬بطريق‭ ‬المطار‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬‮٥‬‭ ‬مرات‭ ‬لعند‭ ‬اعطيناه‭ ‬الأمان‭ ‬كان‭ ‬المتصل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة،‭ ‬وهو‭ ‬رجل‭ ‬ويرسلنا‭ ‬لاستلام‭ ‬أمانة‭ ‬من‭ ‬امرأة‭ ‬نحملها‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬مستلم‭ ‬آخر،‭ ‬ثم‭ ‬قام‭ ‬المتصل‭ ‬بتغيير‭ ‬مكان‭ ‬التسليم‭ ‬من‭ ‬الفروسية‭ ‬إلى‭ ‬كوبري‭ ‬المصانع‭ ‬تاجوراء‭ ‬وعندما‭ ‬سألناه‭ ‬على‭ ‬نوع‭ ‬البضاعة‭ ‬التي‭ ‬ننقلها‭ ‬قال‭: ‬كرات‭ ‬وأدوات‭ ‬وعدة‭ ‬رياضية‭ ‬ولما‭ ‬ذهبتْ‭ ‬السائقة‭ ‬للاستلام‭ ‬وطلبتْ‭ ‬أجرة‭ ‬التوصيل‭ ‬أرسلوها‭ ‬لشخص‭ ‬ثالث‭ ‬في‭ ‬جزيرة‮«‬‭ ‬ريكسوس‮»‬،‭ ‬وبعدها‭ ‬لاحظتُ‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬سيارة‭ ‬تلاحقها‭ ‬لعند‭ ‬تأكدوا‭ ‬من‭ ‬دخولها‭ ‬للسريع‭ ‬لكن‭ ‬السائقة‭ ‬من‭ ‬خوفها‭ ‬غيرت‭ ‬مسارها‭ ‬وجاءتني‭ ‬إلى‭ ‬مقر‭ ‬الشركة‭ ‬ولما‭ ‬كشفنا‭ ‬على‭ ‬الأمانة‭ ‬وجدناها‭ )‬شرب‭ ‬منكر،‭ ‬وحشيش‭( ‬في‭ ‬سلفر‭ ‬مع‭ ‬حافظة‭ ‬قلاية‭ ‬لحم‭ ‬جاهزة‭ ‬على‭  ‬الطبخ‭.‬

بصراحة‭ ‬تفاجأتُ‭ ‬وتوجهتُ‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬إلى‭ ‬مقر‭ ‬‮«‬هيئة‭ ‬دعم‭ ‬الاستقرار‮»‬‭ ‬في‭ ‬أبو‭ ‬سليم‭ ‬وفي‭ ‬تلك‭ ‬الأثناء‭ ‬ظل‭ ‬الزبون‭ ‬يتصل‭ ‬ورديتُ‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬حضور‭ ‬رجال‭ ‬الأمن،‭ ‬وهو‭ ‬يهدّدني‭ ‬طلبوا‭ ‬مني‭ ‬الحضور‭ ‬للمقر‭ ‬الأمني‭ ‬لو‭ ‬أراد‭ ‬استلام‭ ‬بضاعته‭ ‬ووضعتُ‭ ‬رقمه‭ ‬في‭ ‬الحظر،‭ ‬وأقفلتُ‭ ‬الموضوع‭ ‬بعدما‭ ‬سلمتُ‭ ‬الأغراض‭ ‬للنقطة‭.‬

السائقة‭ ‬توقفتُ‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬لأنها‭ ‬تعرضتُ‭ ‬للتهديد‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬جهة‭ ‬رسمية‭ ‬تحمينا،‭ ‬أو‭ ‬تقدم‭ ‬لنا‭ ‬أي‭ ‬دعم،‭ ‬أو‭ ‬تعويض‭ ‬لنا‭ ‬كسيدات‭ ‬فتحنا‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬للاسترزاق‭ ‬الحلال‭ ‬وبضوابط‭ ‬قانونية‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬التأمين‭ ‬عل‭ ‬أنفسنا‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬خطيرة‭ ‬كهذه‭.‬

وبسبب‭ ‬الموقف‭ ‬اشترطتُ‭ ‬بعدها‭ ‬على‭ ‬الزبونات‭ ‬ضرورة‭ ‬تسليم‭ ‬الأمانات‭ ‬إلى‭ ‬مقر‭ ‬الشركة،‭ ‬للتفتيش‭ ‬والتأكد‭ ‬من‭ ‬محتواها‭ ‬أمام‭ ‬الكاميرات،‭ ‬ورفضتُ‭ ‬كل‭ ‬الأغراض‭ ‬المغلفة‭ ‬أنا‭ ‬أتولى‭ ‬تغليفها‭ ‬على‭ ‬حسابي‭ ‬بعد‭ ‬معاينتها‭ ‬حتى‭ ‬الحلويات‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬ربات‭ ‬البيوت،‭ ‬أقفلتُ‭ ‬باب‭ ‬التعامل‭ ‬معهن‭ ‬باستثناء‭ ‬المحال‭ ‬المعروفة،‭ ‬لأن‭ ‬الكيكات‭ ‬أيضاً‭ ‬استعلوها‭ ‬في‭ ‬تهريب‭ ‬‮«‬الحبوب‭ ‬المخدرة‮»‬‭ ‬داخل‭ ‬حشوتها‭ .‬

أنا‭ ‬امرأة‭ ‬أحبُ‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬النَّور،‭ ‬وابتكار‭ ‬الأفكار‭ ‬الجديدة‭ ‬وبلادنا‭ ‬بلاد‭ ‬خيرات‭ ‬وفرص‭ ‬الخدمة‭ ‬متوفرة‭ ‬فيها‭ ‬للغريب‭ ‬الذي‭ ‬استغنى‭ ‬بكسبه‭ ‬،‭ ‬فما‭ ‬بلك‭ ‬بنا‭ ‬نحن‭ ‬أبناء‭ ‬البلد‭.‬

وتختم‭ : ‬طموحي‭ ‬القادم‭ ‬أن‭ ‬أفتح‭ ‬‮«‬بريستو‮»‬‭ ‬نسائي،‭ ‬أوفر‭ ‬أسطول‭ ‬دراجات‭ ‬نارية‭ ‬بقيادة‭ ‬نسوية‭ ‬أعرف‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يبدو‭ ‬غريبًا،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬مستحيلاً‭ ‬فبعد‭ ‬‮٥‬‭ ‬أو‭ ‬‮١٠‬‭ ‬سنوات‭ ‬لن‭ ‬تجد‭ ‬فتيات‭ ‬السيارات‭ ‬لارتفاع‭ ‬كلفتهن‭ ‬وكلفة‭ ‬المحروقات،‭ ‬وقد‭ ‬يتوجهن‭ ‬للدراجات‭ ‬النَّارية‭ ‬بسبب‭ ‬أزمة‭ ‬الزحام‭ ‬ولو‭ ‬العامل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬حائلاً‭ ‬ضد‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬بالإمكان‭ ‬استجلاب‭ ‬سائقات‭ ‬من‭ ‬تونس‭ ‬والمغرب‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭.‬

حالياً‭ ‬أدرس‭ ‬مع‭ ‬أولادي‭ ‬فكرة‭ ‬مشروع‭ ‬محطة‭ ‬غسيل‭ ‬سيارات‭ ‬يكون‭ ‬فيه‭ ‬استراحة،‭ ‬ومقهى‭ ‬لوجبات‭ ‬سريعة،‭ ‬وكل‭ ‬العاملات‭ ‬في‭ ‬المحطة‭ ‬نساء‭  ‬في‭ ‬نساء‭ ‬لأننا‭ ‬نجد‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬غسل‭ ‬سياراتنا‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬بسبب‭ ‬العمالة‭ ‬الافريقية،‭ ‬ولا‭ ‬يتوفر‭ ‬لنا‭ ‬مكانٌ‭ ‬نجلس‭ ‬فيه‭ ‬عند‭ ‬الانتظار‭.. ‬لذلك‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬لنجسد‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭..  ‬أطلب‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬أن‭ ‬يوفقني‭ ‬في‭ ‬تجسيدها‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى