ثقافة

تواصل الأجيال: إشكالية العلاقة وأسئلة التراكم

محمد عمران

ظل‭ ‬غياب‭ ‬الحوارات‭ ‬والندوات‭ ‬الجادة‭ ‬على‭ ‬عديد‭ ‬القضايا‭ ‬الأدبية‭ ‬والثقافية‭ .. ‬ثمة‭ ‬اتساعٌ‭ ‬لهوة‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬النخب‭ ‬والرواد،‭ ‬والأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬والمتمثلة‭ ‬في‭ ‬إشكالية‭ ‬تواصل‭ ‬الأجيال‭ ‬التي‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬لها‭ ‬تأثيراتٌ‭ ‬على‭ ‬النتاج‭ ‬الثقافي‭ ‬والأدبي‭ ‬وأيضا‭ ‬جودة‭ ‬هذا‭ ‬النتاج‭ ‬ولعله‭ ‬يبدوا‭ ‬واضحا‭ ‬وجليا‭ ‬عند‭ ‬صناع‭ ‬المحتوى‭ ‬الحاليين‭ ‬الذي‭ ‬سيطروا‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬كتاب‭ ‬واذباء‭ ‬وشعراء‭ ‬شباب‭  .. ‬صحيفة‭ ‬فبراير‭ ‬ترصد‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬المساحة‭ ‬أراء‭ ‬بعض‭ ‬كتابنا‭ ‬وشعرائنا‭ ‬وصحفيينا‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬هذه‭ ‬القضية

الشاعر‭ ‬الكبير‭ / ‬مفتاح‭ ‬العماري

حسبًا‭ ‬لفهمي،‭ ‬أنَّ‭  ‬تواصل‭ ‬الأجيال‭ ‬يستمد‭ ‬تحققه‭ ‬من‭ ‬سياقه‭ ‬التاريخي‭ ‬الخاص‭ ‬به،‭ ‬أي‭ ‬عبر‭ ‬التراكم‭ ‬المؤثر‭ ‬والفاعل‭ ‬للثقافي‭ ‬كإرثٍ‭ ‬فكري‭ ‬وجمالي‭ ‬في‭ ‬عقل‭ ‬ومخيال‭ ‬المجتمع‭ ‬البشري،‭ ‬بكافة‭ ‬مظاهره‭ ‬وأنشطته؛‭ ‬بينها‭ ‬النتاج‭ ‬الأدبي،‭ ‬سواء‭ ‬تعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالإبداع‭ ‬الكتابي‭ ‬أو‭ ‬الفني‭. ‬

    ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬الليبية‭ )‬وبكل‭ ‬أسف‭( ‬سيتعذر‭ ‬علينا‭ ‬استخدام‭ ‬توصيف‭ ‬‮«‬تواصل‭ ‬الأجيال‮»‬‭ ‬لأسباب‭ ‬عديدة،‭ ‬يكمن‭ ‬أهمها‭ ‬في‭ ‬تقطعات‭ ‬العنصر‭ ‬التاريخي‭ ‬الذي‭ ‬يكفل‭ ‬توفر‭ ‬السياق،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬التراكم‭. ‬يمكن‭ ‬ملاحظة‭ ‬هذه‭ ‬الآفة‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬الفنون‭ ‬الجماعية،‭ ‬كالمسرح،‭ ‬والسينما،‭ ‬والعمارة؛‭ ‬ومدى‭ ‬مستويات‭ ‬هشاشتها‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬درجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬القبح‭ ‬والتخلف‭. ‬وبالمقابل‭ ‬ثمة‭ ‬استثناء‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬فنون‭ ‬الابداع‭ ‬الفردي،‭ ‬كالرواية‭ ‬والشعر‭ ‬والرسم،‭ ‬حيث‭ ‬تفوقت‭ ‬بعضها‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬غياب‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬المحفزات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تكفل‭ ‬وجود‭ ‬بيئة‭ ‬حاضنة‭ ‬للجمال‭.‬

وهنا‭ ‬تتحمل‭ ‬الدولة‭ ‬الليبية‭ ‬بكل‭ ‬مؤسساتها‭ ‬المعنية‭ ‬بالشأن‭ ‬الثقافي‭ ‬جزءًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭ ‬العامة‭. ‬‮ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬المشروع‭ ‬الثقافي‭ ‬وخططه‭ ‬وبرامجه،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مراحل‭ ‬الحكم‭ ‬السياسي‭ ‬المستبدة‭ ‬والجاهلة‭ ‬والفاسدة،‭ ‬إضافة‭ ‬الى‭ ‬عديد‭ ‬المثالب‭ ‬والمعوقات‭ ‬القاعدية‭ ‬في‭ ‬مكون‭ ‬الشخصية‭ ‬الليبية،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحفل‭ ‬بتنمية‭ ‬الوجدان‭. ‬بحيث‭ ‬يتعذر‭ ‬علينا‭ ‬هنا‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تواصل‭ ‬الأجيال‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬القيم‭ ‬الجمالية‭ ‬في‭ ‬العمق،‭ ‬تعد‭ ‬شبه‭ ‬مفتقدة،‭ ‬كنسيج‭ ‬طبيعي‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬حياتنا‭ ‬الاجتماعية‭.‬

من‭ ‬زاوية‭ ‬نظر‭ ‬أخرى؛‭ ‬ربما‭ ‬ينطبق‭ ‬مفهوم‭ ‬تواصل‭ ‬الأجيال‭ ‬على‭ ‬النشاط‭ ‬الحربي،‭ ‬بوصفه‭ ‬طابعا‭ ‬وجوديا‭ ‬انبنت‭ ‬عليه‭ ‬الشخصية‭ ‬الليبية،‭ ‬وذاكرتها‭ ‬الجمعية‭ ‬التي‭ ‬تحتفظ‭ ‬بإرث‭ ‬دموي‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬الغلبة‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬أهم‭ ‬انعطافات‭ ‬تاريخنا‭ ‬الوطني‭. ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬بروز‭ ‬الزعامات‭ ‬الحربية‭ ‬في‭ ‬تاريخنا‭ ‬الليبي،‭ ‬عوضا‭ ‬عن‭ ‬زعامات‭ ‬الفكر‭ ‬والأدب‭ ‬والفن،‭ ‬كذلك‭ ‬انتشار‭ ‬السلاح‭ ‬عوض‭ ‬الكتاب‭ ‬والموسيقى‭.‬

أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بسيطرة‭: ‬‮«‬صُنَّاع‭ ‬المحتوى‮»‬‭ ‬على‭ ‬الساحة،‭ ‬‮«‬حسبا‭ ‬لسؤالك‮»‬،‭ ‬ففي‭ ‬رأيي‭ ‬الشخصي،‭ ‬أن‭ ‬عبارة‭: ‬‮«‬صناع‭ ‬المحتوى‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬مجرد‭ ‬مصطلح‭ ‬فضفاض،‭ ‬طاما‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يميزها‭ ‬سوى‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬البروبقاندا‮»‬‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬آلية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬وسائط‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا،‭ ‬بمختلف‭ ‬مواقعها‭ ‬ومنصاتها‭.‬‭ ‬وهي‭ ‬ظاهرة‭ ‬ارتبطت‭ ‬بنمط‭ ‬السيولة،‭ ‬أو‭ ‬بنظام‭ ‬التفاهة‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬يهيمن‭ ‬على‭ ‬منظومة‭ ‬المعلومات،‭ ‬التي‭ ‬تحتكم‭ ‬الى‭ ‬المجانية‭ ‬والانفلات‭ ‬المعرفي،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬غياب‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬الاخلاقيات‭ ‬المهنية،‭ ‬طالما‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬ضابط‭ ‬أو‭ ‬معيار‭ ‬عقدي‭ ‬ينظم‭ ‬علاقاتها‭.‬‮ ‬

تتمثل‭ ‬اشكالية‭ ‬الاختلافات‭ ‬بين‭ ‬الأجيال‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحاضر‭ ‬أكثر‭ ‬اتساعا‭ ‬في‭ ‬مساحتها‭ ‬وأكثر‭ ‬عمقا‭ ‬في‭ ‬تأثيرها‭ ‬نتيجة‭ ‬الطفرة‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬المتغيرات‭ ‬العالمية‭ ‬المعرفية‭ ‬والمعلوماتية‭ ‬والثقافية‭. ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬قولهم‭ ‬ان‭ ‬التهميش‭ ‬وسلوكيات‭ ‬التسلط‭ ‬التي‭ ‬يمارسها‭ ‬الجيل‭ ‬الاول‭ ‬وما‭ ‬ينتج‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬من‭ ‬صراعات‭ ‬وتمرد‭ ‬جيل‭ ‬الشباب‭. ‬اشكالية‭ ‬صراع‭ ‬الأجيال‭ ‬عبارة‭ ‬تطلق‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬المتناقضة‭ ‬بين‭ ‬جيل‭ ‬متمسك‭ ‬بالتقاليد‭ ‬الموروثة‭ ‬وفنه‭ ‬وثقافته‭ ‬واصالته‭ ‬وجيل‭ ‬جديد‭ ‬متمرد‭ ‬على‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬ومؤمن‭ ‬بالتجديد‭ ‬والحداثة‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الآراء‭ ‬والتصورات‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬جيل‭ ‬وآخر‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬حدة‭ ‬الحديث‭ ‬حول‭ ‬تلك‭ ‬العلاقة‭ ‬قد‭ ‬تزايدت‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬أفرزته‭ ‬ثورات‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬شباب‭ ‬جدد‭ ‬اعتمدوا‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التقنية‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬يجيدها‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬الاكبر‭ ‬سنا‭  ‬في‭ ‬إعلانهم‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭ ‬وإصرارهم‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬المجتمعية‭ ‬وتواجدهم‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬الادب‭ ‬والثقافة‭ ‬وصنع‭ ‬القرار‭ .‬ففي‭ ‬فترة‭ ‬متأخرة‭ ‬من‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭  ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬فجوة‭ ‬واسعة‭ ‬بين‭ ‬جيل‭ ‬الاول‭ ‬وجيل‭ ‬الذي‭ ‬يليه‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬التواصل‭ ‬الحي‭ ‬قائما‭ ‬بين‭ ‬الأجيال‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬المعرفة‭ ‬الابداعية‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬دفء‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الجيلين‭ ‬سواء‭ ‬تم‭ ‬ذلك‭ ‬التواصل‭ ‬بصيغة‭ ‬حوار‭ ‬أو‭ ‬نقد‭ ‬أو‭ ‬توجيه‭ ‬أو‭ ‬تصحيح‭ ‬ولذلك‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬جيل‭ ‬الشباب‭ ‬يشعر‭ ‬بأي‭ ‬عزلة‭ ‬أو‭ ‬فجوة‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬الجيل‭ ‬الذي‭ ‬سبقه‭ ‬لكن‭ ‬عندما‭ ‬غزت‭ ‬ثقافة‭ ‬العولمة‭ ‬بفضائها‭ ‬المفتوح‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجالات‭ ‬ساحتنا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬سببت‭ ‬لنا‭ ‬خلخل‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬مجتمعنا‭ ‬الليبي‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬بدأت‭ ‬ظاهرة‭ ‬الانفصام‭ ‬بين‭ ‬الأجيال‭ ‬تبرز‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬إلى‭ ‬الوجود‭ ‬وتتسع‭ ‬الفجوة‭ ‬بينهما‭ ‬باستمرار‭ ‬فصار‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬بالجيل‭ ‬الذي‭ ‬سبقه‭ ‬وتتجلى‭ ‬هذه‭ ‬الفجوة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجال‭ ‬من‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬الفن‭ ‬والثقافة‭ ‬والأدب‭ ‬وإلى‭ ‬العلوم‭ ‬ومن‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬إلى‭ ‬العلاقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والأخلاق‭. ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬ذلك‭ ‬الثقافة‭ ‬الغربية‭  ‬الوافدة‭ ‬إلينا‭ ‬عبر‭ ‬القنوات‭ ‬التلفزيونية‭ ‬والإنترنت‭ ‬التي‭ ‬رسخت‭ ‬في‭ ‬شبابنا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المظاهر‭ ‬والسلوكيات‭ ‬الدخيلة‭ ‬والشاذّة‭ ‬عن‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬وثقافتنا‭ ‬وتقاليدنا‭ ‬الاصيلة‭ ‬والتي‭ ‬هبطت‭ ‬بمستوى‭ ‬الذوق‭ ‬العام‭ ‬لدى‭ ‬شبابنا‭ ‬وأطفالنا‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬مما‭ ‬انعكس‭ ‬على‭ ‬لباسهم‭ ‬ومظهرهم‭ ‬العام‭ ‬وحتى‭ ‬كلامهم‭ ‬ومصطلحاتهم‭ ‬التي‭ ‬يستخدمونها‭ ‬في‭ ‬مفرداتهم‭ ‬اليومية‭ ‬وما‭ ‬ينشرونه‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ..‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أديبا‭ ‬شاعرا‭ ‬كاتبا‭ ‬مثقفا‭ ‬فنانا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬عصر‭ ‬الحضارة‭ ‬والتطور‭ ‬الإليكتروني‭ ‬والتكنولوجي‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬انك‭ ‬ستصارع‭ ‬الطوفان‭ ‬وتحارب‭ ‬تشويه‭ ‬الذائقة‭ ‬الأدبية‭ ‬وتقتلع‭ ‬الجهل‭ ‬من‭ ‬براثن‭ ‬مدعي‭ ‬الفن‭ ‬والثقافة‭ ‬الجدد‭ ‬من‭ ‬اصحاب‭ ‬صناع‭ ‬المحتوى‭ ‬على‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬الا‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬ربي‭ ..‬ففي‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬والزمان‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬اليوم‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تجتهد‭ ‬أضعاف‭ ‬ما‭ ‬اجتهد‭ ‬أدباء‭ ‬وفنانين‭ ‬وشعراء‭ ‬وكتاب‭ ‬الزمن‭ ‬الجميل،‭ ‬قد‭ ‬يعتقد‭ ‬البعض‭ ‬أنَّ‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭ ‬مبالغ‭ ‬فيه‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬التطور‭ ‬الذي‭ ‬أتاح‭ ‬للجميع‭ ‬أن‭ ‬ينشروا‭ ‬على‭ ‬منصات‭ ‬‮«‬السوشيال‭ ‬ميديا‮»‬‭ ‬ما‭ ‬يحلو‭ ‬لهم‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬للقيم‭ ‬والاخلاق‭ ‬وهنا‭ ‬تقع‭ ‬الكارثة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬بها‭ ‬المجتمع‭ ‬فصناعة‭ ‬المحتوى‭ ‬أو‭ ‬إنشاء‭ ‬المحتوى‭ ‬هو‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬معلومات‭ ‬في‭ ‬سياقات‭ ‬محددة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬وسائط‭ ‬الإعلام‭ ‬الرقمي‭ ‬وذلك‭ ‬لفائدة‭ ‬ما‭ ‬معني‭ ‬بها‭ ‬الجمهور‭ ‬المستهدف‭. ‬ولأن‭ ‬مساحة‭ ‬حرية‭ ‬الطرح‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬واسعة‭ ‬فبتنا‭ ‬نرى‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬صناع‭ ‬التفاهة‭ ‬قد‭ ‬تصدروا‭ ‬تلك‭ ‬المواقع‭ ‬ويحصدون‭ ‬يوميا‭ ‬ملايين‭ ‬من‭ ‬المشاهدات‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ينشرونه‭ ‬وهم‭ ‬يتصارعون‭ ‬بين‭ ‬طامح‭ ‬بالشهرة‭ ‬وراغب‭ ‬بالمال‭ ‬وآخر‭ ‬يريد‭ ‬إفادة‭ ‬المجتمع‭.. ‬لم‭ ‬يمر‭ ‬المثقف‭ ‬الليبي‭ ‬بأزمة‭ ‬تجاهل‭ ‬وعجز‭ ‬عن‭ ‬التأثير‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬التغيير‭ ‬كما‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬انحدار‭ ‬اخلاقي‭ ‬وإفلاس‭ ‬إنساني‭ ‬تسببت‭ ‬به‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬سطحت‭ ‬العلاقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وكرست‭ ‬لقيم‭ ‬بديلة‭ ‬حطمت‭ ‬الموروث‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والثقافي‭ ‬للمجتمع‭ ‬وعزلت‭ ‬المثقف‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬وقف‭ ‬متفرجا‭ ‬يندب‭ ‬انحسار‭ ‬دوره‭ ‬وانصراف‭ ‬العامة‭ ‬عنه‭ ‬الى‭ ‬نخب‭ ‬افتراضية‭ ‬جديدة‭ ‬مجهولة‭ ‬تروج‭ ‬للرداءة‭ ‬والاستهلاك‭ ‬المادي‭ ‬العبثي‭ ‬إنه‭ ‬زمن‭ ‬الرداءة‭ ‬وسقوط‭ ‬النخب‭ ‬الثقافية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬الذين‭ ‬استبدلوا‭ ‬بكائنات‭ ‬صنعتها‭ ‬وأشهرتها‭ ‬الشركات‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬وجدت‭ ‬ضالتها‭ ‬بعد‭ ‬انحسار‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬فكل‭ ‬يوم‭ ‬يمر‭ ‬تزداد‭ ‬عزلة‭ ‬المثقف‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬زيادة‭ ‬وهج‭ ‬نجوم‭ ‬التفاهة‭ ‬وعدم‭ ‬اقتناعهم‭ ‬بتواصل‭ ‬الاجيال‭ ‬والاستفادة‭ ‬منهم‭ ‬فنجد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬صناع‭ ‬المحتوي‭ ‬ينشر‭ ‬ما‭ ‬يحلو‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬تفاهات‭ ‬سواء‭ ‬ادبية‭ ‬او‭ ‬فنية‭ ‬او‭ ‬اجتماعية‭ ‬بحجة‭ ‬انه‭ ‬مثقف‭ ‬او‭ ‬شاعر‭ ‬وانه‭ ‬لا‭ ‬يشق‭ ‬له‭ ‬غبار‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬ينشر‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وانه‭ ‬يعلم‭ ‬مالا‭ ‬يعلمه‭ ‬من‭ ‬اجيال‭ ‬سبقته‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مختلفة‭.. ‬اليوم‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬لمشروع‭ ‬الثقافي‭ ‬مشروع‭ ‬يضم‭ ‬النخب‭ ‬وصناع‭ ‬الإعلام‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬الدور‭ ‬الثقافي‭ ‬الفاعل‭ ‬لوسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المطبوعة‭ ‬والمسموعة‭ ‬والمرئية‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬القنوات‭ ‬الفضائية‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭ ‬المنتشرة‭ ‬كالنار‭ ‬في‭ ‬الهشيم‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أية‭ ‬فاعلية‭ ‬ثقافية‭ ‬ولا‭ ‬تأثير‭ ‬إيجابي‭ ‬يذكر‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬ثقافة‭ ‬التقدم‭ ‬والتنوير‭ ‬والتثوير‭ ‬ولغة‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الاجيال‭.‬

وهنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬القول‭ ‬إنّ‭ ‬انعدام‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الجيل‭ ‬الحاضر‭ ‬والجيل‭ ‬السابق‭ ‬ستعرقل‭ ‬انتشار‭ ‬الثقافة‭ ‬وتقلل‭ ‬من‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬وجدان‭ ‬الناس‭ ‬وتسهم‭ ‬في‭ ‬انفلات‭ ‬الاخلاق‭ ‬والقيم‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬الليبي‭..‬

الكاتب‭ ‬والشاعر‭ / ‬يوسف‭ ‬الهمالي

اولا‭ .‬يجب‭ ‬تحديد‭ ‬معنى‭ ‬تواصل‭ ‬الاجيال‭ ..‬للاسف‭ ‬هناك‭ ‬قطيعة‭ ‬ثقافية‭ ‬بين‭ ‬الاجيال‭ .‬لان‭ ‬الانتشار‭ ‬عبر‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬جعل‭ ‬هناك‭ ‬هوة‭ ‬ثقافية‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ..‬ووحدة‭ ‬التفكير‭ ‬التى‭ ‬ينفرد‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬جيل‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬موجودة‭ .‬لان‭ ‬عموميات‭ ‬الثقافة‭ ‬طغت‭ ‬على‭ ‬خصوصياتها‭ .‬هذا‭ ‬جانب‭ ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ .‬الكتاب‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬له‭ ‬وجود‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬بالذات‭ .‬الجميع‭ ‬بدأ‭ ‬يتخذ‭ ‬الطريق‭ ‬السهل‭ ‬والسهل‭ ‬جدا‭ ‬هو‭ ‬صناعة‭ ‬المحتوى‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬له‭ ‬جذور‭ ‬ثقافية‭ ‬واضحة‭ .‬

ابن‭ ‬خلدون‭ ‬يقول‭ :‬

أثر‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬أخلاق‭ ‬البشر‭ ..‬لذلك‭ ‬الجو‭ ‬العام‭ ‬صارت‭ ‬له‭ ‬خطوط‭ ‬يتفق‭ ‬عليها‭ ‬جيل‭ ‬دون‭ ‬الاخر‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬نجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬جميعا‭ ‬نلهث‭ ‬وراء‭ ‬المحتوى‭ ‬الفضفاض‭ ‬لأن‭ ‬المتلقى‭ ‬هكذا‭ ‬يريد‭ .‬حتى‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ .‬أين‭ ‬هو‭ ‬القارئء‭ ‬الذين‭ ‬ينتظر‭ ‬كل‭ ‬صباح‭ ‬صحيفة‭ ‬الصباح‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير‭..‬وهذا‭ ‬ينسحب‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬الملتقيات‭ ‬الادبية‭ ‬والحوارية‭ ‬التى‭ ‬ربما‭ ‬تساهم‭ ‬بطريقة‭ ‬او‭ ‬بأخرب‭ ‬في‭ ‬تقريب‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ .‬نحن‭ ‬يا‭ ‬صديقي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬لنا‭ ‬ذائقة‭ ‬ادبية‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تصنع‭ ‬منا‭ ‬قراء‭ ‬لدينا‭ ‬وجهات‭ ‬نظر‭ ‬مختلفة‭ ..‬فهذا‭ ‬الجيل‭ ‬المعلب‭ ‬على‭ ‬مقاس‭ ‬شاشات‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يقرر‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬المثقف‭ ‬المخضرم‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬كلمة‭ ‬المخضرم‭ ‬نفسها‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يلتفت‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الاسم‭ ‬والمعنى‭ .‬

الصحفي‭/ ‬نادر‭ ‬السباعي‭ ‬

لا‭ ‬يوجد‭ ‬تواصل‭ ‬بين‭ ‬الاجيال‭ ‬منذ‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬عام،‭ ‬وفيما‭ ‬يخص‭ ‬الابناء‭ ‬فقد‭ ‬انتهى‭ ‬تعليم‭ ‬الحرف‭ ‬في‭ ‬العطلات‭ ‬،و‭ ‬اصبح‭ ‬الدفع‭ ‬بالابناء‭ ‬للكشافة‭ ‬و‭ ‬المرشدات‭ ‬هي‭ ‬الحالة‭ ‬المتداولة‭ ‬او‭ ‬الاندية‭ ‬الرياضية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬منذ‭ ‬ظهور‭ ‬القنوات‭ ‬الفضائية‭ ‬بدات‭ ‬عمليات‭ ‬التفكك‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وبعد‭ ‬الفضائيات‭ ‬دخل‭ ‬الانترنت‭ ‬زاد‭ ‬عمق‭ ‬الفجوة‭ ..‬

الان‭ ‬هناك‭ ‬منظمات‭ ‬صليبية‭ ‬تقوم‭ ‬بتوجيه‭ ‬الابناء‭ ‬وعلى‭ ‬الامهات‭ ‬والابناء‭ ‬ان‭ ‬لايحرموا‭ ‬ابناءهم‭ ‬من‭ ‬الانترنت‭ ‬و‭ ‬التطور‭ ‬بل‭ ‬يعلموهم‭ ‬بانها‭ ‬ادات‭ ‬فيها‭ ‬الشر‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬الخير‭ ‬وعليهم‭ ‬اختياره‭ ‬كادات‭ ‬تعليمية‭ ‬و‭ ‬معرفية‭ ‬فقط‭ ‬وعدم‭ ‬الانجرار‭ ‬وراء‭ ‬الشر‭ ..‬

لا‭ ‬توجد‭ ‬رقابة‭ ‬من‭ ‬الدولةوبإمكان‭ ‬شركة‭ ‬الانترنت‭ ‬مراقبة‭ ‬المحتوى‭ ‬و‭ ‬إلغاءه‭.‬

الصحفي‭/ ‬فوزي‭ ‬المصباحي‭ ‬

تتمثل‭ ‬اشكالية‭ ‬الاختلافات‭ ‬بين‭ ‬الأجيال‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحاضر‭ ‬أكثر‭ ‬اتساعًا‭ ‬في‭ ‬مساحتها‭ ‬وأكثر‭ ‬عمقا‭ ‬في‭ ‬تأثيرها‭ ‬نتيجة‭ ‬الطفرة‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬المتغيرات‭ ‬العالمية‭ ‬المعرفية‭ ‬والمعلوماتية‭ ‬والثقافية‭. ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬قولهم‭ ‬ان‭ ‬التهميش‭ ‬وسلوكيات‭ ‬التسلط‭ ‬التي‭ ‬يمارسها‭ ‬الجيل‭ ‬الاول‭ ‬وما‭ ‬ينتج‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬من‭ ‬صراعات‭ ‬وتمرد‭ ‬جيل‭ ‬الشباب‭. ‬اشكالية‭ ‬صراع‭ ‬الأجيال‭ ‬عبارة‭ ‬تطلق‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬المتناقضة‭ ‬بين‭ ‬جيل‭ ‬متمسك‭ ‬بالتقاليد‭ ‬الموروثة‭ ‬وفنه‭ ‬وثقافته‭ ‬واصالته‭ ‬وجيل‭ ‬جديد‭ ‬متمرد‭ ‬على‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬ومؤمن‭ ‬بالتجديد‭ ‬والحداثة‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الآراء‭ ‬والتصورات‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬جيل‭ ‬وآخر‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬حدة‭ ‬الحديث‭ ‬حول‭ ‬تلك‭ ‬العلاقة‭ ‬قد‭ ‬تزايدت‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬أفرزته‭ ‬ثورات‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬شباب‭ ‬جدد‭ ‬اعتمدوا‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التقنية‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬يجيدها‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬الاكبر‭ ‬سنا‭  ‬في‭ ‬إعلانهم‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭ ‬وإصرارهم‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬المجتمعية‭ ‬وتواجدهم‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬الادب‭ ‬والثقافة‭ ‬وصنع‭ ‬القرار‭ .‬ففي‭ ‬فترة‭ ‬متأخرة‭ ‬من‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭  ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬فجوة‭ ‬واسعة‭ ‬بين‭ ‬جيل‭ ‬الاول‭ ‬وجيل‭ ‬الذي‭ ‬يليه‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬التواصل‭ ‬الحي‭ ‬قائما‭ ‬بين‭ ‬الأجيال‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬المعرفة‭ ‬الابداعية‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬دفء‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الجيلين‭ ‬سواء‭ ‬تم‭ ‬ذلك‭ ‬التواصل‭ ‬بصيغة‭ ‬حوار‭ ‬أو‭ ‬نقد‭ ‬أو‭ ‬توجيه‭ ‬أو‭ ‬تصحيح‭ ‬ولذلك‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬جيل‭ ‬الشباب‭ ‬يشعر‭ ‬بأي‭ ‬عزلة‭ ‬أو‭ ‬فجوة‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬الجيل‭ ‬الذي‭ ‬سبقه‭ ‬لكن‭ ‬عندما‭ ‬غزت‭ ‬ثقافة‭ ‬العولمة‭ ‬بفضائها‭ ‬المفتوح‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجالات‭ ‬ساحتنا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬سببت‭ ‬لنا‭ ‬خلخل‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬مجتمعنا‭ ‬الليبي‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬بدأت‭ ‬ظاهرة‭ ‬الانفصام‭ ‬بين‭ ‬الأجيال‭ ‬تبرز‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬إلى‭ ‬الوجود‭ ‬وتتسع‭ ‬الفجوة‭ ‬بينهما‭ ‬باستمرار‭ ‬فصار‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬بالجيل‭ ‬الذي‭ ‬سبقه‭ ‬وتتجلى‭ ‬هذه‭ ‬الفجوة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجال‭ ‬من‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬الفن‭ ‬والثقافة‭ ‬والأدب‭ ‬وإلى‭ ‬العلوم‭ ‬ومن‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬إلى‭ ‬العلاقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والأخلاق‭. ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬ذلك‭ ‬الثقافة‭ ‬الغربية‭  ‬الوافدة‭ ‬إلينا‭ ‬عبر‭ ‬القنوات‭ ‬التلفزيونية‭ ‬والإنترنت‭ ‬التي‭ ‬رسخت‭ ‬في‭ ‬شبابنا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المظاهر‭ ‬والسلوكيات‭ ‬الدخيلة‭ ‬والشاذّة‭ ‬عن‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬وثقافتنا‭ ‬وتقاليدنا‭ ‬الاصيلة‭ ‬والتي‭ ‬هبطت‭ ‬بمستوى‭ ‬الذوق‭ ‬العام‭ ‬لدى‭ ‬شبابنا‭ ‬وأطفالنا‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬مما‭ ‬انعكس‭ ‬على‭ ‬لباسهم‭ ‬ومظهرهم‭ ‬العام‭ ‬وحتى‭ ‬كلامهم‭ ‬ومصطلحاتهم‭ ‬التي‭ ‬يستخدمونها‭ ‬في‭ ‬مفرداتهم‭ ‬اليومية‭ ‬وما‭ ‬ينشرونه‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭..‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أديبا‭ ‬شاعرا‭ ‬كاتبا‭ ‬مثقفا‭ ‬فنانا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬عصر‭ ‬الحضارة‭ ‬والتطور‭ ‬الإليكتروني‭ ‬والتكنولوجي‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬انك‭ ‬ستصارع‭ ‬الطوفان‭ ‬وتحارب‭ ‬تشويه‭ ‬الذائقة‭ ‬الأدبية‭ ‬وتقتلع‭ ‬الجهل‭ ‬من‭ ‬براثن‭ ‬مدعي‭ ‬الفن‭ ‬والثقافة‭ ‬الجدد‭ ‬من‭ ‬اصحاب‭ ‬صناع‭ ‬المحتوى‭ ‬على‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬الا‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬ربي‭ ..‬ففي‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬والزمان‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬اليوم‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تجتهد‭ ‬أضعاف‭ ‬ما‭ ‬اجتهد‭ ‬أدباء‭ ‬وفنانين‭ ‬وشعراء‭ ‬وكتاب‭ ‬الزمن‭ ‬الجميل‭ . ‬قد‭ ‬يعتقد‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭ ‬مبالغ‭ ‬فيه‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬التطور‭ ‬الذي‭ ‬أتاح‭ ‬للجميع‭ ‬ان‭ ‬ينشروا‭ ‬على‭ ‬منصات‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬ما‭ ‬يحلو‭ ‬لهم‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬للقيم‭ ‬والاخلاق‭ ‬وهنا‭ ‬تقع‭ ‬الكارثة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬بها‭ ‬المجتمع‭ ‬فصناعة‭ ‬المحتوى‭ ‬أو‭ ‬إنشاء‭ ‬المحتوى‭ ‬هو‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬معلومات‭ ‬في‭ ‬سياقات‭ ‬محددة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬وسائط‭ ‬الإعلام‭ ‬الرقمي‭ ‬وذلك‭ ‬لفائدة‭ ‬ما‭ ‬معني‭ ‬بها‭ ‬الجمهور‭ ‬المستهدف‭. ‬ولأن‭ ‬مساحة‭ ‬حرية‭ ‬الطرح‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬واسعة‭ ‬فبتنا‭ ‬نرى‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬صناع‭ ‬التفاهة‭ ‬قد‭ ‬تصدروا‭ ‬تلك‭ ‬المواقع‭ ‬ويحصدون‭ ‬يوميا‭ ‬ملايين‭ ‬من‭ ‬المشاهدات‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ينشرونه‭ ‬وهم‭ ‬يتصارعون‭ ‬بين‭ ‬طامح‭ ‬بالشهرة‭ ‬وراغب‭ ‬بالمال‭ ‬وآخر‭ ‬يريد‭ ‬إفادة‭ ‬المجتمع‭.. ‬لم‭ ‬يمر‭ ‬المثقف‭ ‬الليبي‭ ‬بأزمة‭ ‬تجاهل‭ ‬وعجز‭ ‬عن‭ ‬التأثير‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬التغيير‭ ‬كما‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬انحدار‭ ‬اخلاقي‭ ‬وإفلاس‭ ‬إنساني‭ ‬تسببت‭ ‬به‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬سطحت‭ ‬العلاقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وكرست‭ ‬لقيم‭ ‬بديلة‭ ‬حطمت‭ ‬الموروث‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والثقافي‭ ‬للمجتمع‭ ‬وعزلت‭ ‬المثقف‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬وقف‭ ‬متفرجا‭ ‬يندب‭ ‬انحسار‭ ‬دوره‭ ‬وانصراف‭ ‬العامة‭ ‬عنه‭ ‬الى‭ ‬نخب‭ ‬افتراضية‭ ‬جديدة‭ ‬مجهولة‭ ‬تروج‭ ‬للرداءة‭ ‬والاستهلاك‭ ‬المادي‭ ‬العبثي‭ ‬إنه‭ ‬زمن‭ ‬الرداءة‭ ‬وسقوط‭ ‬النخب‭ ‬الثقافية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬الذين‭ ‬استبدلوا‭ ‬بكائنات‭ ‬صنعتها‭ ‬وأشهرتها‭ ‬الشركات‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬وجدت‭ ‬ضالتها‭ ‬بعد‭ ‬انحسار‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬فكل‭ ‬يوم‭ ‬يمر‭ ‬تزداد‭ ‬عزلة‭ ‬المثقف‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬زيادة‭ ‬وهج‭ ‬نجوم‭ ‬التفاهة‭ ‬وعدم‭ ‬اقتناعهم‭ ‬بتواصل‭ ‬الاجيال‭ ‬والاستفادة‭ ‬منهم‭ ‬فنجد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬صناع‭ ‬المحتوي‭ ‬ينشر‭ ‬ما‭ ‬يحلو‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬تفاهات‭ ‬سواء‭ ‬ادبية‭ ‬او‭ ‬فنية‭ ‬او‭ ‬اجتماعية‭ ‬بحجة‭ ‬انه‭ ‬مثقف‭ ‬او‭ ‬شاعر‭ ‬وانه‭ ‬لا‭ ‬يشق‭ ‬له‭ ‬غبار‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬ينشر‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وانه‭ ‬يعلم‭ ‬مالا‭ ‬يعلمه‭ ‬من‭ ‬اجيال‭ ‬سبقته‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مختلفة‭ ‬‭.. ‬اليوم‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬لمشروع‭ ‬الثقافي‭ ‬مشروع‭ ‬يضم‭ ‬النخب‭ ‬وصناع‭ ‬الإعلام‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬الدور‭ ‬الثقافي‭ ‬الفاعل‭ ‬لوسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المطبوعة‭ ‬والمسموعة‭ ‬والمرئية‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬القنوات‭ ‬الفضائية‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭ ‬المنتشرة‭ ‬كالنار‭ ‬في‭ ‬الهشيم‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أية‭ ‬فاعلية‭ ‬ثقافية‭ ‬ولا‭ ‬تأثير‭ ‬إيجابي‭ ‬يذكر‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬ثقافة‭ ‬التقدم‭ ‬والتنوير‭ ‬والتثوير‭ ‬ولغة‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الاجيال‭. ‬وهنا‭ ‬لابد‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬انعدام‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الجيل‭ ‬الحاضر‭ ‬والجيل‭ ‬السابق‭ ‬ستعرقل‭ ‬انتشار‭ ‬الثقافة‭ ‬وتقلل‭ ‬من‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬وجدان‭ ‬الناس‭ ‬وتسهم‭ ‬في‭ ‬انفلات‭ ‬الاخلاق‭ ‬والقيم‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬الليبي‭..‬

نصرالدين‭ ‬علي

لانستطيع‮ ‬‭ ‬ان‮ ‬‭ ‬نوجه‮ ‬‭ ‬اللوم‭ ‬اجيل‮ ‬‭ ‬محدد‮ ‬‭ ‬ولكن‮ ‬‭ ‬ماحدث‮ ‬‭ ‬وما‮ ‬‭ ‬زال‮ ‬‭ ‬يحدث‮ ‬‭ ‬هو‮ ‬‭ ‬فعلا‭ ‬انقطاع‮ ‬‭ ‬التواصل‮ ‬‭ ‬الفكري‮ ‬‭ ‬وهذا‮ ‬‭ ‬الاهم‮  ‬‭ ‬ومن‮ ‬‭ ‬ثم‮ ‬‭ ‬التواصل‮ ‬‭ ‬الادبي‮ ‬‭ ‬وااثقافي‮ ‬‭ .. ‬عندما‮ ‬‭ ‬تتامل‮ ‬‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬ستجد‮ ‬‭ ‬ان‭ ‬كل‮ ‬‭ ‬جيل‮ ‬‭ ‬صنع‮ ‬‭ ‬له‮ ‬‭ ‬مفتاح‮ ‬‭ ‬وقفل‮ ‬‭ ‬وباب‮ ‬‭ ‬خاص‭ ‬به‮ ‬‭ ‬ثم‮ ‬‭ ‬اقغل‭ ‬على‮ ‬‭ ‬نفسه‭ ‬البتب‭ ‬وترك‮ ‬‭ ‬المفتاح‮ ‬‭ ‬معلقا‮ ‬‭ ‬بالباب‮ ‬‭ ‬اعتقد‮ ‬‭ ‬هكذا‮ ‬‭ ‬وكان‮ ‬‭ ‬كل‮ ‬‭ ‬جيل‮ ‬‭ ‬يقول‭ ‬للجيل‮ ‬‭ ‬الذي‮ ‬‭ ‬يليه‮ ‬‭ ‬فمن‮ ‬‭ ‬يريدني‭ ‬يجب‮ ‬‭ ‬عليه‮ ‬‭ ‬ادارة‭ ‬المفتاح‮ ‬‭ ‬وفتح‮ ‬‭ ‬الباب‭ ‬وثم‮ ‬‭ ‬يدخل‮ ‬‭ ‬ليحدني‮ ‬‭ ‬جالس‮ ‬‭ ‬لوحدي‭ ‬اراقب‭ ‬واكرر‮ ‬‭ ‬ماصنعته‮ ‬‭ ‬سابقا‭ .. ‬الحقيقة‮ ‬‭ ‬الكل‭ ‬ملام‮ ‬‭ ‬وتحديدا‮ ‬‭ ‬الاجيال‭ ‬التي‮ ‬‭ ‬ظهرت‭ ‬في‮ ‬‭ ‬زمن‮  ‬‭ ‬كانت‮ ‬‭ ‬فيه‭ ‬تلسلطة‮ ‬‭ ‬تتحذ‮ ‬‭ ‬موقف‭ ‬خاص‮ ‬‭ ‬لها‭ …‬وهناك‮ ‬‭ ‬امر‮ ‬‭ ‬مهم‭ ‬جدا‮ ‬‭ ‬ليس‮ ‬‭ ‬كل‮ ‬‭ ‬من‮ ‬‭ ‬في‮ ‬‭ ‬ااساحة‮ ‬‭ ‬يعتبر‮ ‬‭ ‬كاتبا‭ ‬او‭ ‬روائيا‮ ‬‭ ‬او‮ ‬‭ ‬شاعؤا‮ ‬‭ ‬مثلا‭ .. ‬ففي‮ ‬‭ ‬اعتقادي‮ ‬‭ ‬ان‮ ‬‭ ‬البوصلة‮ ‬‭ ‬تاهت‭ ‬وماعدنا‮ ‬‭ ‬نكترث‭ ‬بمن‮ ‬‭ ‬هو‮ ‬‭ ‬حقيقي‮ ‬‭ ‬ومن‮ ‬‭ ‬هو‮ ‬‭ ‬مزيف‮ ‬‭ ‬صار‮ ‬‭ ‬الامر‮ ‬‭ ‬المهم‮ ‬‭ ‬ان‮ ‬‭ ‬ننجز‭ ‬لايهم‮ ‬‭ ‬كيف‮ ‬‭ ‬ولكن‮ ‬‭ ‬المهم‮  ‬‭ ‬هو‭ ‬الكم‭ … ‬فاعداد‭ ‬تلكتاب‮ ‬‭ ‬والصحافيين‭ ‬والروائين‮ ‬‭ ‬والشعراء‮ ‬‭ ‬في‮ ‬‭ ‬ازدياد‮ ‬‭ ‬وهذا‮ ‬‭ ‬شيء‭ ‬نتمناه‮ ‬‭ ‬ولكن‮ ‬‭ ‬الضوابط‮ ‬‭ ‬والمعايير‮ ‬‭ ‬مفقودة‭ ‬تماما‭ … ‬كل‮ ‬‭ ‬هذه‭ ‬من‮ ‬‭ ‬الممكن‮ ‬‭ ‬جدا‮ ‬‭ ‬ساهم‮ ‬‭ ‬في‮ ‬‭ ‬انقطاع‭ ‬سلسلة‮ ‬‭ ‬التواصل‭ ‬بل‭ ‬وربما‮ ‬‭ ‬عدم‮ ‬‭ ‬وجودها‮ ‬‭ ‬اصلا‭ ..‬اما‮ ‬‭ ‬عن‮ ‬‭ ‬الاجيال‮ ‬‭ ‬المتقدمة‭ ‬والحديثة‭ ‬فلا‭ ‬اعتقد‮ ‬‭ ‬ان‮ ‬‭ ‬داخل‮ ‬‭ ‬هذه‮ ‬‭ ‬الدائرة‮ ‬‭ ‬فالظروف‮ ‬‭ ‬المحاطة‭ ‬والتقدم‮ ‬‭ ‬الهائل‭ ‬ساهم‮ ‬‭ ‬في‮ ‬‭ ‬خلق‮ ‬‭ ‬جيل‭ ‬مختلف‮ ‬‭ ‬تماما‮ ‬‭ ‬فكريا‮ ‬‭ ‬وعقائديا‭ ‬وادبيا‮ ‬‭ ‬عن‮ ‬‭ ‬من‮ ‬‭ ‬سبقه‭ .‬

فهذا‮ ‬‭ ‬الضياع‮ ‬‭ ‬الذي‮ ‬‭ ‬نعيشه‭ ‬قد‮ ‬‭ ‬احدث‮ ‬‭ ‬شرخا‮ ‬‭ ‬وفجوة‭ ‬مخيفة‭ ‬بين‭ ‬الاجيال‮ ‬‭ ‬وانا‮ ‬‭ ‬لاقصد‭ ‬الان‮ ‬‭ ‬فقط‭ ‬بل‮ ‬‭ ‬حدث‮ ‬‭ ‬هذا‮ ‬‭ ‬منذ‮  ‬‭ ‬زمن‭ ..‬بدايته‮ ‬‭ ‬تحديدا‭ ‬منذ‮ ‬‭ ‬ان‭ ‬صرنا‮ ‬‭ ‬نحدد‭ ‬من‮ ‬‭ ‬الافضل‮ ‬‭ ‬ومن‮ ‬‭ ‬الاسوأ‮ ‬‭ .. ‬فانا‮ ‬‭ ‬اؤكد‮ ‬‭ ‬مما‭ ‬لايدعو‭ ‬مجالا‮ ‬‭ ‬للشك‮ ‬‭ ‬ان‮ ‬‭ ‬هناك‮ ‬‭ ‬قدرات‮ ‬‭ ‬هائلة‭ ‬لم‮ ‬‭ ‬تظهر‭ ‬ولم‮ ‬‭ ‬تسنح‮ ‬‭ ‬لها‮ ‬‭ ‬الفرص‭ ‬ولم‮ ‬‭ ‬يحالفها‮ ‬‭ ‬الحظ‭ . ‬وهذا‮ ‬‭ ‬ايضا‮ ‬‭ ‬ساهم‮ ‬‭ ‬وبشكل‮ ‬‭ ‬كبير‭ .. ‬اضافة‭ ‬الى‮ ‬‭ ‬طريقة‭ ‬التفكير‭ ‬التي‭ ‬نتميز‮ ‬‭ ‬بها‭ ‬داخل‮ ‬‭ ‬هذه‮ ‬‭ ‬الاوساط‭ ‬والتي‮ ‬‭ ‬لاتخلو‭ ‬من‮ ‬‭ ‬الانانية‮ ‬‭ ‬والنرجسية‭ ‬والتوحد‭.‬

الشاعرة‭ ‬والصحفية‭  / ‬سميرة‭ ‬البوزيدي‭ ‬

جغرافيات‭ ‬غبية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬وقت‭ ‬ببلادنا‭ ‬تحدث‭ ‬هذه‭ ‬الربكة‭ ‬والغلبة‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الثقافة‭ ‬والأدب،‭ ‬ويحدث‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬عموم‭ ‬المجتمعات‭ ‬المتخلفة‭ ‬والتي‭ ‬ليس‭ ‬اُسس‭ ‬وقواعد‭ ‬حضارية‭ ‬تقافية‭ ‬ذات‭ ‬جذور‭ ‬راسخة،‭ ‬ففي‭ ‬الأمم‭ ‬المتقدمة‭ ‬للكاتب‭ ‬مكانة‭ ‬وإحترام‭ ‬كبيرين‭ ‬،لأن‭ ‬أسم‭ ‬الكاتب‭ ‬او‭ ‬المخترع‭ ‬اوالعالم‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يرفع‭ ‬شأن‭ ‬البلاد،‭ ‬خصوصا‭ ‬عندما‭ ‬يتحصلون‭ ‬على‭ ‬جوائز‭ ‬عالمية‭ ‬كنوبل‭ ‬مثلا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬فروعها‭ ‬العلمية‭ ‬والأدبية‭ ‬والإنسانية‭ ‬والفنية،‭ ‬فلهذا‭ ‬للكاتب‭ ‬مكانة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬للبلدان‭ ‬المتقدمة‭ ‬التي‭ ‬تعرف‭ ‬قيمة‭ ‬الكاتب‭ ‬الحقيقي،‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬مثل‭ ‬ليبيا‭ ‬يعامل‭ ‬الكاتب‭ ‬ككم‭ ‬مهمل‭ ‬لايتم‭ ‬تقديره‭ ‬في‭ ‬مجتمعه‭ ‬وحتى‭ ‬وفي‭ ‬عمله،‭ ‬فعليه‭ ‬مثلا‭ ‬أن‭ ‬يوقع‭ ‬حضور‭ ‬وانصراف‭ ‬كتلاميذ‭ ‬المدارس،‭ ‬وعليه‭ ‬ان‭ ‬ينصاع‭ ‬للأوامر‭ ‬والا‭ ‬سيتم‭ ‬تسجيله‭ ‬غياب‭ ‬ومعاقبته‭ ‬،‭ ‬أيضا‭ ‬هو‭ ‬يعاني‭ ‬الفاقة‭ ‬وينتظر‭ ‬راتبه‭ ‬البائس،‭ ‬وعند‭ ‬التقاعد‭ ‬لايتم‭ ‬تكريمه‭ ‬والنظر‭ ‬في‭ ‬تسوياته‭ ‬الوظيفية‭ ‬فيتقاعد‭ ‬على‭ ‬درجات‭ ‬وضيعة،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬نرى‭ ‬أصحاب‭ ‬المواهب‭ ‬في‭ ‬التسلق‭ ‬والتملق‭  ‬ولامواهب‭ ‬غيرها‭ ‬لديهم‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬تكون‭ ‬لهم‭ ‬الحضوة،‭ ‬فأي‭ ‬تقدير‭ ‬للكاتب‭ ‬الذي‭ ‬ينزوي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬تاركا‭ ‬الساحة‭ ‬لصناع‭ ‬المحتوى‭ ‬تقام‭ ‬لهم‭ ‬المهرجانات‭ ‬ويتم‭ ‬الاحتفاء‭ ‬بهم‭ ‬،‭ ‬لأنه‭ ‬عصر‭ ‬التفاهة‭ ‬بامتياز‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬هذه‭ ‬التي‭ ‬تتربى‭ ‬عليها‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬ويتم‭ ‬ترويجهاوتكريسها‭ ‬وبالتالي‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تواصل‭ ‬للأجيال‭ ‬الاعبر‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬الذي‭ ‬سينتج‭ ‬لاحقا‭ ‬تشوهات‭ ‬،‭ ‬وليستمر‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬نسقه‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬به‭ ‬الى‭ ‬الزوال‭. ‬

‮ ‬‭ ‬ولهذا‭ ‬خلق‭ ‬الله‭ ‬الاعاصير‭ ‬والسيول‭ ‬لتنظيف‭ ‬الجغرافيات‭ ‬الغبية‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى