إجتماعي

تطور المجتمع.. والاغتراب عن الذات

فايزة العجيلي

تشهدالمجتمعات‭ ‬البشرية‭ ‬تطوراً‭ ‬مستمراً‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الزمن،‭ ‬نتيجة‭ ‬أسباب‭ ‬عديدة،‭ ‬منها‭ ‬التأثير‭ ‬والتأثر‭ ‬بالمجتمعات‭ ‬الأخرى،‭ ‬وتغير‭ ‬نمط‭ ‬الحياة‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع،‭ ‬نتيجة‭ ‬التطور‭ ‬العلمي‭ ‬والتقني،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة‭..‬

ومجتمعنا‭ ‬الليبي،‭ ‬كغيره‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬الأخرى،‭ ‬شهد‭ ‬تطورات‭ ‬كبيرة‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬نمط‭ ‬الحياة،‭ ‬أو‭ ‬التغيرات‭ ‬التي‭ ‬حدث‭ ‬على‭ ‬منظومة‭ ‬الأعراف‭ ‬والتقاليد‭ ‬الموروثة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬منذ‭ ‬مئات‭ ‬السنين‭..‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬التحديثات‭ ‬او‭ ‬التطورات‭ ‬الحاصلة‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬الأعراف‭ ‬والتقاليد‭ ‬المجتمعية‭ ‬تكون‭ ‬إيجابية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬بعضها‭ ‬يكون‭ ‬سلبياً،‭ ‬ويساهم‭ ‬في‭ ‬انفصام‭ ‬عرى‭ ‬الترابط‭ ‬المجتمعي،‭ ‬خاصة‭ ‬داخل‭ ‬مجتمعنا‭ ‬الليبي‭ ‬المعروف‭ ‬بترابط‭ ‬فسيفسائه‭ ‬ترابطاً‭ ‬وثيقاً،‭ ‬قلَّ‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬مجتمعات‭ ‬مناظرة‭..‬

ومن‭ ‬تلك‭ ‬العادات‭ ‬التي‭ ‬تغيرت‭ ‬بفعل‭ ‬التطور‭ ‬المجتمعي،‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تشهده‭ ‬مناسباتنا‭ ‬الدينية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬من‭ ‬تواصل‭ ‬وحضور‭ ‬لجميع‭ ‬أفراد‭ ‬الأسر‭ ‬صغيرهم‭ ‬وكبيرهم،‭ ‬وما‭ ‬ينشأ‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬الحضور‭ ‬من‭ ‬ترابط‭ ‬أسري‭ ‬ومجتمعي،‭ ‬وعلاقات‭ ‬صداقة‭ ‬ومصاهرة،‭ ‬تمتن‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬ترابطه،‭ ‬وتخلق‭ ‬روابط‭ ‬من‭ ‬تقدير‭ ‬واحترام‭ ‬بين‭ ‬الجميع،‭ ‬لا‭ ‬تؤثر‭ ‬فيها‭ ‬مجريات‭ ‬الزمن‭ ‬وظروف‭ ‬الحياة‭..‬

ومع‭ ‬غياب‭ ‬ذلك‭ ‬الحضور‭ ‬البهيج‭ ‬عن‭ ‬مناسباتنا‭:‬

غاب‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬الأجيال،‭ ‬وغابت‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬المودة‭ ‬والتراحم،‭ ‬حتى‭ ‬أصبحنا‭ ‬نرى‭ ‬خصاماً‭ ‬وتقاتلاً‭ ‬بين‭ ‬الأشقاء،‭ ‬وأبناء‭ ‬العمومة،‭ ‬بسبب‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬ميراث،‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك،‭ ‬مما‭ ‬لم‭ ‬نعهده‭ ‬على‭ ‬مجتمعنا‭ ‬سابقاً‭..‬

إن‭ ‬ما‭ ‬يمر‭ ‬به‭ ‬مجتمعنا‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬الاغتراب‭ ‬عن‭ ‬الذات‭ ‬والهوية،‭ ‬يجعل‭ ‬لزاماً‭ ‬على‭ ‬الجهات‭ ‬ذات‭ ‬الاختصاص‭ ‬المجتمعي،‭ ‬كالوعاظ،‭ ‬ومراكز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ومسؤولي‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم،‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام،‭  ‬البحث‭ ‬لإيجاد‭ ‬السبل‭ ‬الكفيلة‭ ‬بإعادة‭ ‬المجتمع‭ ‬إلى‭ ‬هويته‭ ‬المميز‭ ‬بها،‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬صار‭ ‬التقليد‭ ‬والتمظهر،‭ ‬سمة‭ ‬رئيسة‭ ‬للأفراد‭ ‬والجماعات‭..‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى