تشهدالمجتمعات البشرية تطوراً مستمراً مع مرور الزمن، نتيجة أسباب عديدة، منها التأثير والتأثر بالمجتمعات الأخرى، وتغير نمط الحياة داخل المجتمع، نتيجة التطور العلمي والتقني، خاصة في العقود الأخيرة..
ومجتمعنا الليبي، كغيره من المجتمعات الأخرى، شهد تطورات كبيرة سواء على مستوى نمط الحياة، أو التغيرات التي حدث على منظومة الأعراف والتقاليد الموروثة في المجتمع منذ مئات السنين..
ورغم أن بعض التحديثات او التطورات الحاصلة في منظومة الأعراف والتقاليد المجتمعية تكون إيجابية، إلا أن بعضها يكون سلبياً، ويساهم في انفصام عرى الترابط المجتمعي، خاصة داخل مجتمعنا الليبي المعروف بترابط فسيفسائه ترابطاً وثيقاً، قلَّ وجوده في مجتمعات مناظرة..
ومن تلك العادات التي تغيرت بفعل التطور المجتمعي، هي ما كانت تشهده مناسباتنا الدينية والاجتماعية من تواصل وحضور لجميع أفراد الأسر صغيرهم وكبيرهم، وما ينشأ عن ذلك الحضور من ترابط أسري ومجتمعي، وعلاقات صداقة ومصاهرة، تمتن النسيج الاجتماعي في ترابطه، وتخلق روابط من تقدير واحترام بين الجميع، لا تؤثر فيها مجريات الزمن وظروف الحياة..
ومع غياب ذلك الحضور البهيج عن مناسباتنا:
غاب التواصل بين الأجيال، وغابت كثير من مظاهر المودة والتراحم، حتى أصبحنا نرى خصاماً وتقاتلاً بين الأشقاء، وأبناء العمومة، بسبب جزء من ميراث، أو غير ذلك، مما لم نعهده على مجتمعنا سابقاً..
إن ما يمر به مجتمعنا من مرحلة الاغتراب عن الذات والهوية، يجعل لزاماً على الجهات ذات الاختصاص المجتمعي، كالوعاظ، ومراكز الدراسات الاجتماعية، ومسؤولي التربية والتعليم، ووسائل الإعلام، البحث لإيجاد السبل الكفيلة بإعادة المجتمع إلى هويته المميز بها، في عصر صار التقليد والتمظهر، سمة رئيسة للأفراد والجماعات..