إستطلاعاتالرئيسية

تعديل سعر الصرف.. “لما يجي الكيد ع الصاري”

تحقيق وتصوير / انتصار المغيربي

في‭ ‬خطوة‭ ‬مثيرة‭ ‬للجدل،‭ ‬قرر‭ ‬المصرف‭ ‬المركزي‭ ‬الليبي‭ ‬فرض‭ ‬ضريبة‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬الدولار،‭  ‬مما‭ ‬أثار‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬متباينة‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭. ‬هذه‭ ‬السياسة،‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬الإيرادات‭ ‬الحكومية،‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يعاني‭ ‬فيه‭ ‬المواطنون‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬مستمر‭ ‬في‭ ‬الأسعار‭ ‬وصعوبات‭ ‬اقتصادية‭ ‬متزايدة‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التحقيق‭ ‬الاستقصائي،‭ ‬نستعرض‭ ‬الأبعاد‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬لهذا‭ ‬القرار،‭ ‬ونتناول‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬المواطنين‭ ‬والتجار،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تحليل‭ ‬الأسباب‭ ‬وراء‭ ‬اتخاذ‭ ‬المركزي‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬وما‭ ‬قد‭ ‬تؤول‭ ‬إليه‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭. ‬وهل‭ ‬ستساهم‭ ‬زيادة‭ ‬الضريبة‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬الوضع‭ ‬المالي‭ ‬للدولة،‭ ‬أم‭ ‬ستزيد‭ ‬من‭ ‬معاناة‭ ‬الشعب‭ ‬الليبي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬الراهنة؟‭ ‬وكيف‭ ‬يتم‭ ‬تحسين‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬الليبي‭ ‬وفق‭ ‬السياسات‭ ‬النقدية‭ ‬الفعالة؟‭  ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬مقابلات‭ ‬مع‭ ‬خبراء‭ ‬اقتصاديين،‭ ‬وملاحظات‭ ‬من‭ ‬المواطنين،‭ ‬و‭ ‬تحليل‭ ‬بيانات‭ ‬السوق،‭ ‬نسعى‭ ‬لفهم‭ ‬الأبعاد‭ ‬الحقيقية‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬ونتائجها‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬للمواطن‭ ‬الليبي‭.‬

إيجابي‭ ‬للحكومة‭ ‬وعلى‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬‮«‬راح‭ ‬فيها‭ ‬المواطن‮»‬

صدر‭ ‬القرار‭ ‬ولم‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬التبعات‭ ‬أحد‭!!‬

المهندس‭ ‬طارق‭ ‬خير‭ ‬الله‭  ‬مدير‭ ‬مكتب‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬بهيئة‭ ‬المشروعات‭ ‬العامة‭ ‬سابقا‭ ‬ومستشار‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لصالح‭ ‬وزارة‭ ‬التخطيط‭ ‬سابقا‭  ‬قال‭  ‬لتبسيط‭  ‬المفاهيم‭ ‬الأساسية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نوضح‭ ‬أن‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬الليبي‭ ‬مقابل‭ ‬الدولار‭ ‬هو‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬الليبي‭ ‬مقارنة‭ ‬بالدولار‭ ‬الأمريكي‭. ‬عندما‭ ‬نقول‭ ‬‮«‬خفض‭ ‬الدينار‮»‬،‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬أصبحت‭ ‬أقل‭ ‬مقابل‭ ‬الدولار‭ ‬‮«‬أي‭ ‬تحتاج‭ ‬عدد‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الدنانير‭ ‬لشراء‭ ‬دولار‭ ‬واحد‮»‬‭. ‬بينما‭ ‬‮«‬رفع‭ ‬الدينار‮»‬،‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬أصبحت‭ ‬أعلى‭ ‬مقابل‭ ‬الدولار‭ ‬‮«‬أي‭ ‬تحتاج‭ ‬عدد‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬الدنانير‭ ‬لشراء‭ ‬دولار‭ ‬واحد‮»‬‭. ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬فرض‭ ‬ضريبة‭ ‬على‭ ‬سعر‭ ‬بيع‭ ‬الدولار‭ ‬‮«‬رسم‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬النقد‭ ‬الأجنبي‮»‬‭ ‬هي‭ ‬نسبة‭ ‬مئوية‭ ‬تضاف‭ ‬إلى‭ ‬سعر‭ ‬الدولار‭ ‬عند‭ ‬بيعه‭ ‬للأفراد‭ ‬أو‭ ‬الشركات‭ ‬لأغراض‭ ‬مختلفة‭ ‬‮«‬مثل‭ ‬الاستيراد‭ ‬أو‭ ‬السفر‮»‬‭. ‬وأكد‭ ‬أن‭ ‬فرض‭ ‬هذه‭ ‬الضريبة‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬تكلفة‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الدولار،‭ ‬و‭ ‬تقليصها‭ ‬و‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التكلفة‭. ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬تخبط‭ ‬مالي‭ ‬و‭ ‬لتحليل‭ ‬هذا‭ ‬التخبط‭ ‬الحاصل‭ ‬وهو‭ ‬التخبط‭ ‬بين‭ ‬خفض‭ ‬و‭ ‬رفع‭ ‬الدينار‭ ‬و‭ ‬فرض‭ ‬و‭ ‬تقليص‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬الدولار‭ ‬وهذا‭ ‬يعكس‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬النقدية‭ ‬و‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬و‭ ‬ينبع‭ ‬غالبا‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬عوامل‭ ‬متداخلة‭ ‬أهمها‭  ‬محاولة‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬متضاربة،‭ ‬فقد‭ ‬يحاول‭ ‬المصرف‭ ‬المركزي‭ ‬تحقيق‭ ‬عدة‭ ‬أهداف‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬منها‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬التضخم‭ ‬أي‭  ‬خفض‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬المستوردة،‭ ‬و‭ ‬بالتالي‭ ‬زيادة‭ ‬التضخم‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬رفع‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬التضخم‭. ‬فرض‭ ‬ضريبة‭ ‬على‭ ‬الدولار‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬تكلفة‭ ‬الاستيراد‭ ‬و‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬التضخم،‭ ‬بينما‭ ‬تقليصها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يخفف‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬التضخمية‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬المستوردة‭.‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬المصرف‭ ‬المركزي‭ ‬حالياً‭ ‬من‭ ‬خفض‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬و‭ ‬فرض‭ ‬ضريبة‭ ‬على‭ ‬بيعه‭ ‬هو‭ ‬المسبب‭ ‬الكبير‭ ‬للتضخم‭ ‬و‭ ‬الزيادة‭ ‬الجنونية‭ ‬للأسعار‭ ‬و‭ ‬بالتالي‭ ‬طحن‭ ‬المواطن‭ ‬البسيط‭ – ‬خفض‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬إيرادات‭ ‬النفط‭ ‬الليبي‭ ‬‮«‬و‭ ‬هي‭ ‬بالدولار‮»‬‭ ‬عند‭ ‬تحويلها‭ ‬إلى‭ ‬الدينار‭ ‬أزيد‭ ‬عما‭ ‬سبق‭ ‬و‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬تحتاجه‭ ‬الدولة‭ ‬لدفع‭ ‬التزاماتها‭ ‬من‭ ‬مرتبات‭ ‬و‭ ‬مصروفات‭- ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬أي‭ ‬فرض‭ ‬ضريبة‭ ‬على‭ ‬الدولار‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬الطلب‭ ‬عليه‭ ‬لأنه‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬تكلفته،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬احتياطي‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية‭. ‬تقليص‭ ‬الضريبة‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الدولار‭ ‬و‭ ‬بالتالي‭ ‬قد‭ ‬يزيد‭ ‬الطلب‭ ‬عليه‭- ‬محاولة‭ ‬لمعالجة‭ ‬التشوهات‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬السوداء‭ ‬النشطة‭ ‬للعملة،‭ ‬لتقليل‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬السعر‭ ‬الرسمي‭ ‬و‭ ‬سعر‭ ‬السوق‭ ‬الموازي‭- ‬الضغوط‭ ‬السياسية‭ ‬و‭ ‬الاقتصادية‭ ‬فالقرارات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تتأثر‭ ‬بالضغوط‭ ‬السياسية‭ ‬المختلفة‭ ‬و‭ ‬المصالح‭ ‬المتضاربة،‭ ‬و‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬جهات‭ ‬تدفع‭ ‬نحو‭ ‬خفض‭ ‬الدينار‭ ‬لدعم‭ ‬قطاعات‭ ‬معينة،‭ ‬بينما‭ ‬تدفع‭ ‬جهات‭ ‬أخرى‭ ‬نحو‭ ‬رفعه‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬الأسعار‭ .‬وقال‭     ‬خير‭ ‬الله‭  “‬توجد‭ ‬تأثيرات‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التخبط‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬المصرف‭ ‬من‭ ‬رفع‭ ‬و‭ ‬خفض‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬ضريبة‭ ‬من‭ ‬عدمه‭ ‬وهي‮«‬تأثير‭ ‬إيجابي‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭ ‬للحكومة‭ ‬حيث‭ ‬يساعدها‭ ‬في‭ ‬تغطية‭ ‬بعض‭ ‬النفقات‭ ‬المتزايدة‭ ‬أو‭ ‬العجز‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬بالدينار‭ ‬الليبي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬فرض‭ ‬الضريبة‭ ‬يغطي‭ ‬عجزها‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ . ‬بينما‭ ‬التأثير‭ ‬السلبي‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬حيث‭ ‬يؤدي‭ ‬خفض‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬تكلفة‭ ‬السلع‭ ‬المستوردة‮»‬‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬و‭ ‬الأدوية‭ ‬و‭ ‬السلع‭ ‬المصنعة،‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬التضخم‭ ‬ويقلل‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطنين‭. ‬المقصد‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬الإيجابية‭ ‬فقط‭ ‬لصالح‭ ‬الحكومة‭ ‬لتغطية‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الدولة‭ ‬و‭ ‬الفساد‭ ‬المستشري‭. ‬والأثار‭ ‬السلبية‭ ‬عائدة‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬المواطن‭ ‬الذي‭ ‬ضاعت‭ ‬و‭ ‬تضيع‭ ‬مقدراته‭ ‬و‭ ‬ثرواته‭.‬

وفي‭ ‬ذات‭ ‬السياق‭ ‬قال‭ ‬الدكتور‭ ‬عطيه‭ ‬الفيتورى‭  ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬التمويل‭ ‬الدولي‭:  ‬اطلعت‭ ‬اليوم‭ ‬مثل‭ ‬غيري‭ ‬من‭ ‬المتابعين‭ ‬للشأن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬على‭ ‬بيان‭ ‬المصرف‭ ‬المركزي‭ ‬وتخفيض‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬بمعدل‭ ‬13‭.‬3‭% ‬مما‭ ‬أكد‭ ‬الشائعة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحوم‭ ‬حول‭ ‬التخفيض‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬السابقة‭ . ‬و‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬أن‭ ‬يلجأ‭ ‬المصرف‭ ‬المركزي‭ ‬للتخفيض‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬معتبرا‭ ‬أن‭ ‬التخفيض‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬لمشكلة‭ ‬عجز‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬أو‭ ‬الميزانيات‭ ‬العامة‭ ‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬العجز‭ ‬في‭ ‬توفر‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬لمقابلة‭ ‬الطلب‭ ‬المتزايد‭ ‬عليها‭ . ‬وأوضح‭ ” ‬الفيتوري‭”  ‬قائلاً‭ ‬قرار‭ ‬فرض‭ ‬الضريبة‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬الحل‭ ‬الصحيح‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬لغير‭ ‬المتخصصين‭  ‬وهناك‭ ‬شواهد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬منها‭ :  ‬تم‭ ‬تخفيض‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬2021‭ ‬م‭ ‬بمعدل‭ ‬70‭% ‬مقابل‭ ‬الدولار‭ ‬وقيل‭ ‬حينها‭ ‬بأن‭ ‬ذلك‭ ‬سيخفض‭ ‬من‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الدولار‭ ‬ويؤدي‭ ‬إلى‭ ‬توازن‭ ‬الميزانية‭  ‬،‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬يحصل‭ ‬ذلك‭  . ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2023م‭  ‬تم‭ ‬فرض‭ ‬رسم‭ ‬على‭ ‬بيع‭ ‬الدولار‭ ‬بمعدل‭ ‬27‭% ‬وقيل‭ ‬نفس‭ ‬الشيء‭ ‬بأنه‭ ‬سوف‭ ‬يخفض‭ ‬من‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الدولار‭ ‬ويزيد‭ ‬موارد‭ ‬الحكومة‭  ‬ولم‭ ‬يحصل‭ ‬شيء‭ . ‬ثم‭ ‬تم‭ ‬فرض‭ ‬رسم‭ ‬على‭ ‬بيع‭ ‬الدولار‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬م‭ ‬بمعدل‭ ‬15%‭ ‬ولم‭ ‬يحصل‭ ‬شيء‭ .‬والآن‭ ‬يتم‭ ‬التخفيض‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬بمعدل‭ ‬13‭.‬3‭% .‬وتسأل‭ ‬ماذا‭ ‬ينتظر‭ ‬المصرف‭ ‬المركزي‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬؟‭ ‬هل‭ ‬سيخفض‭ ‬من‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الدولار‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬هل‭ ‬سيؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬توازن‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬؟‭ ‬طبعا‭ ‬لا‭ . ‬إذا‭ ‬لماذا‭ ‬هذا‭ ‬التخفيض‭  ‬الذي‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إغراق‭ ‬الدينار‭ ‬أكثر‭ ‬وأكثر‭ ‬وفقد‭ ‬قيمته‭ ‬وخلق‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬التضخم‭ ‬والتسبب‭ ‬في‭ ‬مطالبة‭ ‬العاملين‭ ‬برفع‭ ‬رواتبهم‭ ….. ‬الخ‭ .‬وأكد‭ ‬أن‭ ‬البيان‭ ‬الذي‭ ‬أصدره‭ ‬المصرف‭ ‬المركز‭ ‬بيات‭ ‬باهت‭ ‬لا‭ ‬لون‭ ‬له‭ ‬،‭ ‬يقوم‭ ‬بسرد‭ ‬أحداث‭ ‬فقط‭ ‬دون‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬حاسمة‭ ‬مكفولة‭ ‬له‭ ‬بموجب‭ ‬قانون‭ ‬المصارف‭ .‬فالميزانية‭ ‬تصدر‭ ‬بقانون‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬ويوضح‭ ‬القانون‭ ‬مصادر‭ ‬الإيرادات‭ ‬وقيمتها،‭ ‬وكذلك‭ ‬أوجه‭ ‬الإنفاق‭ ‬في‭ ‬أبواب‭ ‬وبنود‭ ‬محددة،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬عجز‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬يحدد‭ ‬القانون‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬سيغطى‭ ‬بها‭ ‬هذا‭ ‬العجز‭. ‬لكن‭ ‬الآن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬غير‭ ‬معمول‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬مخالفة‭ ‬للقانون‭ ‬المالي‭ ‬للدولة‭ ‬الليبية‭ .‬

وفي‭ ‬ذات‭ ‬السياق‭ ‬أوضح‭  ‬الأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬مفتاح‭ ‬البشير‭ ‬ناشط‭ ‬قانوني‭  ‬أن‭ ‬توقعات‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬عوامل‭ ‬منها‭ ‬‮«‬‭ ‬استقرار‭ ‬سعر‭ ‬الدولار‭ ‬إذا‭ ‬استمر‭ ‬ارتفاع‭ ‬سعر‭ ‬الدولار‭ ‬أو‭ ‬فرض‭ ‬ضرائب‭ ‬إضافية،‭ ‬فمن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬الأسعار‭ ‬في‭ ‬الارتفاع‮»‬‭ . ‬والعرض‭ ‬والطلب‭ ‬إذا‭ ‬استمرت‭ ‬الطلبات‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭ ‬دون‭ ‬تغيير‭ ‬كبير،‭ ‬فقد‭ ‬نتوقع‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬الزيادات‭ ‬في‭ ‬الأسعار‭. ‬وأكد‭ ‬أن‭ ‬التدخلات‭ ‬الحكومية‭ ‬مثل‭ ‬دعم‭ ‬السلع‭ ‬أو‭ ‬تنظيم‭ ‬الأسعار‭ ‬قد‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬الارتفاع‭. ‬أما‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العام‭  ‬في‭ ‬حال‭ ‬تحسنه‭ ‬وعودة‭ ‬الاستثمارات،‭ ‬قد‭ ‬تتراجع‭ ‬الأسعار‭ ‬تدريجياً‭ ‬،‭ ‬وأضاف‭ ‬إذا‭ ‬حدثت‭ ‬التغيرات‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الخام‭ ‬عالميًا‭ ‬ستؤثر‭ ‬على‭ ‬الأسعار‭ ‬المحلية‭. ‬وقال‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬هذه‭ ‬السلع‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬عدة‭ ‬عوامل‭ ( ‬استمرار‭ ‬ارتفاع‭ ‬سعر‭ ‬الدولار‭ ‬مؤكدا‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬استمر‭ ‬الدولار‭ ‬في‭ ‬الارتفاع‭ ‬أو‭ ‬استمر‭ ‬قرار‭ ‬فرض‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬الدولار‭ ‬ستستمر‭ ‬الأسعار‭ ‬في‭ ‬الزيادة‭ – ‬الضغوط‭ ‬التضخمية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الحالية،‭ ‬قد‭ ‬تواجه‭ ‬الأسواق‭ ‬ضغوطًا‭ ‬تضخمية‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬زيادات‭ ‬مستمرة‭ ‬في‭ ‬الأسعار‭- ‬وإذا‭ ‬حدث‭  ‬تذبذب‭ ‬في‭ ‬الإمدادات‭ ‬العالمية‭ ‬للسلع‭ ‬الأساسية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬الأسعار‭ ‬محليًا‭. ‬وحذر‭ ” ‬البشير‭ ” ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تتخذ‭ ‬الحكومة‭ ‬إجراءات‭ ‬فعالة‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬هذه‭ ‬الزيادات،‭ ‬فمن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬الأسعار‭ ‬في‭ ‬الارتفاع‭. ‬وفي‭ ‬سياق‭ ‬أخر‭ ‬قال‭ ‬يجب‭ ‬أن‭  ‬تتخذ‭ ‬الحكومة‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬وتحسين‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للمواطنين‭.  ‬منها‭( ‬فرض‭ ‬أسعار‭ ‬محددة‭ ‬لبعض‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭ ‬لمنع‭ ‬ارتفاعها‭ ‬بشكل‭ ‬مبالغ‭ ‬فيه‭-  ‬تقديم‭ ‬دعم‭ ‬مباشر‭ ‬للسلع‭ ‬الغذائية‭ ‬والوقود‭ ‬لمساعدة‭ ‬الأسر‭ ‬ذات‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود‭ ‬خاصة‭ ‬التضامن‭ ‬أو‭ ‬الضمان‭- ‬تشجيع‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬للسلع‭ ‬الأساسية‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الاستيراد‭-  ‬تقليل‭ ‬تكاليف‭ ‬النقل‭ ‬والتوزيع‭ ‬لتخفيف‭ ‬الأعباء‭ ‬على‭ ‬المستهلكين‭- ‬تعزيز‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬الأسواق‭ ‬لمنع‭ ‬الاحتكار‭ ‬والتلاعب‭ ‬بالأسعار‭-  ‬إعادة‭ ‬تقييم‭ ‬الضرائب‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬لتخفيف‭ ‬الأعباء‭ ‬على‭ ‬المستهلكين‭. ‬دعم‭ ‬المشاريع‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬لتعزيز‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬وتحسين‭ ‬العرض‭. ‬وتشجيع‭ ‬مؤسسات‭ ‬ومنظمات‭ ‬وجمعيات‭ ‬المجامع‭ ‬المدني‭. ‬وقال‭ ‬توجد‭ ‬بدائل‭ ‬محددة‭  ‬الممكنة‭ ‬التنفيذ‭  ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬اضطراب‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمالية‭ ‬الراهنة‭  ‬وهو‭ ‬اقتراح‭ ‬سهل‭ ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬تطبيقها‭ ‬فورًا،‭ ‬وتسارع‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمالية‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬وهي‭ ‬تقليص‭ ‬عدد‭ ‬وحجم‭ ‬السفارات‭ ‬لأن‭ ‬تقليص‭ ‬عدد‭ ‬وحجم‭ ‬السفارات‭ ‬بنسبة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬70‭%. ‬وكذلك‭ ‬تخفيض‭ ‬مرتبات‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬والدولة‭ ‬والرئاسي‭ ‬والحكومتين‭ ‬إلى‭ ‬الدرجة‭ ‬الوظيفية‭ ‬مع‭ ‬إلغاء‭ ‬البدلات‭ ‬والامتيازات‭ ‬و‭  ‬تقليل‭ ‬عدد‭ ‬المستشارين‭ ‬والمتسلقين‭ ‬بنسبة‭ ‬80‭%-‬و‭ ‬وقف‭ ‬استيراد‭ ‬السيارات‭ ‬للجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬والوزارات‭- ‬وتقليص‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬الطائرات‭ ‬الخاصة‭ ‬والسفريات‭ ‬والبوفيهات‭ ‬وإيجار‭ ‬الفنادق‭ ‬باهضه‭ ‬التكاليف‭- ‬ومنع‭ ‬إقامة‭ ‬الحفلات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬الوطنية‭ ‬وإلغاء‭ ‬التكفل‭ ‬بمصاريف‭ ‬الحج‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الدولة‭  ‬و‭ ‬حماية‭ ‬العملة‭ ‬الليبية‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬التزوير‭  -‬و‭ ‬ضرورة‭ ‬تنفيذ‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬وضرائب‭ ‬على‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭- ‬وإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬شركات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬وصناديق‭ ‬الاستثمار‭ ‬التي‭ ‬تهيمن‭ ‬على‭ ‬عشرات‭ ‬المليارات‭ ‬بدون‭ ‬أي‭ ‬مردود‭ ‬أو‭ ‬فائدة‭- ‬و‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬لتضخم‭ ‬المرتبات‭ ‬الحكومية‭ . ‬

وختم‭ ‬قائلاً‭ ‬ساهم‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬تفاقم‭ ‬أزمة‭ ‬العملة‭ ‬مما‭ ‬أثر‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬للمواطنين‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭.  ‬وأحدث‭ ‬فجوة‭  ‬بين‭ ‬السعر‭ ‬الرسمي‭ ‬والسوق‭ ‬السوداء‭ ‬ونتج‭ ‬عنه‭  ‬فقدان‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬النقدية‭ ‬المتبعة،‭ ‬بالتالي‭ ‬يمكن‭ ‬للمواطنين‭ ‬اتخاذ‭ ‬عدة‭ ‬خطوات‭ ‬لحماية‭ ‬مدخراتهم‭ ‬منها‭ ‬تنويع‭ ‬المدخرات‭ ‬أي‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بعملات‭ ‬متعددة‭  ‬ليس‭ ‬الدولار‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬اليورو‭  ‬أيضاً‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬المخاطر‭- ‬واستثمار‭ ‬في‭ ‬الأصول‭ ‬الثابتة‭ ‬كالعقارات‭  ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬ملاذًا‭ ‬آمنا‭ ‬حيث‭ ‬يحتفظ‭ ‬بالعقار‭ ‬بقيمته‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬و‭ ‬كذلك‭  ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الذهب‭ ‬أو‭ ‬الفضة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬خيارًا‭ ‬جيدًا‭ ‬للحماية‭ ‬من‭ ‬تقلبات‭ ‬العملة‭. ‬وعل‭ ‬المواطنين‭ ‬أن‭ ‬يبتعدوا‭ ‬عن‭  ‬الاستثمارات‭ ‬الغير‭ ‬مضمونة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬خسائر‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬استشارة‭ ‬مستشار‭ ‬مالي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬استثمارية‭ ‬مدروسة‭- ‬مع‭ ‬تجنب‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بكميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬النقد‭ ‬في‭ ‬المنزل،‭ ‬واستخدام‭ ‬البنوك‭ ‬لزيادة‭ ‬الأمان‭- ‬وضرورة‭ ‬مراقبة‭ ‬السوق‭ ‬و‭ ‬الاطلاع‭  ‬الدائم‭ ‬على‭ ‬الأخبار‭  ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬مستنيرة‭. ‬وباتباع‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات،‭ ‬يمكن‭ ‬للمواطنين‭ ‬تعزيز‭ ‬حماية‭ ‬مدخراتهم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتقلبة‭.‬

قال‭ ‬المهندس‭ ‬هشام‭  ‬بشيه‭ ‬ناشط‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭  ‬أن‭  ‬الأسواق‭ ‬المحلية‭ ‬تشهد‭  ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬ارتفاعًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات،‭ ‬مما‭ ‬أثار‭ ‬قلق‭ ‬المواطنين‭ ‬والمراقبين‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭. ‬و‭ ‬يعود‭ ‬هذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬إلى‭ ‬القرار‭ ‬الأخير‭ ‬الذي‭ ‬اتخذه‭ ‬المصرف‭ ‬المركزي‭ ‬بفرض‭ ‬ضريبة‭ ‬على‭ ‬الدولار،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬تكاليف‭ ‬الاستيراد‭ ‬وتضخم‭ ‬الأسعار‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭.‬

الأستاذ‭ ‬سليمان‭ ‬الشحومي‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادي‭ ‬أوضح‭ ‬أن‭ ‬زيادة‭ ‬الضريبة‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬سعر‭ ‬الصرف‭ ‬أو‭ ‬تعديل‭ ‬سعر‭ ‬الصرف‭ ‬بالكامل‭ ‬كلها‭ ‬وصفة‭ ‬لاستمرار‭ ‬حالة‭ ‬التدهور‭ ‬والضغط‭ ‬علي‭ ‬المصرف‭ ‬المركزي‭ ‬لتمويل‭ ‬نفقات‭ ‬الحكومتين‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬إطار‭ ‬ينظم‭ ‬الإنفاق‭ ‬الحكومي‭ ‬بمستهدفات‭ ‬واضحة‭ . ‬وأكد‭ “‬الشحومي‭” ‬ليس‭ ‬بإمكان‭ ‬المصرف‭ ‬المركزي‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬قيمة‭ ‬الدينار‭ ‬الليبي‭ ‬طالما‭ ‬أننا‭ ‬ندور‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المكان‭ ‬ونستخدم‭ ‬نفس‭ ‬الأساليب‭ ‬عند‭ ‬كل‭ ‬مختنق‭. ‬وقال‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬إلى‭ ‬مشروع‭ ‬اقتصادي‭ ‬مالي‭ ‬ونقدي‭ ‬وتجاري‭ ‬واستثماري‭ ‬متناغم‭ ‬بحكومة‭ ‬واحدة‭ ‬وليس‭ ‬تكتيكات‭ ‬أو‭ ‬معالجات‭ ‬مسكنة‭ ‬فاشلة‭ ‬لمرض‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬مزمن‭.‬

الأستاذ‭ ‬وحيد‭ ‬الجبو‭ ‬خبير‭ ‬اقتصادي‭ ‬قال‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬تعديل‭ ‬سعر‭ ‬الصرف‭ ‬هو‭ ‬العجز‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭ ‬و‭ ‬تزايد‭ ‬الاتفاق‭ ‬الحكومي‭ ‬والإنفاق‭ ‬الموازي‭ ‬واستمرار‭ ‬الانقسام‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والحكومي‭ ‬وضعف‭ ‬السياسة‭ ‬النقدية‭ ‬والمالية‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬مصادر‭ ‬أخري‭ ‬للدخل‭ ‬عدا‭ ‬النفط‭ ‬وتأخر‭ ‬تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭ ‬وسوء‭ ‬السياسة‭ ‬النقدية‭ ‬والمالية‭ ‬وعدم‭ ‬اتخاذ‭ ‬حلول‭ ‬جذرية‭ ‬لإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬والتوجه‭ ‬إلي‭ ‬الإنتاج‭ ‬واستمرار‭ ‬الفساد‭ ‬المالي‭ ‬والإداري‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬وأوضح‭ ” ‬الجبو‭ ” ‬أن‭  ‬من‭ ‬أثار‭ ‬القرار‭ ‬فهي‭ ‬نفس‭ ‬الأثار‭ ‬السلبية‭ ‬علي‭ ‬مستوي‭ ‬المعيشة‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬الرسوم‭ ‬علي‭ ‬بيع‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبية‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الأولي‭ ‬والثانية‭  ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬نسبة‭ ‬الفقر‭ ‬ومزيد‭ ‬من‭ ‬انخفاض‭ ‬القيمة‭ ‬النقدية‭ ‬للدينار‭ ‬الليبي‭ ‬وارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات‭ ‬والتضخم‭ .‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أبرز‭ ‬الحلول‭ ‬العاجلة‭ ‬والتي‭ ‬منها‭ ( ‬توحيد‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭ ‬وإلغاء‭ ‬تقسيمها‭ ‬علي‭ ‬حكومتين‭ ‬وترشيد‭ ‬الإنفاق‭ ‬الحكومي‭ ‬الموحد‭ ‬ومعالجة‭ ‬الدين‭ ‬العام‭  ‬وإعادة‭ ‬توحيد‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمالية‭ ‬والسياسية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬ومعالجة‭ ‬الخلل‭ ‬في‭  ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬وتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭ ‬و‭ ‬ضبط‭ ‬عرض‭ ‬النقود‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬والعمل‭ ‬علي‭ ‬إعادة‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬المصارف‭ ‬الليبية‭ ‬بتحسين‭ ‬الخدمات‭ ‬ووقف‭ ‬طبع‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الورقية‭  ‬و‭ ‬تكاثف‭ ‬الجهود‭ ‬من‭ ‬المصرف‭ ‬المركزي‭ ‬والسلطات‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬لوضع‭ ‬خطة‭ ‬لترشيد‭ ‬الإنفاق‭ ‬الحكومي‭ ‬ومراعاة‭ ‬سلامة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الليبي‭ ‬بسياسة‭ ‬نقدية‭ ‬ناجعة‭ ‬باعتبار‭ ‬التخفيض‭ ‬المستمر‭ ‬للدينار‭ ‬الليبي‭ ‬لن‭ ‬يحل‭ ‬المشكلة‭ ‬وهو‭ ‬بمثابة‭ ‬انتحار‭ ‬اقتصادي‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى