قيل قديمًا بإنّ أفدح ضحية للحرب هي الحقيقة،
لأن كل الأطراف المتصارعة ستسعى للتلاعب بها !
)السائد( أن العالم الأول لم يتقدم إلا على حساب الشعوب المطحونة، فقد سعى طيلة عقود في توظيف علومه لتطوير أسلحة الدمار الشامل وتغذية الجشع الرأسمالي على حساب البيئة والطبيعة ووالخ .
رغم أنموذج الحريات المدنية والتناوب السلمي للسلطة فهو قطعًا الحليف الأعظم للنظم الاستبدادية ويصّدر صورة معاقة للديموقراطية بينما نخب الرأسمالية هي التي تتحكم بالقرار السياسي.
مع التذكير بأن مظاهر )التفوق( الحضاري تتكئ على الظرف والسياق والغرض ولا تحتكم للمبادئ والأخلاق والعدل، وتختلط فيها تناقضات فادحة
إذ توظف التجارب بأنواعها لغايات نبيلة وأخرى مدمرة .
فالتطّور الذي يغذي السيطرة والاستحواذ
والاستغلال يقتات فالوقت ذاته على حصاد التفوق وإن كان مدّمِراً
المفارقة صارمة هنا أمام الشعوب المستضعفة
والمثال يشمل العلاقات الإنسانية .
كيف تختزل التفوق من )العالم الأول( فيمكّنها التحرر من هيمنته ؟
وتنتفع بمخرجات «ذكائه» دون أن تدفع الثمن من حريتها واستقلالها !
إن الوجه الغامض ذو الجاذبية القاتلة للمتفوق «المتذاكي» في مخيال المستضعف، وّلد أنماطاً من ردود الفعل القاسية عند أول شعور بالخطر )ينطبق ذلك على حالة الحرب(
فترى الطرف الأقوى يزبد ويرعد بعدائية بالغة تقابلها حيرة الطرف الأضعف المشوبة بعدم الاستيعاب!
فلا يبقى الأول ولا يذر وانهيار الثاني ليس ببالغ من عقله و فؤاده شيئاً ، بل ربما يرتاب فيه ويتهمه
بالإذعان ويخّونه ثم يقارعه بحجة الحقيقة التي شوّهت بالأساس و طمست ملامحها منذ البداية !