ثقافة

جائزة المقهور للقصة القصيرة وحوار مع عزة كامل المقهور لكي تبقى القصة في الإبداع الليبي

سميرة البوزيدي

تم‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬جائزة‭ )‬كامل‭ ‬المقهور‭( ‬القاص‭ ‬الراحل‭ ‬الذي‭ ‬ترك‭ ‬إرثًا‭ ‬قصصيًا‭ ‬مميزًا‭ ‬تأسستْ‭ ‬وترسختْ‭ ‬به‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬كونها‭ ‬جنسًا‭ ‬إبداعيًا‭ ‬حافظ‭ ‬على‭ ‬مكانته‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة،‭ ‬ولكي‭ ‬يظل‭ ‬هذا‭ ‬النَّوع‭ ‬الإبداعي‭ ‬قائمًا‭ ‬في‭ ‬أزمنة‭ ‬توصف‭ ‬بأنها‭ ‬شعرية،‭ ‬أو‭ ‬روائية،‭ ‬جاءت‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬المهمة‭ ‬لترسيخ‭ ‬وتعميق‭ ‬هذا‭ ‬الفرع‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬الإبداعية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تكوين‭ ‬جائزة‭ ‬باسم‭ ‬الراحل‭ )‬كامل‭ ‬المقهور‭(‬،‭ ‬وتكونت‭ ‬على‭ ‬إثر‭ ‬هذا‭ ‬لجنة‭ ‬تقييم‭ ‬لاستقبال‭ ‬المساهمات‭ ‬القصصية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬فرزها‭ ‬بعناية‭ ‬لاختيار‭ ‬القائمة‭ ‬القصيرة،‭ ‬التي‭ ‬حوتْ‭ ‬أسماءَ‭: ‬الكاتب‭ ‬والشاعر‭ ‬مفتاح‭ ‬العلواني،‭ ‬والكاتبة‭ ‬الروائية‭ ‬كوثر‭ ‬الجهمي،‭ ‬وريم‭ ‬البركي،‭ ‬وأحمد‭ ‬بن‭ ‬عمران،‭ ‬وإسماعيل‭ ‬القايدي‭.‬

وعلى‭ ‬هامش‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬الثقافي‭ ‬المهم‭ ‬الذي‭ ‬في‭ ‬جانبه‭ ‬الإبداعي‭ ‬يشكل‭ ‬حافزًا‭ ‬للمواهب‭ ‬ولكتَّاب‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة،‭ ‬كان‭ ‬لنا‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬السيدة‭ ‬د‭. ‬عزة‭ ‬المقهور‭ ‬صاحبة‭ ‬مشروع‭ ‬وفكرة‭ ‬الجائزة‭.‬

كيف‭ ‬جاءتْ‭ ‬فكرة‭ ‬جائزة‭ ‬‮«‬كامل‭ ‬المقهور‮»‬‭ ‬للقصة‭ ‬القصيرة؟‭ ‬

راودتني‭ ‬الفكرة‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬والدي،‭ ‬وبدأتُ‭ ‬فعلاً‭ ‬في‭ ‬الإعداد‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2006‭ ‬حيث‭ ‬أعددتُ‭ ‬نظامها‭ ‬الأساسي،‭ ‬وعقدتُ‭ ‬اجتماعًا‭ ‬تمهيدًا‭ ‬لها‭ ‬حضر‭ ‬فيه‭ ‬أ‭. ‬يوسف‭ ‬الشريف‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬وأخي‭ ‬مروان،‭ ‬لكنَّني‭ ‬فوجئتُ‭ ‬بإعلان‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬بصدور‭ ‬قرار‭ ‬من‭ ‬أمانة‭ ‬الثقافة‭ ‬بلدية‭ ‬طرابلس‭ ‬عن‭ ‬تأسيس‭ ‬جائزة‭ ‬للقصة‭ ‬القصيرة‭ ‬باسم‭ ‬والدي‭. ‬لذا‭ ‬تراجعتُ،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬تتحقَّق‭ ‬الجائزة‭ ‬المعلن‭ ‬عنها،‭ ‬وظل‭ ‬الحُلم‭ ‬معلقًا‭.‬

طَرَقَ‭ ‬الحُلم‭ ‬بابي‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬منذ‭ ‬سنتين،‭ ‬وشاركتُ‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يونيو‭ ‬الماضي‭ ‬الصديق‭ ‬الأديب‭ ‬‮«‬غازي‭ ‬القبلاوي‮»‬‭ ‬الفكرة‭ ‬لتحقيقها،‭ ‬حيث‭ ‬وضعنا‭ ‬خطة،‭ ‬وقسمنا‭ ‬العمل،‭ ‬وبدأنا‭.‬

أعدَّدنا‭ ‬المستندات‭ ‬اللازمة‭ ‬للجائزة‭ ‬وهي‭: ‬تعريف‭ ‬بالجائزة،‭ ‬القواعد‭ ‬الناظمة‭ ‬للجائزة،‭ ‬النظام‭ ‬الأساسي،‭ ‬والميزانية‭ ‬التقديرية؛‭ ‬وتبادلنا‭ ‬الآراء‭ ‬بالخصوص؛‭ ‬قامتْ‭ ‬ابنتي‭ ‬‮«‬دانية‮»‬‭ ‬بتصميم‭ ‬موقع‭ ‬الجائزة،‭ ‬ووضع‭ ‬المعلومات‭ ‬اللازمة،‭ ‬وأعدتْ‭ ‬بريدًا‭ ‬إلكترونيًا‭ ‬وصفحة‭ )‬على‭ ‬الفيس‭ ‬بوك‭(.‬

إذ‭ ‬أنَّ‭ ‬عملية‭ ‬التقديم‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬الجائزة‭ ‬ستكون‭ ‬كلها‭ ‬إلكترونيًا‭. ‬

كنتُ‭ ‬متوجسة‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬وخشيتُ‭ ‬من‭ ‬العزوف‭ ‬بسبب‭ ‬متطلبات‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬لكن‭ ‬القرار‭ ‬كان‭ ‬أنّ‭ ‬الأمرَ‭ ‬سيكون‭ ‬شفافًا،‭ ‬وواضحًا‭ ‬وذي‭ ‬مصداقية‭ ‬باستخدام‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ .. ‬كما‭ ‬استعنتُ‭ ‬بالمصمم‭ ‬‮«‬وائل‭ ‬الرعوبي‮»‬‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬تصميم‭ ‬للجائزة،‭ ‬واعتمدتُ‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬رسم‭ ‬تخطيطي‭ ‬بورتريه‭ ‬للفنان‭ ‬المعروف‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬حجي‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬لوحة‭ ‬رسمها‭ ‬‮«‬حجي‮»‬،‭ ‬واهداها‭ ‬للوالد‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬وكانت‭ ‬تزين‭ ‬جدران‭ ‬مكتبه‭ .. ‬كان‭ ‬العملُ‭ ‬جماعيًا‭ ‬ومتناغمًا،‭ ‬وفيه‭ ‬براح‭ ‬للنقاش‭ ‬وتبادل‭ ‬الآراء‭. ‬لكنه‭ ‬كان‭ ‬بالنسبة‭ ‬ليَّ‭ ‬أيضًا‭ ‬مرهقًا‭ ‬لتزامنه‭ ‬مع‭ ‬الإعداد‭ ‬لمكتبة‭ ‬‮«‬كامل‭ ‬حسن‭ ‬المقهور‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬الحمدلله‭ ‬حَلَّقَ‭ ‬المشروع‭ ‬الثقافي‭ ‬بجناحيه‭ ‬الجائزة،‭ ‬والمكتبة‭. ‬

ما‭ ‬مدى‭ ‬التفاعل‭ ‬بالمشاركة‭ ‬في‭ ‬المسابقة‭ ‬الأولى؟‭ ‬

سأتوقف‭ ‬عند‭ ‬كلمة‭ ‬مشاركة‭ ‬وسأتغاضى‭ ‬عن‭ ‬كلمة‭ ‬مسابقة‭ .. ‬في‭ ‬الإبداع‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬سباقٌ،‭ ‬فكل‭ ‬إبداع،‭ ‬هو‭ ‬انجاز،‭ ‬وحافز‭ ‬للمزيد،‭ ‬والإبداع‭ ‬يخضع‭ ‬للرأي‭ ‬والنقد‭ ‬والدراسة‭ ‬والتوجيه‭ ‬إن‭ ‬لزم‭ ‬الأمر،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬الكاتب‭ ‬ذاته‭ ‬يتفاعل‭ ‬مع‭ ‬إبداع‭ ‬غيره‭ ‬وقد‭ ‬يتولدُ‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬إبداعٌ‭ ‬جديدٌ‭ .. ‬الإبداع‭ ‬مثل‭ ‬نافورة‭ ‬المياه‭ ‬التي‭ ‬تتدفق‭ ‬بالخير‭ ‬بكرم‭ ‬وعطاء‭ ‬في‭ ‬أشكال‭ ‬متعدَّدة‭ ‬منها‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭. ‬وميزة‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬هو‭ ‬هذا‭ ‬الاختزال‭ ‬المَّمتع،‭ ‬الذي‭ ‬يمنح‭ ‬القاريء‭ ‬الخيال،‭ ‬والصورة،‭ ‬والحوار،‭ ‬والبداية،‭ ‬والنهاية‭ ‬وما‭ ‬بينها‭ ‬من‭ ‬وقائع؛‭ ‬فتدفع‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬شحذ‭ ‬خياله،‭ ‬والسفر‭ ‬به‭ ‬ويضغط‭ ‬على‭ ‬أحاسيسه‭ ‬كما‭ ‬تضغط‭ ‬الأصابع‭ ‬على‭ ‬ألواح‭ ‬البيانو،‭ ‬أو‭ ‬أوتار‭ ‬العود‭ ‬فينتشي،‭ ‬ويحزن،‭ ‬ويفرح،‭ ‬وتعمق‭ ‬من‭ ‬أفكاره‭ ‬وتجعله‭ ‬كما‭ ‬كل‭ ‬الفنون‭ ‬أكثر‭ ‬إنسانيةً‭ ‬وتفهمًا‭ ‬ومرونة‭ ‬وايجابية،‭ ‬وأقل‭ ‬تطرفًا‭ ‬وتعصبًا‭ ‬وأنانية‭.‬

لذا‭ ‬القول‭ ‬بالمسابقة‭ ‬هو‭ ‬تقليلُ‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬الفنون‭ ‬والآداب‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وأتمنى‭ ‬ألا‭ ‬توضع‭ ‬الجائزة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬أبدًا‭.‬

كل‭ ‬من‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬الجائزة‭ ‬فائزٌ‭ ‬لأنه‭ ‬مَنَحَ‭ ‬إبداعًا،‭ ‬وأعطى‭ ‬دافعًا‭ ‬للمشاركة‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أنه‭ ‬تعلم‭ ‬شيئًا‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭.‬

وقبل‭ ‬أن‭ ‬انتقل‭ ‬للسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يليه،‭ ‬كان‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬الجائزة‭ ‬رائعًا‭ ‬ينم‭ ‬عن‭ ‬اهتمام،‭ ‬وحرص،‭ ‬وشوق‭ ‬أيضًا‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الفعاليات‭ ‬المحلية،‭ ‬كما‭ ‬وأنه‭ ‬كان‭ ‬إلكترونيًا‭ ‬مما‭ ‬سهَّل‭ ‬عملية‭ ‬التواصل‭ ‬لذا‭ ‬كانت‭ ‬المشاركات‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬ليبيا،‭ ‬وما‭ ‬يلفت‭ ‬الانتباه‭ ‬الاهتمام‭ ‬بتوفير‭ ‬المطلوب‭ ‬من‭ ‬نماذج،‭ ‬ومستندات،‭ ‬ومعلومات‭ ‬واحترام‭ ‬شروط‭ ‬الجائزة‭ ‬وقواعدها،‭ ‬والأجمل‭ ‬أن‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬للجائزة‭ ‬أعلم‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬شارك‭ ‬بوصول‭ ‬مشاركته‭ ‬فورًا،‭ ‬واستجاب‭ ‬لعديد‭ ‬الأسئلة،‭ ‬وكان‭ ‬يرد‭ ‬عليها‭ ‬بشكل‭ ‬شخصي‭. ‬‮ ‬‭ ‬

مع‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬القائمة‭ ‬القصيرة،‭ ‬ما‭ ‬المعايير‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬الاستناد‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬أسماء‭ ‬المشاركين؟‭ ‬

كما‭ ‬بينتُ‭ ‬في‭ ‬ردي‭ ‬السابق،‭ ‬كان‭ ‬الاهتمام‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬منصبًا‭ ‬على‭ ‬مسألتين‭:‬

هيكلية‭ ‬الجائزة،‭ ‬وتوزيع‭ ‬الاختصاصات‭ ‬بما‭ ‬يحقَّق‭ ‬هدف‭ ‬الشفافية‭ ‬والمصداقية،‭ ‬ووضع‭ ‬شروط‭ ‬وقواعد‭ ‬ناظمة‭ ‬للجائزة‭ ‬والإعلان‭ ‬عنها‭.‬

الهيكلية‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ :‬‭ ‬رئيس‭ ‬الجائزة،‭ ‬مدير‭ ‬تنفيذي،‭ ‬ولجنة‭ ‬تحكيم‭.‬

وهذا‭ ‬وضع‭ ‬فصلاً‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الهيئات‭ ‬الثلاث‭ ‬دون‭ ‬تداخل،‭ ‬ووضع‭ ‬حماية‭ ‬للجنة‭ ‬التحكيم‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يتعرف‭ ‬عليها‭ ‬أحدٌ‭ ‬لحين‭ ‬نشر‭ ‬أسمائهم‭ ‬عند‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬القائمة‭ ‬القصيرة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬اللجنة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬لم‭ ‬تعرف‭ ‬لمن‭ ‬ستنسب‭ ‬القصة،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬حجب‭ ‬أسماء‭ ‬المشاركين‭ ‬عن‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم،‭ ‬ووضعت‭ ‬لها‭ ‬أرقام‭ ‬لم‭ ‬تعلم‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم‭ ‬بأسماء‭ ‬القائمة‭ ‬القصيرة‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬نشرها‭ ‬كغيرها‭ ‬من‭ ‬النَّاس‭. ‬

نشرت‭ ‬معلومات‭ ‬وشروط‭ ‬وقواعد‭ ‬الجائزة‭ ‬على‭ ‬صفحة‭ ‬الجائزة‭ ‬الرسمية‭ ‬وبها‭ ‬المعلومات‭ ‬اللازمة‭ ‬كما‭ ‬وأنه‭ ‬صدرت‭ ‬عن‭ ‬الجائزة‭ ‬بيانات‭ ‬صحفية‭ ‬عن‭ ‬مسارها‭ ‬منذ‭ ‬افتتاح‭ ‬باب‭ ‬المشاركة‭ ‬ثم‭ ‬إغلاقه،‭ ‬واحالة‭ ‬القصص‭ ‬إلى‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم،‭ ‬ثم‭ ‬بيان‭ ‬عن‭ ‬اجتماع‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم،‭ ‬ثم‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬توصل‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم‭ ‬إلى‭ ‬قراراتها،‭ ‬ثم‭ ‬تم‭ ‬نشر‭ ‬القائمة‭ ‬القصيرة‭ ‬للجائزة،‭ ‬ونشر‭ ‬القصص،‭ ‬وأخيرًا‭ ‬نشر‭ ‬التقرير‭ ‬الفني‭ ‬للجنة‭ ‬التحكيم‭ ‬الذي‭ ‬يشتمل‭ ‬على‭ ‬تقرير‭ ‬بمراحل‭ ‬التقييم‭ ‬والتقرير‭ ‬الفني،‭ ‬وكلها‭ ‬منشورة‭ ‬على‭ ‬موقع‭ ‬الجائزة‭ ‬الرسمي‭ .. ‬وفي‭ ‬انتظار‭ ‬الخطوة‭ ‬الأخيرة‭ ‬بالإعلان‭ ‬عن‭ ‬الفائز‭ ‬بالجائزة‭ ‬بداية‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭.‬

وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬اجتزاء‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬استغرقتْ‭ ‬حوالي‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬التحضيرات،‭ ‬والإعداد‭ ‬ثم‭ ‬فتح‭ ‬باب‭ ‬المشاركة،‭ ‬والإعلان‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يوليو‭ ‬2024،‭ ‬ثم‭ ‬استقبال‭ ‬المشاركات،‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬المشاركين،‭ ‬والاتصال‭ ‬بلجنة‭ ‬التحكيم‭ ‬وإعداد‭ ‬المشاركات‭ ‬لهم،‭ ‬وعملهم‭ ‬الدؤوب‭ ‬تجاه‭ ‬كل‭ ‬قصة،‭ ‬وهو‭ ‬المفصل‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم‭ ‬الفني‭.‬

وبالتالي‭ ‬اجتزاء‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬المعايير،‭ ‬أو‭ ‬النتائج‭ ‬ينبئ‭ ‬عن‭ ‬تبسيط‭ ‬لهذا‭ ‬العمل‭ ‬الدقيق،‭ ‬والمهم‭ ‬والذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ينظر‭ ‬إليه‭ ‬متكاملاً‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬نشأ‭ ‬كفكرة،‭ ‬وليدة‭ ‬وحتى‭ ‬إنجازه‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬بعد‭ ‬بالإعلان‭ ‬عن‭ ‬الفائز‭ ‬بالجائزة‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬المقبل‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬والذي‭ ‬يوافق‭ ‬تاريخ‭ ‬ميلاد‭ ‬والدي‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭. ‬

الكثير‭ ‬ممن‭ ‬علق‭ ‬على‭ ‬القيمة‭ ‬المالية‭ ‬للفائزين،‭ ‬هل‭ ‬ترون‭ ‬أنها‭ ‬مجزية‭ ‬وأنها‭ ‬تناسب‭ ‬جائزة‭ ‬تحمل‭ ‬جائزة‭ ‬تحمل‭ ‬اسم‭ ‬كاتب‭ ‬كبير‭ ‬كالراحل‭ ‬كامل‭ ‬المقهور؟‭ ‬

المبدعون‭ ‬لا‭ ‬يقدرون‭ ‬بأثمان،‭ ‬وأسماؤهم‭ ‬تنقش‭ ‬في‭ ‬أفئدة‭ ‬الناس،‭ ‬وترسخ‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية،‭ ‬وتظل‭ ‬حيَّة‭ ‬بعد‭ ‬رحيلهم‭. ‬

وفي‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬هذه‭ ‬الجائزة‭ ‬هي‭ ‬مبادرة‭ ‬فردية‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬أحفاد‭ ‬كامل‭ ‬حسن‭ ‬المقهور،‭ ‬وهي‭ ‬لقصة‭ ‬واحدة،‭ ‬وليستْ‭ ‬لمجموعة‭ ‬قصصية‭ ‬سبق‭ ‬نشرها‭. ‬

القيمة‭ ‬الحقيقية‭ ‬للجائزة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬غير‭ ‬مادي،‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬منصة‭ ‬تجمع‭ ‬كتَّاب‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة،‭ ‬وتحتفي‭ ‬بهم،‭ ‬وتحفزهم‭ ‬على‭ ‬المشاركة،‭ ‬وتكون‭ ‬ذات‭ ‬مصداقية،‭ ‬وتبني‭ ‬جسور‭ ‬الثقة،‭ ‬وتكون‭ ‬لليبيين‭ ‬جائزة‭ ‬تبشر‭ ‬بأن‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬الليبية‭ ‬بخير‭. ‬

في‭ ‬الدورات‭ ‬القادمة‭ ‬هل‭ ‬سيكون‭ ‬الاهتمام‭ ‬فقط‭ ‬بمواهب‭ ‬القصة؟‭ ‬وما‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬سيتم‭ ‬تداركه؟‭ ‬

من‭ ‬الصعب‭ ‬وضع‭ ‬تعريف‭ ‬لأصحاب‭ ‬المواهب؛‭ ‬هناك‭ ‬قاصون‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬القصة‭ ‬الواحدة،‭ ‬دخلوا‭ ‬بها‭ ‬التاريخ،‭ ‬ولم‭ ‬تتبعها‭ ‬قصة‭ ‬أخرى،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬نشر‭ ‬مجلدات‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تجاوزها‭ ‬الزمن،‭ ‬لذا‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬الصواب‭ ‬في‭ ‬الإبداع‭ ‬عمومًا‭ ‬أن‭ ‬يضع‭ ‬الكاتب‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬درجة‭ ‬تمنحه‭ ‬الوصاية‭ ‬على‭ ‬الآخرين؛‭ ‬هذه‭ ‬الجائزة‭ ‬للقصة‭ ‬أولاً،‭ ‬للإبداع‭ ‬لأنها‭ ‬أولاً‭ ‬مفتوحة‭ ‬للجميع‭ ‬للمشاركة‭ ‬تأسيسًا‭ ‬على‭ ‬الشروط‭ ‬الموضوعية‭ ‬المعلن‭ ‬عنها،‭ ‬وثانيًا‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬من‭ ‬إخفاء‭ ‬لاسم‭ ‬كاتبها‭ ‬أمام‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬عنه‭ ‬شئيًا؛‭ ‬فينصرف‭ ‬قرارها‭ ‬للقصة‭ ‬ذاتها،‭ ‬ثم‭ ‬يلحق‭ ‬اسم‭ ‬كاتب‭ ‬القصة،‭ ‬وليس‭ ‬العكس‭.‬

أما‭ ‬ثالثًا‭ ‬فهي‭ ‬احتفاء‭ ‬بجيل‭ ‬أَسس‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬الليبية،‭ ‬وإن‭ ‬جاءت‭ ‬باسم‭ ‬أحد‭ ‬أبناء‭ ‬ذلك‭ ‬الجيل‭ ‬لكنها‭ ‬حتمًا‭ ‬ستذكر‭ ‬بأصحابه‭ ‬ومعاصريه،‭ ‬ورفاقه‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬الليبية‭. ‬

هدف‭ ‬هذه‭ ‬الجائزة‭ ‬احياء‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬الليبية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬نجحتْ‭ ‬فيه‭ ‬الجائزة‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭. ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬الدورة‭ ‬الأولى‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المشاركة‭ ‬كانتْ‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬بها‭ ‬عدديًا‭.‬

ما‭ ‬نشهده‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬عودة‭ ‬للقصة‭ ‬القصيرة،‭ ‬ونقاش‭ ‬حولها،‭ ‬وما‭ ‬نحتاجه‭ ‬هو‭ ‬آراء‭ ‬نقدية‭ ‬حول‭ ‬القصص‭ ‬الخمس‭ ‬المعلن‭ ‬عنها‭ ‬بالقائمة‭ ‬القصيرة،‭ ‬وستظل‭ ‬المفاجأة‭ ‬الفائز‭ ‬بـ‭)‬جائزة‭ ‬كامل‭ ‬المقهور‭ ‬للقصة‭ ‬القصيرة‭(. ‬

ما‭ ‬نتمناه‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للجائزة‭ ‬مكانةٌ‭ ‬إقليميةٌ‭ ‬عربيًا؛‭ ‬لكنَّنا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬نحتاج‭ ‬لترسيخها‭ ‬محليًا‭ ‬وأن‭ ‬نستمر‭ ‬في‭ ‬التشييد‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬بناه‭ ‬أجيالٌ‭ ‬سبقتنا،‭ ‬أبدعتْ،‭ ‬ووضعتْ‭ ‬الأساسَ‭ ‬ثم‭ ‬غادرتْ،‭ ‬وما‭ ‬على‭ ‬الأجيال‭ ‬اللاحقة‭ ‬إلا‭ ‬استثمار‭ ‬ذلك‭ ‬الجهد،‭ ‬والبناء‭ ‬عليه‭.‬

إن‭ ‬التحدي‭ ‬القادم‭ ‬هو‭ ‬الاستمرار‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬مناخ‭ ‬أدبي‭ ‬وطني‭ ‬يحتفي‭ ‬ولا‭ ‬ينتقص،‭ ‬يبني‭ ‬ولا‭ ‬يهدم،‭ ‬يشارك‭ ‬ولا‭ ‬يتردَّد‭.‬

أن‭ ‬يكون‭ ‬المبدع‭ ‬شجاعًا،‭ ‬واثقًا،‭ ‬وأن‭ ‬ينزع‭ ‬عن‭ ‬كتفيه‭ ‬ثوب‭ ‬اللامبالاة‭ ‬المرهق،‭ ‬وهو‭ ‬أيضًا‭ ‬خلق‭ ‬التراكم‭ ‬على‭ ‬تجربتنا‭ ‬الوليدة،‭ ‬والأهم‭ ‬أن‭ ‬يُعادَ‭ ‬للقصة‭ ‬القصيرة‭ ‬الليبية‭ ‬رونقها،‭ ‬وبريقها‭.‬‮ ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى