أربعة أبواب
في موسم الشتاء لا تسقط الأمطار فقط ولا يسود البرد الأجساد والأجواء، أھم من كل ذلك و قدرة ھذا الفصل على أن يجعل من فكرة تقييد الحرية أمرا مقبولا؛ وبالأخص في بلد مثل بلادنا البقاء في المكان المحدد أكثر أريحية من الخروج والتنقل والحركة، إن الشتاء ھو نصير فكرة ترويض النفس البشرية عبر تقييد حركة بدنا، بشكل يبدو منطقيا بل ومحببا.
الربيع مخصص يملك قوة إشعار البشر بالرضا، بما يحمل من الوعود الجميلة وفرص البھجة لكن أيضا بفعل كل التراث الأدبي والفني الذي يجعله الفصل المثالي والأكثر مراعاة، وما وسمت الأساطير من الحب والغنى والإزھار، والحق أن إذا التراث الذي جعل من الربيع عيدا ھو ما أعطاه شارة الحياة وليست الحياة نفسها.
الصيف رفيع الشأن ويبدو قريبا من الوھج الذي يصدر عن السلطة والسيطرة، إذ ھو موسم المبالغة في التحرر والانطلاق، وفرصة الذھاب إلى أقصى الأمور، لكن لا ننسى ارتباطه بالأزمات وقبوله لكل الأنشطة الإنسانية والوحشية، فالقدر يضع خطته في حضرة ھذا الموسم بالتأكيد، ومن خلاله يبدأ بتنفيذھا وتعميمھا على الفصول الأخرى.
ويؤكد الخريف قبول الخسارات والھزائم فھو فصل الحكمة وجعل الأمور تبدو منطقية ومتقبلة، بالأخص في تقلب الأحوال وفي نزع الجمال متسلحا بفكرة الرياح التي ديدنھا تحريك الثوابت، وربما كان أكثر الفصول ضرورة لتقبل المصير.