«حاطب الليل» هو جامع الحطب في الظلام، والعرب كنَّوا به عمن يجمع الخزف، والصدف، والدرة، والبعرة، أو عمن يأتي في كلامه بكل ما يهجس به خاطره من حسن، وقبيح على التشبيه له بحاطب الليل الذي لا يبصر ما يجمعه في حبله، فيخلط الجيد والرديء. وفي بعض الروايات هو كناية عمن يهذر في كلامه ويكثر منه فيوقعه كلامه في السوء، وحاطبو الليل هنا والذين أقصدهم هم أعضاء لجنة تحكيم مسابقة )مداح الحبيب( بليالي المدينة القديمة الذين للأسف ومن خلال ما رأيتُ وسمعتُ هم بعيدين كل البعد عن النقد الأدبي باستثناء الدكتور جمعة الفاخري فالبقية لا يملكون أدوات النقد ولا حتى يعرفون ما هو النقد وما هي شروطه وما يكون عليه الناقد فتراهم في كل وادٍ يهيمون ولا يملكون الموضوعية في النقد من خلال تقييمهم لقصائد الشعراء المشاركين فتارة يتكلمون في الأوزان ولا يعلمون عنها شيئًا ولعلَّي استشهد بما قالوه للشاعر محمد الشويب الصيفاط حينما أخبروه بعدم التساوي في شطرات القصيدة وهنا مايؤخذ عليهم أنهم لا يفقهون شيئًا في الشعر، وأوزانه فهم أغفلوا النظر عن الشاعر وميولاته واحساسه ولغته ومفرداته وعن جماليات قصيدته من استعارات وتشبيهات وغيرها وتحدثوا عن عدم التساوي في عدد التشطيرات وهذا ناتج عن عدم الفهم والدراية بالشعر الشعبي، وأوزانه في حين تطرق الدكتور جمعة الفاخري للغة الشاعر ومفرداته واحساسه وجمال قصيدته، فكان ناقداً حقيقةًِ يعلم ما يقول ..
ينبغي على الناقد الاستعداد الذاتي ولأنّ النقد الأدبي هو إبداع مماثل للعمل الأدبي في الإبداع، فعلى الناقد أن يمتلك حساسية خاصة وقدرة متفردة تمكنه من التقاط أساليب النص وخصائصه المائزة وتتبعها وتفسيرها وتحليلها ومن ثم الحكم عليه كما ينبغي أن يكون ذو ثقافة واطلاع وعلى علم باللغة وفنونها والبلاغة وصنوفها وأن يكون متعمقاً في الشعر وأوزانه وألوانه ليس الشعبي منها وحسب بل والفصيح أيضاًولا ينبغي أن يكون الناقد عاطفياً لأن ذلك يتنافى مع صفة الموضوعية التي تميزه وعليه أن يسعى لضبط تحيزاته وأهواءه الشخصية ولابد أن يتمتع بإحساس تدرب عليه كثيراً ويتعين على الناقد المثالي أن يتحلى بالصفات الآتية وبشكل متميز : الحساسية وسعة المعرفة والإحساس بالحقائق، وكذلك التاريخ والقدرة الكبيرة على التعميم إضافة لاطلاعه وعلمه باللغة والبلاغة كما ذكرت سابقاً.
إن الكلام يطول عن النقد والناقد الأدبي ولا يتسع المجال لإفرادها هنا ولكن ما أردتُ قوله كان ينبغي الإتيان بلجنة أكثر دراية بالشعر والنقد دون اللجوء إلى المجاملات والاستناد إلى أسماء ليس لها في الشعر الشعبي أدنى معرفة به وأكرر استثنائي للدكتور جمعة الفاخري.وختاماً أفرد احترامي للجنة التحكيم كلهم كبشر، وليس معنى ما كتبتُ هو التقليل من ذواتهم أو الانتقاص من قدرهم لا والله بل هذا رأي قلته بما توفر لدي من علم قليل ومحبة للشعر وكوني شاعراً، فالشاعر يكون ناقداً ناجحاً إذا ما توفرت لديه أدوات النقد وما أود الوصول إليه هو الرقي والسمو بموروثنا وأدبنا الغني وأن نوكل الأمر لمن يستحق.