مثلما العالم مترابط بشبكة معلومات دولية فهو يضع أمامه خارطة مياه قارية..وكانت نتيجة عرقلة أفريقيا عن النهوض تعرض مساحات شاسعة للجفاف مما سيدفع الملايين للنزوح شمالا وجنوبا غير مترددين قيد أنملة فما سيتركونه ورائهم ماهو إلا مجرد بيوت من الصفيح..لتكون حلبة الملاكمة الأجنبية في منتصف القارة جنوب الصحراء لفصلها كمنطقة خضراء أمنيا..متخلخلة ديموغرافيا بمعنى كأنها تعرضت لضربة تفريق كرات البلياردو..وقد بدأت جولات الصراع بمشاركة تحالفات متعددة الأقطاب والمصالح بهدف التواجد داخل أفريقيا في الحديقة الخلفية للمنافس دون عناء تلبية مطالب القاطنين حتى الرمق الأخير من ثروات القارة..كما يحدث وإن اختلفت التفاصيل في قارات أخرى ضمن محاولات بسط النفوذ السياسي والاقتصادي..وسوف يساهم ضغط موجات النزوح في مضاعفة العبء على الموارد المائية في الأماكن التي يستوطن فيها النازحون مما سيؤول إلى حدوث توترات إجتماعية..فقد توفرت معطيات مايحصل في أفريقيا منذ كنا نشاهد امرأة تحمل دلوا من الماء على كتفها تسير به لمسافة كيلومترات من مصدر ملوث..ومجموعة رعاة يمشون طوال النهار وامامهم المواشي بحثا عن الخضرة والماء..ونسمع بقرية تقيم احتفالا كبيرا بمناسبة حفر بئر صغير..ويقف جميع سكان بلدة في طوابير أمام صهريج ماء..كما يحمل سكان مدينة جوهانزبرج اليوم لافتات احتجاج ضد نقص المياه..وتنقل الأخبار مؤخرا أن الجفاف أتلف 70% من المحاصيل في زامبيا و80% في زيمبابوي..فقد حذرت الأمم المتحدة من أشد موجة جفاف
تضرب أفريقيا منذ قرن..والدليل إعلان خمس دول افريقية حدوث كارثة مائية وطنية..وربما من الغريب مطالبة المنظمات الدولية المعنية القارة باستخدام الطاقة الشمسية..في حين أن السلطات وشركات المياه غير قادرة أصلا على إيصال الماء إلى المناطق النائية بسبب البنية التحتية المتهالكة..كما تدعوها للتقليل من الإجهاد المائي نتيجة ري المحاصيل مثل قصب السكر والقمح والأرز والذرة..وإستبدالها بمحاصيل أكثر مقاومة للجفاف..ولطالما تنادي البرامج العالمية بالحصول على تمويلات لدعم الأفارقة فتحصل على ربع المطلوب في أحسن الأحوال..بينما نجد البعض في الضفة المقابلة ممن يتحدث بحسن نية عن خطط لإقامة مشاريع تنموية في دول مصدر الهجرة غير الشرعية لكن توجد صعوبات جمة أمام تنفيذ المهمة..ولقد اعتقد العالم المتقدم أن التغير المناخي لن يطوله بعد أن كان سببا مباشرا في شدة وطأته على أفريقيا..فهاهي الندرة المائية سوف تتفاقم على مدار العقود القادمة لتشمل 60% من سكان الأرض..وأن الطلب العالمي على المياه الصالحة للشرب سيزداد بنسبة 55 % بحلول عام 2035..إذن المياه مستقبلا ستكون أغلى من الذهب..ومثلما نشهد اليوم ناقلات نفط فسوف نرى غدا سفن ماء عذب مقابل أسعار باهظة..ومن هنا ربما يستدعي الأمر يومآ ما تدخلات بالدبلوماسية أو بالقوة للسيطرة على المنابع والمسارات..حيث يمكن لأية دولة التكيف مع أية أزمة إلا نقص المياه..ولأن الله جعل من الماء كل شيء حي..لابد لمن يعنيه الأمر من حفظ ماء الوجه أمام الأجيال القادمة..