رأي

حفظ ماء الوجه!

هاشم شليق

مثلما‭ ‬العالم‭ ‬مترابط‭ ‬بشبكة‭ ‬معلومات‭ ‬دولية‭ ‬فهو‭ ‬يضع‭ ‬أمامه‭ ‬خارطة‭ ‬مياه‭ ‬قارية‭..‬وكانت‭ ‬نتيجة‭ ‬عرقلة‭ ‬أفريقيا‭ ‬عن‭ ‬النهوض‭ ‬تعرض‭ ‬مساحات‭ ‬شاسعة‭ ‬للجفاف‭ ‬مما‭ ‬سيدفع‭ ‬الملايين‭ ‬للنزوح‭ ‬شمالا‭ ‬وجنوبا‭ ‬غير‭ ‬مترددين‭ ‬قيد‭ ‬أنملة‭ ‬فما‭ ‬سيتركونه‭ ‬ورائهم‭ ‬ماهو‭ ‬إلا‭ ‬مجرد‭ ‬بيوت‭ ‬من‭ ‬الصفيح‭..‬لتكون‭ ‬حلبة‭ ‬الملاكمة‭ ‬الأجنبية‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬القارة‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬لفصلها‭ ‬كمنطقة‭ ‬خضراء‭ ‬أمنيا‭..‬متخلخلة‭ ‬ديموغرافيا‭ ‬بمعنى‭ ‬كأنها‭ ‬تعرضت‭ ‬لضربة‭ ‬تفريق‭ ‬كرات‭ ‬البلياردو‭..‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬جولات‭ ‬الصراع‭ ‬بمشاركة‭ ‬تحالفات‭ ‬متعددة‭ ‬الأقطاب‭ ‬والمصالح‭ ‬بهدف‭ ‬التواجد‭ ‬داخل‭ ‬أفريقيا‭ ‬في‭ ‬الحديقة‭ ‬الخلفية‭ ‬للمنافس‭ ‬دون‭ ‬عناء‭ ‬تلبية‭ ‬مطالب‭ ‬القاطنين‭ ‬حتى‭ ‬الرمق‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬ثروات‭ ‬القارة‭..‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬وإن‭ ‬اختلفت‭ ‬التفاصيل‭ ‬في‭ ‬قارات‭ ‬أخرى‭ ‬ضمن‭ ‬محاولات‭ ‬بسط‭ ‬النفوذ‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭..‬وسوف‭ ‬يساهم‭ ‬ضغط‭ ‬موجات‭ ‬النزوح‭ ‬في‭ ‬مضاعفة‭ ‬العبء‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬التي‭ ‬يستوطن‭ ‬فيها‭ ‬النازحون‭ ‬مما‭ ‬سيؤول‭ ‬إلى‭  ‬حدوث‭ ‬توترات‭ ‬إجتماعية‭..‬فقد‭ ‬توفرت‭ ‬معطيات‭ ‬مايحصل‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬منذ‭ ‬كنا‭ ‬نشاهد‭ ‬امرأة‭ ‬تحمل‭ ‬دلوا‭ ‬من‭ ‬الماء‭ ‬على‭ ‬كتفها‭ ‬تسير‭ ‬به‭ ‬لمسافة‭ ‬كيلومترات‭ ‬من‭ ‬مصدر‭ ‬ملوث‭..‬ومجموعة‭ ‬رعاة‭ ‬يمشون‭ ‬طوال‭ ‬النهار‭ ‬وامامهم‭ ‬المواشي‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬الخضرة‭ ‬والماء‭..‬ونسمع‭ ‬بقرية‭ ‬تقيم‭ ‬احتفالا‭ ‬كبيرا‭ ‬بمناسبة‭ ‬حفر‭ ‬بئر‭ ‬صغير‭..‬ويقف‭ ‬جميع‭ ‬سكان‭ ‬بلدة‭ ‬في‭ ‬طوابير‭ ‬أمام‭ ‬صهريج‭ ‬ماء‭..‬كما‭ ‬يحمل‭ ‬سكان‭ ‬مدينة‭ ‬جوهانزبرج‭ ‬اليوم‭ ‬لافتات‭ ‬احتجاج‭ ‬ضد‭ ‬نقص‭ ‬المياه‭..‬وتنقل‭ ‬الأخبار‭ ‬مؤخرا‭ ‬أن‭ ‬الجفاف‭ ‬أتلف‭ ‬70‭% ‬من‭ ‬المحاصيل‭ ‬في‭ ‬زامبيا‭ ‬و80‭% ‬في‭ ‬زيمبابوي‭..‬فقد‭ ‬حذرت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬أشد‭ ‬موجة‭ ‬جفاف‭ ‬

تضرب‭ ‬أفريقيا‭ ‬منذ‭ ‬قرن‭..‬والدليل‭ ‬إعلان‭ ‬خمس‭ ‬دول‭ ‬افريقية‭  ‬حدوث‭ ‬كارثة‭ ‬مائية‭ ‬وطنية‭..‬وربما‭ ‬من‭ ‬الغريب‭ ‬مطالبة‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬المعنية‭ ‬القارة‭ ‬باستخدام‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭..‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬السلطات‭ ‬وشركات‭ ‬المياه‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬أصلا‭ ‬على‭ ‬إيصال‭ ‬الماء‭ ‬إلى‭ ‬المناطق‭ ‬النائية‭ ‬بسبب‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬المتهالكة‭..‬كما‭ ‬تدعوها‭ ‬للتقليل‭ ‬من‭ ‬الإجهاد‭ ‬المائي‭ ‬نتيجة‭ ‬ري‭ ‬المحاصيل‭ ‬مثل‭ ‬قصب‭ ‬السكر‭ ‬والقمح‭ ‬والأرز‭ ‬والذرة‭..‬وإستبدالها‭ ‬بمحاصيل‭ ‬أكثر‭ ‬مقاومة‭ ‬للجفاف‭..‬ولطالما‭ ‬تنادي‭ ‬البرامج‭ ‬العالمية‭ ‬بالحصول‭ ‬على‭ ‬تمويلات‭ ‬لدعم‭ ‬الأفارقة‭ ‬فتحصل‭ ‬على‭ ‬ربع‭ ‬المطلوب‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال‭..‬بينما‭ ‬نجد‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬المقابلة‭ ‬ممن‭ ‬يتحدث‭ ‬بحسن‭ ‬نية‭ ‬عن‭ ‬خطط‭ ‬لإقامة‭ ‬مشاريع‭ ‬تنموية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مصدر‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية‭ ‬لكن‭ ‬توجد‭ ‬صعوبات‭ ‬جمة‭ ‬أمام‭ ‬تنفيذ‭ ‬المهمة‭..‬ولقد‭ ‬اعتقد‭ ‬العالم‭ ‬المتقدم‭ ‬أن‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬لن‭ ‬يطوله‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬سببا‭ ‬مباشرا‭ ‬في‭ ‬شدة‭ ‬وطأته‭ ‬على‭ ‬أفريقيا‭..‬فهاهي‭ ‬الندرة‭ ‬المائية‭ ‬سوف‭ ‬تتفاقم‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العقود‭ ‬القادمة‭ ‬لتشمل‭ ‬60‭% ‬من‭ ‬سكان‭ ‬الأرض‭..‬وأن‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬الصالحة‭ ‬للشرب‭ ‬سيزداد‭ ‬بنسبة‭ ‬55‭ % ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2035‭..‬إذن‭ ‬المياه‭ ‬مستقبلا‭ ‬ستكون‭ ‬أغلى‭ ‬من‭ ‬الذهب‭..‬ومثلما‭ ‬نشهد‭ ‬اليوم‭ ‬ناقلات‭ ‬نفط‭ ‬فسوف‭ ‬نرى‭ ‬غدا‭ ‬سفن‭ ‬ماء‭ ‬عذب‭ ‬مقابل‭ ‬أسعار‭ ‬باهظة‭..‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬ربما‭ ‬يستدعي‭ ‬الأمر‭ ‬يومآ‭ ‬ما‭ ‬تدخلات‭ ‬بالدبلوماسية‭ ‬أو‭ ‬بالقوة‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬المنابع‭ ‬والمسارات‭..‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬لأية‭ ‬دولة‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬أية‭ ‬أزمة‭ ‬إلا‭ ‬نقص‭ ‬المياه‭..‬ولأن‭ ‬الله‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬الماء‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬حي‭..‬لابد‭ ‬لمن‭ ‬يعنيه‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬حفظ‭ ‬ماء‭ ‬الوجه‭ ‬أمام‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭..‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى