في زمن مضى، كانت العلاقة بين الإخوة أشبه بالحبل المتين، لا تهزه الأيام، ولا تقطعه المسافات، كانوا سندًا لبعض، يتقاسمون اللقمة، والغطاء والفرح، وحتى الهم، لكن في زمن اليوم، تغيّرت المعادلات، وتبدلت الأولويات.
أصبحنا نسمع كثيرًا عن أخ لا يسأل عن أخيه، ولا يزوره، حتى وهو مريض، عن بيوت تفصلها جدران، وقلوب فصلتها كلمات، السؤال الذي يفرض نفسه .. كيف وصلت الأخوّة لهذا الحد من الجفاء؟!
الجواب الذي يتكرَّر على ألسنة الكثيرين هو :
«الزوجة ما تبيهش يحتك بأهله»…
أو : «زوجها ما يرضاش حتى يخش بيت خوه»..
وهكذا، يتحوّل شريك الحياة من نصف ثانٍ إلى حاجز ثالث، يقف بين الإخوة، ويقطع صلات الرحم بحجج الخصوصية، الغيرة، أو حتى سوء الفهم.
لكن هل الزواج فعلاً مبرّر لقطع العلاقة بين الدم، والدم؟
هل عندما نتزوج، ننسى مَنْ كان يحملنا على ظهره ونحن صغارًا؟ من كان يقتسم معنا قطعة الخبز، ويمسح دموعنا؟.
الحقيقة أن الحياة الزوجية لا يجب أن تكون سببًا لتراجع الروابط العائلية، بل من المفترض أن تعزّزها، وتجمعها، وتزيدها دفئًا، لكن ما نراه للأسف هو العكس.
أخ يمرض، فلا يجد من يسأل عنه.
أخ يُدفن، ولا يحضر أخوه جنازته.. والسبب؟
زوجة منعت.. أو زوج تحكّم.. أو قلب تكاسل.
ومع مرور الوقت، يصبح البُعد عادةً، والخصام طبيعيًا، والنسيان سهلًا. وتمر السنون حتى نكاد ننسى وجوه بعضنا، ونتذكر فقط وقت فوات الأوان.
الزوجة الصالحة لا تفرّق، بل تجمع.
والزوج الحكيم لا يعزل، بل يقرب.
أما الإخوة، فمهما كبرت المشكلات، وتشعبت الدروب، يبقون أصل الروح، وأجمل ما خلفه لنا آباؤنا وأمهاتنا.
لا تفرّط في أخيك، حتى لو فرّط فيك.
ففي نهاية العمر، لا يبقى سوى الذكريات.. والندم