يرزح معظم مرضى الأورام تحت وطأة الألم الناجم عن مرض السرطان، الذي يظل ينخر الخلايا في أكثر أجزاء الجسد دون رحمة، أو ذلك الألم الذي يحدث بسبب العلاجات والآثار الجانبية المصاحبة لها .
والتي يتعاطاها المريض مجبرًا على شكل جرعات في فترات زمنية متفاوتة، بحسب الحالة .
ومن أبرز أشكال ردود الأفعال التي يصدرها جسم المصاب هي:
الغثيان، والرغبة في القيء بسبب فقر الدم – إذا ما كان العلاج يدمر الكثير من خلايا الدم الحمراء السليمة -،وفقدان الشهية، والإمساك، أو الإسهال الشديد، والأرق، والشعور الدائم بالإرهاق والتعب، إلى جانب التغيرات التي تطرأ على الحالة المزاجية .
فعلى الرغم من أنَّ عقاقير العلاج الكيميائي تعمل على قتل الخلايا السرطانية، وتجمد نشاطها، إلا أن ذلك لا يجعل باقي خلايا الجسم الطبيعية بمنأى من التأثر بالأدوية التي يتم تناولها؛ فهو لا يفرق بين الخلايا السرطانية، والخلايا السليمة.
من ضمن الآثار الجانبية الشائعة للعلاج الكيماوي، التأثير على خلايا نخاع العظم «الدم»، وهذا قد يؤدي إلى الإرهاق المزمن، كما وقد يضعف الجهاز المناعي لجسم المريض .
أضف إلى ذلك الآثار النفسية والعقلية، التي يحتاج علاجها لمزيدٍ من الوقت، والدعم أكثر من الآثار الجسدية لهذا المرض المدمر لحياة المصاب، وأسرته ماديًا، ومعنويًا.
فمن المظاهر النفسية ضعف الذاكرة، وقصور الإنتباه والتركيز ، والتشتت، ومشكلات في الإدراك، إلى جانب ازدياد حدّة التوتر، والعصبية، والذي من شأنه يعطّل ويبطىء عملية التشافي لدى المريض.
فما بالك، حينما يكون عاجزًا عن توفير العلاج اللازم، لبث روح الأمل في قلبه المتشبت بالحياة، حينما يشاهد أسرته والمحيطين به يبذلون ما في وسعهم لأجل دعمه ومساندته، وتخليصه من آلامه،وتهوين مخاوفه، وقد لا تُفلح مساعيهم أمام تكاليف العلاج الباهظة، وأمام تحديات الواقع الذي نعيشه في بلادنا بظروفها السياسية والاقتصادية، وحتى الاجتماعية، وأمام هذه الصراعات المستميتة من أجل إستعادة المعافاة، وهزيمة شبح الموت، في هذه الفسحة نختار بعض الحالات التي تسرد لنا تفاصيل تجربتها مع هذا المرض المستعصي، وهم مجرد عينة بسيطة من بين أعداد كبيرة من المصابين بالأورام من أبناء مجتمعنا .
تقول الأخت /) أ – ش( : قصتي ومعاناتي في رحلة علاج امتدّتْ زهاء ثلاث سنوات
أولى المعاناة كانت مع فترة إنتشار الكورونا حيث أصبتُ بنزيف ترددتُ قبل أن اقصد أي طبيب، ولكن بعد استمراره لشهور وذهابي لعدد من الطبيبات المحليات في المصحات والمستوصفات، قصدتُ استشاريًا معروفًا موجودًا خارج العاصمة في مدينة «زليتن» لديه مستشفى متخصص في أمراض النساء لدى فحصه وطلبه مني إجراء رنين، وتحاليل، وصور كمبيوتر بعد أنَّ شخص الحالة قال إن لدي لحمية، ولكن وبدل أن يجري العملية قرَّر أنه عليّ زيادة الدم بدل الفاقد وبدأت معاناة الزيادة لم اجد سريرًا في جميع مستشفيات العاصمة إلا في مستشفى يفرن في الجبل الغربي وبقيت مدة العشرة أيام حتى ارتفع الدم عندي، وراجعت الطبيب فأخبرني أن ارجع له بعد شهر رمضان في 2021 ولاني أعاني النزيف ما قمتُ بزيادته فقدته مرة أخرى وهذه أولى مأسي الطب لدينا )عندك حالة نزيف ولحمية ووضعها حرج علاش تأجل في العملية( خضعت لزيادة مرة أخرى و وذهبتُ للمستشفى الذي يعد بائسًا لولا يأسي فلا هو و لا صاحبه اختيارا لاي إنسان بعقله كنت أموت ولكنه كان يفضل عمليات القيصرية التي يجريها بكثرة لحالات هن زبائن مستشفاه.
ادخلتُ للمستشفى ولم يتم تجهيزي، وأنا أتساءل عن سبب التأخير.
بقيتُ تلك الليلة دون أي طعام، وأنا حالة من خارج المدينة مع والدتي دون اعاشة، واليوم التالي ادخلتُ العملية .. اذكر كيف تم تجهيزي بإلباسي ثوب «فستان منزلي من الكتان»، وليس قميصًا طبيًا معقمًا .
بعد أن تم حقني بالبنج الجزئي قام بإجراء فتح مقطعي و أنا أشاهد من خلال انعكاس على إطار الكاشف وقام من فوره بقطب الفتحة وأنا أتساءل ماذا تفعل فقال لي؟!.
أجاب : أنتِ عندك سرطان ..
لا يمكنني وصف مشاعري شعور الخوف سرطان ..!!!
كيف هل له شكل رأيته بعينك
أنا أتابع معك منذ ثلات اشهر اجريتُ رنينًا وصورة كمبيوتر وتحاليل لا شيء نبأك على السرطان .
طلبتُ من أبي الحضور وخرجتُ طبعًا لم يقم بإرجاع أي مبلغ مالي أخذ مني 3000 ألف دينار لا عملية لا اعاشة وخرجتُ بجرح غير معقم، طلبتُ طيلة أسبوعين أقوم بإجراء كشف في مصحة )المختار( في طرابلس وبعدها سافرتُ إلى مصر .
قصدتُ مستشفى «الأمم» للسيد اخرس بالمهندسين الذي اخبرني بعد الكشف أنني أعاني من حالة طبية تسمى الحوض المتجمد حيث قامتْ البطانة المهجرة بلصق الرحم مع المثانة و الأمعاء وهذا الذي شاهده الطبيب الليبي وعلى اثره اخبرني بأن معي سرطان ، وادخلتُ للعمليات واثناء العملية وجد أن معي سرطان المبيض، الذي كان منتشرًا في الرحم وجزءًا من المثانة وجزءًا من الأمعاء، دخلتُ للعملية الساعة 11 صباحًا استدعاء الدكتور خمسة أطباء وخرجتُ من العملية الخامسة مساء.
على إثرها أودعت العناية لمدة ستة أيام، و ظللتُ نزيلة في المستشفى لمدة 17 يومًا، وكانت فاتورة العملية )25( ألف دولار قام والدي بدفع مبلغ )9000(آلاف دولار، وتم حجز جواز سفري إلى حين سداد باقي القيمة.
هذا ملخص الوضع الصحي..
أما عن تفاصيل معاناتي في مصر ، أنه رغم وجود رسالة من وزارة الصحة باعتباري حالة أورام موجهة للملحق الصحي لسفارة الليبية في القاهرة لم تقم السفارة بدفع أي رسوم للمصحة وبقي جوازي محتجزًا
بفضل بعض الخيرين من مجلس النَّواب استطعتُ أخذ جرعات الكيماوي في مستشفى يسمى «السلام الدولي»
هذا المستشفى صادر مني قيمة الصك المخصص ليَّ بحجة وجود ديون على السفارة الليبية في ذلك المستشفى .
بعد انتظار شهور استنفذتْ فيه عائلتي مدخراته كنتُ ارى والدي كيف يطلب من اخوتي تدبر المبالغ ببيع عقاراته وسحب مدخراته المعيشة كانت باهظة ما بين إيجارات، ومعيشة، وسيارات أجرة، حيث إنّ مراجعة السفارة كانت برقم لا يمكن تخيله.
تلك السفارة التي اغلقت أبوابها في وجهي وبعد سبعة شهور قرَّرتُ العودة لليبيا، تصورور أنني قصدتُ أناسًا في ليبيا لكي يتوسطوا لي بالدخول إليها ..
دخلتُ إليها بعد ثلاثة أيام من الوقوف
دخلتُ إلى القنصل طبعاً السفير يترفع على رؤية المواطنين والملحق الصحي لديه من الأمور ما هو أهم منا.
أخبرتهم أنني اريد جوازي
فقالوا ليَّ لا يوجد عندنا حل، قومي بتقديم بلاغ ضياع و سنستخرج لكي جوازًا جديدًا.
اقسم بالله العظيم
إنني صدمتُ ولكنني كنتُ ارى أنني محتجزة في بلاد بعيدة عن منزلي واحتجز معي أهلي.
ذهبتُ للمصحة وطلبت مقابلة صاحب المستشفى وتوسلت إليه أن يعطيني جوازي اريد أن ارجع لبلادي وأن أموت ببيتي
طبعاً ما كان ليعطيني جوازي هكذا ولكنني كنتُ قد اجريت تقييمًا لوضعي الصحي، فكان أن وجدوا غدة متورمة في الحوض.
فقلتُ لصاحب المستشفى تقريركم يقول إنكم استأصلتم الورم وكل الغدد فكيف يقول تقريري الآن فيّ ورم.
هنا طلب مني العودة صباح اليوم التالي؛ ولدى العودة طلب مني التوقيع على عدة أوراق منها تزكية المستشفى وشكرًا له و كذلك إشارة اني لا اريد منهم اي شيء )تعهد و إبراء( .. أخذتُ جوازي وعدنا تاني يوم لليبيا.
الآن معاناة في ليبيا من نوع آخر
بعد رجوعي سألتُ عن دكتورة أمراض نساء و أورام فنصحوني بالدكتورة «لبنى المقهور» فذهبتُ إليها بمصحة )السندان( وكان الكشف بخمسين دينارًا.
لدى دخولي إليها أخبرتها عن حالتي الصحية ولأنني مررت بتجربة صعبة كان الحديث عن وضعي الصحي «يوجع فيّ»؛ فالأمر يجعلني أبكي متأثرة بحالتي، اذكر أن رد فعلها كان غير إنساني بجملة باردة «شن يبكي فيك..!!!!» .. تعالي للقسم يوم كذا.
وذهبتُ و ياريتني ما ذهبتُ
أول حاجة كتبولي العلاج في وصفة، وتحتها جملة «غير متوفر ..!!»
وبدأت أوفر العلاج لوحدي وأحضر معي أول جرعة.
تعرضتُ أثناء الجرعات لحالة تسمَّم تحسس الكيمو وهي حالة اتألم فيها بشدة بسبب وجع في البطن والظهر وحالة من ضيق التنفس، في مصر عانيتُ منها لدقائق قليلة قبل أن يقوم الطاقم الطبي بالسيطرة على الألم وخضعت لتسع جلسات لم أشعر خلالهابأي ألم
أنا في ليبيا فكان الألم الخوف من الألم ولحظات الجرعة كفيلة بأن تجعلني اهرم نعم شعرتُ بانني عجوز هرمت من الخوف والوجع وعدم وجود طبيبة تقف جوار سريري أثناء الجرعة، في الجرعة الثانية وأثناء تعرضي لموجة التحسس وضيق التنفس والخوف من الموت نعم كنتُ اشعر بانني أموت تعرضت لانخفاض السكر حتى أغمى عليّ وعندما استرجعت وعيي وجدت نفسي )مسكوب عليّ السكر( إسعافي كان بالسكر
والجرعة الثالثة وبعد تم تعليق الجرعة وبدأ التحسس ارتفع السكر وبدأ العرق يتصبب فقاموا بقياسه ليجدوه 600 وتم إقاف الجرعة وإحالتي لمستشفى السكر .
وللمرة الثانية يحاول أهلي إنقاذي من الدكاترة المحليين وتم تسفيري لتونس؛ هناك أخضعت لتقييم فأخبروني بأنه عليّ إعادة التقييم كل ثلاثة أشهر والتوقف عن أخذ الجرعات، وأن الجرعات الأخيرة في ليبيا تعد دون داعٍ
وهكذا قمتُ بالسفر لتونس ثلات مرات، ولن أخبركم كم كان الأمر مكلفًا.
سمعتُ موخرًا عن )بطاقة محارب(، و ذهبتُ قبل أيام للتقديم عليها وانتظر استلامها وارغب في أن اجري تقييماً للإطمئنان على حجم غدة الحوض المتورمة منذ 2021.
تجربة العلاج في داخل والخارج كانت سئية ومتعبة ومجهدة لم أجد فيها إلا دعاء الأهل و الأصدقاء
كنتُ مؤمنة بالقضاء والقدر، مؤمنة أن الله ابتلاني و أنا والله مستسلمة لقضائه فقط هو الألم كان شديدًا !
فقط تلك المعاناة لازلتُ اذكر كم كان الأمر متعباً، لقد انتقلنا في سكننا بمصر إلى ثلاث مناطق لان الأسعار كانت باهظة .. ثمن الايجارات يختلف من مدينة نصر ثم المهندسين ثم الهرم .. وفي تونس أيضًا الايجارات باهظة وأجرة التنقل .
رسالتي لرئيس الوزراء، ووزير الصحة، والسفير الليبي في القاهرة والملحق الصحي خلال الفترة من شهر 6/2021 وحتى 12/2021 )كلكم راع( .. واني والله خصيمتكم، ولدى الديان تجتمع الخصوم .
أتمنى .. أنّ استرجع قيمة فواتيري التي دفعها والدي والتي قامت السفارة بوضع ختمها عليها باعتباري مشمولة بتغطية النفقات، ولكنهم لم يقوموا بتغطيتها
اتمنى من رئيس الوزراء، ووزير الصحة أن يرجعوا ليَّ قيمة فواتيري.
عبر منبركم .. أتمنى أن يصل صوتي.