الاولى

دخـلوا حـياتنا بقـوة بين الجد والوهم والتـــــــــفاهة

هناء عمار

سرقتنا‭ ‬السوشيل‭ ‬ميديا‭ ‬أو‭ ‬الفضاء‭ ‬الإلكتروني‭ ‬من‭ ‬حياتنا‭ ‬الواقعية‭ ‬حتي‭ ‬أدخلتنا‭ ‬دهاليز‭ ‬لها‭ ‬بداية‭ ‬وليس‭ ‬لها‭ ‬قرار‭.‬

فبعد‭ ‬أنّ‭ ‬كانت‭ ‬الشاشة‭ ‬الصغيرة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬العائلة‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬المعيشة‭ ‬وسط‭ ‬أجواء‭ ‬المتعة‭ ‬البصرية‭ ‬والترفية‭ ‬أخذت‭ ‬لمتنا‭ ‬شكلاً‭ ‬انفراديًا‭ ‬منعزلاً‭ ‬عن‭ ‬المحيط‭ ‬صارت‭ ‬المنصات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬هي‭ ‬النَّواة‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬حولها‭ ‬العقول‭ ‬وترنو‭ ‬إليها‭ ‬الأبصار‭ ‬مشدوهة‭ ‬نحو‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مبهرٌ‭ ‬وجديدٌ‭ !‬

حتى‭ ‬أصبحنا‭ ‬كركبي‭ ‬الأمواج‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬البحر‭ ‬الهائج‭ ‬نطالع‭ ‬الترند‭ ‬ونتاج‭ ‬الآخر‭ ‬ونصرف‭ ‬ساعات‭ ‬طوال‭ ‬من‭ ‬النهار‭ ‬ركضًا‭ ‬خلف‭ ‬أسماء‭ ‬تتكاثر‭ ‬بسرعة‭ ‬مأهولة‭ ‬داخل‭ ‬صفحات‭ ‬التواصل،‭ ‬وقنواته‭ ‬ومنصاته‭ ‬الكثيرة‭ ‬والتي‭ ‬أخذت‭ ‬تتطور‭ ‬مع‭ ‬اتسع‭ ‬الهوة‭ ‬التقنية‭ ‬فمن‭ ‬منصات‭ ‬التدوين‭ ‬إلى‭ ‬محطات‭ ‬صُنّاع‭ ‬المحتوى‭. ‬

ولعلنا‭ ‬نقف‭ ‬هنا‭ ‬لايضاح‭ ‬فارق‭ ‬بسيط‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يفطن‭ ‬إليه‭ ‬الكثيرون‭ ‬وهو‭ ‬أنّ‭ ‬مجال‭ ‬صناعة‭ ‬المحتوي‭ ‬يعد‭ ‬فنًا‭ ‬قائمًا‭ ‬على‭ ‬أُسس‭ ‬علمية،‭ ‬وإمكانات‭ ‬إبداعية‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬لها؛‭ ‬فهو‭ ‬نشاط‭ ‬يضم‭ ‬بين‭ ‬طياته‭ ‬عدة‭ ‬صور‭ ‬من‭ ‬المحتوي‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬مرئيًا،‭ ‬أم‭ ‬مقروءً،‭ ‬أم‭ ‬مسموعًا‭.‬

أما‭ ‬أولئك‭ ‬المدونون‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬تطلق‭ ‬عليهم‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬بلوقرز‮»‬‭ ‬فهم‭ ‬متخصصون‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التدوين،‭ ‬وكتابة‭ ‬المقالات‭ ‬والتقارير‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬وهم‭ ‬يختلفون‭ ‬عن‭ ‬الشخصيات‭ ‬التي‭ ‬نراها‭ ‬تملأ‭ ‬البراح‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬يقيم‭ ‬خارج‭ ‬البلاد،‭ ‬ومنهم‭ ‬بداخلها،‭ ‬ولكن‭ ‬جميعهم‭ ‬ليبيون‭ ‬درجوا‭ ‬على‭ ‬صُنع‭ ‬محتواهم‭ ‬وفق‭ ‬منظورهم‭ ‬الخاص،‭ ‬ورؤيتهم‭ ‬وباعتبار‭ ‬أن‭ ‬مصطلح‭ ‬صناعة‭ ‬المحتوي‭ ‬يتضمن‭ ‬معني‭ ‬اعم،‭ ‬وأشمل‭ ‬من‭ ‬التدوين؛‭ ‬فذلك‭ ‬يتيح‭ ‬لهؤلاء‭ ‬اعداد‭ ‬مواد‭ ‬بوسائط‭ ‬متعدَّدة‭ ‬منها‭ ‬المسموع‭ ‬والمرئي،‭ ‬والفديوات‭ ‬الوثائقية،‭ ‬والرسومات‭ ‬الكرتونية،‭ ‬والرسومات‭ ‬البيانية،‭ ‬والبودكاسيت‭ ‬والكتب‭ ‬اإالكتروني‭ ‬وغيرها‭.‬

هذه‭ ‬البرامج‭ ‬الإبداعية‭ ‬يتم‭ ‬استخدامها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أصحاب‭ ‬العلامات‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬لاستغلال‭ ‬وربط‭ ‬شخصية‭ ‬صانع‭ ‬المحتوي‭ ‬مع‭ ‬جمهور‭ ‬متابعيه؛‭ ‬فمن‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬يضمن‭ ‬المروجون‭ ‬نمو‭ ‬معروضاتهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اهتمام‭ ‬المتابعين‭ ‬وإقبالهم‭ ‬السريع‭.‬

وفي‭ ‬خضم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سلف‭ ‬ذكره‭.. !‬

ماذا‭ ‬يُقدم‭ ‬صُنَّاع‭ ‬المحتوي‭ ‬للمجتمع‭ ‬الليبي؟،‭ ‬وهل‭ ‬نستطيع‭ ‬أنّ‭ ‬نقول‭ ‬إنّ‭ ‬لدينا‭ ‬محتوى‭ ‬هادفًا،‭ ‬ويقف‭ ‬وراءه‭ ‬صُنَّاع‭ ‬محترفون‭ ‬سؤالنا‭ ‬توجهنا‭ ‬به‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬وتلقينا‭ ‬منهم‭ ‬الإجابة‭  ‬التالية‭ :‬

هدير‭ ‬المصري‭ ‬قالتْ‭ ‬في‭ ‬إفادتها‭ :‬‭ ‬‮«‬الانترنت‮»‬‭ ‬ملىء‭ ‬بأشكال‭ ‬وألوان‭ ‬من‭ ‬صُنَّاع‭ ‬المحتوى؛‭ )‬أطبا،ء‭ ‬واختصاصيون،‭ ‬وتربويون‭ ‬وشيفات‭ ‬طبخ‭ ‬ومكياج‭(‬،‭ ‬منهم‭ ‬مَنْ‭ ‬يستحق‭ ‬المتابعة،‭ ‬وجديرين‭ ‬بأن‭ ‬يكونوا‭ ‬تريند‭ ‬الموسم،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يستحق‭ ‬حتى‭ ‬أنّ‭ ‬تفتح‭ ‬عليه‭ ‬نهائيًا،‭ ‬وعن‭ ‬نفسي‭ ‬أعتبر‭ ‬هؤلاء‭ ‬وسيلة‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬تساؤلات‭ ‬فيها‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬باحتياجات‭ ‬كل‭ ‬شؤون‭ ‬حياتي‭ ‬وحياة‭ ‬أسرتي،‭ ‬ولم‭ ‬أعد‭ ‬أسال‭ ‬أحدًا،‭ ‬مجرد‭ ‬أضغط‭ ‬على‭ ‬الصفحة،‭ ‬وأخذ‭ ‬ما‭ ‬يناسبني‭ ‬من‭ ‬معلومات‭ ‬كأنني‭ ‬أتجول‭ ‬في‭ ‬مكتب‭ ‬عملاقة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الخروج‭ ‬منها‭ ‬بسهولة‭.‬

هاجر‭ ‬رجوبة‭ ‬تقول‭:‬‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬كانت‭ ‬ثقافتنا‭ ‬مستمدة‭ ‬من‭ ‬الكتب،‭ ‬والمجلات‭ ‬والتلفزيون،‭ ‬أما‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬عصر‭  ‬التكنولوجيا‭ ‬والإعلام‭ ‬الإلكتروني‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يُعبر‭ ‬عنه‭ ‬جيلهم،‭ ‬هم‭ ‬سيطروا‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬مجتمع‭ ‬بأكمله‭ ‬ودائمًا‭ ‬أفكر‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة،‭ ‬كيف‭ ‬ستكون‭ ‬عقليتهم،‭ ‬وتكوينهم‭ ‬الأخلاقي‭ ‬مع‭ ‬هذال‭ ‬التوهان‭ ‬الذي‭ ‬يعيشونه‭ ‬بين‭ ‬تعاليم‭ ‬الأسرة،‭ ‬والدين،‭ ‬وبين‭ ‬الهيجان‭ ‬والفلتان‭ ‬الحاصل‭ ‬في‭ ‬قنوات‭ ‬‮«‬الإنترنت‮»‬‭.‬

وتضيف‭:‬‭ ‬أنا‭ ‬أُؤمن‭ ‬بأنّ‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬له‭ ‬مزايا،‭ ‬وعيوب،‭ ‬وكذلك‭ ‬المحتوى‭ ‬بمواقع‭ ‬التواصل‭ ‬يوجد‭ ‬فيه‭ ‬شخصيات‭ ‬مؤثرة‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬رائعة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬تطرحه،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يقدم‭ ‬في‭ ‬‮«‬هبال‮»‬‭ ‬بصراحة،‭ ‬ويعتقدوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬فاعلين،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬استغل‭ ‬الموضوع‭ ‬بعد‭ ‬وصول‭ ‬متابعيهم‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة،‭ ‬وأدخل‭ ‬مجالات‭ ‬الإعلانات‭ ‬في‭ ‬عمله،‭ ‬فمن‭ ‬صفحة‭ ‬لتعليم‭ ‬الطبخ‭ ‬أصبحوا‭ ‬يستضيفوا‭ ‬فيهم‭ ‬لتدشين‭ ‬افتتاح‭ ‬كل‭ ‬المشاريع‭ ‬التجارية‭ ‬الكبرى‭ ‬مثل‭ ‬بنات‭ ‬معتوق‭ ‬‮«‬مروة‭ ‬ومنى‮»‬‭ ‬الشهيرات،‭ ‬وطبعًا‭ ‬مع‭ ‬استفادتهم‭ ‬بمكسب‭ ‬مادي‭ ‬كبير‭ ‬مقابل‭ ‬ما‭ ‬يروجونه‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬المشاريع‭.‬

أيضًا‭ ‬مثال‭ ‬آخر‭ ‬‮«‬يوسا‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أحدثتْ‭ ‬ضجة‭ ‬كبيرة‭ ‬مؤخرًا‭ ‬ونالت‭ ‬شهرة‭ ‬واسعة‭ ‬بين‭ ‬فئة‭ ‬المراهقات‭ ‬والشباب‭ ‬الصغير‭ ‬بعد‭ ‬أنّ‭ ‬كانت‭ ‬فتاة‭ ‬بسيطة‭ ‬تقدم‭ ‬أفكارًا‭ ‬عن‭ ‬مشغولات‭ ‬يدوية‭ ‬من‭ ‬غرفتها‭ ‬ثم‭ ‬دخلتْ‭ ‬في‭ ‬‭)‬البراندات،‭ ‬والماركات‭ ‬العالمية‭(.‬

وفي‭ ‬الحقيقة‭ ‬هم‭ ‬دخلوا‭ ‬حياتنا‭ ‬بقوة‭ ‬وصاروا‭ ‬جزءًا‭ ‬منها‭ ‬نتفرج‭ ‬عليهم‭ ‬يوميًا‭ ‬ونتابع‭ ‬مستجداتهم‭ ‬مثلما‭ ‬كنا‭ ‬نقلب‭ ‬القنوات‭ ‬الفضائية،‭ ‬ففي‭ ‬البداية‭ ‬كانت‭ ‬شاشة‭ ‬صغيرة‭ ‬وقناة‭ ‬واحدة‭ ‬ثم‭ ‬صحن‭ ‬الفضاء،‭ ‬وعدة‭ ‬قنوات‭ ‬ثم‭ ‬حدث‭ ‬انفتاحٌ‭ ‬تدريجي‭ ‬واكتمل‭ ‬بـ«الانترنت‮»‬‭ ‬ومازال‭ ‬الحبلُ‭ ‬على‭ ‬الجرار‭ ‬من‭ ‬مفاجآت‭ ‬التقنية‭ ‬وكله‭ ‬سيؤثر‭ ‬علينا‭ ‬وعلى‭ ‬نمط‭ ‬حياتنا‭.‬

‭ ‬ياسين‭ ‬محمد‭ ‬يقول‭ :‬‭ ‬في‭ ‬رأيه‭ ‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬أنّ‭ ‬نعطي‭ ‬جهازًا‭ ‬ذكيًا‭ ‬لطفل‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬ونتركه‭ ‬دون‭ ‬متابعة؛‭ ‬فالأهل‭ ‬لا‭ ‬يعلمون‭ ‬حجم‭ ‬المأساة‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬بناتنا‭ ‬افسدتهن‭ ‬صانعات‭ ‬المحتوى،‭ ‬ومشاهير‭ ‬‮«‬التيك‭ ‬توك،‭ ‬والفيس‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬يتناسلون‭ ‬بأعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الفارغات‭ ‬يقدمن‭ ‬الاسفاف،‭ ‬ومحتوى‭ ‬هابط،‭ ‬وليس‭ ‬فيه‭ ‬شيء‭ ‬نافع‭ ‬فيديوات‭ ‬تخدش‭ ‬الحياء‭ ‬العام‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تجدي‭ ‬لديهن‭ ‬جمهورًا‭ ‬عريضًا‭ ‬من‭ ‬الفتيات‭..!.‬هذا‭ ‬الشئ‭ ‬محيرني‭ ..!‬

ويضيف‭ ‬أنا‭ ‬اتابع‭ ‬‮«‬أحمد‭ ‬المجذوب‮»‬‭ ‬يتكلم‭ ‬على‭ ‬جغرافيا،‭ ‬الأماكن،‭ ‬وأسامي‭ ‬مدن‭ ‬ليبية،‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ ‬نعرفها‭ ‬من‭ ‬خلاله،‭ ‬و«رحاليستا»محتواه‭ ‬نظيف،‭ ‬وممتاز،‭ ‬‮«‬وطه‭ ‬حسين‭ ‬الجواشي‮»‬،‭ ‬‮«‬يوتيوبر‮»‬‭ ‬ناجح‭ ‬جدًا،‭ ‬و«أيوب‭ ‬مطاعم‭ ‬طرابلس‮»‬،‭ ‬وغيرهم‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬تحضرني‭ ‬أسماءهم‭.‬

وبصفة‭ ‬عامة‭ ‬المحتوى‭ ‬الخاص‭ ‬بالليبيين‭ ‬يحتاج‭ ‬لتصفية،‭ ‬وضرورة‭ ‬غربلته‭ ‬من‭ ‬رموز‭ ‬الفساد‭ ‬الأخلاقي‭.‬

إبتسام‭ ‬الكامل‭ ‬اختصاصية‭ ‬اجتماعية‭ ‬قالت‭:‬‭ ‬أرى‭ ‬أنّ‭ ‬الهدف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬إنشاء‭ ‬المحتويات‭ ‬مادي‭ ‬صرف،‭ ‬مادة‭ ‬هزلية‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬نفعًا‭ ‬للمجتمع‭ ‬بل‭ ‬سبَّبت‭ ‬في‭ ‬تمزق‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ففي‭ ‬الماضي‭ ‬لم‭ ‬نعرف‭ ‬فتيات‭ ‬يخرجن‭ ‬على‭ ‬الشاشات‭ ‬سافرات،‭ ‬بوجوه‭ ‬مصبوغة‭ ‬ولباس‭ ‬خليع،‭ ‬ويتكلمن‭ ‬بلغة‭ ‬شوارعية‭.‬

مع‭ ‬الأسف‭ ‬تأثير‭ ‬هؤلاء‭ ‬قبيح،‭ ‬وسيء‭ ‬ونتائجه‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد‭ ‬فقد‭ ‬صارت‭ ‬أغلب‭ ‬الفتيات‭ ‬يقلدهن‭ ‬ويفتحن‭ ‬‮«‬لايف‮»‬‭ ‬من‭ ‬بيوت‭ ‬أهاليهن،‭ ‬إما‭ ‬بعلم‭ ‬الأهل‭ ‬أو‭ ‬دونه،‭ ‬المهم‭ ‬كسب‭ ‬جمهور‭ ‬متابعين‭ ‬كي‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬المال‭ ‬وعلامة‭ )‬الأسد،‭ ‬أو‭ ‬السمكة،‭ ‬أو‭ ‬الوردة‭( ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬لعب‭ ‬الجولات‭ ‬الرائج‭ ‬بكثرة‭ ‬بين‭ ‬شبان،‭ ‬وفتيات‭ ‬هذا‭ ‬الشىء‭ ‬له‭ ‬تداعيات‭ ‬خطيرة‭ ‬جدًا‭.‬

هئية‭ ‬رصد‭ ‬المحتوى‭ ‬أين‭ ‬دورها؟‭ ‬لم‭ ‬نرَ،‭ ‬أو‭ ‬نسمع‭ ‬بتحركها‭ ‬حيال‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬وقد‭ ‬شاهدنا‭ ‬الضجة‭ ‬التي‭ ‬أحدثتها‭ ‬البلوجر‭ ‬‮«‬يوسا‮»‬‭ ‬عندما‭ ‬أعلنتْ‭ ‬عن‭ ‬رغبتها‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬وجهها‭ ‬هي‭ ‬فتاة‭ ‬محظوظة،‭ ‬يركض‭ ‬خلفها‭ ‬آلاف‭ ‬الفتيات‭ ‬المراهقات‭ ‬بمساعدة‭ ‬أمهاتهن،‭ ‬ويعتبرنها‭ ‬مُلهمة‭ ‬وفنانة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شىء‭ .‬

وأنا‭ ‬أعتبر‭ ‬موضوعها،‭ ‬أنهم‭ ‬قد‭ ‬أعطوها‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬حجمها‭ ‬كانت‭ ‬القيم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬عندنا‭ ‬هي‭ ‬الأساسية‭ ‬اليوم‭ ‬بسبب‭ ‬هذه‭ ‬النماذج‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتمسك‭ ‬بقيم،‭ ‬أو‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬اسم،‭ ‬ولقب‭ ‬العائلة‭ ‬كله‭ ‬صار‭ ‬مكشوفًا،‭ ‬وواضحًا‭ ‬للجميع‭..‬

عبدالفتاح‭ ‬الكردالي‭/ ‬مدرب‭ ‬تنمية‭ ‬ذاتية‭ ‬وإدارية‭ ‬وإعلامي‭ ‬مقدم‭ ‬برامج‭ ‬سابق‭ ‬يقول‭ ‬في‭ ‬رأيه‭:‬‮«‬السوشيل‭ ‬ميديا‮»‬‭ ‬سلاح‭ ‬ذو‭ ‬حدين‭ ‬فيه‭ ‬جانبٌ‭ ‬خير،‭ ‬وآخر‭ ‬سلب،‭ ‬والموجود‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬حالياً‭ ‬للأسف‭ ‬غالبيتهم‭ ‬هدفهم‭ ‬مادي‭ ‬لتحقيق‭ ‬الربح،‭ ‬وزيادة‭ ‬الدخل،‭ ‬وهذا‭ ‬حق‭ ‬مشروع‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬به‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬المحتوى‭ ‬هادفًا،‭ ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬سلبيًا؛‭ ‬فسيؤثر‭ ‬على‭ ‬نفسه،‭ ‬وعلى‭ ‬مجتمعه‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬سبب‭ ‬مشكلات،‭ ‬وفتنة‭ ‬بين‭ ‬دولتين،‭ ‬أوصلته‭ ‬للسجن،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬شوه‭ ‬صورة‭ ‬بلاده‭ ‬بسبب‭ ‬محتواه،‭ ‬وأذكر‭ ‬موقفًا‭ ‬قبل‭ ‬سنتين‭ ‬قدمت‭ ‬برنامجًا‭ ‬على‭ ‬‮«‬الميديا‮»‬‭ ‬مع‭ ‬قناة‭ ‬‮«‬مغربية‮»‬،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬لدي‭ ‬الدعم،‭ ‬فقد‭ ‬اشترطوا‭ ‬ضرورة‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬موافقة‭ ‬أمنية،‭ ‬وكان‭ ‬هناك‭ ‬قسم‭ ‬لحقوق‭ ‬الملكية‭ ‬بمراقبة‭ ‬مضمون‭ ‬المحتوى،‭ ‬إذا‭ ‬خرج‭ ‬عن‭ ‬السياق‭ ‬المنصوص‭ ‬عليه‭ ‬يتم‭ ‬مراقبته‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جهات‭ ‬ضبطية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدولة،‭ ‬بينما‭ ‬عندنا‭ ‬نجد‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬ممكن‭ ‬يصبح‭ ‬صانع‭ ‬محتوى‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يحققَّ‭ ‬الشهرة،‭ ‬محتويات‭ ‬دون‭ ‬قيمة‭ ‬وتحصل‭ ‬على‭ ‬معجبين،‭ ‬ومتابعين‭ ‬بـ‭)‬‮١٠٠٠‬‭( ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬اليوم،‭ ‬وكلهم‭ ‬يقف‭ ‬وراءهم‭ ‬شركات‭ ‬تسويقية‭ ‬لجعله‭ ‬مؤثرًا‭ ‬على‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭ ‬ونسأل‭ ‬الله‭ ‬الهداية‭ ‬للجميع‭.‬

أمة‭ ‬الله‭ ‬حسن‭ ‬قالت‭ :‬‭ ‬هؤلاء‭ ‬صُنَّاع‭ ‬التفاهة‭ – ‬سامحيني‭-  ‬وصُنَّاع‭ ‬مضيعة‭ ‬الوقت،‭ ‬عشرات‭ ‬ومئات‭ ‬من‭ ‬الأسماء‭ ‬ظهرتْ‭ ‬لنا‭ ‬خاصة‭ ‬‮«‬العنصر‭ ‬النسائي‮»‬‭ ‬وأكثرهم‭ ‬استفزازًا‭ ‬شخصية‭ ‬‮«‬‭ ‬يوسا‮»‬‭ ‬التي‭ ‬عرفتْ‭ ‬كيف‭ ‬تستدرج‭ ‬الجمهور‭ ‬الذي‭ ‬يحب‭ ‬الغموض،‭ ‬ويفتش‭ ‬عن‭ ‬حقيقتها‭ ‬المخفية‭.‬

ومؤخراً‭ ‬ظهرتْ‭ ‬بنقاب‭ ‬كشف‭ ‬عن‭ ‬عيونها‭ ‬دون‭ ‬باقي‭ ‬وجهها‭ ‬وأجروا‭ ‬معها‭ ‬لقاءً‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬القنوات،‭ ‬وأنا‭ ‬اعتبرها‭ ‬فتاة‭ ‬ذكية،‭ ‬وناجحة‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬نفسها‭ ‬نجمة‭ ‬مشهورة‭ ‬بسبب‭ ‬غباء‭ ‬وسذاجة‭ ‬متابعيها‭.‬

سمية‭ ‬القذافي‭ :‬‭ ‬أنا‭ ‬أعرف‭ ‬عدة‭ ‬أسماء‭ ‬مشهورة‭ ‬في‭ ‬الطبخ‭ ‬مثل‭ )‬تسنيم‭ ‬المهلهل،‭ ‬وزينب‭ ‬ناصيف،‭ ‬ومنى‭ ‬معتوق،‭ ‬وفتافيت‭ ‬‮«‬مدام‭ ‬ماجدة‮»‬‭( ‬وكلهن‭ ‬يقدمن‭ ‬محتوى‭ ‬تعليميًا‭ ‬في‭ ‬أصول‭ ‬الطبخ‭ ‬الليبي،‭ ‬وحتى‭ ‬العالمي؛‭ ‬وكذاك‭ ‬الشيف‭ ‬محمود‭ ‬النجار،‭ ‬ومحمد‭ ‬دوفان،‭ ‬وهيثم‭ ‬قرقواش‭(.‬

وأتبع‭ ‬في‭ ‬المصور‭ ‬سند‭ ‬الاحلافي‭ ‬ودكتور‭ ‬زياد‭ ‬عبدالله‭ ‬المتخصص‭ ‬في‭ ‬الأطفال،‭ ‬نستفيد‭ ‬منه‭ ‬كثيرًا،‭ ‬وعنده‭ ‬شعبية‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬الأعمار‭ ‬لأن‭ ‬أسلوبه‭ ‬ناجح،‭ ‬والدكتورةآية‭ ‬كعبار‭ ‬طبيبة‭ ‬تقدم‭ ‬معلومات‭ ‬تربوية‭ ‬بأسلوب‭ ‬علمي‭ ‬مبسط‭ ‬محتوها‭ ‬اعتبره‭ ‬ممتازًا‭ ‬جداً،‭ ‬والسيدة‭ ‬المحترمة‭ ‬رقية‭ ‬دومة‭ ‬حتى‭ ‬هي‭ ‬رسالتها‭ ‬رائعة‭ ‬التي‭ ‬تبثها‭ ‬للأجيال‭.‬

والمجالات‭ ‬الفنية‭ ‬مليئة‭ ‬بأسماء‭ ‬ما‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬مبدعون‭ ‬مثل‭: ‬عبدالحميد‭ ‬البحباح‭ ‬في‭ ‬التصميم‭ ‬الداخلي‭ ‬والديكور‭ ‬رغم‭ ‬صغر‭ ‬سنه‭ ‬استطاع‭ ‬تقديم‭ ‬أفكار‭ ‬مبتكرة‭ ‬وعنده‭ ‬متابعين‭ ‬بعدد‭ ‬كبير‭ ‬و«ميكاب‭ ‬ارتست‮»‬‭ ‬أو‭ ‬فنيات‭ ‬التجميل‭ ‬عدة‭ ‬أسامي‭ ‬أذكر‭ ‬منها‭ ‬منال‭ ‬شواط‭ ‬و«جود‭ ‬العرب‮»‬‭ ‬رائعات‭ ‬ومحترمات،‭ ‬وفاطمة‭ ‬الطيب‭ ‬حتى‭ ‬هي‭ ‬تقدم‭ ‬‮«‬ريفيو‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬تغطية‭ ‬على‭ ‬محال‭ ‬وماركات‭ ‬معينة‭ ‬في‭ ‬العطور،أو‭ ‬الملابس‭ ‬هي‭ ‬والإعلامية‭ ‬غالية‭ ‬بوزعكوك‭ ‬التي‭ ‬تملك‭ ‬محل‭ ‬عطور‭ ‬وملابس‭ ‬في‭ ‬وسعاية‭ ‬بديري‭ ‬من‭ ‬تنفيد‭ ‬مصمم‭ ‬عالمي‭ ‬أعتقد‭ ‬فهي‭ ‬عرفتْ‭ ‬كيف‭ ‬تطور‭ ‬من‭ ‬نفسها‭ ‬حتى‭ ‬أنها‭ ‬أصبحت‭ ‬محط‭ ‬اختبار‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬عدة‭ ‬مثل‭ ‬استقبال‭ ‬الضيوف‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬العرب‭ ‬عندما‭ ‬يزورون‭ ‬ليبيا‭ ‬لأنها‭ ‬صارت‭ ‬وجهًا‭ ‬إعلاميًا‭ ‬مشرفًات‭ ‬وليست‭ ‬مجرد‭ ‬صانعة‭ ‬محتوى‭.‬

أفنان‭ ‬حمزة‭ : ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬يعجبني‭ ‬من‭ ‬صُنَّاع‭ ‬المحتوى‭  ‬في‭ ‬البنات‭ ‬هي‭ ‬‮«‬يوسا‮»‬‭ ‬وأختها‭ ‬‮«‬تزيكوري‮»‬‭ ‬أي‭ ‬معناها‭ ‬سكر‭ ‬بالإيطالي،‭ ‬وهديل‭ ‬فهمي،‭ ‬وأتابعهن‭ ‬حتى‭ ‬حساباتهن‭ ‬الشخصيبة،‭ ‬ولو‭ ‬رأينا‭ ‬في‭ ‬مجتمعات‭ ‬أخرى‭ ‬لوجدنا‭ ‬أنَّ‭ ‬صناعة‭ ‬المحتوى‭ ‬أصبحت‭ ‬مهنة‭ ‬رسمية‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬المدرس،‭ ‬أو‭ ‬الدكتور،‭ ‬فمنهم‭ ‬المعلم‭ ‬الفاشل،‭ ‬أو‭ ‬المعلم‭ ‬الناجح‭ ‬والترويج‭ ‬للدعايات‭ ‬يعد‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬شغل‭ ‬صانع‭ ‬المحتوى،‭ ‬فهو‭ ‬يقوم‭ ‬بتجربة‭ ‬المنتج‭ ‬أولاً‭ ‬ولو‭ ‬رضى‭ ‬عليه‭ ‬واستحسن‭ ‬نتائجة‭ ‬ينصح‭ ‬به‭ ‬متابعيه‭ ‬وبما‭ ‬أنه‭ ‬شخص‭ ‬مشهور‭ ‬ومحبوب‭ ‬من‭ ‬متابعيه‭ ‬فبالتأكيد‭ ‬معظم‭ ‬الشركات‭ ‬ستستغل‭ ‬هذه‭ ‬الميزة‭ ‬لصالح‭ ‬تمرير‭ ‬مبيعاتها‭.‬

والمؤثرون‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬على‭ ‬‮«‬التيك‮»‬‭ ‬مثل‭ ‬ثبوث‭ ‬الفضل،‭ ‬والكيندر‭ ‬وإيهاب‭ ‬الشعراوي‭ ‬هم‭ ‬الأشهر‭ ‬حالياً‭ ‬وبصراحة‭ ‬نقاشاتهم‭ ‬لا‭ ‬تمت‭ ‬لعقيدتنا‭ ‬ولا‭ ‬أخلاقنا‭ ‬بصلة‭ ‬يختاروا‭ ‬في‭ ‬مواضيع‭ ‬حساسة‭ ‬ويطرحونها‭ ‬بلغة‭ ‬مخلة‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الأسلوب‭ ‬العلمي‭ ‬غير‭ ‬مقبولة‭ ‬والتي‭ ‬يشاهدوها‭ ‬الصغار‭ ‬والكبار‭.‬

وأكثر‭ ‬ما‭ ‬يستفزني‭ ‬في‭ ‬فـئة‭ ‬البنات‭ ‬التي‭ ‬تخرج‭ ‬بصوتها‭ ‬فقط‭ ‬وتخفى‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬وجهها،‭ ‬أو‭ ‬تظهر‭ ‬بـ«الفلتر‮»‬‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬يوسا‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬تعطى‭ ‬بالظهر‭ ‬وتصور‭ ‬يومياتها‭ ‬بكل‭ ‬تفاصيلها‭ ‬لتجني‭ ‬المال‭.‬

والغريب‭ ‬أنّ‭ ‬فيه‭ ‬منهن‭ ‬من‭ ‬قامت‭ ‬بممارسات‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬القانون،‭ ‬وتم‭ ‬إيقافها‭ ‬وسجنها،‭ ‬وبعد‭ ‬فترة‭ ‬يفرجوا‭ ‬عنها‭ ‬وتخرج‭ ‬لتستأنف‭ ‬نشاطها‭ ‬وتزداد‭ ‬شهرةًعن‭ ‬قبل‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى