لا نريد للألعاب الرياضية التي تشهد إقبالاً ونجاحًا في بلادنا أنَّ تلحق بركب الألعاب المهملة، ولا نتمنى لها مصيرًا مثل مصير رياضة «الاسكواش» التي اهتمتْ بها الدولة في فترة من الفترات، ثم غابت تمامًا حتى على الصعيد المحلي، وبات مشهد اثنين يتباريان بإرسال الكرة إلى الحائط واستقبالاً مشهدًا غير معهود في مدينتنا، بل وفي البلاد بأسره.. إنّ من بين الألعاب التي فرحنا مؤخرًا بفصلها عن اتحاد التنس لعبة «الاسكواش»، هذه الرياضة التي ظلت منسية لفترة من الزمان إلى درجة أن أغلب العامة يجهلون مسابقاته،ا وأنشطتها، ولا يدفعون بأبنائهم إلى الانخراط في تعلم مهاراتها، شأن مثيلاتها من الألعاب.
حاوره / محمد الزروق
قد يدهش البعض أن علموا أن هذه اللعبة بدأت في بلادنا في فترة مبكرة وشهدت اهتمامًا لا بأس بها، وأن ملاعبها أنشئت مع بناء المدينة الرياضية في بنغازي، وكذلك في طرابلس في ستينيات القرن الماضي. وها هي اليوم تقبع في غياهب النسيان وتنام في سبات طال أمده.
وفي إطار سعينا لإبراز هذه اللعبة ومثيلاتها من الألعاب المظلومة التقينا بالسيد فرج عنيبة رئيس الاتحاد الفرعي للاسكواش بنغازي وسألناه أن يحدثنا عن بداية اللعبة، وأبرز مؤسسيها، فأجاب:
- بدأتْ اللعبة في بنغازي عام 1968 مع تأسيس المدينة الرياضية، وكذلك في شركة الخليج العربي، وجامعة قاريونس، ويعود الفضل بعد الله إلى الكابتن عبد القادر العبيدي رحمه الله الذي أسس رياضييها في المدينة الرياضية، وأشرف على تدريبهم، وفي الجامعة كان للدكتورة مبروكة القنين، دورٌ كبيرٌ في جعل طلبة الطب يمارسون اللعبة بإنشاء ملاعب لها في مقر مجمع الكليات الطبية، أو ما يعرف (بجامعة العرب سابقًا). من هذا المنطلق بدأت اللعبة في بنغازي.
هل كانت هناك بطولة، ومسابقات مستمرة للعبة؟ ما سبب عدم استمرارها؟
لم تكن هناك بطولات ثابتة للعبة، لكن ومنذ بداية السبعينيات نظمت عن طريق الأندية عدة مسابقات وكان نادي السواعد هو السباق فاحتضن عدة بطولات على مستوى المدينة، كما أقيمت عدة مسابقات بين مدينتي طرابلس، وبنغازي لكنها لم تكن ثابتة.
ما أبرز العراقيل والصعوبات التي تواجه اللعبة؟، وكيف هو السبيل لتذليلها؟
- أهم الصعوبات هو عدم استمرار اللعبة وعدم وجود بطولات ثابتة، فاللعبة أنشئ اتحادها حديثا بعد الثورة، وقبلها كانت تتبع اتحاد التنس الذي هضم حقها. وكان ينظرها في السابق على أنها لعبة خاصة بالأرستقراطيين، رغم أن عددًا كبيًرا من رجال النظام السابق مارسوها.
كيف ترى مستقبل اللعبة في ظل التحديات والصعوبات التي ذكرتها؟
- إنّ لم تهتم الوزارة بها وتجلب مدربًا خاصًا وتصرف لها ميزانية فلن نستطيع تقديم شيء مفيدٍ، وكذلك عليها أن تقوم على صيانة ملاعبها المتمثلة في ثلاثة ملاعب في المدينة الرياضية وملعب في نادي الضباط بكتيبة الفضيل، وملعب في مستشفى بنغازي المركزي، وملعب في مقر جهاز النهر الصناعي.
وأخيرا أربعة ملاعب في كلية الطب.
بحسب رؤيتي لا أرى وجودًا لهذه اللعبة إلا في طرابلس، وبنغازي وبعض الشركات النفطية، فما السبب يا ترى..؟
- إنّ وجود الأجانب في الشركات الأجنبية خاصة في بداية السبعينيات دفعهم إلى إنشاء ملاعب لممارسة هوايتهم، والأجانب هم أول من مارس هذه اللعبة في بلادنا.
فعرفتْ اللعبة في )البريقة والسرير وحقل التحدي(، إضافة إلى بنغازي التي ما لبثتْ لاحقًا أن شهدتْ انضمام ليبيين من صغار السن من مناطق )الكيش، والسبالة، والبركة( حتى تجاوز عددهم 250 أو 300 لاعب وبمرور الوقت أصبح لدينا لاعبون كبار لهم مستوى مقارنة حتى بالدول العربية المجاورة باستثناء مصر، فقد سبقنا بقية الدول العربية في اللعبة، وقد شهدت تطورًا في دول كثيرة مثل : )تونس، والجزائر، والعراق، والأردن(، وكذلك تشهد الكويت اهتمامًا وتطورًا ملحوظًا، مع أن اللعبة لدينا قديمة، وأنا شخصيًا تجاوزت 52 عامًا ممارسة لهذه اللعبة.
ما الذي يمكن أن تقدمه وزارة الرياضة لهذه اللعبة؟
- لا بد من تهيئة جيل جديد عن طريق صيانة الملاعب الموجودة، وانشاء ملاعب جديدة، وجلب مدربين مأهلين وأكفاء، فنحن لعبنا ولم نتحصل على دورات تدريبية، وكل ما فعلناه هو اجتهادات شخصية بالسفر إلى مصر على حسابنا الخاص، وحتى عندما فرحنا بالاتحاد الجديد فوجئنا بأنه يعمل دون إمكانات.
جل ما تحصل عليه الاتحاد الفرعي ببنغازي هو مبلغ 5000 د.ل أجرينا به صيانة بسيطة للملاعب ليحتضن بطولة صغيرة. هذه الصيانة هي الأولى له منذ إنشائه قبل 55 عامًا.
كلمة أخيرة توجهها لمن ..
- أتمنى أن تشهد اللعبة اهتمامًا من المسؤولين خاصة أنها لعبة فردية، ونحن نعرف أن ليبيا ناجحة في الألعاب الفردية أكثر من الألعاب الجماعية، وأن لاعبًا واحدًا قد يحقق ميداليات في المحافل الدولية بمجهود وميزانية أقل من الذي تحتاجه الألعاب الجماعية. إن ثلاث سنوات مدة كافية لإنشاء فريق كوكبة من اللاعبين المميزين شريطة أن يبدؤوا التدريب في سن مبكرة. نعم. ثلاث سنوات فقط، وأنا كفيل بأن يكون لنا شأن في هذه اللعبة.