رصد

رحلـة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬الليبية‭ ‬بيـن‭ ‬الماضي‭ ‬والحاضـر

‭ ‬منــى‭ ‬الســاحلي

الحديث‭ ‬عن‭ ‬نضال‭ ‬المرأة‭ ‬ومعاناتها‭ ‬لأجل‭ ‬نيل‭ ‬مساواتها‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭ ‬الذكوري‭ ‬ونيل‭ ‬حريتها‭  ‬حديث‭ ‬ليس‭ ‬بالهين‭ ‬كما‭ ‬يتوقع‭ ‬العديد‭ ‬وكما‭ ‬توقعت‭ ‬أن‭ ‬شخصياً‭ ‬عندما‭ ‬قررت‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬فنقطة‭ ‬البداية‭ ‬تكون‭ ‬واضحة‭ ‬ومعروفه‭ ‬دائماً‭ ‬عند‭ ‬الكل‭ ‬ولكن‭ ‬طريقة‭ ‬نيل‭ ‬الحريات‭ ‬ومحاولة‭ ‬تواءمتها‭ ‬مع‭ ‬روح‭ ‬وعقلية‭ ‬المجتمع‭ ‬الذكوري‭ ‬الذي‭ ‬مازال‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬نجاحات‭ ‬المرأة‭ ‬واحباطها‭ ‬فهنا‭ ‬يكون‭ ‬مكمن‭ ‬الخطر‭ ‬الذي‭ ‬يثير‭ ‬الاستغراب‭ ‬والاستهجان‭ ‬معاً‭ ‬خاصة‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬العقلية‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الهمم‭ ‬العالية‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬تنفك‭ ‬تدعو‭ ‬لتحرر‭ ‬واستقلال‭ ‬المرأة‭ ‬

فتاريخ‭ ‬المرأة‭ ‬عامة‭ ‬والليبية‭ ‬خاصة‭ ‬ًمليء‭ ‬بالتحديات‭ ‬والمناكفات‭ ‬ولعل‭ ‬أقوى‭ ‬أنواع‭ ‬هذا‭ ‬النضال‭  ‬هو‭ ‬نضال‭ ‬وكفاح‭ ‬الإعلاميات‭ ‬والصحافيات‭ ‬اللاتي‭ ‬تمكن‭ ‬بفضل‭ ‬شجاعتهن‭  ‬واقدمهن‭ ‬وصلابة‭ ‬إرادتهن‭ ‬من‭ ‬تحدي‭ ‬فكر‭ ‬المجتمع‭ ‬الذكوري‭ ‬المتطرف‭ ‬ومنظومة‭ ‬الأفكار‭ ‬التقليدية‭ ‬المتوارثة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تصر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬كيان‭ ‬ناقص‭ ‬وعاجز‭ ‬فقط‭ ‬خاضت‭ ‬المراة‭ ‬الليبية‭ ‬العاملة‭ ‬بمجال‭ ‬الصحافة‭ ‬والإعلام‭ ‬صراعا‭ ‬حادا‭ ‬لأجل‭ ‬انتزاع‭ ‬حقوقها‭ ‬بممارسة‭ ‬العمل‭ ‬الصحفي‭ ‬دون‭ ‬تعرضها‭ ‬للترهيب‭ ‬او‭ ‬التخويف‭ ‬او‭ ‬حتى‭ ‬الإساءة‭ ‬لصورتها٫‭ ‬فالصحافة‭ ‬ليست‭ ‬نقلا‭ ‬للأخبار‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬كبيرة‭ ‬وسط‭ ‬ظروف‭ ‬محفوفة‭ ‬بالمخاطر‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬المرأة‭ ‬الليبية‭ ‬في‭ ‬الحقل‭ ‬الإعلامي‭ ‬تجد‭ ‬نفسها‭ ‬بين‭ ‬التسلح‭ ‬بقوة‭ ‬الالتزام‭ ‬والصمود‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬أكثر‭ ‬جدية‭ ‬مقارنة‭ ‬بالجيل‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الإعلاميات‭ ‬الليبيات

  ‬وفي‭ ‬النموذج‭ ‬الليبي‭ ‬هنالك‭  ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الرائدات‭ ‬اللاتي‭ ‬سطرن‭ ‬التاريخ‭ ‬اسمائهن‭ ‬بنور‭ ‬وذهب‭ ‬منذ‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬وإنشاء‭ ‬منصة‭ ‬ومنبر‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭ ‬الليبية‭ ‬آنذاك‭ ‬مثل‭  ‬السيدة‭ ‬زعيمة‭ ‬الباروني‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحمل‭ ‬نظرة‭ ‬تقدمية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حرية‭ ‬المرأة‭ ‬الليبية‭ ‬آنذاك‭ ‬والسيدة‭ ‬خديجة‭ ‬الجهمي‭ ‬‮«‬بنت‭ ‬الوطن»وصاحبة‭ ‬المشروع‭ ‬النهضوي‭ ‬والتنموي‭ ‬والتي‭ ‬توفيت‭ ‬عام‭ ‬1996‭ ‬تاركة‭ ‬خلفها‭ ‬ارثاً‭ ‬عظيماً‭ ‬مخلدا‭ ‬في‭ ‬أرشيف‭ ‬الذاكرة‭ ‬الليبية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الرائدة‭ ‬حميدة‭ ‬العنيزي‭ ‬طرخان‭ ‬أول‭ ‬معلمة‭ ‬ليبية‭ ‬للتعليم‭ ‬الابتدائي‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬ورائدة‭ ‬الحركة‭ ‬النسوية‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬طبعاً‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬السيدة‭ ‬جميلة‭ ‬الازمرلي‭ ‬وغيرهن‭ ‬جعلن‭ ‬جيل‭ ‬من‭ ‬الفتيات‭ ‬بعدهن‭ ‬يقفن‭ ‬على‭ ‬اقدامهن‭ ‬بكل‭ ‬ثقة‭ ‬وإصرار‭ ‬وعزم‭ ‬وبالأخص‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمجال‭ ‬الاعلام‭ ‬والصحافة‭ ‬والتي‭ ‬هوا‭ ‬بنسبة‭ ‬لهن‭ ‬عمل‭ ‬مثابرة‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬موهبة‭ ‬ونقطة‭ ‬تحدي‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬اثبات‭ ‬للذات‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬على‭ ‬المرأة‭ ‬الليبية‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭  ‬مهنة‭ ‬المتاعب‭ ‬‮«‬‭ ‬الصحافة‭ ‬‮»‬‭ ‬وتثبت‭ ‬وجودها‭ ‬كذات‭ ‬فعالة‭ ‬اليوم‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬تؤسس‭ ‬وتشارك‭ ‬المرأة‭ ‬الليبية‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬المحلية‭ ‬والدولية‭ ‬وأن‭ ‬تدخل‭ ‬عالم‭ ‬الكتابة‭ ‬والتحرير‭ ‬والإخراج‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬محرم‭ ‬عليها‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬فانجحت‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬أخلاقيات‭ ‬المهنة‭ ‬بحس‭ ‬عال‭ ‬واستقلالية‭ ‬مجردة‭ ‬ومصداقية‭ ‬أساسها‭ ‬أخلاقيات‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني‭  ‬والحيادية‭ ‬والالتزام‭ ‬بالصالح‭ ‬العام‭ ‬ونقل‭ ‬الصورة‭ ‬الحقيقية‭ ‬بكل‭ ‬جرأة‭ ‬ومصداقية‭ ‬للخبر‭ ‬الهادف‭ ‬وكانت‭ ‬ولازالت‭ ‬تمارس‭ ‬عملها‭  ‬فى‭ ‬معظم‭ ‬الأحيان‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬بيتها‭  ‬كونها‭ ‬امرأة‭ ‬وربة‭ ‬بيت‭  ‬الذى‭ ‬لم‭ ‬يمنعها‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬والابداع‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬عملها‭ ‬من‭ ‬طرح‭ ‬المواضيع‭ ‬وتناولها‭ ‬بكل‭ ‬إتقان‭ ‬وبراعة‭ ‬فاقت‭ ‬فيها‭ ‬الرجل‭ ‬الصحافي‭ ‬الذي‭ ‬مازال‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر‭  ‬وللأسف‭ ‬تطل‭ ‬علينا‭ ‬عقليته‭ ‬الذكورية‭  ‬لتعكر‭ ‬صفو‭ ‬روح‭ ‬المنافسة‭ ‬والإبداع‭  ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لإخماد‭ ‬صوتها‭ ‬وتقنينه،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭  ‬برزت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأسماء‭ ‬الناجحة‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الصحافة‭  ‬المحلية‭ ‬وهي‭ ‬أسماء‭ ‬لها‭ ‬تاريخها‭ ‬المشرف‭ ‬فى‭ ‬ذاكرة‭ ‬التاريخ‭ ‬الليبي‭ ‬وهن‭ ‬سيدات‭ ‬وقعت‭ ‬على‭ ‬عاتقهن‭ ‬مسؤوليات‭ ‬وواجبات‭ ‬فاقت‭ ‬مسئولية‭ ‬وحمل‭ ‬الرجل‭ ‬فكانت‭ ‬الرائعة‭ ‬سعاد‭ ‬سالم‭ ‬وإيناس‭ ‬حميدة‭ ‬وسالمة‭ ‬المدني‭ ‬ونجاح‭ ‬مصدق‭ ‬وفايزة‭ ‬العجيلي‭ ‬ومنال‭ ‬البوصيري‭ ‬ونجوى‭ ‬الرياني‭ ‬سالمة‭ ‬عطيوة‭ ‬وحميدة‭ ‬القمودي‭ ‬وحليمة‭ ‬التواتي‭ ‬وفاطمة‭ ‬سالم‭ ‬و‭ ‬وداد‭ ‬الجعفري‭ ‬وهدي‭ ‬الميلودي‭ ‬وفتحية‭ ‬الجديدي‭ ‬و‭ ‬سميرة‭ ‬البوزيدي‭  ‬وغيرهن‭ ‬كثير‭ ‬منهن‭ ‬من‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬الظفر‭ ‬بالمناصب‭ ‬الصحفية‭ ‬و‭ ‬التحريرية‭ ‬العليا‭ ‬وخاضوا‭ ‬التجربة‭ ‬الصحفية‭ ‬وسطرو‭  ‬فيها‭ ‬مسيرة‭ ‬حافلة‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬النجاحات‭ ‬المذهلة‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬محطات‭ ‬هامة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الصحافة‭ ‬الليبية‭ ‬عملوا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المهنة‭ ‬وهن‭ ‬كل‭ ‬ثقه‭ ‬بأنهن‭ ‬يعملن‭ ‬في‭ ‬مهنة‭ ‬أنانية‭ ‬نعم‭ ‬أنانيه‭ ‬لأنهن‭ ‬وجدن‭ ‬أنفسهن‭  ‬يتغولنا‭ ‬على‭ ‬ذاتهن‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬حياتهن‭ ‬الخاصة‭ ‬فالكتابة‭ ‬مثلاً‭ ‬تتطلب‭ ‬حيادا‭ ‬نفسياً‭ ‬مرهقاً‭ ‬وخاصة‭ ‬للمرأة‭ ‬وطغيان‭ ‬موجع‭ ‬للجانب‭ ‬المهني‭ ‬على‭ ‬الشخصي‭ ‬ففي‭ ‬بيتها‭ ‬تكتب‭ . ‬وهي‭ ‬تُدرس‭ ‬أولادها‭ ‬تكتب‭ . ‬وفي‭ ‬زحام‭ ‬مهامها‭ ‬كربة‭ ‬بيت‭ ‬تكتب‭ . ‬وقبل‭ ‬النوم‭ ‬تكتب‭.  ‬في‭ ‬فرحها‭ ‬وفي‭ ‬حزنها‭ ‬تكتب‭. 

وهو‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬صحفية‭ ‬تفتخر‭ ‬وتفاخر‭ ‬بأنها‭ ‬صحفية‭ ‬ناجحة‭ ‬امرأة‭ ‬مكافحه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أسرتها‭ ‬ومجتمعها‭ ‬ومهنتها،‭ ‬فالصحفية‭ ‬والإعلامية‭ ‬كأي‭ ‬امرأة‭ ‬تخفي‭ ‬في‭ ‬جيب‭ ‬سري‭ ‬من‭ ‬جيوب‭ ‬روحها‭ ‬المتعبة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العناء‭ ‬والوجع‭ ‬من‭ ‬كثرة‭ ‬تراكمات‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعلها‭ ‬تمتلك‭ ‬روحا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرنة‭ ‬تجعلها‭ ‬تتقن‭ ‬الوقوف‭ ‬والمشي‭ ‬على‭ ‬خيط‭ ‬الحياة‭ ‬الرفيع‭ ‬وتبقى‭ ‬الحقيقة‭ ‬الراسخة‭ ‬اليوم‭ ‬أنه‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬الصحفية‭ ‬والاعلامية‭ ‬الليبية‭ ‬تسعى‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المنافسة‭ ‬الشريفة‭   ‬مع‭ ‬الرجل‭ ‬بغية‭ ‬أن‭ ‬تساوي‭ ‬صوتها‭ ‬بصوته‭ ‬فقط‭  ‬أصبحت‭ ‬اليوم‭ ‬وبفضل‭ ‬عزمها‭ ‬وإرادتها‭ ‬باتت‭ ‬الصوت‭ ‬الأقوى‭ ‬والمسموع‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬قضايا‭ ‬ومشاكل‭ ‬الحياة‭ ‬عامة‭ ‬إجتماعية‭ ‬وسياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬بكل‭ ‬جرأة‭ ‬ومصداقية‭ ‬وجدية‭ ‬واحترام‭ ‬كامل‭  ‬لمبادئ‭ ‬الدين‭ ‬والتقاليد‭ ‬والعادات‭ ‬المترسخة‭ ‬كأي‭ ‬ليبية‭ ‬أصيلة‭ ‬عرفت‭ ‬جيداً‭ ‬كيف‭ ‬توازن‭ ‬حياتها‭ ‬المهنية‭ ‬بحياتها‭ ‬الخاصة‭ ‬بكل‭ ‬جدارة‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى