رأي

روؤس صغيرة

مفتاح سعيد معيزيق

سوء‭ ‬الفهم‭ ‬هو‭ ‬المعضلة‭ ‬الكبرى‭ ‬و‭ ‬الداء‭ ‬الفكري‭ ‬المزمن‭ ‬الذي‭ ‬تصاب‭ ‬به‭ ‬أنصاف‭ ‬عقول‭ ‬بعض‭ ‬البشر‭ . ‬فقد‭ ‬كانوا‭ ‬ضحية‭ ‬تعليم‭ ‬متردٍ‭ ‬و‭ ‬تجربة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬ضحلة‭ ‬أو‭ ‬أنهم‭ ‬لم‭ ‬يحيوا‭ ‬تجربة‭ ‬حياة‭ ‬على‭ ‬حقيقتها‭ . ‬مما‭ ‬اوقعهم‭ ‬سوء‭ ‬الفهم‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬خصومات‭ ‬لا‭ ‬طائل‭ ‬منها‭ . ‬و‭ ‬عداوات‭ ‬لأسباب‭ ‬تافهة‭ . ‬فصار‭ ‬الصديق‭ ‬عدوا‭ ‬و‭ ‬القريب‭ ‬بعيدا‭ ‬غريبًا‭ ‬؛‭  ‬فتفسّخ‭ ‬نسيج‭ ‬المجتمع‭  ‬بل‭ ‬أخرج‭ ‬بعضهم‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬الدين‭ ‬فوقعوا‭ ‬فريسة‭ ‬الإلحاد‭ ‬بين‭ ‬مخالب‭ ‬الكفر‭ . ‬فتفرّق‭ ‬الناس‭ ‬أيدي‭ ‬سبأ‭  ‬وظهرت‭ ‬الملل‭ ‬و‭ ‬انتشرت‭  ‬البدع‭ ‬وكثرت‭ ‬السبل‭ . ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬فهم‭ ‬المتلقي‭ ‬للنص‭ ‬بصورته‭ ‬و‭ ‬أنواعه‭ ‬المختلفة‭ ‬

فالنصّ‭ ‬الديني‭  ‬له‭ ‬أهله‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬علماؤه‭ ‬،‭ ‬والنصّ‭ ‬القانوني‭ ‬له‭ ‬أهله‭ ‬و‭ ‬فقهاؤه‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬النصّ‭ ‬الأدبي‭ ‬له‭ ‬أهله‭ ‬و‭ ‬نقّاده‭  . ‬و‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬متفاوتون‭ ‬في‭ ‬قوة‭  ‬الأذهان‭ ‬كما‭ ‬هم‭ ‬متفاوتون‭  ‬في‭ ‬قوة‭ ‬الأبدان‭ . ‬ومن‭ ‬إحدى‭ ‬الكُبر‭ ‬أن‭ ‬يتكلم‭ ‬رويبضة‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬فنه‭ . ‬فنجد‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يجيد‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬ولا‭ ‬يعلم‭ ‬من‭ ‬قواعد‭ ‬العربية‭ ‬حبة‭ ‬خردل‭  ‬يتكلم‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬والنقد‭ . ‬و‭ ‬آخر‭ ‬لا‭ ‬يحفظ‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬آية‭ ‬و‭ ‬لا‭ ‬حديثاً‭ ‬عن‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ _ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ _ ‬و‭ ‬لا‭ ‬نصف‭ ‬حديث‭ ‬يتكلم‭ ‬عن‭ ‬السنن‭ ‬و‭ ‬البدع‭ ‬والحلال‭ ‬والحرام‭ .‬

أعتذر‭ ‬لأصحاب‭ ‬الرؤوس‭ ‬الصغيرة‭ ‬والخفافيش‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمنحها‭ ‬ضوء‭ ‬الشمس‭ ‬فرصة‭ ‬للرؤية‭ ‬البصرية‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الرؤيا‭ ‬البصيرية‭ . ‬و‭ ‬أكرر‭ ‬اعتذاري‭ ‬لهم‭ ‬لأنني‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أعلم‭ ‬قدر‭ ‬هذا‭ ‬الحجم‭ ‬و‭ ‬الخرق‭ ‬المتسع‭ ‬على‭ ‬راقعه‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬فهمهم‭ ‬للنصوص‭ ‬التي‭ ‬أكتبها‭ ‬من‭ ‬شعر‭ ‬و‭ ‬غيره‭ .‬و‭. ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يعزّيني‭ ‬قول‭ ‬أبي‭ ‬الطيب‭ ‬المتنبي‭ : ‬

وإذا‭ ‬خفيت‭ ‬عن‭ ‬اللئام‭ ‬فعاذر

ألّا‭ ‬تراني‭ ‬مقلة‭ ‬عمياءُ‭ ‬

وقول‭ ‬البحتري‭ : ‬

أهز‭ ‬بالشعر‭ ‬أقواما‭ ‬ذوي‭ ‬وسن‭ ‬

لو‭ ‬أنهم‭ ‬ضربوا‭ ‬بالسيف‭ ‬ما‭ ‬شعروا

علي‭ ‬نحت‭ ‬القوافي‭ ‬من‭ ‬مقاطعها‭ ‬

وما‭ ‬عليَّ‭ ‬ألّا‭ ‬تفهم‭ ‬البقر‭ .‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى