إجتماعي

زواجُ القاصراتِ

فائزة العجيلي

يُعنى‭ ‬بالقاصرات‭ ‬مَنْ‭ ‬هي‭ ‬تحت‭ ‬الثامنة‭ ‬عشرة‭ ‬،‭ ‬ويعتقد‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬أنّ‭ ‬الفتاة‭  ‬إذا‭ ‬وصلتْ‭ ‬سن‭ ‬العشرين‭ ‬ولم‭ ‬تتزوج‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬القلق‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يفوتها‭ ‬القطار،‭ ‬و‭ ‬كلما‭ ‬تزوجت‭ ‬الفتاة‭ ‬وهي‭ ‬أصغر‭ ‬يعد‭ ‬ذلك‭ ‬فخرًا‭ ‬لها،‭ ‬وتتفاخر‭ ‬كأنها‭ ‬قد‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬وسام‭ ‬ملكة‭ ‬جمال‭ ‬العالم‭.‬

للأسف‭  ‬المجتمع‭ ‬يغرس‭ ‬في‭ ‬الفتاة‭ ‬أفكار‭ ‬الزواج‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الثانية‭ ‬عشرة،‭ ‬ويجعل‭ ‬منها‭ ‬راغبة‭ ‬بالزواج‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬مبكر‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬اعتراضات‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬الحزن‭ ‬حين‭ ‬ترى‭ ‬من‭ ‬حولها‭ ‬اللاتي‭ ‬في‭ ‬عمرها‭ ‬يتزوجن‭ ‬وهي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬عمرها‭ ‬لم‭ ‬يصل‭ ‬الثامنة‭ ‬عشرة‭ ‬بعد‭.‬

تنشأ‭ ‬الفتاة‭ ‬وتتجهز‭ ‬لأن‭ ‬تتزوج‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬السن‭ ‬المبكر‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬تعي‭ ‬أنهم‭ ‬يسرقوا‭ ‬منها‭ ‬حياتها‭ ‬بل‭ ‬تكون‭ ‬فرحة‭ ‬وسعيدة‭ ‬ولا‭ ‬تعي‭ ‬فداحة‭ ‬سذاجتها‭ ‬تلك‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تتزوج‭ ‬ويسقط‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬الزواج‭ ‬بمسؤوليته‭ ‬حينها‭ ‬تستيقظ‭ ‬أن‭ ‬الزواج‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬فيه‭ ‬أكبر‭ ‬منها،‭ ‬ومن‭ ‬أن‭ ‬تتعامل‭ ‬معه،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تختفي‭ ‬روحها‭ ‬الطفولية‭ ‬فجأة‭ ‬لتحل‭ ‬محلها‭ ‬تلك‭ ‬الروح‭ ‬الكهلة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬المسؤولية‭ ‬الضخمة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تحتاجه‭ ‬تلك‭ ‬الفتيات‭ ‬عوائل‭ ‬تحافظ‭ ‬عليهن‭ ‬ويتم‭ ‬توعيتهن‭ ‬أن‭ ‬الزواج‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العمر‭ ‬ليس‭ ‬جيدًا‭ ‬ابدًا‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬الحالي،‭ ‬وأن‭ ‬يتم‭ ‬بناء‭ ‬ووضع‭ ‬ثقافة‭ ‬وطموحات‭ ‬بداخلهن‭ ‬غير‭ ‬الزواج‭ ‬المبكر‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الفتاة‭ ‬منهن‭ ‬أكبر‭ ‬طموحاتها‭ ‬أن‭ ‬تتزوج‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬تكمل‭ ‬دراستها‭ ‬وذلك‭ ‬لعدم‭ ‬الوعي‭ ‬من‭ ‬الكبار‭ ‬في‭ ‬العائلة‭ ‬المشكلة‭ ‬هي‭ ‬صدمتها‭ ‬حين‭ ‬تعي‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬طموحاتها‭ ‬الأكبر،‭ ‬وأنها‭ ‬لم‭ ‬تعش‭ ‬حياتها‭ ‬وتستمتع‭ ‬بها‭ ‬حينها‭ ‬يكون‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬قد‭ ‬فات،‭ ‬وتلك‭ ‬الفرحة‭ ‬واللفهة‭ ‬اللي‭ ‬نشأت‭ ‬بها‭ ‬وخرجت‭ ‬من‭ ‬بيت‭ ‬أبيها‭ ‬تحملها‭ ‬تتحوَّل‭ ‬إلى‭ ‬حسرة‭ ‬على‭ ‬عمرها‭ ‬الذي‭ ‬ضاع‭ ‬باكرًا‭.‬

وللاسف‭ ‬يتم‭ ‬نبذ‭ ‬المطلقات‭ ‬لأنهن‭ ‬مطلقات‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬غير‭ ‬ذلك،‭ ‬ودون‭ ‬سبب‭ ‬إلا‭ ‬أنهن‭ ‬مطلقات‭ ‬يتم‭ ‬اتهامها‭ ‬مباشرة‭ ‬دون‭ ‬معرفة‭ ‬حتى‭ ‬بأن‭ ‬الخطأ‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬الطلاق‭ ‬كان‭ ‬منها،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تصبح‭ ‬غير‭ ‬صالحة‭ ‬للزواج‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬رجل‭ ‬أرمل،‭ ‬أو‭ ‬مطلق،‭ ‬أو‭ ‬زوجة‭ ‬ثانية،‭ ‬أو‭ ‬لرجل‭ ‬معيوب‭.‬

المرأة‭ ‬في‭ ‬مجتمعي‭ ‬تتحمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الزوج‭ ‬فقط‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬تصبح‭ ‬مطلقة،‭ ‬وتصبح‭ ‬سيئة‭ ‬السمعة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمجتمعها،‭ ‬هناك‭ ‬عائلات‭ ‬قانونهم‭ )‬ممنوع‭ ‬الطلاق‭( ‬لأنه‭ ‬فضيحة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬فتجبر‭ ‬المرأة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تتحمل‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬لها

‭ ‬وعلى‭ ‬المطلقة‭ ‬أن‭ ‬تتزوج‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تتطلق‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬وترغب‭ ‬في‭ ‬تربية‭ ‬أطفالها‭ ‬والعيش‭ ‬في‭ ‬سلام‭ ‬واستقلال‭ ‬لكن‭ ‬للأهل‭ ‬والمجتمع‭ ‬رأيًا‭ ‬آخر،‭ ‬سيتم‭ ‬نبذها‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الجهات‭ ‬وستقع‭ ‬العيون‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬تصرفاتها،‭ ‬وسيبدأ‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬مراقبتها‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تنفلت‭ ‬وتخرج‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬السوء

لا‭ ‬ينفع‭ ‬معهم‭ ‬أنها‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تحتوي‭ ‬نفسها‭ ‬وأطفالها‭ ‬وتتعافى‭ ‬من‭ ‬نكسة‭ ‬الطلاق‭ ‬حتى‭ ‬تجد‭ ‬الشخص‭ ‬المناسب‭ ‬لتتزوج‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬لا‭ ‬ينفع‭ ‬معهم‭ ‬هذا‭ ‬التفسير‭ ‬أبدًا‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬ريعان‭ ‬شبابها‭ ‬يحكم‭ ‬عليها‭ ‬المجتمع‭ ‬بذلك‭ ‬اللقب،‭ ‬وتصبح‭ ‬غير‭ ‬صالحة‭ ‬للزواج‭ ‬من‭ ‬رجل‭ ‬أعزب‭ ‬فكل‭ ‬العوائل‭ ‬تريد‭ ‬لأبنائها‭ ‬ذات‭ ‬الثامنة‭ ‬عشرة‭ ‬وما‭ ‬تحت‭.‬

فتبدأ‭ ‬تنهال‭ ‬عليها‭ ‬عروض‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬المتزوجين،‭ ‬والمطلقين،‭ ‬أو‭ ‬الآرامل،‭ ‬أو‭ ‬رجل‭ ‬معيوب‭ ‬لا‭ ‬يستطع‭ ‬أن‭ ‬يتزوج‭ ‬فتاة‭ ‬صغيرة‭ ‬السن‭.‬

ألا‭ ‬يبدو‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬عنوسة‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬المجتمع‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الشابات‭ ‬اللواتي‭ ‬هن‭ ‬أجمل‭ ‬فترة‭ ‬عمرية‭ ‬كالورود‭ ‬التي‭ ‬يكتمل‭ ‬تفتحها‭ ‬تمامًا‭ ‬ولكي‭ ‬تنتهي‭ ‬تلك‭ ‬المشكلات‭ ‬السخيفة‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬أن‭ ‬يقدّر‭ ‬بناته‭ ‬ولا‭ ‬يقبل‭ ‬بتزويج‭ ‬ابنته‭ ‬القاصر‭ ‬ولا‭ ‬أن‭ ‬يسمح‭ ‬بأن‭ ‬تتم‭ ‬معاملة‭ ‬المطلقة‭ ‬بذلك‭ ‬الشكل‭ ‬ولا‭ ‬أن‭ ‬تنبذ‭ ‬ذات‭ ‬الثلاثين‭ ‬وما‭ ‬فوق‭.‬

لكي‭ ‬تنتهي‭ ‬تلك‭ ‬المشكلات‭ ‬على‭ ‬العوائل‭ ‬أن‭ ‬تنمي‭ ‬ثقافة‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬بناتهم‭ .‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى