سؤال المصالحة : انقسام سياسي.. صراع مسلح.. تدخل خارجي

تعتبر ليبيا واحدة من الدول التي شهدت تحولات جذرية بعد ثورة 2011م حيث أسفرت هذه التحولات عن نتائج متعددة تستدعي ضرورة التوجه إلى المصالحة الوطنية كخطوة أساسية لاستعادة السلام والاستقرار.
وبسبب وجود الاختلاف بين الأطراف المختلفة سياسياً، نشطت عدة منظمات وهيئات من المجتمع المدني في مجال إرساء دعائم المصالحة الوطنية في لليبيا بعض المدن خاصة التي شهدت صراعات مسلحة والتي أثرت سلباً على النسيج الاجتماعي والسياسي في البلاد .
ولكن واجهت جهود المصالحة الوطنية في ليبيا العديد من التحديات الكبيرة، منها الانقسامات السياسية، والصراعات المسلحة، والمعوقات الاقتصادية. كما تلعب التدخلات الخارجية دورًا معقدًا في هذا السياق، مما يزيد من صعوبة تحقيق توافق بين الأطراف المختلفة.
ومن خلال الأسئلة المحددة يمكن أن نكتشف العوامل التي تعرقل عملية المصالحة، وكذلك الاطلاع على آراء الخبراء والمواطنين حول سبل تجاوز هذه التحديات، بالإضافة إلى تسليط الضوء على التجارب الناجحة في دول أخرى يمكن أن تُعتبر نموذجًا يُحتذى به.
- ما هي أبرز التحديات التي تواجه عملية المصالحة الوطنية في ليبيا اليوم؟
- ما هي الآليات المتاحة لتحقيق المصالحة بين مختلف الأطراف؟
- كيف يمكن للمجتمع المدني أن يسهم في تعزيز المصالحة الوطنية؟
الأستاذ محمد مفتاح البشير ناشط حقوقي قال أبرز التحديات هي التدخلات الخارجية فهي المسببة في إفشال جهود المصالحة الوطنية في ليبيا.
وأشار “البشير” إن التدخلات الخارجية في الشأن الليبي من أهم العوامل الرئيسة التي أثرت سلبًا على جهود المصالحة الوطنية . موضحاً أن التنافس الإقليمي والدولي من خلال سعي عدة دول إلى تعزيز نفوذها في ليبيا، مما أدى إلى تدخلات عسكرية وسياسية. هذه التدخلات غالبًا ما تكون مدفوعة بمصالح اقتصادية أو استراتيجية، مما يعقد الوضع الداخلي ويفاقم الانقسامات بين الأطراف المختلفة. وأضاف ساهمت هذه التدخلات في تأجيج النزاعات بدلاً من دعم جهود السلام من خلال دعم فصائل معينة على حساب أخرى. هذا الدعم يؤجج العنف ويجعل من الصعب الوصول إلى توافق شامل بين جميع الأطراف.
مضيفاً أن غياب الاستقرار السياسي نشطت التدخلات الخارجية التي سببت إضعاف المؤسسات الوطنية الليبية، مما يجعل من الصعب بناء حكومة موحدة وقادرة على اتخاذ القرارات. يؤدي هذا إلى حالة من الفوضى السياسية المتمثلة في التنافس على السلطة والنفوذ خاصة مع انتشار السلاح الذي يصعب بوجوده إتمام عملية المصالحة أثناء إجراء المفاوضات بين الأطراف المختلفة .كما أكد ” البشير” أن التدخلات الخارجية لها أثر سلبي على الرأي العام المحلي، حيث قد ينظر البعض إلى هذه التدخلات على أنها احتلال أو تدخّل غير مبرر. هذا الشعور يمكن أن يؤدي إلى زيادة الانقسام بين مختلف المكونات الاجتماعية والسياسية. وأوضح قائلاً على الرغم من وجود مبادرات دولية تهدف إلى تعزيز المصالحة لكن التدخلات الخارجية غالبًا ما تقوض هذه الجهود حيث تعمل على توسيع الفجوات بين الأطراف المختلفة وتزيد من عدم الثقة. فلا يمكن لأحد أن ينكر أن التدخلات الخارجية لعبت دورًا محوريًا في إفشال جهود المصالحة الوطنية في ليبيا. مؤكداً أن تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا يبدأ بتوقف هذه التدخلات وأن تُبذل جهودا دولية حقيقية لدعم عملية المصالحة التي يقودها الليبيون أنفسهم.
الدكتورة مفيدة زايد دبلوماسية قالت: عن تحقيق المصالحة الوطنية في ليبيا يتطلب مجموعة من الآليات والاستراتيجيات التي تسهم في بناء الثقة وتعزز من الاستقرار المنشود وأهمها دعم الحوار الوطني من خلال تنظيم حوارات بين كافة الأطراف السياسية والاجتماعية بما في ذلك تناول قضايا وجود القوات الأجنبية وآلية خروجها من ليبيا . وأضافت لابد من تشكيل لجان مصالحة في المناطق التي تشهد توترا أمنيا حتى تعمل على معالجة القضايا المحلية وتسهل التواصل بينها وبين باقي المدن . وأيضاً لابد من تعزيز العدالة الانتقالية وتعزيز التنمية الاقتصادية خاصة في المناطق المتأثرة بالصراع المسلح مما يسهم في تحسين الظروف المعيشية ويقلل من أسباب النزاع كما أكدت ” زايد” على التمكين المجتمعي من خلال دعم النشطاء في مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني المحلي حيث يعد دورهم مهما في مجال المشاركة الشعبية لعملية المصالحة . وأشارت إلى أهمية الاستفادة من دعم المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لتوفير الموارد والخبرات اللازمة .وشددت على أهمية التثقيف والتوعية بحيث يستفيد منها في شهر رمضان المبارك ولابد أن تكون في خطب صلاة الجمعة وبرامج الإرشاد الديني في جميع وسائل الإعلام لأن حملة التوعية المجتمعية لها أهميتها في تعزيز ثقافة المصالحة والتسامح وبهذا تمهد لعيد الفطر قبول الأطراف المختلفة والتنازل لأجل الوطن واستقراره ورخائه.
وفي ذات السياق قالت الأستاذة فدوى عبد الرحمن ازبيدة ناشطة في المجال الاجتماعي: إن تطبيق استراتيجيات تعزيز المشاركة الفعالة في سياق الانتخابات المحلية يمكن أن يتم من خلال التثقيف والتوعية بحيث يتم تنظيم حملات توعية في المجتمعات المحلية حول أهمية المشاركة في الانتخابات التي تعد الحل المثالي لتحقيق المصالحة الوطنية ولابد من استخدام وسائل الإعلام المحلية الأكثر فاعلية وتأثير في الناس كمنصات التواصل الاجتماعي والقنوات المرئية التي تنشر برامج تجذب المشاهدين وأيضاً الطيف السمعي حيث أن أغلب العائلات تعتمد عليها عند استخدام السيارة عند تنقلها من مدينة لأخرى أو للتسوق خلال أيام الشهر الفضيل وأيضاً الصحف لها دور مهم في تحليل وتحديد أسباب تعثر المصالحة ونشر ألية المعالجة ليستفيد منه أصحاب القرار .
و أضافت الأستاذة تسنيم المشاط عضو ناشطة في المجتمع المدني إن من استراتيجيات تحقيق المصالحة الوطنية دعم انتخابات المجالس البلدية بحيث يتم توفير المعلومات بسهولة في الموقع الإلكتروني بحيث يحتوي على معلومات حول المرشحين و القضايا المطروحة و وآلية التصويت. وهذا يساهم في التوافق بين الأطراف المختلفة وأكدت على أهمية توزيع كتيبات توضيحية تتضمن تفاصيل حول كيفية التصويت ومواعيد الانتخابات. من جهته قال الأستاذ عبد العزيز محمد ناشط في الحوار الوطني لابد من تشجيع التنوع والشمول بحيث تشارك جميع فئات المجتمع حتى النساء والشباب في الحملات الانتخابية ولابد من الاستفادة من منصات التواصل الاجتماعي في توعيتهم حول حقوقهم في المشاركة . مؤكدا أن استخدام التكنولوجيا يعد من وسائل التواصل الاجتماعي للتفاعل الإيجابي خاصة في تعزيز الثقة و تحسين الشفافية في العمليات الانتخابية ولابد من نشر تقارير دورية حول سير الانتخابات و تشكيل لجان محلية تضم ممثلين من المجتمع لمراقبة الانتخابات بهذا يزول الخلاف ويتم التوافق بين الجماعات المختلفة ويصبح من السهل إجراء مصالحة وطنية شاملة بعد أن تم التمهيد لها خلال شهر رمضان وأيضا الأعياد والمناسبات الدينية التي تجمع الليبيين كعيد الفطر وعيد الأضحى .
الأستاذة انتصار ميلاد رئيس مجلس إدارة مؤسسة مبدعات ليبيا أكدت على أن منظمات وجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني يلعب دورًا حيويًا في عملية المصالحة الوطنية في ليبيا حيث يسهم في تعزيز الحوار وبناء الثقة وتحقيق الاستقرار ومن مهام المجتمع المدني في ذلك أن يعمل على تنظيم ورش عمل وندوات وحوارات شعبية تجمع مختلف الفئات الاجتماعية والسياسية مما يساهم في تبادل الآراء وبناء التفاهم بين الأطراف المختلفة . وأضافت لابد أن تهتم الحكومة والمسؤولين بضرورة توفير الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا والمتضررين من النزاعات السابقة وهذا يساعد جدا في بناء الثقة ويمهد لتوافق الشامل في التوقيع على وثيقة المصالحة الوطنية .مؤكدة أن المجتمع المدني يعد شريكاً أساسياً في تحقيق المصالحة الوطنية وبناء مستقبل ليبيا، وأشارت إلى ضرورة دعم المجتمع المدني من خلال توفير البيانات والمعلومات المهمة حول القضايا الاجتماعية والسياسية لتعزيز فهمهم وتفاعلهم وأيضاً تقديم التمويل والدعم اللوجستي مثل المكاتب والمعدات الأزمة لتنظيم الفعاليات وتقديم المنح والمساعدات المالية للمؤسسات المدنية النشطة لأجل تعزيز قدرتها على تنفيذ المشاريع المتعلقة بالمصالحة الوطنية .