رأي

سيرة كتاب

 

خالد الهنشيري

( لئن طالت بي الحياة لأعطيته من جهدي وعرقي أكثر وأكثر ولأستسهلن الصعب في إعلاء شأنه وإبراز محاسنه، وعذري عما فاتني إني بذلت جهدي وماوراء ذلك فعلى الشباب الليبي أن يقوم به وماذلك عليهم بعزيز،والله ولي التوفيق ومنه نستمد العون )..

هذه الأسطر هي خاتمة مقدمة كتاب (معجم البلدان الليبية) لمؤلفه “الطاهر أحمد الزاوي”، بعد تعريفه بمؤلفه حسبما جرت العادة في مقدمات أغلب الكتب بدأ بالعام ثم الخاص إلى أن وصل إلى قفل المقدمة بهده العبارات التي تشبه الوصية مصحوبة بجانب كبير من الأمانة العلمية حسب الظروف المتاحة في ذلك الزمن في توثيقه لجزء مهم من التاريخ الليبي، الكلام الأخير شبه وصية تستحق الالتفات من المهتمين ووزارة الثقافة مثلا.. الخ

يذكر أيضاً  أسماء البلدان التي لها أكثر من اسم، وبحث عن أصول ومعاني هذه الأسماء في اللغة الليبية –العربية والبربرية- ، وحاول تحديد المسافة بالكيلومترات بين البلدان الليبية، إلى جانب بعض الألفاظ المستعملة في القطر الطرابلسي تحديداً وفي الشعر الشعبي بشكل خاص،  كل هذه المحاولات تفتح باب البحث للمهتمين، كما يذكر أحياناً نسب بعض القبائل وأصول سكانها، يصور هذا المعجم ليبيا بشكل مبسط لمن لايعرفها، يمكن من خلاله معرفة الكثير من الوقائع التي خاضها الشعب الليبي مع الإيطاليين دفاعا عن أرضهم.

وأروع ماقام به “الطاهر أحمد الزاوي” في بناء مادة كتابه هذا أنه رتبه على ترتيب حرف المعجم (أ.ب.ت) وأشار إلى أن الأسماء التي تبدأ بـ ابن أو أبو ذكرها مع حرف الهمزة ، وماكان يبدأ بال التعريف يذكره في الحرف الذي يليه، مقارنة بما يجري الأن فهو كان على دراية بالمجتمع الليبي وبذلك أبطل حجة التهميش وماشبهها من حجج غالباً ماتكون واهية وباطلة.

واستند إلى روايات عدد من المؤرخين والرحالة والجغرافيين –قديماً وحديثاً- الذين ذكروا بعض البلدان الليبية مفرقة في كتب عربية وأخرى أجنبية يصعب على كثير من المواطنين معرفتها، خصوصا في العصور الأخيرة حيث أنشئت قرى جديدة وتحولت بعض القرى إلى مدن كبيرة واتسع محيطها وعمرانها.

وحول فكرة تأليف هذا المعجم يذكر أن فرصة وجوده داخل ليبيا في أوقات السلم والحرب، والجولات التي قام بها شرقا وغربا ، كان خلال رحلاته يقيد الملاحظات التي تتعلق بأسماء البلاد التي يزورها والسكان وبعض الآثار التي مر بها.

وعندما استقر به المقام في مصر عام 1924م أخذ يراجع مادونه وهو مادفعه وشجعه على أن يكون نواة لكتاب معجم البلدان الليبية، ولكي يعزز ذلك رجع إلى كتب تحدثت عن البلدان الليبية مثل كتاب (التبيان) و (الرحلة الناصرية) ومعجم البلدان) للحموي و(رحلة العياشي) وغيرها من الكتب كانت جزء مهما من مراجع هذا الكتاب.

رحم الله المؤرخ “الطاهر أحمد الزاوي” وجزاه خيراً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى