رأي

شَتّتَ‭ ‬اللهُ‭ ‬شملهم‭ ‬شتّتونا

‭ ‬أمين‭ ‬مازن

تُوالي‭ ‬المفوضية‭ ‬العليا‭ ‬للانتخابات‭ ‬بث‭ ‬إعلانها‭ ‬المتلفز‭ ‬بشأن‭ ‬القيد‭ ‬بسجل‭ ‬الناخبين‭ ‬استعداداً‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬التصويت‭ ‬الذي‭ ‬سيترتب‭ ‬عليه‭ ‬تشكيل‭ ‬ستين‭ ‬مجلس‭ ‬بلدي،‭ ‬منبهة‭ ‬أن‭ ‬التسجيل‭ ‬المطلوب‭ ‬لن‭ ‬يغني‭ ‬عنه‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬منذ‭ ‬سنتين‭ ‬ووزعت‭ ‬بموجبه‭ ‬أوراق‭ ‬الاقتراع‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمجلس‭ ‬النواب‭ ‬ورئاسة‭ ‬الدولة‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬لاغياً‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يمكن‭ ‬الاعتداد‭ ‬بالذي‭ ‬يُعاد‭ ‬الآن‭ ‬بحيث‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشمل‭ ‬الانتخاب‭ ‬المنتظر‭ ‬والمرتبط‭ ‬بالقاعدة‭ ‬الدستورية‭ ‬الشبيهة‭ ‬في‭ ‬وجودها‭ ‬بالعنقاء‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬المثل‭ ‬العربي،‭ ‬أما‭ ‬تسليم‭ ‬السلطة‭ ‬لمن‭ ‬تُسفر‭ ‬عنه‭ ‬العملية‭ ‬الانتخابية‭ ‬فقد‭ ‬يشترط‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬اتُبِعَ‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬الوطني،‭ ‬لتكسب‭ ‬البلاد‭ ‬مجلسين‭ ‬بدل‭ ‬مجلس‭ ‬واحد‭ ‬ويُنعَت‭ ‬أحدهما‭ ‬بالأعلى،‭ ‬تلك‭ ‬الصفة‭ ‬التي‭ ‬يطلقها‭ ‬الآخرون‭ ‬على‭ ‬المجلس‭ ‬المختص‭ ‬بالدستور،‭ ‬كما‭ ‬تُلحِق‭ ‬الموفوضية‭ ‬المذكورة‭ ‬الإعلان‭ ‬بتكليف‭ ‬إثنين‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬فيها‭ ‬بالظهور‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬لحث‭ ‬الشعب‭ ‬على‭ ‬تجديد‭ ‬القيد‭ ‬دون‭ ‬الاعتراف‭ ‬بوجود‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬العزوف‭ ‬خشية‭ ‬ما‭ ‬ينتج‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬تجاه‭ ‬الصدقية‭ ‬التي‭ ‬تَلحق‭ ‬الكثير‭ ‬مما‭ ‬يجري،‭ ‬ومع‭ ‬أن‭ ‬العزوف‭ ‬عن‭ ‬المشاركة‭ ‬ظاهرة‭ ‬عالمية‭ ‬ولا‭ ‬تخشى‭ ‬البلاد‭ ‬المتحضرة‭ ‬من‭ ‬الاعتراف‭ ‬بها‭ ‬ومناقشتها‭ ‬واتخاذ‭ ‬الحلول‭ ‬اللازمة‭ ‬لها،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬باللجوء‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬جولة،‭ ‬وإنما‭ ‬بإجراء‭ ‬الانتخابات‭ ‬المبكرة،‭ ‬فإن‭ ‬النسبة‭ ‬في‭ ‬انتخاب‭ ‬الرؤساء‭ ‬العرب‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬بغير‭ ‬التسعين‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬اللهم‭ ‬إلا‭ ‬السيد‭ ‬زروال‭ ‬الذي‭ ‬فاز‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬بنسبة‭ ‬ثلاثة‭ ‬وخمسين‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬وظل‭ ‬سكنه‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬وسوار‭ ‬الذهب‭ ‬الذي‭ ‬اكتفى‭ ‬بما‭ ‬كُلِّفَ‭ ‬به‭ ‬ورحل‭ ‬عقب‭ ‬إسقاط‭ ‬النميري،‭ ‬ونعود‭ ‬إلى‭ ‬العدد‭ ‬ستين‭ ‬الذي‭ ‬بلغته‭ ‬المجالس‭ ‬البلدية‭ ‬متجاوزة‭ ‬العدد‭ ‬الثاني‭ ‬والأربعين‭ ‬الذي‭ ‬بلغته‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬السابق،‭ ‬وكان‭ ‬ضمن‭ ‬دواعي‭ ‬استشعار‭ ‬عدم‭ ‬الجدوى‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬يجري،‭ ‬فلاحَ‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬إمكانية‭ ‬الاختصار‭ ‬من‭ ‬الزيادة‭ ‬التي‭ ‬اقدمت‭ ‬عليها‭ ‬الحكومة‭ ‬المؤقتة‭ ‬فاعتبرت‭ ‬الفروع‭ ‬مجتمعة‭ ‬بلدية،‭ ‬وشرعت‭ ‬هذه‭ ‬المستحدثة‭ ‬في‭ ‬المسارعة‭ ‬نحو‭ ‬ركوب‭ ‬أحدث‭ ‬السيارات‭ ‬وأرقى‭ ‬النقالات‭ ‬وزادت‭ ‬بعض‭ ‬الأطراف‭ ‬الدولية‭ ‬فدعتها‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬اجتماع‭ ‬وقال‭ ‬بعضنا‭ ‬أن‭ ‬الكومونات‭ ‬عادت‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬ومضت‭ ‬الأيام‭ ‬وما‭ ‬تزال‭ ‬تمضي‭ ‬وجاءت‭ ‬ستيفاني‭ ‬خوري‭ ‬لتقوم‭ ‬مقام‭ ‬ستيفاني‭ ‬وليامز‭ ‬مهندسة‭ ‬حكومة‭ ‬الوفاق‭ ‬فالوحدة‭ ‬الوطنية،‭ ‬والمشهورة‭ ‬بالمكلفين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬من‭ ‬كلفهم‭ ‬ومن‭ ‬استمع‭ ‬إلى‭ ‬قسمهم‭ ‬وأين‭ ‬ذهبوا،‭ ‬هل‭ ‬فشلوا‭ ‬وأُقيلوا؟‭ ‬أو‭ ‬استاءوا‭ ‬فاستقالوا‭!‬؟‭. ‬إن‭ ‬الأسئلة‭ ‬كثيرة‭ ‬والسكوت‭ ‬ليس‭ ‬دائما‭ ‬علامة‭ ‬الرضا،‭ ‬ويبقى‭ ‬التاريخ‭ ‬وربما‭ ‬الصدف‭ ‬أيضاً،‭ ‬فما‭ ‬دمنا‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬التكليفات‭ ‬وسلطة‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع‭ ‬فإن‭ ‬العدد‭ ‬ستين‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬منتخباً‭ ‬وتلوح‭ ‬المفوضية‭ ‬بإمكانية‭ ‬الاستغناء‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬قيدٍ‭ ‬لاحق‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬هذا‭ ‬القيد‭ ‬سيتم‭ ‬وفق‭ ‬ترتيبات‭ ‬أخر‭ ‬تحديث‭ ‬للمنظومة،‭ ‬هل‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬أهل‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬يروا‭ ‬فيهم‭ ‬أهل‭ ‬الحلِّ‭ ‬والعقد،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬سادتنا‭ ‬العلماء‭ ‬ليجدوا‭ ‬فيهم‭ ‬من‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تُناط‭ ‬به‭ ‬السلطة‭ ‬دون‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬الانتخابات‭ ‬والتنافس‭ ‬والمبررات‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تُحصى‭ ‬والصعوبات‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تُعَد،‭ ‬وزمن‭ ‬الفتن‭ ‬يبرر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المُباح‭.‬‭ ‬وقديماً‭ ‬قال‭ ‬شاعر‭ ‬الوطنية‭ ‬أحمد‭ ‬قنابة‭ ‬حول‭ ‬جمعية‭ ‬الستين‭ ‬حين‭ ‬لم‭ ‬يتوصل‭ ‬لأسرار‭ ‬تشكيلها‭ ‬وموافقة‭ ‬من‭ ‬استُشيروا‭ ‬بشأنهم‭ ‬ممن‭ ‬ليس‭ ‬خارجهم‭ ‬المرحوم‭ ‬السعداوي‭ ‬وميزران‭ ‬هجائيته‭ ‬التي‭ ‬افتتحها‭ ‬بقوله‭ ‬‮«‬شَتّتَ‭ ‬اللهُ‭ ‬شملَهم‭ ‬شَتتونا‮»‬‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى