تُوالي المفوضية العليا للانتخابات بث إعلانها المتلفز بشأن القيد بسجل الناخبين استعداداً للمشاركة في التصويت الذي سيترتب عليه تشكيل ستين مجلس بلدي، منبهة أن التسجيل المطلوب لن يغني عنه الذي تم منذ سنتين ووزعت بموجبه أوراق الاقتراع المتعلقة بمجلس النواب ورئاسة الدولة الذي أصبح لاغياً في حين يمكن الاعتداد بالذي يُعاد الآن بحيث يمكن أن يشمل الانتخاب المنتظر والمرتبط بالقاعدة الدستورية الشبيهة في وجودها بالعنقاء كما يقول المثل العربي، أما تسليم السلطة لمن تُسفر عنه العملية الانتخابية فقد يشترط له ما اتُبِعَ في المؤتمر الوطني، لتكسب البلاد مجلسين بدل مجلس واحد ويُنعَت أحدهما بالأعلى، تلك الصفة التي يطلقها الآخرون على المجلس المختص بالدستور، كما تُلحِق الموفوضية المذكورة الإعلان بتكليف إثنين من العاملين فيها بالظهور على الشاشة لحث الشعب على تجديد القيد دون الاعتراف بوجود شيء من العزوف خشية ما ينتج عن ذلك تجاه الصدقية التي تَلحق الكثير مما يجري، ومع أن العزوف عن المشاركة ظاهرة عالمية ولا تخشى البلاد المتحضرة من الاعتراف بها ومناقشتها واتخاذ الحلول اللازمة لها، ليس فقط باللجوء إلى أكثر من جولة، وإنما بإجراء الانتخابات المبكرة، فإن النسبة في انتخاب الرؤساء العرب لا تقبل بغير التسعين في المائة اللهم إلا السيد زروال الذي فاز في الجزائر بنسبة ثلاثة وخمسين في المائة وظل سكنه بين المواطنين وسوار الذهب الذي اكتفى بما كُلِّفَ به ورحل عقب إسقاط النميري، ونعود إلى العدد ستين الذي بلغته المجالس البلدية متجاوزة العدد الثاني والأربعين الذي بلغته في النظام السابق، وكان ضمن دواعي استشعار عدم الجدوى في الكثير مما كان يجري، فلاحَ الأمل في إمكانية الاختصار من الزيادة التي اقدمت عليها الحكومة المؤقتة فاعتبرت الفروع مجتمعة بلدية، وشرعت هذه المستحدثة في المسارعة نحو ركوب أحدث السيارات وأرقى النقالات وزادت بعض الأطراف الدولية فدعتها لأكثر من اجتماع وقال بعضنا أن الكومونات عادت من جديد، ومضت الأيام وما تزال تمضي وجاءت ستيفاني خوري لتقوم مقام ستيفاني وليامز مهندسة حكومة الوفاق فالوحدة الوطنية، والمشهورة بالمكلفين الذين لا نعرف من كلفهم ومن استمع إلى قسمهم وأين ذهبوا، هل فشلوا وأُقيلوا؟ أو استاءوا فاستقالوا!؟. إن الأسئلة كثيرة والسكوت ليس دائما علامة الرضا، ويبقى التاريخ وربما الصدف أيضاً، فما دمنا في زمن التكليفات وسلطة الأمر الواقع فإن العدد ستين الذي جاء هذه المرة منتخباً وتلوح المفوضية بإمكانية الاستغناء عن أي قيدٍ لاحق ما دام هذا القيد سيتم وفق ترتيبات أخر تحديث للمنظومة، هل يصعب على أهل العلم أن يروا فيهم أهل الحلِّ والعقد، كما يقول بعض من سادتنا العلماء ليجدوا فيهم من يمكن أن تُناط به السلطة دون حاجة إلى الانتخابات والتنافس والمبررات أكثر من أن تُحصى والصعوبات أكبر من أن تُعَد، وزمن الفتن يبرر الكثير من غير المُباح. وقديماً قال شاعر الوطنية أحمد قنابة حول جمعية الستين حين لم يتوصل لأسرار تشكيلها وموافقة من استُشيروا بشأنهم ممن ليس خارجهم المرحوم السعداوي وميزران هجائيته التي افتتحها بقوله «شَتّتَ اللهُ شملَهم شَتتونا».