تعرضت في الفترة السابقة لوعكة صحية حادة أدت لدخولي للمستشفى لتلقي العلاج واستوجبت مكوثي فيه قرابة الاسبوعين تمكنت فيهما من التعرف على مستوى الخدمات الطبية وماهية الطب في بلادنا .
خلال هذه الفترة إقتربت من المشهد كمتلقي أي كمريض يحتاج من كل بد للعناية والرعاية الطبية ولاأخفي عليكم فبحكم عملي في قطاع الصحة كنت أرى الى مستوى الخدمات كباذل أو كمعطي وموظف يقدم الخدمة ويتذمر من تدني مستوى هذه الخدمة دون معرفة مامدى تأثير هذا التدني على المريض وكيف يؤثر على مصيره الصحي وبالتالي على فعاليته كمواطن منتج وفاعل .
كلنا نعرف التعريف المحكم للطب وهو )حفظ صحة موجودة ورد صحة مفقودة( وهما الطب بشقيه الوقائي والعلاجي .. على أن الواقع ليس كذلك بالرغم من تداخل حالاته وصعوبة تنظيمه لنتحصل على خطط من شأنها وقايتنا من الأمراض . نحن نعيش في واقع فوضوي غير مناسب لإنتاج بيئة مناسبة للسكون وترتيب الحياة . لأننا نعيش التداعيات .
ولذلك فكل مايمكننا فعلا في موضوعة الوقاية هو التحرز الشخصي والحذر والابتعاد عن مواقع العدوى وهذا طيب على مستوى الوعي الشخصي ويكرس لغياب الدولة متمثلة في جيش غير مفيد وغير فعال بقدر ماهو أناني ونرجسي من الدكاترة مع حفظ الاستثناء وإحترام الشريحة الصادقة والفاعلة منهم .
نحن لانحتوي على الطب الوقائي وبالتالي نفتقر لأهم جانب من جوانب الطب وهو حفظ الصحة الموجودة . الأمر الذي يحملنا فوراً للمهمة الثانية وهي رد الصحة المفقودة . ولن أكون ظالماً إذا قلت أننا لانتوفر إطلاقا على هذا الجانب بالرغم من أننا نمتلك المستشفيات والعيادات الخاصة والعامة ومراكز التشخيص والتحاليل وكل مايستوجبه الطب الغربي الحديث . بالإضافة لجيوش من الممرضين والمهن الطيية المساعدة والأطباء .
ناهيك عن المعاهد والكليات والجامعات .
ولكن بسؤال واحد هل صادفنا مريض تم شفاؤه بالكامل ؟!
هل صادفتم مريضاً ولو نفسيا تخلص من مأزقه النفسي واستعاد حياته الطبيعية ؟!
هل مرضى القلب والضغط والكلى والكبد والباطنة بصفة عامة شفوا وتخلصوا من أمراضهم وتركوا أدويتهم التي تزداد بازدياد المضاعفات برغم إلتزامهم الحرفي بالأدوية والتعليمات ؟!
هل وهل وهل ؟؟!!
الاجابة : لا !
فلماذا لانتوقف قليلا ونتسائل هل نحن نعالج المرضى فعلا أم أننا ننتج مرضى يوميا وبأعداد هائلة !
الطبيب يتعامل لامع المريض بل ينظر إليه كرقم مسجل في نتيجة التحاليل وورقة الكشف
لايهتم بمعرفة ماإذا كان ضرورياً معرفة السبب الذي أدى لارتفاع الضغط أو الشيزوفرينيا أو ضعف المناعة أو السكري وغيره .
هو يشتغل معنا بعقلية ) بره يالول جاك الثاني( وكركب وفوت .
واصرف له كيمياء تحز له مشكلته توا وبعدين ساهل .
لدينا مدمنون قانونيون وشرعيون على المخدرات )بالوصفة الطبية(
لدينا أكثر من نصف شعب يعاني من أمراض شائعة ماكان يفترض به أن يحمل ثقلها فوق كاهله بالاضافة لمعاناته الأخرى مع صنوف احتياجاته .
حتى التشخيص الطبي )بح(!!
ليس لدينا طب .
لالحفظ صحة موجودة ولا لرد صحة مفقودة .
لدينا فقط دكاترة كبار تحتاج لأشهر ومعارف وواسطات حتى تتحصل على موعد مع أحدهم ليصف لك وصفة طبية ستحمل وزرها على كاهلك مدى الحياة دونما تحسن وشفاء حقيقي لما تعانيه .
وتلوموا المواطن على القهوة والشيح والسحر والخربش الزايد !!

