رضا .. معلم لغة إنجليزية مصري الجنسية مسيحي الديانة .. قَدِمَ إلى ليبيا أوائل ثمانينيات القرن الفائت ضمن المعلمين المعارين للتدريس بوطننا .. شاءت الأقدار أن نكون ـ أنا وهو ـ من أسرة التدريس بمدرسة ثانوية للبنات.
هو معلم اللغة الإنجليزية.. وأنا معلم التاريخ.. جمعتني به ثلاثة أشيا ء..(التدخين.. لعبة تنس الطاولة.. والحي الذي نقطن فيه سويًا).
في تلك الفترة ضربتْ أمريكا وصديقاتها الدول الأوروبية حصارًا على ليبيا بسبب الشكوك في قضية «لوكربي» .. ما أدى إلى نقص شديد في السلع التموينية والملابس، والأثاث بما في ذلك السجائر .. فانقطع التبغ بجميع أشكاله، ومسمياته، وتولتْ المنشأة العامة للتبغ عملية توزيع سجائر الرياضي، والربان، والأطلس .. وهي صناعة محلية.
كان سيدي علي هو المسؤول عن توزيع السجائر بمعدل علبة واحدة في اليوم لكل فرد بأوامر فوقية .. لكن السجائر لا يغطي احتياج كل رؤوس الليبيين، وكذلك الأخوة العرب المدخنين، والأجانب المحتاجة لتعديل الكيف .. فكل يوم توزع المنشأة نوعًا من الدخان .. يوم رياضي.. ويوم. ربان ويوم أطلس وجميعها أنواع رديئة .. فكنتُ أنا والأستاذ رضا من المتردَّدين على المنشأة، وما نجده من سجائر نشتريه وندخنه دون انتقاء..
ففي اليوم الأول أخبرني صديقي رضا بأنه اشترى رياضي .. وفي اليوم الثاني ربان وفي اليوم الثالث أطلس.. فقال: لي يا ترى بكره عمي علي حيشربنا أيه؟! ضحكتُ كثيرًا من خفة دم المصريين وقدرتهم الفائقة على صناعة النكتة الآنية.
تذكرتُ هذه الحكاية عندما التقيت بصديقي رضا خلال هذا الفضاء بعد ما يزيد عن أربعين سنة.
