اجتماعي

ضغط السوشيال ميديا ومتطلبات عرسان الزمن الجديد

بقلم / مش ساكت

زمان‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬الشاب‭ ‬الليبي‭ ‬يقرّر‭ ‬أن‭ ‬يتزوّج،‭ ‬كان‭ ‬كل‭ ‬اللي‭ ‬يحتاجه‭ ‬هو‭ ‬وظيفة‭ )‬ولو‭ ‬بعقد‭ ‬مؤقت‭(‬،‭ ‬حوش،‭ ‬وبدلة‭ ‬من‭ ‬السوق‭ ‬الشعبي‭. ‬وإذا‭ ‬كان‭ )‬راجل‭ ‬وعنده‭ ‬همة‭(‬،‭ ‬يكمّلها‭ ‬بجهاز‭ ‬هواوي‭ ‬من‭ ‬النّوع‭ ‬اللي‭ ‬فيه‭ ‬كاميرا،‭ ‬عشان‭ ‬يفرّح‭ ‬العروسة‭ ‬بصور‭ ‬العرس‭.‬

لكن‭ ‬اليوم،‭ ‬وبفضل‭ ‬‮«‬السوشيال‭ ‬ميديا‮»‬،‭ ‬المعادلة‭ ‬اتغيّرت‭. ‬ما‭ ‬عادش‭ ‬يكفي‭ ‬إنك‭ ‬‮«‬راجل‭ ‬طيب‭ ‬ونيّتك‭ ‬صافية‮»‬،‭ ‬لازم‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬إنفلونسر‭ ‬عنده‭ ‬محتوى‮»‬،‭ ‬وجسمك‭ ‬شبه‭ ‬موديل‭ ‬إعلان‭ ‬بروتين،‭ ‬وتفكيرك‭ ‬زّي‭ ‬صفحات‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭: ‬كلّه‭ ‬‮«‬استثمر‭ ‬في‭ ‬نفسك‮»‬،‭ ‬و«الطاقة‭ ‬الإيجابية‮»‬،‭ ‬و«أنت‭ ‬كيان‭ ‬مستقل،‭ ‬مش‭ ‬ظل‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬حدّ‮»‬‭.‬

تدخل‭ ‬تشوف‭ ‬بوستات‭ ‬البنات‭ ‬تقول‭ : ‬‭)‬نبي‭ ‬راجل‭ ‬عنده‭ ‬طموح،‭ ‬حنون،‭ ‬ويفهّمني‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬نتكلم‭(‬

‭ ‬يا‭ ‬أختي،‭ ‬الراجل‭ ‬اللي‭ ‬يفهم‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬تتكلمي‭ ‬هذا‭ ‬ياساحر‭ ‬يا‭ ‬مش‭ ‬ليبي‭ ‬أصلاً‭  !!.‬

أصبح‭ ‬الشاب‭ ‬الليبي‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬دوامة‭: ‬كيف‭ ‬يوفّق‭ ‬بين‭ ‬كونه‭ ‬‮«‬عرسن‭ ‬مودرن‮»‬،‭ ‬وبين‭ ‬واقعه‭ ‬اللي‭ ‬يقول‭ : )‬ما‭ ‬زال‭ ‬فلوس‭ ‬القرض‭ ‬البنكي‭(.. ‬اقساط‭ ‬ما‭ ‬تريحش‭ ‬القلب‭ ‬

الضغط‭ ‬النفسي‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬اللحظة‭ ‬اللي‭ ‬يفتح‭ ‬فيها‭ ‬إنستغرام‭. ‬يلقى‭ ‬صور‭ ‬‮«‬عرس‭ ‬فلانة‮»‬،‭ ‬العريس‭ ‬لابس‭ ‬بدلة‭ ‬بـ‭ ‬3‭ ‬آلاف‭ ‬يورو،‭ ‬دخل‭ ‬القاعة‭ ‬على‭ ‬أنغام‭ ‬بيتهوفن،‭ ‬والبوفيه‭ ‬فيه‭ ‬سوشي‭ ‬وكرواسون‭ ‬بحجم‭ ‬نصف‭ ‬الصحن‭ ‬ونصف‭ ‬فخذة‭ ‬خروف‭ ‬هو‭ ‬يحلم‭ ‬بيها‭ ‬الأمن‭ ‬العيد‭ ‬للعيد‭ ‬وياخذها‭ ‬على‭ ‬مراحل‭.‬

والشاب،‭ ‬اللي‭ ‬طالع‭ ‬لتوّه‭ ‬من‭ ‬موعد‭ ‬مع‭ ‬الحلاق‭ ‬اللي‭ ‬زاد‭ ‬عليه‭ ‬10‭ ‬دينارات‭ ‬من‭ ‬أجل‭  ‬‮«‬موس‭ ‬صفر‮»‬،‭ ‬يقعد‭ ‬يفكر‭ :‬

‮«‬هل‭ ‬نقدر‭ ‬نعرس‭ ‬وإحنا‭ ‬ما‭ ‬زلنا‭ ‬ندس‭ ‬في‭ ‬مهر‭ ‬العروسة؟‮»‬

الحكاية‭ ‬ما‭ ‬وقفتش‭ ‬هنا‭.‬

‭ ‬لازم‭ ‬يكون‭ ‬عنده‭ ‬سيارة‭ ‬أوروبية،‭ ‬ولا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬موديل‭ ‬2015،‭ ‬على‭ ‬خاطر‭ ‬‮«‬العروسة‭ ‬ما‭ ‬ترضاش‭ ‬تركب‭ ‬فوق‭ ‬حصان‮»‬‭.‬

ولازم‭ ‬يعرف‭ ‬يطبخ،‭ ‬يدير‭ ‬بريوش،‭ ‬ويشارك‭ ‬في‭ ‬تحديات‭ ‬التيك‭ ‬توك،‭ ‬ويعمل‭ ‬محتوى‭ ‬على‭ ‬‮«‬ريلز‮»‬،‭ ‬عشان‭ ‬يوصل‭ ‬للـ‭ ‬engagement‭ ‬المطلوب‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭.‬

وبعد‭ ‬ما‭ ‬يجتاز‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المراحل،‭ ‬يجوه‭ ‬عويلته‭ ‬يقولوله‭:‬

‮«‬علاش‭ ‬ما‭ ‬خطبتش؟‭ ‬هلبا‭ ‬شباب‭ ‬أصغر‭ ‬منك‭ ‬سبقوك‭!‬‮»‬

وهو،‭ ‬بكل‭ ‬هدوء‭ ‬الأعصاب‭ ‬اللي‭ ‬اكتسبه‭ ‬من‭ ‬جلسات‭ ‬اليوغا‭ ‬على‭ ‬اليوتيوب،‭ ‬يردّ‭: ‬‮«‬نستنى‭ ‬دعم‭ ‬من‭ ‬الحكومة،‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬sponsor‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬شامبو‭.‬‮»‬

الخلاصة‭ ..‬

الرجال‭ ‬الليبيون‭ ‬اليوم‭ ‬مش‭ ‬ناقصهم‭ ‬رجولة،‭ ‬ناقصهم‭ ‬باقة‭ ‬إنترنت‭ ‬تكفي‭ ‬لمجاراة‭ ‬متطلبات‭ ‬الزمن‭ ‬الجديد،‭ ‬وكوتشي‭ ‬مريح‭ ‬يقدروا‭ ‬يركضوا‭ ‬بيه‭ ‬ورا‭ ‬أحلام‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬فلاتر‭ ‬وأمنيات‭ ‬HD‭.‬

‭ ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى