كانت الشمسُ تميلُ نحو الغروب حين وصلتُ إلى بحيرة أوبارى، تحيط بها كثبان الرمال كأمٍّ تحتضن أبناءها.
جلستُ قرب الماء، أراقبُ صفاءه يعكس زرقة السماء ويخزن في أعماقه أسرار العابرين.
أخرجتُ إبريق الشاي، وأشعلتُ نارًا صغيرة بين الحجارة. رائحة الشاهي امتزجتْ بنسيم المساء، فملأتْ المكانَ دفئًا وسكينة. كانت لحظة قصيرة، لكنها بدت أطول من ساعة. لحظة تُحفر في الذاكرة كما تُحفر الخطوات على الرمل قبل أن يمحوها الريح.. بين رشفةٍ وأخرى، تسللت تأملات كثيرة: عن العمر، عن العطش والماء، عن الذكريات التي لا تذوب مثل الرمال وإن غطاها النسيان. كان الشاي رفيقًا صامتًا، يشارك الحكاية دون أن ينطق.
وعند العشيّة، قبل أن يبتلع الأفق آخر شعاع، أدركتُ أن البحيرة ليست مجرد ماء في الصحراء، بل مرآة لأرواحنا حين تبحث عن السكينة بين قسوة الرمل، وكرم الطبيعة.


