طريق الرقيق : الـصـنـدوق الأســـــــــــــــود لـخادمـات المنازل
وصفت بتجارة الرق ظاهرة استخدام العمالة الافريقية للعمل في خدمة المنازل الليبية انتشرت بشكل كبير في الآونة الأخيرة حيث أصبح لهذه التجارة مروجوها وزبائنها. لا شك أن لضعف الجانب الأمني في البلاد خاصة مناطق الجنوب دور في تزايد تدفق الهجرة غير الشرعية مما ترتب عليه دخول اعداد كبيرة من كافة الجنسيات الافريقية دون مستندات قانونية ووثائق رسمية.
صحيفة فبراير تفتح ملف العاملات في المنازل من الجنسيات الافريقية لسبر اغواره ولتسليط الضوء على عديد التساؤلات التي من شانها تكشف لنا حقائق من يقف خلف توظيفهن واستخدامهن ومن هي
)البوقا( التي انتشر اسمها مؤخرا بين النساء الليبيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي مجالسهن النسوية.
للحديث عن هذا الملف وما يعتريه من انتهاكات قانونية استضفنا المستشار بمحكمة استئناف بنغازي الدكتور خالد عبد الكريم الشريف، حيث أكد انه في كل المحاكم الجزئية كانت توجد محكمة للهجرة غير الشرعية يناضرها نيابة للهجرة غير الشرعية وفيما بعد ونظراً لحساسية وأهمية ملف الهجرة غير الشرعية أصبح هناك تفاعل دولي للهجرة عابرة الحدود والتي ارتبطت بقضايا اللجوء السياسي وانساني.
الشريف أوضح أن وفقاً للقانون مكافحة الهجرة غير الشرعية رقم 6 لسنة 1987بشأن تنظيم دخول وخروج الأجانب المهاجرين إلي ومن ليبيا بمعنى اعتبار ليبيا محطة عبور للضفة الأخرى مشيراً الى أن نموذج الاجرام الذي كان موجوداً في قانون رقم 6 قد اتسع اكثر في النماذج المحددة في ذلك القانون وأصبحت هناك قضايا كبيرة متعلقة بملف الهجرة منها الاتجار بالبشر وعمليات النصب والاحتيال التي تحدث على مستوى دولي وبتنظيم شبكات عالمية، لذلك فان نصوص القانون السابق بشأن تنظيم الهجرة غير الشرعية غير قادرة على ملاحقة الظاهرة الاجرامية المصاحبة للهجرة الامر الذي من شأنه تم اصدار قانون رقم 19 لسنة 2010 م.
وبحسب ما أفادنا به المستشار خالد الشريف، إن جريمة تجارة البشر هي صياغة حديثة من جرائم الرق المتعارف عليها في العصور السابقة وهي استغلال حاجات الانسان وتحويله الى رق وقد وضعت الكثير من الدول أنظمة وقوانين خاصة لمنع عمليات تجارة البشر حتى تمنع عودة الرق وقد وضعت قوانين ونصوص لتجريم هذا الفعل.
فيما يخص وتحديدا ملف خدم المنازل والذي هو جزء من الاتجار بالبشر وهو كما أوضحت واشرت موضوع الساعة لكل الدول وللحديث عن ليبيا في العهد السابق كانت مسألة محظورة وفق توجهات النظام السابق إلى عام 2009 حيث دعت الحاجة لوجود ما يسمى بخدم المنازل لعدة أسباب منها قد يكون الشخص غير قادرة على خدمة نفسه أما كبار السن أو المرض أو حالات الترف عند بعض العائلات، ووفقاً لذلك صدرت اللائحة القانونية لتنظيم العمل.
ودعا الشريف، وزارة العمل إلى تنظيم قانون العمالة من خلال منحها تراخيص لمزاولة العمل وفق اللوائح والقوانين المعمول بها في القانون الليبي فمن خلال هذه اللوائح يتم تنظيم عمل العمالة الوافدة ومنها عمالة المنازل أو خدم المنازل لتجنب استغلالهم والاتجار بهم.
وفي سياق متصل قال القاضي بمحكمة جنوب بنغازي الدكتور عبد الكريم بوزيد، ان قضية الهجرة غير الشرعية قد تجاوزت حدود الوطن لتتسع الى مفهوم اشمل وأخطر وهو الجريمة عبر الوطنية بموجب القوانين والنصوص الدولية تلزم كل دولة ان لا تسمح بحدوث انتهاكات قد تؤثر على دول أخرى حيث ان التجريم في الاتفاقيات الدولية تنظر الى المهاجر على اعتبار انه ضحية ولكن القواعد الوطنية تحاكمه على انه مجرم.
بوزيد، أشار الى ان الانتهاكات التي وقعت للمهاجرين خلال احداث 2011 تطرق اليها مجلس الامن بشكل صريح واكد على حدوث انتهاك لحقوق الانسان في ليبيا وتمثلت هذه الانتهاكات في استغلال المهاجرين للاتجار بهم وابتزازهم وعمليات بيعهم ، لافتاً ان الأمم المتحدة استحدثت بروتوكولات لمكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والجو والبحر وهو بروتوكول مكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة عبر الوطنية وهي اتفاقية استحدثت لمكافحة جريمة الهجرة غير الشرعية ومن خلال هذه الاتفاقية أنشأت لجان معينة لمتابعتها ومنع حدوث انتهاكات إنسانية بحق المهاجرين والذي تمكنه هذه الاتفاقية من التبليغ للجهات المختصة فيحال حدوث أي انتهاك بحقه.
في تصريح لمدير مكتب الإعلام والمتحدث الرسمي في وزارة العمل، ربيعة عمّار، أكدت أن الوزارة لم تمنح أي تراخيص للمكاتب الخاصة باستجلاب العمالة، كما أن هذه المكاتب لا تملك أذونات ممارسة لمثل هذا النشاط.
وقالت عمّار: « إن معظم مكاتب الاستجلاب الخاصة تتحجج بأن لديها الأذن باعتبارها مكاتب خدمات عامة، وأن من بين الخدمات التي تقدمها «تجارة أو استجلاب عمالة»، ولكن قانونياً لم يمنح هذا الاختصاص لأي جهة حتى الآن».
مضيفةً، أن الكثير من العاملات الموجودات في ليبيا، موجودات عن طريق الهجرة غير الشرعية، وهذا ما دفع بعدد من الحكومات إلى منع دخول مواطنيها إلى ليبيا، مثل أثيوبيا ومصر والفليبين وبنغلاديش، والآن لا يوجد استجلاب مباشر رغم أننا نجدهم في الأسواق».
يقول رجل الأمن والذي فضل عدم ذكره اسمه إن 98% من خادمات المنازل هجرة غير شرعية اثيوبيات وارتريات وصوماليات وحاليا السودانيات وأغلب من يدخلون البلاد مصابين بأمراض والادهى والامر عندما يتم القبض عليهم ويكتشف اصابتهم «يجوك رجالة بشنباتهم ويديروا معاك عركة عشان يطلعوهم» هذا من جانب. كذلك أغلب من يعملن حاليا في خدمة المنازل تم استغلالهن سابقا في التجارة الجنسية رغم اصاباتهن بأمراض خطيرة ومعدية، وبعد ان تنتهي مراحل التجارة الجنسية أو تجارة الرقيق يتم بيعهن عن طريق مكاتب ليصبحن خادمات في المنازل.
ننوه أن صحيفة فبراير حاولت التواصل مع من يطلق عليهن اسم بوقا وهي الوسيط بين العاملات والزبون ويتم تكليفها من قبل مكاتب استجلاب العاملات ولكن للأسف لم نتمكن من الحديث معهن ومعرفة كيفية يتم التعاقد بين المكتب والزبون. وفي أثناء المحادثة الهاتفية مع البوقا اخبرتنا ان مرتب العاملة لا يقل عن 1000 دينار وعمولة المكتب 8000 دينار حاولنا استدراجها أكثر في الحديث للوصول الى مكان المكتب الا انها رفضت الإفصاح عن مقر المكتب واخبرتنا ان التعامل يتم من خلال الهاتف وإذا تم الاتفاق تجلب العاملة الى حيث مكان الزبون بسيارة أجرة «خدمة توصيل»
التقرير الذي بدأ بالبحث عن عاملة مقيمة في المنازل فتح لنا ملفات خفية وقضايا تصل لحد الجريمة عبر الوطنية حيث ان هذه المكاتب التي تدعي شرعيتها وقانونيتها اكدت مديرة مكتب العمل ان معظمها غير قانوني ولا تمتلك هذه المكاتب صفة القانون وما يتم من خلالها يعتبر تجاوزات يعاقب عليها القانون الليبي قضية نضعها بين ايدي المسؤولين في الأجهزة الأمنية بمختلف اختصاصاتها فهي قضية وطن وليست قضية افراد وتشكل خطرا على الامن الوطني ..