ووريَ جسد المناضل الفلسطيني -الحمساوي البارز- إسماعيل هنية تراب الدوحة حيث إقامته وعدد من رفاقه بعد استشهاده في العاصمة الإيرانية التي حلَّ بها لحضور مراسم تنصيب الرئيس المنتخب واستقباله من طرف المرشد الشيعي الكبير في إطار المشترك، لم يفُتْ إيران أن تودع الفقيد بالصلاة على جثمانه رغم علمها بالطبع أن الإقبار سيكون في الدوحة حيث الإقامة ومركز التحرك ولا سيما وسط المفاوضات المكوكية والمتنوعة ووسط أنباء ما انفكّت تتحدث عن قرب التوقيع الذي سيؤدي إلى تبادل العدد المتفق عليه من الأسرى تأسيسًا على ما أفلحت «حماس» في أسره عشية هجومها التاريخي وما تلاه من حرب دخلت أخيرًا مائتها الرابعة، وكان للشهيد «هنية» دوره الملحوظ فيها لولا أن تم اصطياده بهذا الصاروخ الذي ألحقه وحَرَسَه بمن سبقه من أولاده، وأحفاده في مواكب الشهادة ولم يترك سوى مزيد الصلابة والحرص على الخروج بأكثر الشروط القابلة للتضحية، وإذا كان كل مراقب منصف لا يملك إلا أن يقطع بأن الشهيد البطل لا بد أن يكون قد نال ما راهن عليه، فإنه لا يستطيع الإفلات من مكابدة الأسئلة الناتجة عن هذه النهاية المشرفة للشهيد «هنية»، إلا أنها تفتح ما لا حصر له من الأسئلة سواء بصدد أول نبأ أرجعَ إطلاق الصاروخ من خارج التراب الإيراني ليكون مروره بأكثر من محطة وتوقيت أواومر ما قيل بأنه قد زُرِعَ لأكثر من شهر بمعنى أن الموقف الإيراني من الحرب ليس موضع إجماع بقدر ما هو موضع انقسام إن يكن اغتيال «هنية» أحد مظاهره؛ فليس من المستبعد أن تتلو ما حدث تطورات أخرى، وما من غرابة في القولين، فالبلد الذي له كل هذا التاريخ وكل هذا الحضور طوال القرن الذي رافق خروج المشروع الصهي .. وني والتشابك الدولي، لا بد أن يكون مليئًا بمن لا يتردد في الحماس للخيارين وإن أخفى ما يُبطِن، وعندما يتنادى الكثير من حسني النية حول ردة الفعل الإيرانية المنتظرة على هذه الجريمة التي مسَّتْ السيادة الإيرانية ويذهب بهم التسرّع إلى تحديد الأمكنة والأذرع، فلا شك أنهم لا يضعون في اعتباراتهم إن القرار الإيراني وإن يكن ظاهريًا بيد بعض المراجع الروحية فإن ذلك لا ينفي إمكانية وجود طرف يستحيل اكتشافه بالقدر نفسه المتعلق بتأثيره وأن التلويح بالمصلحة الإيرانية الكبرى، أو الحقيقية، أو أي تسمية شاء المُعَبِّر، إنما تعني بحق، ذلك المرجح النهائي للموازين، والمُعَدّل لها، بمعنى أن القاعدة العريضة تفوق كل الحسابات ومَنْ يدرِ؟ قد يكون الانتظار أفضل، وأوفر وأجدى.. فطوبى لإسماعيل بما قدّمَ والرحمة له على ما نال.