رأي

عصا القانون الغائبة..!!

محمد الرحومي

من‭ ‬ثقب‭ ‬الباب

في‭ ‬أي‭ ‬بقعة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬تقاسُ‭ ‬راحة‭ ‬البال،‭ ‬واستقرار‭ ‬المواطن‭ ‬بمستواه‭ ‬المعيشي‭ .. ‬كما‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬المجتمع‭ ‬سعيدًا‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬توافرت‭ ‬له‭ ‬سُبل‭ ‬التعايش‭ ‬البسيطة‭  .. ‬

في‭ ‬ليبيا‭ ‬المواطن‭ ‬مازال‭ ‬يترقب‭ ‬عند‭ ‬كل‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬رؤية‭ ‬الهلال‭ ‬بعينه،‭ ‬وأسعار‭ ‬السلع‭ ‬بجيبه‭ .. ‬ولعلني‭ ‬لا‭ ‬أبالغ‭ ‬إذا‭ ‬قلتُ‭ ‬بأن‭ ‬أغلب‭ ‬الليبيين‭ ‬هم‭ ‬سجناءٌ‭ ‬في‭ ‬نفق‭ ‬الديون‭ .. ‬وهم‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬تام‭ ‬باستحالة‭ ‬التعايش‭ ‬مع‭ ‬مرتب‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يصمد‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬صلابة‭ ‬وجشع‭ ‬التجار‭ ‬لمدة‭ ‬نصف‭ ‬شهر‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬تحديد‭ .. ‬هذا‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬خضع‭ ‬قبل‭ ‬بضع‭ ‬سنوات‭ ‬لزيادة‭ ‬فاقت‭ ‬ضعف‭ ‬قيمته‭ ..‬

لقد‭ ‬تمت‭ ‬معالجة‭ ‬المرتبات‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬لم‭ ‬نرَ‭ ‬أي‭ ‬إصلاح‭ ‬لقيمة‭ ‬وهيبة‭ ‬الدينار‭ ‬الليبي‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬أساس‭ ‬أي‭ ‬إصلاح‭ ‬اقتصادي،‭ ‬وهو‭ ‬بالفعل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬وصفه‭ ‬بالبنية‭ ‬التحتية‭ ‬لأي‭ ‬إصلاح‭ ..‬

ولعلني‭ ‬سألامس‭ ‬أهم‭ ‬مسبَّبات‭ ‬ضياع‭ ‬هيبة‭ ‬العُملة‭ ‬الليبية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬هموم‭ ‬كل‭ ‬مسؤول‭ .. ‬وذلك‭ ‬بالاشارة‭ ‬المباشرة‭ ‬لمن‭ ‬سموا‭ ‬تجارًا‭ ‬عبثًا‭ ..‬

حيث‭ ‬لم‭ ‬تخضع‭ ‬تعاملاتهم‭ ‬لأي‭ ‬ضوابط‭ ‬كما‭ ‬أنهم‭ ‬بالأساس‭ ‬لا‭ ‬يحملون‭ ‬هموم‭  ‬المواطن‭ .. ‬

نحن‭ ‬لا‭ ‬نحتاج‭ ‬فقط‭ ‬لعودة‭ ‬الضمير‭ ‬والإنسانية؛‭ ‬بل‭ ‬نحتاج‭ ‬لعصا‭ ‬القانون‭ ‬الرادعة‭ ‬لكل‭ ‬المعاملات‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬قضت‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬الدينار‭ ‬الليبي،‭ ‬ورصدت‭ ‬الأسعار‭ ‬كما‭ ‬يحلو‭ ‬لها‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬حسيب،‭ ‬أو‭ ‬رقيب‭ ..‬

‭ ‬التجار‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬أفسد‭ ‬وأطاح‭ ‬بكل‭ ‬المساعي‭ ‬الإصلاحية‭ ‬للدولة‭ ‬وهم‭ ‬من‭ ‬قضى‭ ‬على‭ ‬أحلام‭ ‬وطموحات‭ ‬المواطن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حياة‭ ‬مستقرة‭  ..‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬مجتمع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مجتمع‭ ‬دولة‭ ‬ومؤسسات‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تحتكم‭ ‬فيه‭ ‬المهن‭ ‬وخاصة‭ ‬التجارية‭ ‬إلى‭ ‬نظم‭ ‬قانونية‭  ‬تحدد‭ ‬قيمة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬سلعة‭.. ‬لأنها‭ ‬العامل‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬الأسر‭  .. ‬

الدولة‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬تام‭ ‬وغير‭ ‬مبرر‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتحديد‭ ‬سعر‭ ‬الصرف‭ ‬وكافة‭ ‬السلع‭ ..‬

لقد‭ ‬اتسع‭ ‬نطاق‭ ‬لهيب‭ ‬غلاء‭ ‬الأسعار‭ ‬ممن‭ ‬سموا‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬يتعلق‭ ‬بحياتنا‭ ‬اليومية‭.. ‬لم‭ ‬يبقَ‭ ‬إلا‭ ‬الهواء‭ ‬الذي‭ ‬جعله‭ ‬الله‭ ‬متاحًا‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬خلق‭ ‬من‭ ‬عباده‭ ‬وإلا‭ ‬لكنا‭ ‬رهائن‭ ‬الأكسجين‭ ..‬

‭ ‬نحن‭ ‬بالفعل‭ ‬لازلنا‭ ‬نئن‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬اللامبالاة،‭ ‬وغياب‭ ‬الحسيب‭ ‬والرقيب‭ .. ‬كما‭ ‬لازالت‭ ‬أحلامنا‭ ‬معلقة‭ ‬تنتظر‭ ‬واقعًا‭ ‬متاحًا‭ ‬يزيح‭ ‬عنا‭ ‬الغلاء‭ ‬والوباء‭ ‬والهموم‭. 

‭#‬كونوا‭_‬بخير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى